فوز الروائي التنزاني عبد الرزاق غورناه بجائزة نوبل للآداب | ثقافة ومجتمع|  قضايا مجتمعية من عمق ألمانيا والعالم العربي | DW | 07.10.2021

من ألف ليلة والقرآن والشعر العربي إلى العالميّة… نوبل للتنزاني عبد الرازق جرنة

آية ياسر الجمعة 8 أكتوبر 2021م

دارت التكهنات هذا العام حول الاسم المحظوظ، خصوصاً مع الوعود من أندرس أولسون، رئيس لجنة جائزة نوبل، بتوسيع نطاقها الجغرافي، رغم تأكيده الدائم بأن “الجدارة الأدبية” هي المعيار، لكننا نعلم تماماً ماذا تعني هذه المعايير لناحية تقسيم الأدب الواجب مكافئته وتعميمه والأدب الآخر الذي ينبغي التعتيم عليه أو عدم منحه الفرصة للانتشار، وحتى في اختيارها أدباً مكتوباً من طرف غير أوروبي، لا يفوت اللجنة الانحياز إلى الأدب “الأسود” المكتوب بأصابع بيضاء.

وجاءت نوبل هذا العام أفريقية منحازة لأدب ما بعد الكولونيالية وأدب مآسي الاستعمار والأنظمة المستبدة التي حلّت محله، والذي يُعبّر عن قمع الديكتاتوريات التي حلت محل المستعمر، ليظل الظلم باقياً مع اختلاف الوجوه فقط، إذ مُنحت الجائزة للتنزاني المقيم في بريطانيا، عبد الرزاق جرنة.

وأعلنت اللجنة القائمة على الجائزة أن جرنة فاز بها لسرده “المتعاطف والذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات”، مبتعدة بالتالي عن المرشحين الآخرين الأكثر حظاً، وهما الياباني هاروكي موراكامي، والأميركية جويس كارول أوتس أو حتى الفرنسية آني أرنو.

وبحصول عبد الرازق جرنة على جائزة نوبل للآداب، يصبح بذلك خامس أفريقي يفوز على الجائزة، بعد النيجيري وول سوينكا عام 1986، والمصري نجيب محفوظ عام 1988، والجنوب أفريقيين نادين غورديمير عام 1991، وجون ماكسويل كوتزي عام 2003.

جاءت نوبل هذا العام أفريقية منحازة لأدب ما بعد الكولونيالية وأدب مآسي الاستعمار والأنظمة المستبدة التي حلّت محله، والذي يُعبّر عن قمع الديكتاتوريات التي حلت محل المستعمر، إذ منحت الجائزة للتنزاني المقيم في بريطانيا، عبد الرزاق جرنة

الفرار من القمع والاضطهاد والمجازر إلى المنفى

في نشأته لم يكن عبد الرازق جرنة محظوظاً؛ حيث ولد في جزيرة زنجبار الواقعة في المحيط الهندي، قبالة سواحل شرق إفريقيا، لعائلة عانت من الاضطهاد والإبادة والتهجير، إبان الثورة التي مرت بها زنجبار، عقب التحرر السلمي من الحكم الاستعماري البريطاني في ديسمبر 1963، وأطاحت بالسلطان وحكومته العربية عام 1964، وما أعقب ذلك من قمع واضطهاد ومجازر بحق المواطنين من أصول عربية، في ظل نظام الرئيس الزنجباري عبيد كرومي.

أُجبر جرنة على ترك أسرته والفرار من جمهورية تنزانيا، المشكَّلة حديثاً، وهو ابن ثمانية عشر ربيعاً، إلاّ أن الحظ ابتسم له حين لجأ إلى المملكة المتحدة بغرض الدراسة في عام 1968، واستطاع أن يثبت جدارة ونجاحاً كبيراً على الصعيد الأكاديمي، فحصل على وظيفة محاضر في جامعة بايرو كانو في نيجيريا، خلال الفترة من عام 1980 إلى عام 1982، ثم عاد إلى بريطانيا، ليحصل على درجة الدكتوراه في عام 1982 من جامعة كنت، ويعمل بها أستاذاً ومديراً للدراسات العليا في قسم اللغة الإنجليزية.

ويسلط جرنة اهتمامه الأكاديمي الرئيسي على الكتابة في بحوث ما بعد الاستعمار والخطابات المرتبطة به، خاصة فيما يتعلق بأفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي والهند.

ورغم نجاحه المهني والأكاديمي، عانى جرنة في المنفى البريطاني شعوراً مريراً بالغربة والحنين إلى الأهل والوطن الذي حُرم من زيارته قسراً؛ حيث لم يسمح له بالعودة إلى زنجبار حتى عام 1984، حينها استطاع تحقيق حلمه برؤية والده قبل وقت قصير من وفاة الأخير.

أريد فقط أن أكتب بأكبر قدر ممكن من الثقة

بدأت رحلة جرنة مع الكتابة في عمر الحادية والعشرين، عقب هجرته إلى بريطانيا، ورغم أن اللغة السواحيلية كانت لغته الأولى، إلا أن الإنجليزية أصبحت أداته الأدبية، فأبدع عشر روايات، هي: “ذاكرة المغادرة” 1987، “طريق الحج” 1988، “دوتي” 1990، “الفردوس” 1994، “الإعجاب بالصمت” 1996، “عن طريق البحر” 2001، “الهجر” 2005، “الهدية الأخيرة” 2011، “قلب الحصى” 2017، “الحياة بعد الموت” 2020، وله أيضاً مجموعة قصصية بعنوان “عاشت أمي في مزرعة في إفريقيا” صدرت عام 2006.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.