من تراثنا الشعبي
إعداد : فريد ظفور
عادة ماتزال متبعه لدى الحمصيين منذ مئات السنين وتكون المناسبه عاده في الخميس الأول من نيسان حيث يقوم الناس بزيارة القبور وشراء وتوزيع مختلف أنواع الحلاوة …
قصتنا مع الحلاوة طويلة وقديمة بدأت من زمن الأتراك وتوارثناها بعد ذلك أباً عن جد … وكما حدثنا والدي … أنهم وجدوا صعوبة كبيرة في بداية عملهم بها فقد حضروا كل موادها وخلطوها وطبخوها إلا أن الطبخة لم تنجح وبقي عنصر ما مفقود….. ولذلك سافر والدي مع جدي الى الشام ودخلوا الى دكان أحد صانعي الحلاوة هناك وكان ذلك الحلواني يطبخ الحلاوة وخلسة مد أبي يده في الطبخة وخرجا من الدكان وتذوقا ما علق على اليد وتعرفا بذلك على العنصر المفقود من خلال الطعمة ـ وبالطبع احترق اصبع أبي …… بعد العودة إلى حمص ابتدأ العمل بالحلاوة مع جدتي وجدي وأصبحنا منذ ذلك الوقت نعمل بها0 أما على زمن والدي فيقول : كنا نبيعها على العربات في الاحياء وننتقل بها من مكان إلى آخر وأيام الحكم الفرنساوي كانت تخرج المظاهرات الحاشدة المنددة بوجوده وبطريقها تأخذ الجماهير الغاضبة العربة فيرتمي ما عليها من حلاوة وكثيراً ماكنا بعد المظاهرات نبقى لمدة شهر أحياناً حتى نجمع ثمن الطبخة التالية ـ أما في الأعياد كعيد « مارجرجس» كان يذهب الصانعون من مختلف الصناعات إلى جانب دير مارجرجس ويأخذون معهم عدتهم كاملة ويطبخون ويبيعون رزقهم خلال فترة العيد ثم يعودون بعد ذلك ويكون الذهاب والإياب مشياً ويستغرق يومين في الذهاب ومثلهم في الإياب وكان أبي يروي قصصه تلك بمتعة وشوق وحنين هكذا حدثنا الحاج رضوان المحب عن بداياته وبدايات عائلته في هذه المهنة . كيفية التصنيع يقول الحاج رضوان : نصنع عدة أنوع من الحلاوة وتشتهر حمص بالحلاوة السمسمية والبشمينا والخبزية كونها تختص بهذه الأنواع أما عن باقي الأنواع كالحلاوة السكرية والجوزية والراحة الحلوم والطحينية والشوشية وحلاوة المحيا فهي منتشرة في كل أنحاء سورية الحلاوة الجوزية نضع 50 كيلو من السكر الصافي في حلة الغلي ونضيف إليه الماء وملح الليمون وتغلى على النار حتى يجف الماء ـ ننقل المزيج الى الخفاقة ونضعه على النار بعد إضافة الماء وشرش العصلج وتخفق حتى تنضج وتبيض نقوم بتبريدها ثم عجنها بالفستق السوداني أو الحلبي أو الجوز كما نضيف إليها المسكة ثم نملأ المادة بعلب شفافة لتباع في الأسواق صعوبات العمل لعل أبرز صعوبات العمل أن الحلاوة مادة موسمية تباع أكثر مايكون في خميس الحلاوة وفي شهر رمضان أما باقي أيام السنة فنبيع فقط الحلاوة السكرية والذي لاتحتاج العائلة منه أحياناً أكثر من كيلو في الشهر وأيضاً كثرة عدد العاملين في هذه المهنة مع أنها مادة غذائية ثانوية تضاف إلى المائدة فهي لم تعد كما كانت قديماً أيام زمن الأتراك النوع الوحيد المعروف للحلويات … في أيامنا هذه لايكاد يكون لها مكانة تذكر في التصنيف بين الحلويات ومع ذلك فهي رخيصة الثمن أخيراً حالياً هناك من يتابع العمل بهذه المهنة ففي البداية كان العمل بهذه المهنة يدوياً أما الان فالعمل 100٪ آلي ورغم أن الكثيرين تركوا هذه المهنة إلا أنها ستستمر كما أرى وذلك لان الآلة دخلتها والتصنيع لايأخذ وقتاً طويلاً. يمكن القول أن دخول الآلة لم يؤثر على النكهة أو مذاق أو جودة الحلاوة . وما أتمناه كما يقول الحاج رضوان من العاملين في هذه المهنة أن يقدموها على أصولها حفاظاً عليها من الاندثار وحتى لاتفقد سمعتها الطيبة خاصة وأن هناك دخلاء كثراً على الصنعة وهؤلاء قد أفقدوهاالكثير من ألقها وبريقها.

 

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.