وديع الصافي

وديع الصافي
وديع الصافي.. قديس الطرب وجبل لبنان الراسخ

صوت ذهبي وحنجرة جبلية، هذه هي مميزات الفنان اللبناني الراحل وديع الصافي، أسطورة الغناء والطرب في لبنان والعالم العربي.

يوافق اليوم الذكرى الثانية لرحيل وديع الصافي، الذي تُوفي في ١١ أكتوبر 2013.

وإذا كنا نصف العظماء في مصر بأنهم كالأهرامات، فإن الصافي هو جبل لبنان الراسخ رغم الرحيل. “اليوم الجديد” يستعرض ملامح حياة وديع الصافي الفنية والإنسانية.

اسمه بالكامل وديع فرنسيس وعُرف بـ”وديع الصافي”، وُلد في 5 نوفمبر عام 1921 في قرية نيحا الشوف بلبنان، وهو الابن الثاني في ترتيب العائلة المكونة من ثمانية أولاد، وكان والده بشارة يوسف جبرائيل فرنسيس، رقيباً في الشرطة اللبنانية.

كانت بدايتة الفنية عام 1938، حين فاز بالمرتبة الأولى لحنًا وغناء وعزفًا، من بين أربعين متسابقا في مباراة للإذاعة اللبنانية، أيام الانتداب الفرنسي، في أغنية “يا مرسل النغم الحنون” ، للشاعر المجهول آنذاك الأب نعمة اللّه حبيقة.

تتلّمذ وديع على يد ميشال خياط وسليم الحلو، اللذين كانا لهما الأثر الكبير في تكوين شخصيّته الفنية، بالإضافة إلى ألبير ديب ومحيي الدين سلام، الذين اتفقا على اختيار اسم “وديع الصافي” كاسم فني له، نظرًا لصفاء صوته.

عشق “الصافي” الأغاني الوطنية، فغنى للوطن كما لم يغني له أحد ووصف لبنان وروعتها وجسد حبه للبنان بأعماله الوطنية التي لا تُحصى ولا تُعد، ولعل أجمل الاغنيات التي قدمها الصافي عن لبنان أغنية “جايين يا أرز الجبل جايين” و” لبنان يا قطعة سما” وغيرها ولم يكتف بالغناء للبنان فقط فغني لمصر أغنية من أروع الأغاني التي تغنت لها وهي “عظيمة يا مصر يا أرض النعم”.

كان صوت “وديع ” هو سلاحه للدفاع عن وطنه فمع بداية الحرب اللبنانية، غادر لبنان إلى مصر سنة 1976 وبعدها إلى بريطانيا، ليستقرّ سنة 1978 في باريس. وكان سفره اعتراضًا على الحرب الدائرة في لبنان، فكانت ألحانه وأغانيه تنبع من معاناة شعبه وكان يقوي اللبنانين المغتربين بأغانيه عن لبنان وحضارتها وعظمتها, فبدأ منذ الثمانينات تأليف الألحان الروحية.

يحمل وديع الصافي إلى جانب جنسيته اللبنانية، ثلاث جنسيات هي المصرية والفرنسية والبرازيلية ولكن جنسيته الأصليه هي الأعز على قلبه , وعبر “الصافي” في تصريح له عن وطنه وحبه الشديد لها بقوله “إن الأيام علمتني أن ما أعز من الولد إلا البلد”.

جمعه أول لقاء مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب سنة 1944 حين زار مصر، و قال “عبد الوهاب” عندما غنى له أغنية “ولو” أنه من غير المعقول أن يملك أحد صوتًا بهذا الشكل، وشكلت هذه الأغنية علامة فارقة في مشواره الفني وتربع من خلالها على عرش الغناء العربي، فلُقب بصاحب الحنجرة الذهبية، وقيل عنه في مصر أنّه مبتكر “المدرسة الصافية” نسبة إلى وديع الصافي في الأغنية الشرقية.

وديع وعبد الوهاب

وديع وعبد الوهاب

غنى الصافي أكثر من خمسة آلاف أغنية وقصيدة لحن معظمها ومنها: “طل الصباح وزقزق العصفور” اللتي كانت أولى أغانيه عندما هاجر لمدة ثلاث سنوات إلى البرازيل في عام 1947. وعندما عاد غنى مجموعة أغاني مميزة فى مسيرته وهي التي حفرت اسمه في كل شبر بالعالم العربي وعشقه العرب فكان أبرز هذه الأغاني  “لبنان يا قطعة سما” و”صرخة بطل” و”الليل يا ليلى يعاتبني” و”شاب الهوى وشبنا” و “مريت ع الدار ” و”لوين يا مروان” و”عصفورة النهرين” و”الله يرضى عليك يا ابني” و”الله معك يا بيت صامد بالجنوب” وموال “يا مهاجرين ارجعوا”.

كما غنى “طلوا أحبابنا” من ألحان الأخوين رحباني، ومع فيروز ونصري شمس الدين غنى “سهرة حب” و”يا شقيق الروح”و “عندك بحرية” من ألحان محمد عبد الوهاب” و”على الله تعود على الله ” من ألحان فريد الأطرش.

شارك وديع جارة القمر فيروز الغناء وصنع حالة سحرية، جسدتها أغنياتهما فقدما معا أداء أسطوريا كما فى أغنية “يا شقيق الروح”.

كرمه أكثر من بلد ومؤسسة وجمعية وحمل أكثر من وسام استحقاق منها خمسة أوسمة لبنانية نالها من خمسة رؤوساء للجمهورية.

رحل “وديع” عن عالمنا في 11 أكتوبر 2013 عن عمر يناهز 92 عاماً قضى أكثر من نصفها في الغناء، فتوفي في أحد مستشفيات لبنان بعد صراع طويل مع المرض، حين تعرض لوعكة صحية خلال وجوده في منزل ابنه، وشيع في كاتدرائية مارجرجس في وسط بيروت، ودفن في بلدته نيحا الشوفية.

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.