صورة: ‏بسم الله الرحمن الرحيم
كل نفس ذائقة الموت
بمزيد من الأسى والحزن ينعى اتحاد الفنانين الفوتوغرافيين التونسيين  و فرع تونس لاتحادالمصورين العرب الفقيد الراحل شيخ ورمز الفوتوغرافين العراقيين والعرب الاستاذ فؤاد شاكر 
ندعو من الله العزيز القدير ان يسكنه فسيح جناته وان يلهم اهله واصدقائه الصبر والسلوان
وأنا لله وأنا أليه راجعون‏

شيخ الفوتوغرافين العراقيين والعرب الاستاذ فؤاد شاكر

الفوتوغرافي فؤاد شاكر: قدمت قصائد بصرية لاتتكرر

ولاتشبه إلا نفسي

حاوره: علاء المفرجي

 اكثر من خمسين عاما وعدسة الفنان الفوتغرافي فؤاد شاكر تقتنص لحظات الزمن،  موثقة احداثا وامكنة وشخوصاً…”شاعر الضوء” لقب يمنحه محبو فنه لسيد الضوء  والظل الذي يعيد انتاج اللحظة المقتنصة بعين شاعر وهي تنبض بالحركة وتشع  بجمال باذخ..مؤكدة صواب مقولة السينمائي الكبير اورسن ويلز التي تتلخص في ان الاثر لايكون جيدا إلا عندما تكون الكاميرا عينا في رأس شاعر. الفنان فؤاد شاكر المولود في بغداد عام 1949 بدأ حياته الفنية في عام 1960 خلال رحلته الممتدة هذه عمل في اكثر من مؤسسة اعلامية وصحفية محلية وعربية ودولية وشارك في العديد من المعارض العالمية والدولية وحصل على عدة جوائز متقدمة في هذا المجال. كتب النقد الفوتوغرافي ولا يزال مستمرا في كتاباته هذه حتى الان. عرضت اعماله في الولايات المتحدة الاميريكية بولايتي اوهايو وواشنطن وباريس و طوكيو والاردن والعراق. المدى حاورت الفنان لتقف عند احدى اهم التجارب المتميزة في فن الفوتغراف وكذلك رؤيته لمسيرة هذا الفن في العراق.

* بخلاف مجايليك من فناني الفوتغراف نرى ان ماتشغلك الفكرة اولا من جهة الاعتناء بها وتجسيدها .. الى أي مدى يجسد الفوتغراف افكار الفنان؟ – تتعدد زوايا قراءة مضمون الصورة تبعا لتباين واختلاف مستويات الفهم والإدراك وعلى هذا فإن كل واحد منا يفسر على هواه، وذلك ما يؤكد أنها النص البصري المفتوح الذي يحتمل أي تأويل معمقا كان ام سطحيا أم مباشرا، كل الذي يعنيني قوله هنا هو أنني ومنذ بداياتي البعيدة كنت احترم مهنتي هذه احتراما يوازي مثيله الذي انظر به للمنجز الفني المتحقق على يدي ذلك لأنني أضع في الأولوية جانب الفكرة قبل الصورة لتنتهي أنها ناتج تفكير مسبق وحصيلة فوران أحاسيس وبما ان الحديث يدور حول الفكرة لئلا نكون عابرين بالحقائق لذا فانه من المفيد جدا الإعادة فيما ما قاله فنانون كبار بهذا الشأن وفي سياقه، فقد قال النحات البريطاني الشهير هنري مور ذات مرة أنني وعندما كنت اطر غابات الريف الانكليزي بدراجتي الهوائية كل صباح حيث تتطلب مهنتي ذلك الأصحاء الرياضي الذي من فوائده العافية البصرية والتوقد الذهني كنت ارقب في سبيلي الصخور الكبيرة المتناثرة على جانبي الطريق فأحتديها في فضاء خيالي لأهم بالتأني بنحتها في تجاويف عقلي وهي في فضائها الرحيب هكذا كنت ابدأ بالعمل الفعلي بها كمنحوتة تلك الغابة العذراء المهجورة والتي كانت غالبا ما تلوذ بصمت الأبدية والكون الموحش وبالمعنى الفلسفي للمثال فأنني أجد نفسي لا ادخر وسعا في تأكيد ذاتي في كل عمل مقترح من أعمالي فاني أعد كل عمل منها قطعة من قلبي والشيء الكثير من نبضي الذي لايفتر أبدا. * ويبدو ان ذلك كان انشغال رواد هذا الفن في العراق ايضا، وهو الامر الذي يؤكد رصانة البدايات له؟ – أسئلة بلا إجابات وأخرى جاءت على خلفية فكرة الفطرة والبراءة والصدق بالطبع وإذا ما كانت الصورة تنطوي على جملة أسئلة فإننا لا بد أن نتذكر الفنانين الفوتوغرافيين الطليعيين الأوائل باعتبار أن كل فوتوغرافي قادم بموضوعه وحتى الذي يستند الى ايدولوجية محددة بافتراض والاستدراكات بهذا المعنى تحيلنا إلى ما قدمه مراد الداغستاني رائد الفوتوغراف الأول (1917 – 1982) ونظيره الفنان المبدع ناظم رمزي وما هي دوافعهما في تكريس المفاهيم الفكرية المعاصرة في الصورة الفوتوغرافية مع أن كل واحد منهم ركز على منحى من مناحي الحياة وللإيجاز وعدم الإسهاب أكثر يمكنني أن أوضح بان الراحل مراد الداغستاني قد لوح في أعماله إلى فكرة تمجيد الحياة والاحتفاء بالإنسان وقد راقه أن يؤكد في سلسلة صوره على حالات الكدح اليومي بالنسبة لقاعدة عريضة من الشغيلة والكسبة الذين كانوا يحرقون ساعات النهار الطويلة من اجل الحصول على لقمة العيش بالتعب والجهد المضني والدموع فيما انه لم ينس البسطاء ومقطوعي الجذر والمجانين من رموز مدينة الموصل ومسقط رأسه ولعلنا إذا ما بحثنا عن السبب في تقديم روايته الفوتوغرافية هذه وعلى هذا النحو سنجد انه كان يعاني من داء السرطان الذي استشرى في كل أنحاء جسده بنهاية الأمر، وان هذه العقدة قادته لان ينتج آلاف الأعمال الفوتوغرافية الهادفة اعتقادا منه في أنها ستخلده لكنه لم يأخذ من هذه الدنيا سوى أكفانه ويرحل في الشهر السابع من عام 1982، وانتهى الأمر. وتجدر الإشارة الى انه قد بدأ حياته في عام 1935، ورحل مبكرا في التاريخ المنوه به أعلاه. * هل لك ان تقف معنا عند نشأة هذا الفن في بلادنا وابرز محطاته؟ – إن حكاية نشأة التصوير الفوتوغرافي وظهور رموزه في العراق تبدو ليّ ولك وللآخر مترابطة لكن قصصها مختلفة تماما من خلال المحصلة النهائية للنتاج المتحقق على يد الممتلئين روحيا وفكريا والذين يحترمون التاريخ بامتداده ويركزون بالحاج شديد على سماته وقد نعطي المثال الآخر في ما يخص تجربة الفنان الفوتوغرافي ناظم رمزي الذي حمل الكاميرا على الكتف في عام 1954، وبدأ يصور بضمير حي ووعي متجدد لينتهي من جروداته التصويرية التي شملت العراق من أقصاه الى أقصاه بعد عشر سنوات ولما اصدر كتابه الموسوم بالأرض والناس عام 1964 قال في مقدمته.. هذه الأرض التي لا بد ليّ من إطالة النظر فيها كأرض غنية بالموارد وأولئك هم الناس الذين يحيون عليها وهم محرومون من ابسط شروط العيش الكريم، فهذا السؤال سيبقى يقلقني ما حييت والخلاصة فان الفوتوغراف يمكن تسخيره لأية نظرية وفكرة على يد الفنان المثقف ثقافة شمولية وأستثني من ذلك العابر بالحقائق والذي يتخذ من التصوير هواية لتسلية النفس وقتل أوقات الفراغ أو موظفا يوجه لتصوير مواضيع محددة وحسب. إن الفكر هنا يصنع فنّا راقيا يستحق الاحترام، أما الثقافة التي ترتبط بأسرار الصنعة فما هي إلا اشتراط من اشتراطات الأهلية في استخدام آلة الكاميرا استخداما فعالا في الميدان. إن الفكرة التي يشتغل عليها أيٌّ منا لا تقود إلى الاكتشاف بل أنها تمهد لمعرفة حقائق جديدة بالنسبة للمرء وإلا فما هي مؤهلاتك في ممارسة فن ارتبط ارتباطا وثيقا على الأقل بالواقع المعاش وأوجه الحياة المختلفة في الوقت الذي تجد فيه من لا يعنيه ذلك بشيء. * ما الذي يمكن ان يلعبه فن الفوتغراف بعيدا عن التوثيق وحفظ التاريخ؟ – لقد أوضحت ما هو الدور الريادي الذي من الممكن أن يلعبه الفن الفوتوغرافي في حياتنا العامة سواء كان ذلك بالمعنى الوثائقي التسجيلي أو بالاتجاه الفني الذي يأخذ بالحسبان ما شغل الفنان من أفكار إبداعية، فانا الذي اشتغلت على كافة الأساليب التصويرية والتطبيقات التقنية المختبرية وأنجزت خلال رحلتي مع الكاميرا الكثير من الأعمال الفوتوغرافية التي تستحق أن تعلق على الجدار قد انتهيت بالتزام أسلوب السرد الواقعي لأنه ببساطة الأقرب الى طبيعة العمل الصحفي الذي جرني إلى ساحته قبل ما يقرب من أربعين عاما مضت وحتى الان. إن المراحل التي مررت بها وأنا اشتغل بالحقل الفوتوغرافي كثيرة ولعل كل مرحلة منها زادتني معرفة بأسرار صنعتي هذه وقربتني أكثر من حياة الناس على مختلف مستوياتهم المعرفية والاجتماعية والمعيشية وهي نقطة البدء بالانشغال بمشروع تصوير الحياة العامة والمحيط البيئي والنماذج المقهورة والمستلبة من البشر المنسبين بعد أن وجدت فيهم من هو أحق من غيره بالجهد وبالصورة الوثيقة كحقيقة منتزعة من صميم المشهد الحي والواقع لكل ما فيه من تناقض وحياة لا تستحق أن تعاش وأنا بذلك قد شاطرت الفنان رمزي فكرة الاشتغال على عذابات الإنسان وأزماته مع اختلاف الزمن وتفاقم تلك الأزمات التي عصفت بحياته وظلت تعصف عقودا طويلة ولم تكف عن زيادة حجم مأساته حتى ما بعد دخولنا العقد الأول من الألفية الثالثة من القرن الحادي والعشرين. لم أخطط في حياتي أن أفكر بالناس ومتاعبهم الحياتية لكن شيئا فشيئا اكتشفت – وعندما تنامى وعيي أكثر – أنني انتمي للشرائح الفقيرة منهم، وابسط الوسائل التي قادتني لاكتشاف موهبتي بوقت مبكر من مسيرة حياتي هي الكريات الزجاجية الملونة التي كنت العب بها في دروب حينا الشعبي المترب ولقد مهدت لي هذه الكرية البلورية بعد أن كنت انظر من خلالها إلى الدنيا والمديات الرحيبة فأرى مدنا من بلور أن اختار الكاميرا أداة ووسيلة لأطل بها على كل ما شيد الإحساس من مشاهد وحركة حياة خاصة بالفعل الإنساني والندر الذي يضفي على الكائنات ذلك السحر الذي لا يوصف. * الانسان هو المتسيد في اعمالك على خلفية واقع اجتماعي مرير مدى اكثر من نصف قرن من مسيرتك الابداعية، وهو ما تكاد تنفرد به بين اقرانك… ما تعليقك؟ – لقد قلت ما بين السطور إنني قد صوبت مستوى النظرة باتجاه الإنسان وأوضاعه المختلفة ولكي ما آتي بموضوعي مثل أي فوتوغرافي نابغ وخلاق فقد جعلت من هذا الكائن الشعلة المتوهجة التي لا تنطفئ في المشهد الفوتوغرافي والأكثر من ذلك صورته بالوضع الذي يكابر به على جراحاته دون أن يلتفت لخسارته الباهظة ولا لأمنياته المؤجلة كجزء من تلك الخسارات المتوالية التي رافقت مراحل حياته. إن المفاهيم المعاصرة ضرورية بالنسبة لكل مشتغل بحقول الفن وضروبه المتعددة وان هذه المفاهيم تقوم المعني لان يصنع الشيء من اللاشيء ليقدم خلاصات رؤاه بالمنجز الفوتوغرافي المتحقق وفي كثير من الأحيان نجد أن هذا المنجز وذاك هما مشروعا قصة أو رواية أو مسرحية وحتى قصيدة شعرية ويأتي ذلك على خلفية فكرة أن الفنون قاطبة تأخذ من بعضها وتضيف إلى المتراكم من الانجازات الإبداعية بشكل عام. * الى أي مدى اسهمت ثقافتك وقراءاتك في إثراء منجزك الابداعي؟ – لست موله بالقراءة مع أنني قرأت الكثير من الروايات والنصوص الأدبية والقصصية وبذلك أعتبر نفسي مكتفياً بما حفظت والأشياء التي علقت بذاكرتي هي رباعية الإسكندرية للورنس داريل والانتباه لألبرتو مورافيا وأنهم يقاتلون من اجل الوطن ومصير الإنسان لميخائيل شولوكوف كأدب حرب والرجع البعيد لفؤاد التكرلي، والنخلة والجيدان لغائب طعمة فرمان، والساعة الخامسة والعشرون ولا يحضرني اسم الكاتب هذا الآن، وفي السياق ذاته لأنطوان تشيخوف هذا عدا القراءات الأخرى التي لم تستقر بذاكرتي ونسيت أسماء كتابها بمرور الوقت، وأستطيع أضيف أنني وبطريق المصادفة عثرت على كتاب قديم عنوانه عشرة فراغات عن الجوع في العالم لما قلبت أوراقه وجدتني مشدودا لإحدى حكاياته التي تفيد أن حاصل المزروعات من الحنطة والشعير والرز في العالم يكفي لسد رمق البشرية جمعاء ويفيض لكن المشكلة تكمن في الذين يسيطرون على تلك الثروة الغذائية والذين يتحكمون بها بالطريقة التي تزيد من ثرائهم أكثر فأكثر، وهذه الحكاية تقسم المجتمعات الى طبقات فقيرة في مقابل المتخمة جدا ومع أنها بديهية معروفة ولا تحتاج إلى مزيد من التفكير لكن ولما تود أن تعكس ذلك على واقعنا ستجد أن  الفقر بكل ألوانه متأصل فينا، وان الفقر المادي هو وراء كل عوز وآفة ومعضلة ولا أقول إن الغالبية العظمى من الفنانين والمبدعين قد طلعوا من البيوت المظلمة إلى النور والحياة وشقوا طريقهم بصعوبة في ميادين المعرفة وعلى هذا فإن مجمل إنتاج الفوتوغرافي قد ابتنى على فكرة الفقر ونهل منها تلك هي الخرافة التي لا تصدق حقا حتى يومنا هذا.

* يستطيع المتابع لاعمالك ان يجد توثيقا دقيقا لمراحل اجتماعية مختلفة استطاعات عدستك ان توثقها… هل يبقى التوثيق الهدف الاساس للفوتغراف؟

– إذا ما بقينا نحكي عن الفوتوغراف كفنٍٍٍٍٍٍٍٍٍ معاصر واكب كل التحولات والمتغيرات والأحداث المهمة، والزمن يأتي بمضاجعاته لذا فإن كل جيل من الأجيال له حصة في ما يكون جديرا بالتسجيل والتوثيق الصوري. وعلى صعيد التراتب فقد عدّ الفونوغراف من الفنون الطليعية التي أسهمت في تأكيد حضورها الحي في رسم وتجسيد خارطة الحياة البشرية أو تسجيل احدث اكتشافاتها العلمية التي غيرت من وجه هذا العالم ونقلت حياة المجتمعات من حياة البداوة إلى المدينة، والتحضير بسرعة قياسية وخلال عقود قليلة، وما دمنا نتحدث عن ذلك فإن من الضروري الإشارة إلى أن وكالة أبحاث الفلك والفضاء الأميركية ناسا كانت قد أوعزت في عام 1970 إلى شركة سوني اليابانية بإنتاج كاميرا متقدمة يمكنها أن تبث الصور من الفضاء الخارجي الى الأرض للتخلص من الأحماض الكيمياوية والأفلام في آن معاً، وعلى هذا فإن هذه الشركة كانت السباقة في إنتاج كاميرا الديجيتال الرقمية وتلبية هذا الطلب بلا تردد والقضية الأخرى في ذلك أن هذا الصنف من أدوات الإبصار الذهبية ولما فاض إنتاجه بعد ثلاثين عاماً نزل إلى الأسواق ومكّن كل من ذي لا معرفة بأسرار التصوير أن يصور ولتكون الكاميرا من بعد ذلك جزءاً من شخصيته. لقد ارتبط التصوير الفوتوغرافي في العالم بلا استثناء بالأبحاث والعلوم والفلك والفضاء والتربة والهندسة والعمارة والدعاية والتكنولوجيا، بينما عندنا ارتبط بالانقلابات ونزيف الدم والقهر الاجتماعي والشدائد والمحن وأوجه الفقر المتعددة والقحط والتخلف ومرارة العيش وهذا ما حدد هوية الصورة المحلية بضوء هذه الحقائق ويعني أن كل جيل من الأجيال يتكرر على ذات الموضوع إلا الذين عندهم صلة بالمحيط البيئي، والشيء الكثير من الذكريات فيه، وهؤلاء يرون بهذا المحيط الشيء الآخر باعتباره مهدهم الأول وحاضنة أحلامهم ومرتع طفولتهم ولربما أكون قد وجدت نفسي في السياق وصورت الجدران والنوافذ والشرخات والدروب الملتوية المصفوعة بالضوء من أولى ساعات النهار وحتى المغيب إلى جانب البيوت الحانية على أهلها  وحكايات الصبية المدونة جانب هذه الأحياء ووجوه الناس بملامح البراءة وتعب السنين والمآذن بطابعها القدسي وشطئان دجلة المستلب الى أبخرة روائح الطهي الطالعة من النوافذ وشقوق الأبواب العتيقة بجانب خرائب الروح، ورأيت هذه المعالم كجنان وفراديس معلقة وطلعت لها من الواقع على هذا النحو وأنا بذلك لم أنفذ الموضوع المذكور على خلفية فكرة تشائمية أكثر ما عبرت عنه اعتزازي بالقارة الشعبية هذه ولكن السؤال الذي يلح كم هم الذين يسبقون الواقع الحزين بنظرة الانفراج والأمل ويرونه بهذه القدسية المهابة وكم هم الذين يعجزون عن إحالة الناظر إلى فكرة تمجيد الإنسان والارتقاء بشأنه، أن المصور وفي كثير من الأحيان كالمسرحي الذي يلعب بأحاسيس المتلقي ويراهن على انحيازه فأنا أحاول أن اجعل من المشتركات الثيمة التي تقربني من الآخر وكثيرة بالطبع هذه المشتركات، كأن تكون من بينها اللغة والنشأة والتكون والثقافة بشكل عام.

* مالذي تعنيه من ذلك؟ – لقد عنيت من كل ذلك ان القلة من الفوتوغرافيين تعاملوا مع المشهدية وعلى ما هي عليه بتفاعل صحيح، والكثير منهم تساقطوا خلال المسيرة لأنهم لا يتخذون من الثقافة الشمولية منطلقا لعرض أفكارهم عبر الصورة الفوتوغرافية بوصفها خلاصة نبض الذات والضمير. وعلى ذكر المشترك واللامشترك مع الحقائق فأنا قد صورت الأشجار الميتة العارية في جانب الغضة الوارفة الظلال وكنت أرى في الميتة الجانب الحي من خلال سيقانها الوردية المسقولة كالنحت البديع لأشبهها مع نظيرتها الحية، وقد رأيت في اليابسة التي تستمد مقومات وجودها من المحيط الحي مع أنها لا تهزها ريح ولا يورقها مطر ورأيت في الحية النظرة العكس التي تحنو بظلالها على الإنسان لتكون رمزا للجمال والمهابة في أميركا حيث كنت أعيش استوقفني ذات المشهد ولتغير الإحساس بالغربة والنفي فقد كنت أرى بعشرات الأشجار الميتة الملقات على ضفاف البحيرات العريضة على أنها مثلي مقطوعة الجذر وذلك ما يؤكد أن الصورة تنبع من فكرة وليس من فراغ ولعل ذلك يرجع إلى أسلوب المحاكاة والتأويل الذي من المفترض أن يجيده كل فوتوغرافي يشتغل على الهم وسواء كنت في نظر الناس والنخبة من المثقفين شاعر الضوء، فأنا والى جانب ذلك شاعر الحقيقة الذي قدم للذائقة والذاكرة الجمعية قصائد صورية لا تتكرر ولا تشبه إلا نفسي تماماً.

 ببلوغرافيا

فؤاد شاكر

ولد عام 1949 عمل مصورا في العديد من الصحف والوكالات طافت اعماله العديد من عواصم العالم  اهم معارضه 1- عزف الامكنة بغداد المتحف الوطني للفن الحديث 1991 2- صور من الطبيعة صور من الحياة المتحف الوطني للفن الحديث 1992 3- مدارات الضوء المتحف الوطني للفن الحديث 1992 4- صور عراقية باريس معهد العالم العربي 1992 5- فؤاد شاكر ذاكرة المدينة والرماد – المنتدى الثقافي في امانة بغداد 2009 6- الصور الفوتوغرافية والاعمال الكرافيكية المركز الثقافي الملكي الاردن عمان 1995 كما عرضت اعماله في صالون زغرب الدولي بيوغسلافيا عام 1985 7- اصدر كتابه المصور الموسوم مدارات الضوء عام 2006 8- اقام معرضه عن العراق في العاصمة اليابانية طوكيو عام 2010 9- وعن الحياة اليابانية والذي كان بعنوان اليابان ارض الذهب كما رايتها اذار 2011 على قاعة جمعية الفنانين التشكيلين العراقيين في المنصور  

عن صحيفة المدى

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.