فادي الطويل 

انتهى عرض سلسلة «أنا مصور ناشونال جيوغرافيك» التي عرضتها شاشة «ناشونال جيوغرافيك أبو ظبي»، بعد ست حلقات تنافس فيها ثمانية شبان وشابات عرب من الإمارات، السعودية، لبنان، الأردن، العراق، البحرين والمغرب. يتبنى البرنامج فكرة المنافسة بين مصورين هواة تجمعهم موهبة التصوير الفوتوغرافي، والشغف بتسجيل وتوثيق لقطات خاصة تُظهر رؤية وقدرة وخيال كلّ منهم، تحت إشراف لجنة تحكيم مؤلفة من ثلاثة مصورين محترفين وأصحاب خبرة واسعة، هم البريطانية/ المصرية لورا الطنطاوي، اللبناني جاك داباغيان، والأميركي ماثيو دولز.
الجديد في البرنامج أنّها المرة الأولى التي يتنافس فيها مصورون هواة في برنامج متخصص، لا سيما أن الجهة المنتجة هي بحجم مؤسسة «ناشونال جيوغرافيك» العريقة التي تشكّل «الصورة» أهم عوامل نجاحها واستمرارها منذ ما يزيد عن 125 عاماً. تابع المشاهدون تحديات المتسابقين للزمن والظروف المكانية التي كان عليهم التقاط أفضل صورهم فيها. ومع تنوع الأمكنة التي حمل كل منها طابعاً خاصاً، تطلّبت المسابقة من المشاركين استخراج أفضل ما لديهم في اختيار الفكرة الذكية أولاً، ثم تقديمها من خلال لقطة تجسدها بتفاصيلها ومناحيها الاجتماعية والثقافية.
كان تواصل المشاهد مع المتسابقين عبر هذه الساعة الأسبوعية التي لا تخلو من صعوبات أو حالات من عدم التوفيق. لكن هل يكفي هذا ليكون البرنامج ضمن ما يمكن تسميته تلفزيون الواقع بحسب ما جاء في تعريفه؟ صحيح أن مواقع الإعلام الاجتماعي تساهم كثيراً في خلق التواصل بين المتسابقين ومتابعي البرنامج، لكن هذا لم يكن كافياً ليحمل السلسلة إلى تصنيف تلفزيون الواقع الذي له متطلبات عديدة، أقلّها ما جرت عليه العادة من متابعة تفاصيل حياة المتسابقين اليومية، تصل إلى حد التلصص على أسرارهم وخصوصياتهم. هنا، المسألة مختلفة، فقد اكتفى البرنامج بتقديم المتسابقين خلال الحلقة الأسبوعية، مع التعريف عن أنفسهم ضمن إطار المسابقة التي يطمح كل منهم للفوز بها.
تجلّى الجانب الواقعي في استخدام كل متسابق ما يحمله من ثقافة وخبرة وقدرة على التواصل وتطويع ذلك للاندماج مع النماذج والبيئات المختلفة التي تعامل معها من أجل التقاط صورة جيدة. ومن أسبوع إلى آخر، بدا تطور المتسابقين فنياً عبر اختيارهم لقطات أظهرت حُسن استفادتهم من التنوع المكاني: سوق الخضار والفواكه، حلبة سباق للخيل، شارع مليء بجنسيات مختلفة وتنوع ثقافي كبير، جامع الشيخ زايد وأماكن عدة أخرى. في الحلقة الأخيرة، وصل ثلاثة متسابقين، عبدالله من الإمارات، طارق من السعودية وإميلي من لبنان، واستطاعت الأخيرة الفوز بجائزة البرنامج وهي كاميرا نيكون متطورة مع معدّات تصوير بقيمة عشرة آلاف دولار، بالإضافة إلى نشر صورها في مجلة «ناشونال جيوغرافيك» العربية.
غلبت على البرنامج الملاحظات العامة التي لم يتطرق خلالها أعضاء لجنة التحكيم لتفاصيل يمكن أن يستفيد منها المشاهد في ثقافة التصوير الفوتوغرافي وتقنياته، لكنه أيضاً، وبعكس كثير من برامج المسابقات، ركّز على أن الفائزين الثلاثة ما زالوا هواة، وأمامهم طريق طويل وعمل كبير، وهذه ناحية إيجابية تسجّل للجنة التحكيم وتعكس مدى جدية التعامل مع هذا المجال الذي لا يمكن أن يجد فيه الشخص طريق النجاح بسهولة.