مع استقطاب مهرجان “دبي كانْفَس” 2016 لمجموعة من أشهر فناني العالم وأوسعهم شهرة في مجال الفنون التشكيلية، لاسيما الرسم المجسم ثلاثي الأبعاد، يبرز من بين أهم المشاركين هذا العام، مُبدع من نوع فريد لكونه الإنسان الوحيد على مستوى العالم الحائز على اعتراف رسمي من قبل حكومة بوصفه إنسان “سايبورغ”، وهو مصطلح حديث يعني الإنسان الذي يستعين بتقنية إلكترونية تثبت بشكل دائم في جسمه لتعويض بعض الوظائف الحيوية التي يفتقر إليها.

فقد كشف “براند دبي”، الذراع الإبداعي للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، الجهة المنظّمة للمهرجان بالشراكة مع “جي بي آر” التابعة لدبي للعقارات، عن مشاركة نيل هاربيسون، صاحب الظاهرة الاستثنائية في “سماع” الألوان، وذلك عن طريق شريحة تم تثبيتها في رأسه بصفة دائمة وهوائي يتدلى من قمة رأسه إلى جبهته لمساعدته على ترجمة الألوان إلى موجات “صوتية” مميزة ونغمات متباينة الترددات، ذلك لأنه ولد مُصاب بنوع نادر من مرض “عمى الألوان” ليمضي فترة صباه وهو يرى الحياة باللونين الأبيض والأسود ودرجات الرمادي بينهما قبل أن يستعين بهذه التكنولوجيا التي منحته قدرة تمييز الألوان بتحويلها إلى “أصوات ونغمات وترددات”.

وتساعد هذه التقنية الحاسوبية المتطورة هاربيسون أيضاً على تحويل الأصوات إلى ألوان، ومن ثم فهو قادر على ترجمة الأصوات إلى “لوحات”، في قدرة فريدة يمتاز بها بين الناس، ليعيش الشاب الأسباني، بريطاني المولد والبالغ من العمر 33 عاما، عالماً فريداً من التناغم بين الأصوات والألوان، يمنحه قدرة خاصة على تقديم شكل بالغ التفرد من الإبداع، ربما لم تجتمع عناصره لغيره من بني البشر.

سيمفونية ألوان دبي

ومن المنتظر أن يبهر نيل هاربيسون خلال مشاركته في “دبي كانْفَس 2016” جمهور المهرجان بتقديم مقطوعة موسيقية يستلهمها من معالم دبي ويترجم من خلالها ألوان المدينة إلى نغمات موسيقية متجانسة بالتعاون مع مجموعة من الفنانين المحليين، وذلك في أول مرة يقوم فيها نيل بتأليف مقطوعة موسيقية مستوحاة من “مدينة”، وقد اختار لها اسم “سيمفونية ألوان دبي”.

وعن إقدامه على هذه التجربة الجديدة من خلال مشاركته في دورة “دبي كانْفَس” هذا العام، قال هاربيسون: “دبي مدينة فريدة تمتاز بنهضتها العمرانية الكبيرة وتنوع مجتمعها وتعدد ثقافاته، ومن ثم فإنني اعتبر أن هذه المدينة تملك من الألوان البديعة ما يمنح شخصيتها تفرداً واضحاً بين باقي المدن. وأنا متشوق لزيارتها لخوض هذه التجربة التي أشعر بحماس بالغ حيالها.”

وأكد هاربيسون أن مشاركته في المهرجان تمنحه فرصة ممتازة للتعريف بهذا الشكل الفني الجديد للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وقال: “التعبير المستند إلى تكنولوجيا “السايبورغ” هو شكل جديد من أشكال الإبداع الذي آمل أن يأخذ في الانتشار، مع استيعاب الناس لما يمكن أن يقدمه لنا امتزاج التكنولوجيا مع الجسم البشري من قدرة على تحفيز العقل وإيقاظ المشاعر، وأتمنى من خلال زيارتي إلى دبي ومشاركتي في المهرجان أن أكون سبباً في التعريف بهذا الشكل الفني الجديد لأول مرة في الشرق الأوسط”.

وأضاف: “قمت مرات عديدة بتدريس “صوت الألوان” لمطربين وموسيقيين ضمن مشاريع عديدة، ولكنها المرة الأولى التي أقوم فيها بتأليف مقطوعة موسيقية مستوحاة من ألوان مدينة بعينها؛ ودبي ستكون أول تجربة لي، وأتطلع أن يشاركني فيها فنانون وموسيقيون من دبي، ليعيشوا تفاصيل أسلوب جديد يمكنهم من خلاله التعبير عن أنفسهم بصورة مبتكرة بالموسيقى عبر الألوان، كما أرجو أن يدرك الجمهور العلاقة بين اللون والصوت، وأن يتعرفوا من خلال ذلك على ما يمكن أن يقدمه الإنسان “السايبورغ” من إبداعات فنية”.

 

فن بتعريف جديد

من جانبها، أعربت عائشة بن كلي، عضو اللجنة المنظمة لمهرجان دبي كانْفَس عن ترحيبها بمشاركة هاربيسون في دورة هذا العام وقالت: “يتميز مهرجان دبي كانْفَس بجمع فنانين متميزين من شتى أنحاء العالم، ليكون هذا التجمع مصدر إلهام حقيقي ومبعث على مزيد من الابتكار والإبداع، ونحن سعداء أن يكون الفنان نيل هاربيسون من ضيوف المهرجان في ثاني دوراته.

فقد ساهم التطور التكنولوجي السريع حول العالم في إعادة تعريف العديد من المفاهيم المتعلقة بالفن، ونعتقد أن العمل الذي يقدمه هاربيسون يُعدُّ مثالاً جيداً وبرهاناً واضحاً على ذلك”.

وأوضحت قائلة: “يسعى المهرجان لترسيخ مكانته كمنصة فعالة ونقطة جذب لاستقطاب نخب المبدعين من شتى أنحاء العالم وضمن مجالات فنية متميزة، ليقدموا أفكارهم وإبداعاتهم في مساحة مفتوحة تتيح لهم التفاعل المباشر مع الجمهور الذي نعمل على تقريب الفن إليه بوضعه في متناوله، ونحن نأمل أن يظل المهرجان دائماً عنصراً داعماً لتميز المشهد الثقافي والإبداعي في دولة الإمارات، ومصدر إلهام ينشر روح الإبداع بين الناس وضمن مختلف فئاتهم”.

ومن المُنتظر أن يقوم نيل هاربيسون بتوثيق زياراته لمواقع مختلفة في دبي لاستشعار ألوانها؛ ومن ثم ترجمتها إلى أصوات ونغمات ضمن “سيمفونية ألوان دبي” وتسجيل أحداث تلك الزيارات ضمن مقاطع فيديو سيتم بثها يومياً عبر الصفحة الرسمية الخاصة بالمهرجان على موقع “انستغرام” وسيُطلق عليها اسم “يوميات دبي كانْفَس”.

يُذكر أن الدورة الثانية من مهرجان “دبي كانْفَس” ستقام خلال الفترة من 1-14 مارس 2016، بالشراكة بين “براند دبي” و”جميرا بيتش ريزيدنس” التابعة لدبي للعقارات، حيث يشارك في دورة هذا العام نحو 30 فنان من 14 دولة من شرق العالم وغربه، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة واستراليا والبرازيل، وغيرهم لتقديم أكثر من 60 عمل فني سيتم تنفيذها بحضور الجمهور على امتداد كيلومترين كاملين في منطقة الشاطئ في “جي. بي. آر”، بينما سيتضمن الحدث العالمي العديد من ورشات العمل المتخصصة والفعاليات المصممة خصيصاً للأطفال والنشء

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.