منذ القدم كان الإنسان يسعى إلى تدوين حياته وتاريخه مصوراً؛ فبدأ بالرسم على الكهوف، لتظهر بقرون بعدها تجارب الحسن بن الهيثم، والإيرلندي روبرت بويل، والألماني جوهان تزان، والفرنسي وليم فوكس، وعشرات من العلماء الذين أثمرت جهودهم بظهور أول صورة فوتوغرافية عام 1826م على يد الفرنسي جوزيف نيبس، ومنذ ذلك التاريخ استطاعت التكنولوجيا المتقدمة أن تبتكر كاميرات متطورة اخترقت المألوف في العالم الرقمي الجديد.لقد جذب عالم الصورة العشرات من الشباب الإماراتي، واستطاع عدد منهم تطوير مهاراتهم في التصوير الفوتوغرافي عبر المحاضرات والدروس المتخصصة التي أتيحت لهم في مؤسسات مختلفة.

وبدأت على مستوى الدولة منتديات عدة، وجمعيات رسمية وخاصة لاحتضان مواهب التصوير الفوتوغرافي، فأقيمت المعارض في مختلف أنحاء الدولة، أما مجموعة الشباب والشابات الإماراتيين السبعة الذين كانت محطتنا معهم في (الحواس الخمس)؛ فإن لقاءهم وتجمعهم كان بطريقة مواكبة للعصر من خلال أحد مواقع الإنترنت العالمية، لتكون باكورة هذا اللقاء معرض هذه المجموعة الأول في الخالدية مول في أبوظبي.

صاحبة فكرة المعرض الإماراتية، هبة المردود، مصورة فوتوغرافية، نمت مواهبها بطريقة تبتعد عن المألوف، فكيف كانت حكايتها مع التصوير الفوتوغرافي؛ تقول عن ذلك: حتى عام 2007م لم تكن لدي أدنى فكرة عن مبادئ التصوير الفوتوغرافي، فحتى ذلك الوقت كنت أصور بطريقة عادية غير احترافية ككل الناس في الرحلات والسفرات.ومع بداية ذلك العام بدأت بالاهتمام بموضوع التصوير الفوتوغرافي؛ فقرأت الكتب والمجلات، وتابعت مواقع الإنترنت التي تعلم مبادئ التصوير. وبالفعل استفدتُ كثيراً من هذه التجارب ومحاورة المصورين المحترفين في مواقع الإنترنت؛ فالتقيت في البداية بالمصور الإماراتي عبدالله المرزوقي، فكانت ثمرة هذه المعرفة تفكيرنا بإقامة معرض للتصوير الفوتوغرافي.

شاركت هبة المردود في عدة معارض سابقة أقامتها شركة أدنوك، كما نافست في مسابقات التصوير الفوتوغرافي مثل مسابقة الإمارات للتصوير الفوتوغرافي التابعة لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث؛ إلا أنها لم تنل جائزة.وتجيب بروح وأخلاق طيبة: ان الجوائز ذهبت لمن يستحقها، وتهوى هبة التصوير في الأماكن المغلقة والاستديوهات، خصوصاً داخل الدولة، لأن الصورة تظهر بالشكل الذي تريده، وتضيف: إن عامل الطقس يكون في العادة ضد المصور.وتحديداً أيام الصيف الحارة التي ترتفع بها درجة الحرارة ونسبة الرطوبة، إلا أن الجو الملائم للتصوير الخارجي يكون عادة في أيام الربيع التي نعيشها هذه الأيام، حيث اعتدال الجو، وتضيف: صورت مجموعة كبيرة في هذه الفترة كحديقة الصفا وأشجار القرم بتصوير خارجي جيد.

تفكر هبة حالياً بتصوير المنتجات من فاكهة وخضار ومأكولات إلى أجهزة إلكترونية، وتقول: أرى أنني أستطيع التحكم بزاوية وظل وإنارة المنتج بصورة تعكس رؤيتي الفنية له، والتي تختلف عن الآخرين.

وأعتقد بأن اعتماد بعض المؤسسات والشركات العاملة في الدولة على المصور الأجنبي الأوروبي لتصوير المنتجات هو مجرد وهم تقع به إدارة هذه المؤسسات بالاعتقاد بأنه لن يتقن ذلك مصور إماراتي بينما العكس صحيح، وسأعمل في الفترة المقبلة على تطوير مهاراتي بتصوير المنتجات.

المبدعة الأخرى ضمن فريق (السبعة) هي المصورة الإماراتية، نادرة بدري، مدير أنشطة ومعارض جمعية المصورين العرب، والتي اشتهرت على المستوى المحلي بتصوير الخيول العربية الأصيلة، تقول عن بداياتها: منذ الطفولة وأنا أشاهد والدي يدخل إلى غرفة التحميض التي أنشأها في المنزل ليخرج بعدها.

ويرينا ما أنجزه من صور، فجذبني ذلك إلى عالم التصوير، وقمت بشراء كاميرا احترافية في البداية، لأنطلق في العام 1994م مع عالم الصورة الساحر، الذي شغلني إلى اليوم، لأتتلمذ بعد ذلك على يد ليندون أشمور، أحد أشهر المصورين في دبي؛ فحصلت على دورات ودروس متخصصة في التصوير الفوتوغرافي.

أقامت نادرة معرضها الأول في (مركز دبي للفنون)، ثم جذبتها صورة الخيول؛ فاقتحمت هذا العالم الذي كان مقصوراً على بعض المصورين الأجانب فشاركت في معرض الجواد العربي عام 2008م.

ومن ثم تعرفت إلى مجموعة المصورين (السبعة) عبر الدعوة التي وجهتها عن طريق الإنترنت زميلتها المصورة هبة المردود، فبادرت بالمشاركة في المعرض، عن عشقها لعالم الخيول تقول: تحمل الخيل في أشكالها وحركاتها وسكناتها عالم رائع من الغموض جذبني لتصويرها.

وما جعل هذا الأمر لدي مبدأ تحد هو اعتماد ملاك الخيول العربية الأصيلة في الدولة على مصورين أجانب في الغالب لتصوير خيولهم، وهذا الأمر يعود لعقدة الأجنبي الموجودة للأسف في العالم العربي، فأثبت من خلال منجزي من الصور الفوتوغرافية خطأ تلك الرؤية.

وأن المبدع الإماراتي العربي قادر على التنافس في هذا المجال بصورة موازية للمصور الأجنبي- إن لم يكن أفضل- وكانت آخر بطولة للخيل العربية الأصيلة شاركت في تصويرها هي بطولة الشارقة التي أقيمت قبل فترة.

عبد الرحمن بلحيك، الذي يدرس حالياً في الجامعة، بدأ هواية التصوير الفوتوغرافي قبل 5 سنوات، ويقول عن مشاركته في المعرض ولقائه بالمجموعة:

لقد تعرفنا إلى بعضنا عن طريق الإنترنت في أحد المواقع العالمية الخاصة بالتصوير، فوجدت دعوة الزميلة هبة ووافقت فوراً على الاشتراك، لأني أعتبر الصورة بمثابة منجز إبداعي يجب أن يظهر ليشاهده الناس، وبالنسبة لما يجذبني بصورة خاصة في اختيار مادة التصوير الفوتوغرافي فهي الأمكنة المجردة والمدن بتفاصيلها وحياتها.

يشارك في المعرض، الذي يقام حالياً في الخالدية مول في أبوظبي، 7 مصورين فوتوغرافيين إماراتيين هم: هبة المردود، نادرة بدري، موزة الفلاسي، مريم المزروعي، عبدالرحمن بلحيك، عبدالله الغرير، وعبد الله المرزوقي.

وتستحق تجربتهم المتابعة والاهتمام من المؤسسات المعنية لما فيها من نضج فني، ومواهب يمكن أن تتطور مستقبلاً، فأسماء هذه المواهب الإماراتية يمكن أن يلمع في سماء التصوير الفوتوغرافي لعشقهم لهذا الفن.

حلم

تحلم المصورة هبة المردود بالتجوال حول العالم، والتقاط صور لأماكن تتمنى زيارتها، وأول مكان ستنطلق منه في رحلتها هو عند برج إيفل في باريس لتنتقل بعدها إلى الصحراء الأميركية في أريزونا.

استكشاف

تعتقد نادرة بدري أن في الإمارات أمكنة جميلة لم تستكشف بعد، وتضيف أن الحرم المكي والكعبة المشرفة هما المكان الذي تفضله على جميع أماكن العالم لبداية رحلتها حول العالم.

أجواء

يقول عبدالرحمن بلحيك إن حرارة الجو والرطوبة في أشهر الصيف في الدولة؛ لا تمنعه من التصوير، لأنه يختطف من تلك الأيام لحظات صافية يبدع فيها بكاميرته الرقمية….

أبوظبي- محمد الأنصاري

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.