https://lh3.googleusercontent.com/ https://lh3.googleusercontent.com/

فتاة النابالم
إن الطفلة الصغيرة التي تظهر في هذه الصورة التاريخية التي التقطها نيك أوت أثناء حرب الفيتنام, لم تكن لتحيا . كيم فوك بلغت من العمر  50 سنة في 16 افريل (نيسان) 2013 م : تعيش مع عائلتها في كندا.

بتاريخ 8 جوان (يونيو) , غارة جوية شنتها القوات الأمريكية على قرية ترانج بانج أجبرت كيم فوك و اثنين من أشقاءها و ابن عمها و جدتها لمغادرة معبد كاو داي حيث كانوا لاجئين .
أثناء هروبهم أصيبوا كلهم أثناء انفجار قنبلة نابالم.
نيك أوت, و هو مصور صحفي شاب,  كان أيضا  متواجدا في الطريق عندما انفجرت القنبلة. من خلال عدسته رأى فجأة فتاة صغيرة تخرج من سحابة من اللهب و الدخان الأسود و هي تجري نحوه فاتخة ذراعيها, كانت مرعبة و أثار الحروق واضحة على جسدها و ملابسها احترقت بالكامل. عندما كبس زر آلة التصوير لم يكن يدري أن صورته هذه ستتحول إلى أيقونة : فتاة صغيرة بريئة ذات 9 سنوات تقع في براثن الحرب.
يدعي البعض أن هذه الصورة التي قال عنها الرئيس ريتشارد نيكسون أنها مركبة, ساعدت على إنهاء حرب الفيتنام.
ما هو مؤكد أن هذه اللحظة غيرت مصير كيم فوك إلى الأبد.
بعد هذه الحادثة خضعت كيم لسبع عشر عملية. و لما بلغت سن المراهقة كان همها الوحيد هو العودة إلى الحياة الطبيعية, و لكنها أرغمت من طرف الحكومة الفيتنامية على ترك المدرسة لتكون بمثابة “أداة دعائية”, فأصبحت ضحية للمرة الثانية.
لقد كان لها حلمين ز مساعدة الآخرين و العيش في سلام خارج الفيتنام.
في عام 1992, سمح لها بالذهاب إلى كوبا للدراسة في الجمعة. و كانت الطائرة التي تقلها مع زوجها بوي هوي توان مضطرة للهبوط في جزيرة نيوفاوندلاند للتزود بالوقود. لم يعد الزوجان إلى الطائرة أبدا. لقد حرجا من المطار و قدما طلبا للجوء.
لم تتصور عائلة كيم أن مجرد صورة يمكن أن تحملها إلى الجانب الآخر من العالم, بعيد جدا عن ذويها.
لقد أصبحت كيم متحدثة باسم السلام و أسست مؤسستها الخاصة (مؤسسة كيم الدولية) و عينت من طرف منظمة اليونيسكو كسفيرة للنوايا الحسنة و السلام.
أخذت هذه الصورة في عام 2005 خلال الذكرى السنوية الثلاثون لسقوط سايغون. لقد دعتني كيم فوك لمرافقتها في الرحلة الوحيدة التي قامت بها إلى الفيتنام لزيارة قريتها التي لم ترها منذ فرارها إلى كندا, 22 سنة خلت.
كان هناك إخوتها الذين تركتهم صغارا و كانت كذلك بنات إخوتها التي لم ترهن من قبل, و كان أيضا ابنيها طوماس و ستيفان المولودين بكندا و اللذين رافقاها في هذه الرحلة.
قبل الغداء أخذتنا كيم إلى معبد كاو داي حيث كانت تختبئ بعض سكان القرية لتجنب القنابل.
التقينا بحارس لم يتذكر هذه الحادثة و برجل عجوز كان جارا قديما لكيم و الذي تذكرها جيدا. ثم ذهبنا لزيارة أحد أعمام كيم, الذي كان يمسك بيدها في سيارة الإسعاف التي أقلتها إلى المستشفى. قام من أرجوحته للترحيب بنا و الدموع تنهمر من عينيه. من حولنا كان الأطفال يلعبون و يمرحون دون أي ذكرى للحرب, لأنهم و لدوا بعد فترة طويلة من ذلك. بالنسبة لهم لم تكن الحرب سوى صدى بعيدا لفيلم يعرض على السياح.
عند الظهر اجتمعت كيم مع كل الناجين الذين يظهرون في الصورة التي التقطها نيك أوت, و وقف الجميع في نفس المكان الذي أخذت فيه الصورة الأصلية.
بعد ذلك دعوني إلى “إعادة تكوين” هذه اللحظة.

على اليمين “تين” ابنة عم كيم مع أخيها “بون” الذي يعمل كمزارع رز في القرية, و في اليسار شقيقه الأصغر “فيوك” و الذي عادة ما يدعونه ب “رقم 7”. لا ينقص إلا “تانه تام” الأخ الأكبر لكيم و الذي توفي منذ فترة قصيرة.
بينما كنت أعد الكاميرا بدأت المجموعة الصغيرة تبحث عن أفضل وضع للصورة التاريخية.
ان في هذا المشهد الذي أعيد تشكيله أمر مزعج بعض الشيء و لكن أيضا الكثير من العواطف.
أزيز الحرارة و الصوت الخافت لعجلات الدراجات المارة أخذت حيزا غير مناسب. أدار فوك رأسه ليلقي نظرة خلفه, تماما كما فعل قبل 33 سنة, و جاءت ابنة عم كيم من الخلف لتأخذ يد شقيقها.
كانت كيم تنظر أمامها , تتطلع في و جهي و تحدق في عدسة الكاميرا, رأت زوجها و ابنيها الذين يقفون خلفي, و قالت : “حار جدا ! حار جدا !” مكررة نفس الكلمات التي تفوهت بها من قبل, على نفس الطريق حيث أحرقت بالنابالم… صرخت ” نونج كوا ! نونج كوا ! ”
ولكن اليوم تريد أن تقول أن الشمس محرقة.
آن بايين – كاتبة و مصورة فوتوغرافية ( كندا) .

ترجمة بشير فورار

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.