تجربة أول كاميرا شمسية بنظام الغرفة المظلمة أو الصندوقى


ثم بدأ عام 1809 في رسم بورتريهات للنبلاء كان أشهرها بورتريه الماركيزه أنا على البحيرة وتميزت هذه المرحلة عند فرنيه بمزاوجة الوجه البشري مع الطبيعة ووضع الأعضاء البشرية في نسق متناغم مع خلفيات طبيعية وهذا ما أفضى به بعد ذلك للمرحلة اللاحقة وهي مرحلة البروأوريانتليزم ثم مرحلة الأوريانتليزم الخاصة وعلينا إذن أن نفند فكرة الأوريانتليزم عند فرنيه وهي فكرة فيها الكثير من العمق عند فنان المعارك الفرنسي فرنيه حيث يرى فرنيه أن أصل الشرق هو البادية ومن ثم رمال الصحراء وجمال نساء البادية وخشونة رجال البادية والتي تقترب كثيراً من فكرة الفرسان لدى الفن الغربي حيث يرى فرنيه في أعماله ذلك الفارس البدوي شديد الشجاعة والجرأة أيضا وعلى الرغم من سمرته المشوبة بشيء من العمق إلا أنها تطفي عليه الكثير من الوسامة والرقة أيضا ويبدو ذلك في لوحته الشهيرة ( حديث في البادية )





حيث يصور فرنيه مشهدا عربيا خالصا يصور لحظة رومانسية عبارة عن فارس عربي يحاول أن يتجاذب أطراف الحديث مع فتاة عربية يجللها الخفر والحياء فتخفي ببرقعها نصف وجهها ويظهر جمالها الأخاذ في تناسق مقاييس فرنيه الشديدة الدقة وهذا المشهد يجلله غموض واتساع الصحراء والبادية القفراء لكن فرنيه لا يستطيع أن يميز بين الخفر والسفور فعلى الرغم من أن البطلة خفراء تغطي وجهها إلا أنها تكشف عن جانب من صدرها البض الناعم لكن تظل اللوحة تحفة من تحف الأوريانتليزم.





( حديث في البادية )


تمكن المصور الفرنسى إميل فرنيه عام 1839 من التقاط صورة لـ “باب قصر حريم” وكان لهذه الصورة فعل السحر فى فرنسا لكونها خاصة بعالم المرأة الشرقية، الذى يتميز فى الغرب بالغموض والإثارة والجاذبية والرومانسية .





يُعتبر ما يُعرف بمدرسة الأوريانتليزم في الفن الغربي هو بالتحديد ما يقابل مسألة الاستشراق في الفكر الغربي أي أن الأوريانتليزم هو بعينه استشراق تشكيلي بكل ما تحمله الكلمه من معنى ولعل ما وقع فيه كبار المستشرقين من أخطاء في نقل الفكر الشرقي هو نفس الخطأ عند فناني الأوريانتليزم المشاهير مثل جوسبان وريكوريه وغيرهما فنحن مثلاً نرى الفنان الغربي الذي صور تابلوهاً مستوحى من موقف أو فكرة شرقية يجنح بشكل ظاهر إما أن يصور الشرق جنة فيحاء على غرار فكرة بلاد السمن والعسل أو يصورها برية قفراء متوحشة يسكنها رجال ملثمون وفرسان، وأحياناً تكون الحال كما عند المستشرقين نجد أن هناك نموذجا اختزاليا يسكن ذهن الفنان وهو نموذج الشرق في حكايات ألف ليلة وليلة وسواء جنح الفنان إلى هذا أو ذاك فقد ابتعد عن الحقيقة والواقع في كلتا الحالتين من هنا كان علينا أن نقول إن فناني الأوريانتليزم قاموا بتغذية عقول فناني الشرق بخيالهم عن الشرق وليس العكس.





فنان يُعتبر من كبار فناني مدرسة الأوريانتليزم وهو الفنان الكبير إيميل هوراس فرنيه الذي يطلق عليه النقاد ( فنان الصحراء والمعارك ) فلقد نجح فرنيه في موضوعين شديدي الأهمية في الفن التشكيلي أولهم موضوع البادية التي أبدع فرنيه فيها بشكل لم يسبقه إليه فنان آخر ما جعله مرجعية تشكيلية لكل من جاء بعده من الفنانين الذين شكل الشرق بالنسبة لهم موضوعا تشكيليا محضا وكان على رأسهم الألمانية ايميليا شومان التي اعتبرت فرنيه موديلا قياسا في الأوريانتليزم ولعلنا نستطيع أن نقول أيضا أن فرنيه كان امتدادا لمدرسة فنية نشأت وماتت في الظل على الرغم من أنها مدرسة أثرت الفن الذي يستلهم موضوعاته من الشرق وهي مدرسة فناني الحملة الفرنسية على مصر وهي مجموعة من الفنانين الذي جاؤوا في معية نابليون بونابرت على مصر وعاشوا فيها ثلاث سنوات وأكثر يقومون بتسجيل كل ما يرون في صورة لوحات تشكيلية كان ثمرتها جزء كبير من كتاب وصف مصر.





إذن نستطيع أن نعتبر فرنيه من دائرة رسامي الشرق المشاهير مع إضافة صفة أحبها هو، وهي أنه فنان المعارك الأكثر شهرة في عصره حيث تخصص فرنيه في تسجيل أحداث المعارك بالصور وكانت أشهر المعارك التي صورها معركة فلمي ومعركة مونتميريل ومعركة ألما من هنا كان يحب فرنيه أن يقول على نفسه ( أنا مصور التاريخ).





ولد إيميل جين هوراس فرنيه في 30 يونيو 1789 في باريس وكان والده هوراس فرنيه من الفنانين المعروفين بشهرته في فن البورتريه من هنا نشأ ايميل في بيئة فنية خصبة وعاصر في صباه أحداث الثورة الفرنسية المجيدة وتأثر بها ومن السهل أن نطلق عليه نتاج وهج الثوره الذي انطفأ سريعا وكانت والدته ريتا برنار من سيدات باريس الشهيرات وكان يحكى عنها أنها شديدة الجمال كما كان يحكي فرنيه أن والدته كانت تعطيه طباشير ملونة وتشجعه على الرسم على الحوائط ثم بعد ذلك ذهب ايميل فرنيه ليلتحق بمدرسة الفنون الجميلة في باريس وهناك درس على أيدي العديد من العظماء أمثال لوشاتيه وبجمون .







وما يميز فرنيه عن غيره هو خياله الشديد القوة الذي يظهر لنا وكأنه عاش في البادية فترة من الزمان على الرغم من أنه لم يزرها قط .





ظلت قضية المعارك تشغل فرنيه حتى في الموضوعات غير الحقيقية حيث صور أيضا المعارك في البادية وتخيلها.





يعتبر فرنيه من طليعة الفنانين الفرنسيين الذين مثلوا أيضا موضوعات ميتافيزيقية متميزة حيث تخيل لحظة الموت في لوحته الرائعة ملك الموت وأيضا لوحته الشهيرة الأميرة والببغان التي تمثل ثوره في دنيا اللوحات التي تصور حدوتة شعبية .





عاش فرنيه معظم حياته في باريس وتوفي بها عام 1863 ونعاه الشعراء والأدباء والفنانون وكان على رأسهم الشاعر الكبير شارل بودلير الذي قال عنه ( فلتحزن باريس وتتشح بالسواد لقد رحل رجل اللون والخيال فرنيه رحل الرجل الذي جعل خيول الصحراء تتقافز بين أصابعنا.. فلتحزن باريس ).

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.