مدينة جدة عام 1814

في 15 يوليو/تموز 1814 وصل الرحالة لويس بوركهارت إلى مدينة جدة.
ويصف الرحالة المدينة بقوله «تعتبر جدة أفضل مدينة زرتها في مثل هذا الحجم، فشوارعها غير مبلطة، لكنها فسيحة، المنازل عالية وكلها مبنية من حجارة مجلوبة بغالبيتها من شاطئ البحر، كل بيت تقريباً مبني من دورين بنوافذ كثيرة وصغيرة، ومصاريع متحركة من الخشب، ولبعض هذه البيوت نوافذ منحنية كالقوس. والمياه في جدة غير كافية للاستهلاك، والكثير من مياه الشرب يسحب من آبار على مسافة ميل ونصف الميل إلى الجنوب، والمدينة خالية من أية حدائق أو بنايات من أي نوع باستثناء بعض أشجار النخيل، ويوجه معظم سكان جدة اهتمامهم نحو التجارة، ولجدة من ناحية البر بوابتان: باب مكة للجهة الشرقية، وباب المدينة المنورة للشمال، ووراء باب مكة عدة أكواخ تمر بينها الطريق إلى مكة، وهذه الأكواخ يسكنها الجمّالون الذين يتنقلون بين مكة وجدة، وهنا تقام سوق الماشية والحطب والفحم والفاكهة والخضار بالجملة، وتباع القهوة في أكشاك كثيرة في هذا المكان، وسكان جدة أغراب كلياً تقريباً، وأكثرهم من حضرموت واليمن، وهناك ما يزيد على مئة عائلة هندية إضافة إلى أناس من الملايو ومسقط، ويمكن تمييز المهاجرين من مصر وسوريا وشمال إفريقيا وتركيا ويعيش هؤلاء ويلبسون وفقاً للطريقة العربية، ويستثنى فقط الهنود من حيث العادات والملابس والعمل، ويعود اختلاط الأعراق في جدة إلى الحج، فأثناء هذا الموسم يزور التجار الأثرياء الحجاز ومعهم بضاعتهم، وإذا ما عجز بعضهم عن تسديد حساباتهم، ظلوا هناك حتى السنة التالية، ويكاد جميع أهل جدة تقريباً يعملون بالتجارة، والتجارة هنا تسير بسهولة وبأرباح كبيرة وباحتيال أقل من أي مكان شهدته في الشرق، ويمكن تقسيم تجارة جدة إلى فرعين هما تجارة البن والتجارة الهندية، ولهما معاً علاقة بالتجارة المصرية وفي سوريا ومصر لا بد من العمل لبضعة أيام وانشغال ثلاثة سماسرة أو أربعة لعقد صفقة بين تاجرين بقيمة ألف دولار، أما في جدة، فإن المبيعات والمشتريات تتناول حمولات السفن بكاملها خلال نصف ساعة.

374

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.