مهرجان أقراص الجُبن الإنجليزي:أغرب التقاليد
محمد كريم

يجتمع آلاف الأشخاص في السبت الأخير من شهر مايو/ أيار من كل عام، في منطقة “كوبرهيل” قرب مدينة جلوشستر الإنجليزية، من أجل إحياء مهرجانهم السنوي العريق “دحرجة أقراص الجبن”. حيث تبدأ جموع المشاركين في مطاردة أقراص الجبن التي يتم إلقاؤها من ارتفاع 295 قدماً. في بداية الأمر، كان المهرجان مناسبة خاصة بالريف الإنجليزي حيث يحييها أهالي قرية “بروكورث”، ولكنّه، الآن، أصبح حدثاً عالميّاً يتضمن مسابقات جماهيرية مفتوحة ومشهورة، يأتي إليها المتسابقون من جميع الأنحاء، وتحتفي بها الصحف ووسائل الإعلام. وبفضل وسائل الإعلام، تزداد شعبية هذا الحدث عاماً بعد عام، وصار يستثمر سياحياً لجلب المتسابقين والمشاهدين للمشاركة والاستمتاع.
يعود أصل هذه المنافسة إلى أوائل القرن الثامن عشر، ويُعتقد أن جذورها تعود إلى عصر الرومان، وترتبط بالربيع والاحتفال بالخصوبة. ويقال إنّ البدايات القديمة كانت احتفالات للسكان المحليين، عن طريق دحرجة كرات من القش المشتعلة من أعلى التلال، إعلاناً ببداية موسم الربيع وانتهاء الشتاء. المسابقة الرئيسية في المهرجان، تقوم على فكرة دحرجة أقراص مستديرة من جبن “جلوشستر” المعروف، والتي تزن 9 أرطال. حيث يبدأ المتسابقون بالعدو نزولاً من فوق التل خلف كرات الجبن، وأول شخص يعبر خط النهاية يفوز بقرص الجبن. والمفترض نظرياً، أن هدف المتسابقين هو اللحاق بالجبن، لكن، الحقيقة، أنه بعد لحظة واحدة من بداية السباق، تصل سرعة قرص الجبن المتدحرج إلى حوالى 112 كم/ساعة. وفي العادة، يؤدّي ذلك إلى إصابات مختلفة للمتسابقين والمراقبين. ولذلك، أجري تعديل في القواعد سنة 2013، واستبدلت أقراص الجبن بأقراص من الفوم، من أجل سلامة الجميع. كما أنّه يتمّ إعطاء الفائز جائزة حقيقية بدلاً من قرص الجبن. في العشرين عاماً الماضية، تقريباً، أصبح المهرجان يُقام سنويّاً بانتظام. ويعقد هذا العام يوم 27 مايو/أيار، ويحضر فعالياته آلاف الناس لمشاهدة عشرات المتسابقين. قواعد السلامة بالمهرجان لا تحمي نهائياً من المخاطر. فالمسابقات قصيرة ومكثّفة وليست لأصحاب القلوب الضعيفة، وليست المشاركة فيها معقدة، بل فقط عليك أن تتواجد في المكان يوم المهرجان، وتنخرط في العمل وسط الجموع. لا توجد رسوم للمشاركة ولا أوراق لتملأها. تتكون الفعاليات من خمس سباقات، أربعة للرجال والخامس للنساء. ولكن، أثناء السباقات تتعدَّد الحوادث، وتنتج عن بعضها كسور عظميَّة، وكدمات متفرِّقة في أنحاء الجسم، وخلع بالأكتاف، وارتجاجات بالمخ أحياناً، وتمزيق بالملابس، وخدوش وجروح. في عام 2011، جرت محاولة رسميّة لتعديل السباق بسبب المخاطر التي يتعرض لها المتسابقون، فأعلن المنظّمون أنه سيقام على يومين، وليس على مدار يوم واحد فقط، وسيتمُّ فرض رسم دخول لتغطية تكاليف إدارة حشود الحاضرين، ووضع أمن وأسوار لمنع الحضور من دخول مضمار السباق. لكن، هذه المحاولة أدَّت إلى اشتعال أحداث عنف اعتراضاً على تلك الإجراءات. وقد أدَّى ذلك إلى إلغاء المسابقة رسميّاً في تلك السنة. لكن مئات من الناس تجمعوا في المكان، وقاموا بدحرجة أقراص الجبن، وأقاموا المسابقة من جديد على الطريقة البدائية المعروفة للجميع، وأحيوها انتصاراً لهذا التقليد الموروث منذ العصر الروماني.

349

سباق الجبن

وأول متسابق يقطع مسافة 200 ياردة هبوطاً ويصل لأسفل التلة يفوز بالجبنة الكروية.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.