صورة لفلسطينيات بالثوب التراثي التقطتها عدسة اسامة السلوادي («السفير»)

أبوظبي ـ “راي اليوم” ـ فاطمة عطفة:

وفي لقاء مع الفنان أسامة قال: “لقد عملت على تطوير هذه الهواية الفنية بتسجيل مفردات الحياة اليومية في لقطات، ثم أخذت أركز تصويري على تفاصيل الموروث الثقافي الفلسطيني وعاداته وتقاليده وأشكاله في الريف والمدينة، بما في ذلك المأكولات وتعدد ألوان الطعام الخاصة في فلسطين التي تختلف وتتنوع من فصل إلى آخر، حسب المواسم التي تجود بها أرضنا الفلسطينية الطيبة”.

وأشار أسامة في حديثه إلى أهمية المواسم والمناسبات الريفية الجميلة التي التقطتها عدسته، سواء بالأفراح والأعياد أو بصور المعالم التاريخية التي تحفل بها مدن فلسطين، وأضاف مؤكدا: “عندما كنت أزور  هذه المواقع الأثرية بأبنيتها القديمة أشعر بأن أطياف سكانيها الراحلين ما زالت موجودة فيها”.

وأوضح أسامة أنه في بدايات عمله كان ينشر صوره في كتب مصورة حتى يتمكن الأطفال من معرفة تاريخ بلادهم من خلال هذه الصور. وقد أبدى الفنان مخاوفه من اندثار كل ما هو جميل في فلسطين بسبب التدمير والتزوير الذي تقوم به قوات الاحتلال في بلاده. وانطلاقا من هذا الخوف ولدت فكرة مشروعه الجديد “ملكات الحرير”، بعد أن شاهد في أحد عروض الأزياء عارضة “إسرائيلية” تختال أمام الحضور بالزي الفلسطيني التقليدي وكأنه ملك لها. من وقتها قرر أن يتحدى هذا التزوير بأن يستخدم الصورة، وهو السلاح الإعلامي الأخطر والأسرع في الوقت الحاضر. وأضاف السلوادي موضحا: “إذا كان العدو يستخدم تراثنا بالسرقة والتزوير، فلماذا لا نستخدمه نحن في حقيقته التاريخية الماثلة أمامنا؟ وبذلك نحافظ عليه ونحميه للأجيال القادمة”.

ولأن فن الصورة هو السائد في إبداع السوادي، نسأله عن الرسم بالفرشاة والألوان، يوضح قائلا: “أتعامل مع التصوير كفن بصري، أرسم بالضوء، أستخدم تقنيات الضوء لرسم لوحات فوتوغرافية”.  ويضيف: “التصوير هو فن لا يقل أهمية عن أي فن آخر من الفنون التشكيلية أو الفنون الأخرى،  لكن لم يحصل أن رسمت بالريشة”.

وحول مشاركات الفنان في مسابقات التصوير التي تنظم في أكثر من مكان يشير موضحا: “أشعر في بعض الأحيان أنني غير مقتنع بلجان التحكيم التي تشرف على هذه الجوائز، وأحيانا أشعر أن المسبقات هذه تبحث عن العمل الإخباري أكثر من بحثها عن صورة إنسانية. ولكن هذا لا ينفي أن هناك مسابقات مهمة وجيدة، وأنا لا مانع عندي بأن أشارك في “آرت فوتو” لأني واثق في سير عملية التحكيم فيها”.

وعن المؤسسات الرسمية داخل فلسطين واهتمامها بالفن وبما يقدم من أعمال وتوثيق للتراث، يقول: “للأسف، هذا موضوع جارح ويترك غصة في القلب. من المؤلم أن مؤسساتنا تتذكر الواحد بعد موته! وحتى بمجرد شهادة أو ميدالية هم لا يعملون على تكريم الفنان بها، على أنه ليس تكريما لذاته، وأنا لا أبحث عن تكريم شخصي لكن تكريم الفنان هو تكريم للفن نفسه، وتكريم للتراث. وفن التصوير أصبح عالميا، ولا يجب أن نبقى نحن نلحق العالم ومستهلكين لما ينتج فيه، بل علينا أن نلحق بهذا الركب”. ويتابع أسامة مذكرا أن الشخص الذي اخترع العدسات وعلم التصوير هو الحسن بن الهيثم، ويقول موضحا: “هذا المعرض “ملكات الحرير”، وغيره من المعارض، هو جهد شخصي وإنتاج عربي. لكن للأسف لم نصل إلى ما وصل له العالم من ثقافة الصورة الفوتوغرافية”.

ونسأل الفنان بما أنه يعمل على توثيق الموروث الفلسطيني بما فيه المقروء والمرئي والمسموع، وكانت وفاة مطرب فلسطين أبوعرب حدثا جديدا، يؤكد المصور أسامة: “هذا همي أن أصل إلى جمع هذا التراث والثقافة، خاصة أننا في عالم متسارع، والناس التي ما زالت محافظة بلباسها وتتذكر الأغاني التي كان يغنيها أبو عرب وغيره، ومن هم ما زالو حافظين التراث في صدورهم وعقولهم، وأنا مهموم جدا للحفاظ وتسجيل هذا التراث قدر ما أمكن”.

الفنان يركز في أكثر أعماله المصورة التي عرضت في لوحات فنية على المرأة الفلسطينية سواء الثوب أو المجوهرات، وحول ذلك يقول فيها: “المرأة الفلسطينية ساهمت بشكل أساسي بكل ما يخص النضال الوطني والحياة الفلسطينية، ولم تكن حبيسة المنزل، بل جاهدت جنبا إلى جنب مع المقاتلين من ثورة البراق سنة الـ 29 إلى الثورة المعاصرة، وهي تقف جنبا إلى جنب مع الرجل في كل مراحل النضال الفلسطيني، لذلك عملت كتاب بعنوان: “المرأة الفلسطينية عطاء وإبداع″ وحاليا أعمل على كتاب جديدعن النساء الفلسطينيات المميزات”.

 ونشكر الفنان أسامة بأنه خص “رأي اليوم” بخبر عن عملي في أن يبقى محمود درويش مع شعره وصورته بيننا، يقول: “أخصكم بهذا الخبر لأول مرة: “لقد اشتغلت كتابا كاملا عن مسيرة محمود درويش اسمه: “سيرة محمود درويش المصورة” حيث انتهينا من جمع الصور والتصميم، وقريبا سوف ينزل إلى المطبعة”.

 وتجدر الأشارة إلى أن الفنان سوف يعمل على توثيق الأغاني والأهازيج الشعبية الفلسطينية، إضافة إلى تنوع الملابس وفن تطريزها من منطقة إلى أخرى، والأهم أنه سوف يقوم بتصوير جميع أنواع الطيور التي تعيش في فلسطين مبينا أن عددها لا يقل عن 140 نوعا، وتوثيق صور هذه الطيور لن يكون أقل أهمية من توثيق الملابس والمأكولات وطراز العمارة وأنواع الأشجار والأزهار في فلسطين.

وكان السلوادي، الذي ولد في رام الله عام 1973، قد بدأ حياته المهنية قبل عشرين عاماً، أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث واجه الكثير من الصعوبات والمخاطر التي تواجه كل من يعمل في التصوير الصحفي في مناطق الأحداث. في التاسعة عشرة من عمره بدأ العمل مع العديد من المؤسسات الصحفية المحلية، ثم انتقل إلى العمل مع وكالة الصحافة الفرنسية لمدة أربع سنوات، ومنها إلى العمل مع وكالة «رويترز» العالمية لمدة تجاوزت السنوات الخمس، ومن ثم كمصور رئيسي في الأراضي الفلسطينية لمصلحة وكالة جاما الفرنسية وفي عام 2004، أسس وكالة «أبولو» وهي أول وكالة تصوير فلسطينية، وفي عام 2009 أسس مجلة “وميض” ورأس تحريرها، وبالإضافة إلى التصوير الإخباري عمل أسامة على توثيق الحياة اليومية.

 

 

مصوّر فلسطيني مُقعد.. يحمي تراث فلسطين
أمجد سمحان
بعدسة كاميرته، ومن فوق كرسي مدولب، يتحدى المصور الفلسطيني المقعد أسامة السلوادي الاحتلال، ساعياً لحماية التراث الفلسطيني الذي تسرقه إسرائيل رويداً رويداً. يحاول من خلال سلسلة أعمال فنية تشمل فلسطين التاريخية، طبع كتب على نفقته الخاصة تجسّد هوية الإرث الثقافي الفلسطيني في صور يمزج فيها بين الفن والسياسة. آخر أعمال السلوادي كان إطلاقه قبل أسبوع كتاب “ملكات حرير”، حاول من خلاله إحياء الثوب الفلسطيني المطرز بالحرير على القماش بالألوان المختلفة، حيث تمكّن من التقاط صور لفتيات فلسطينيات يرتدين…

   

  إطلاق كتاب ملكات الحرير للصحفي أسامة السلوادي

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.