تكبير الصورة

“جلال زيدان”.. حوت السباحة السورية

“جلال زيدان” رفع علم سورية أكثر من /35/ مرة

بلال سليطين

السبت 09 تشرين الثاني 2013

تعلم السباح البطل “جلال زيدان” طفلاً كمعظم أهالي الساحل السوري، وعندما أتيحت له مشاهدة عرض فيلم “طرزان” التقط منه الحركات النظامية للسباحة لينطلق منها ويبدأ مسيرة تعلم فنونها دون مدرب.

استطاع “زيدان” إتقان أصول السباحة بسرعة قياسية وعلمها لمعظم أفراد عائلته التي تقول: إن الفضل يعود إليه بالدرجة الأولى في توجه العائلة نحو السباحة وإتقانها، ويعلق السباح السوري البطل “صلاح زيدان” قائلاً: «إنه حوت السباحة السورية الذي استطاع أن يكون القدوة الرياضية لعائلته وحولها إلى عائلة رياضية قدمت للسباحة السورية عشرات السباحين والأبطال».

وعندما تلتقي “زيدان” فإن أول ما يحدثك عنه إنجازاته وذكرياته مع السباحة السورية ويفاخر قائلاً: «أنا أول سوري يمثل وطنه في السباحة عالمياً من خلال المهرجان العالمي للشبيبة عام /1957/، وقد حققت حينها المركز الخامس وحملت العلم وتجولت به بين الجماهير».

كان أول سباق شارك فيه عام /1952/، عندما سافر إلى “حلب”

 

تكبير الصورة
البطل “جلال زيدان”

مع رفاقه للمشاركة في سباق المسبح البلدي بين سباحي “لبنان وسورية”، وقد قال عن ذلك السباق: «لقد استدنّا من معارفنا وأهالي الحي ثمن تذكرة السفر وسافرنا /10/ سباحين من “اللاذقية” واستطعنا تحقيق المراكز الأولى في السباق».

في عام /1955/ شكل مع رفاقه فريقاً للسباحة في نادي “الساحل”، وفي عام /1956/ أصبح سباحاً رسمياً، بعدها بعام واحد شارك في الدورة العربية الثالثة، وكانت “سورية” حينها تشارك للمرة الأولى في هذه الدورة وقد تم تصنيفه بين السباحين العشرة الأوائل للسباق.

وأشار “زيدان” إلى أن نتيجته الإيجابية في البطولة العربية دفعت الحكومة المركزية في “مصر” إلى دعوته للانضمام إلى منتخب الجمهورية العربية المتحدة آنذاك، حيث شارك في دورة “البحر الأبيض المتوسط” عام /1959/ وحصل على المركز الرابع كأول سباح عربي يحصل على هذا المركز في سباق /1500/ متر، حسب قوله.

بطل “سورية” لـ/20/ عاماً كان يتدرب وحيداً على شواطئ “اللاذقية” دون مدرب أو معين له، وهو يعلق على ذلك قائلاً: «كان لدي دافع وطني وشخصي إلى السباحة تستطيع وصفه بالعشق، فأنا كالطفل الذي يعشق أمه البحر.

صحيح أن غياب المدرب كان له أثر علينا لكننا استطعنا تجاوز هذا الأثر بالعزيمة والإصرار والانتماء إلى اللعبة فكرياً وروحياً، وأذكر من السباحين آنذاك: “منير ديب العلي، محمد زيتون، تيسير حموي، مصطفى زين العابدين، محمد السوسي”».

“زيدان” الذي رفع علم “سورية” /30/ مرة في البطولات الخارجية، تحدث لمدونة وطن “eSyria” في 22/10/2013 عن إنجازاته ومشاركاته الخارجية قائلاً: «في عام /1961/ اخترت كأول سباح في الجمهورية العربية المتحدة للمشاركة في الدورة العربية الخامسة، وحصلت على أول ميدالية ذهبية في سباق /1500/ متر حرة على المستوى العربي، وبعد عامين دعيت إلى المشاركة في الدورة الأفريقية الآسيوية “جاكرتا” وفيها حصلت على المركز الرابع في سباقي /400/ و/1500/م، ومن ثم عدت إلى المشاركة في السباقات الطويلة جداً في “مصر” وحصلت على ذهبية سباق الإسكندرية /40/ كم على مستوى الهواة».

يعتبر “زيدان” سباق “الأرجنتين” الدولي من أهم السباقات التي شارك فيها وأغلاها على قلبه وقد تحدث عنه قائلاً: «في أول دعوة لي إلى “الأرجنتين” عام /1965/ شاركت

في /4/ سباقات، وحصلت على المركز الأول على مستوى الهواة في سباق /63/ كم، وفي سباق السرعة نلت المركز الثاني على مستوى المحترفين وحصلت على جائزة مالية كبيرة جداً تبرعت فيها إلى مشفى “شلل الأطفال” في المدينة التي تسكنها الأغلبية من الجالية العربية، وفي السباقين المتبقيين نلت المركز الرابع في /88/كم، والثالث في سباق /33/كم محترفين وهواة».

وفي العام الذي يليه عاد البطل السوري إلى “الأرجنيتن” وحقق نفس المراكز، ومن “الأرجنيتن” طار إلى “إيطاليا”، ونال المركز الأول هناك في سباق الهواة والمحترفيين.

عام /1969/ كان العام السعيد بالنسبة إليه، وقال عن ذلك: «تعرفت في هذا العام على صديقي السباح البطل “مروان صالح” وتدربنا معاً لمدة /3/ أشهر قبل أن نسافر إلى بطولة العالم ونحرز المركزين الأول والثاني في سابقة عربية تاريخية، واستطعنا رفع العلم السوري معاً في سماء مدينة “نابولي” الإيطالية».

وأضاف: «في نفس العام سافرنا معاً إلى “كندا” وشاركنا في سباق المسافات الطويلة في المياه الباردة وحققنا المركزين الثاني والثالث، وعندما عدنا إلى “سورية” استقبلنا رئيس الجمهورية وكرمنا على ما أنجزناه».

لم يغادر “زيدان” ميادين السباحة كسباح حتى بلغ الثامنة والثلاثين من عمره حينها شارك في البطولة العربية في “دمشق” ونال المركز الثاني في سباقي /400/ و/1500/م، والمركز الثالث في سباق /200/م، ليتحول بعدها إلى مدرب للسباحة.

بطل السباحة أصبح بطل التدريب أيضاً فقد خرج عشرات السباحين، وبدأ مسيرته التدريبية مع أفراد أسرته الذين علمهم جميعاً السباحة وكانوا أبطالاً على مستوى “سورية”، ووصل عددهم إلى /55/ لاعباً ولاعبة نذكر منهم: “مي، رميلة، تغريد، ناصر، حسين، محمد، خالد، كمال، هنادي، غيداء، وأحمد زيدان”.

أهم إنجازاته كمدرب كانت مع البطل “أدهم زيدان” صاحب الأرقام القياسية في سباقات /50، 100، 200/ متر حرة وسرعة، وحالياً مع البطل الشاب “صلاح زيدان”.

غذاء السباح السوري الشهير كان “التين” و”السيوا” (التمر)، إضافة إلى زيت الزيتون، وعن ذلك قال: «لم يكن لدينا نظام غذائي معين نعتمد عليه إنما كنا نتغذى من منتجات بيئتنا البسيطة».

يعتبر “زيدان” بطلاً قومياً لـ”سورية” في رياضة السباحة، هكذا قال رئيس اللجنة الرئيسية العليا للمدربين في الاتحاد

تكبير الصورة
مع البطل “أحمد زيدان”

العربي السوري للسباحة “محمد جعفر”: «إنه “الحوت” كما اعتدنا مناداته خلال مسيرته الرياضية، أراه بطلاً قومياً أحب الرياضة وتمرس في معشوقته السباحة. في طفولتنا تربينا على الاستمتاع بقصص إنجازاته وبطولاته على المستوى الوطني والعالمي، فقد مثل “سورية” في العديد من المحافل الدولية ورفع العلم السوري أكثر من مرة، ورفع رأسنا عالياً مخلداً اسمه مع الأبطال ومسطراً اسم “سورية” على قمم الجبال، كما شاهدناه مدرباً للأبطال إذ خرّج العديد من السباحين الذين تفخر “سورية” بهم».

وأضاف “جعفر” متحدثاً عن موقف صادفه في “مصر” متعلق بالبطل “جلال زيدان”: «خلال وجودي في “مصر” لنيل درجة الدكتوراه في جامعة “حلوان” هذا العام /2013/، دخل علي بروفيسور قسم تدريب السباحة الدكتور “محمود حسن” وسألني هل تعرف البطل “جلال زيدن”؟ فأجبته: نعم إنه بطل قومي وشيخ مدربي السباحة في “سورية”، فقال لي: (لقد كنا نتنافس على الميدالية الذهبية لسباق /1500/م، حرة في بطولة الجمهورية العربية المتحدة عام /1960/، وفي معظم السباقات أيضاً، لكن هذا السباق كان الأميز)، فهو ذو هيبة كبيرة على منصات البداية باسمه الكبير في السباقات القصيرة والطويلة، وهو أخ عزيز وصديق قديم أكن له الكثير من الحب والتقدير».

فيما قال عنه السباح السوري البطل “أحمد زيدان”: «إنه أكثر شخص يمثل معاني الوطنية وحب الوطن والبذل والتضحية في سبيله، كان في مسيرته الرياضية كالجندي الذي يحمل السلاح ليدافع عن الوطن ويرفع علم بلاده، كالعالم والمهندس والطبيب والفلاح والعامل الذي يضحي في سبيل بناء الوطن ورفعته، فقد فعل ذلك من خلال الرياضة حيث رفع علم “سورية” في معظم دول العالم وأخبر عن “سورية” والسوريين سكان بلادٍ لم يسمعوا اسم “سورية” سابقاً، فتحول إلى خير سفير لـ”سورية” من خلال الرياضة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. منح خبرته الرياضية لجميع من طلبها، ودرب كل من قصده، كان بطل زمن الهواية والسباحة من أجل السباحة لا من أجل المال، وسيبقى رمزاً سورياً لا يمكن لأحد أن ينكر فضله وموقعه».

جدير بالذكر أنه إضافة إلى كم الإنجازات الهائل التي حققها “زيدان” فهو بطل “سورية” من عام /1958/ إلى عام /1976/ بلا منازع في سباق المسافات القصيرة مثل: /50، 100، 200، 400، 800، 1500/ متر، وهو حائز على العديد من البطولات الأخرى غير تلك التي ذكرناها.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.