برنامج جمع صناعات الشعوب في صيغة تمزج التراث والمعاصرة
درب توابل الشارقة تبعث الحياة في طريق حرير العالم
المصدر: الشارقة – رفعت أبو عساف

مشغولات وسلع متنوعة في السوق تمثل حضارات عديدة    البيان

تجربة تسوق فريدة نختبرها ونحن نجول في أركان «درب التوابل» ضمن «رمضان الشارقة»، فمن كل زاوية أو واجهة تطل حكاية مسبوكة بمفردات وصور، أودعت ضمن قوالب منتجات وسلع تشكل بمجملها مزيج ثقافة بنكهة بانورامية عالمية.

وعند كل محطة.. ومع أي سؤال واستكشاف لنا حول أي منها، نجد انفسنا نسافر، وبفعل تأثيرات شتى صنوف المنتجات المعروضة في جنبات دكاكين تتوشح بأردية التاريخ وتكتسي بحلل الأزمان القديمة، إلى أماكن قصية.. وكذا إلى أخرى قريبة، فنتشمم عبق الماضي وسير لقاء الحضارات وعناقها عبر مدائن الشرق وحواضره. وربما أننا نتبين من جديد في هذه الأجواء، مدى السحر الذي كان لطريق الحرير.

حلة بهية

تظهر السوق في حلة بهية تكللها تنويعات اللون البُني الطاغي في أركان تصاميمها المحاكية جملة تصاميم هي لأسواق تاريخية مشهورة في المنطقة، مثل سوق الحميدية في سوريا..

وغيرها الكثير. ولافت أنه تحظى هذه الفعالية في المهرجان، بشعبية كبيرة، تمكنها من ان تفرز ملمحا عنوانه حيوية الثقافة في ممارساتها وتجلياتها العملية الحياتية واليومية، من خلال بضائع تختزن في تلافيفها قصص وسمات شعوب كثيرة.

مشغولات وعراقة

لا تفارقك في الزيارة إلى « درب التوابل»، معالم وذكريات الأسواق التقليدية العريقة بطابعها الاسلامي، ومع كل سلعة بامكانك أن تقرأ وتعي خبايا حكاية جميلة ومفردة ما تخص موروث أمة محددة. فهنا ترى أكلة شرقية عربية، وفي محاذاتها نظيرتها الصينية، بينما تقبع مقابلهما بضائع ومنسوجات ومشغولات تنبئك عن حقيقة عراقة الشام( دمشق) في صنع أروع وأرفع المطرزات.

وفي تلك الاثناء ومع أية التفاتة، لن يغيب عن ناظريك نوع معروف من السلع الشرقية القادمة من مصدرها الاصل، ففي جنبات «الدرب» وأجنحته، تقابلك أدوات ومواد الزينة والحلي والمصاغ، وحتى البهارات بروائحها المتباينة، وهي جميعا، تحمل بصمات أنامل صناع هم سليلو حضارات أصيلة اشتهرت وبرّزت في هذا الحقل التصنيعي او الحرفي.

وفي العموم، تهديك دكاكين «درب التوابل» وأرجاؤه، بطاقة سفر مجانية، ذهبية، لترتحل إلى عمق التاريخ على أجنحة الترفيه والنكهات والذائقة الجمالية، فتختبر ما غاب من سير وما خفي من روائع غمرتها يوميات الأمكنة فحفظتها في خيوط وثنايا صناعات ومشغولات لم يفلح تقادم الزمن في خطف روح بريقها . وهكذا فإنها تأخذك بسحرها لتقرأ في بعض من تفاصيل الماضي.. ولتدرك مدى وزخم لذة التسوق والطعام بينما هو متشرب روح التراث والتنوع الخلاق .

بين الماضي والحاضر

للمنتجات والسلع العصرية حضور في «الدرب»، وتستقطب الاهتمام كما نظيرتها التراثية. ونرى في هذا القبيل، منتجات لنوع سلعة واحدة، منها التراثي والاخر العصري. ومن بين ذلك: المفروشات والاغطية والزجاجيات والاقمشة والانتيكات والاعشاب ومستحضرات التجميل. وأما الركن الخاص بالاطعمة فيحتوي وجبات تعكس ثقافة الطعام في الدول شتى.

وتتوافر السوق أيضا، على الفضيات والعطورات والأبخرة والتحف. وفيها أيضا، ما تحتاجه المرأة من مستلزمات أثاث وعمل منزلي، مصنوعة في دول آسيوية وعالمية لها مكانة تاريخية مهمة في هذا المجال الحرفي.

كذلك يشتمل «درب التوابل» على مجموعة أنشطة، منها: عروض الطهي، المطبخ العربي، مطبخ الأطفال، معرض اللوازم المنزلية، سيدة المطبخ.. مسابقة للسيدات، عروض تزيين يومية للسيدات.

الأغباني الدمشقي

يؤكد الحرفي الدمشقي، فارس الخطيب( سوريا)، أحد التجار المشاركين في «درب التوابل»، ان هذا النشاط بالغ التاثير والقيمة. ويضيف : « تشكل هذه الفعالية فرصة مهمة لتعريف وتثقيف الجمهور حول تاريخ السلع التراثية وطبيعة ارتباطاتها بفكر وتجارب الشعوب.

إنها فعليا حقل خصب أمام التجار وعامة الناس، يفيدهم في الاطلاع على المنتجات العالمية بكافة صنوفها ومصادرها ». ويشرح فارس طبيعة عمله في «الشرقيات»، المستوردة من سوريا حصريا: « أنا متخصص في صناعة الموزاييك الدمشقي الذي لا يُنتج إلا في دمشق: ( الأغباني الدمشقي) و(الداماسكو). ولاحظت في هذه السوق، أن الجمهور يُقبل بشكل كبير للاستفسار والتعرف والاطلاع على هذه البضائع.

ولكن أتمنى على إدارة المهرجان في دورات وفعاليات قادمة، أن تكون الرسوم المفروضة على التجار والحرفيين المشاركين، أقل، غاية استقطاب مشاركات اوسع.. ليُفسح لهم هامشا جيدا للربح، خاصة وأن الهدف الاول لمثل هذه البرامج، التعريف بثقافة المنتج والصناعات لدى الدول عامة، طبعا دون أن ننتقص هنا من الجانب التسويقي والتجاري».

حِرف إماراتية

تبرز في البرنامج، مشاركات مهمة، لمؤسسات وطنية خيرية ومتخصصة في حقل العمل الانساني، معروفة إقليميا وعالميا.

إذ تعرض منتجاتها للزوار، مقدمة نماذج صناعات عصرية وتراثية، على مستوى عال من التميز، ويأتي على رأس تلك الجهات، مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، التي تقدم في أجنحتها العديدة، مجموعات ملابس وتحفا وأبخرة وعطورات، تعكس ثقافة المكان وتجسد جماليات الحِرف الاماراتية.

 

 

  

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.