1-54

الدراما السورية لعام 2016 … «نبتدي منين الحكاية» مقولات مكررة وأداء متكلف.. «بقعة ضوء» استسهال في الإخراج والنصوص

أسدل الستار على الموسم الدرامي الرمضاني لعام 2016 بعرض 24 مسلسلاً سورياً عبر الشاشات المحلية والعربية، وإن نجحت الدراما السورية على صعيد الكم فإنها وقعت في كثير من الأخطاء على صعيد النوع.
قليلة هي الأعمال التي شكلت صدى إيجابياً عبر أروقة مواقع التواصل الاجتماعي، وكثيرة هي التحفظات التي شابت عدداً من الأعمال الأخرى، وبخاصة الكوميدية منها والشامية.
الكوميديا التي أصبحت بحاجة ملحة إلى إعادة ترتيب الأوراق لم تكن بأحسن حالاتها، بل باتت في مأزق وبحاجة إلى حل جذري وسريع.
«الوطن» تصطحبكم إلى تفاصيل بعض المسلسلات بالسطور التالية:

قديم يعاد
لا شيء جديداً وإنما قديم يعاد، هكذا يعيد الكاتب فادي قوشقجي نفسه بالأفكار ذاتها ويحوم حول الموضوع الذي يركز عليه في معظم أعماله (وخاصة الأخيرة) ألا وهو الحب، حتى حواراته باتت متشابهة إلى حد كبير.
وتدخل شخصيات في العمل الذي أخرجه سيف الدين سبيعي من دون أي مسوّغ درامي، هدفها الوحيد ملء الوقت.
ولا يثير العمل شهية المشاهد على الحياة والحب كما روج القائمون عليه، ربما على العكس تماماً، وخاصة أننا لم نشاهد إلا فصلاً جديداً من حوارات ممتدة يشوبها تكرار المقولات ذاتها وبأداء متكلف، لبطلين لم يكونا مقنعين كحبيبين بالشكل ولا حتى بالمضمون.
ورغم محاولاته، إلا أن النص لم ينجح في إسقاط العلاقات الإنسانية والرومانسية على الواقع السوري وعلاقة الإنسان بالمكان وتعلقه بالوطن رغم الظروف الصعبة، فجاء تناول الموضوع سطحياً ومن دون تعمق.
وغلب على الحلقات الصراعات والشجارات التي لا طائل منها سوى أنها أكسبت المخرج مدة زمنية لإطالة عمر المسلسل الاجتماعي من دون فائدة أو مغزى لدرجة زادت عن الحد بكثير.
أدى أدوار البطولة فيه كل من: غسان مسعود، وسلافة معمار، ووفاء موصللي، وجرجس جبارة، وجلال شموط، ومحسن غازي، ويحيى بيازي، وسامر عمران، وهيا مرعشلي، ومحمد قنوع، وجفرا يونس، وإيمان خضور، ورامز عطا الله، وروبين عيسى، ورشا بلال، وفاتح سلمان، ومؤيد الخراط، وسالي بسمة، وصبا سبيعي، وميريانا المعلولي.

الكوميديا في مأزق
المسلسلات الكوميدية الراقية التي كانت تميت الجمهور من الضحك، كـ«جميل وهناء» و«بقعة ضوء» أيام عزه و«عيلة خمس نجوم»، أين هي؟ أين الكوميديا من مسلسلي «بقعة ضوء12»، و«سليمو وحريمو»؟ سؤال مشروع في زمن نحتاج فيه إلى كوميديا باكية وتراجيديا ضاحكة.
إن حقيقة احتياج الناس إلى الضحك حقيقة جوهرية تتصل بجوهر حياة الإنسان على هذا الكوكب، وتتشابك مع رغبته العميقة في الخلاص من مآسيه المختلفة، سواء كانت تلك المآسي نابعة من مجتمعه أم من حقيقة وجوده.
المشكلة في السلسلة الشهيرة «بقعة ضوء12» الإمكانات الفكرية والمشكلات الأيديولوجية التي باتت تكرر نفسها وابتعادها عن النقد الهادف وكوميديا الموقف حتى تهاوت إلى قاع الإسفاف والهبوط.
هذا المسلسل عانى من الاستسهال في الإخراج والابتذال والسذاجة في كثير من لوحاته.
وشارك في العمل عدد من النجوم مثل أمل عرفة، وأيمن رضا، وباسم ياخور، وصفاء سلطان، ورنا شميس، في حين اعتمد غالباً على الوجوه الجديدة والشابة التي لم تكن بمعظمها على قدر المسؤولية في تجربتها.
من ناحية ثانية، وعدا الانتقادات التي واجهت النجم عبد المنعم عمايري بسبب مشاركته في مسلسل لا يليق بقامته وموهبته الفنية، فإن عدداً لا بأس به من الممثلين بمسلسل «سليمو وحريمو» أبدوا ندمهم للمشاركة في هذا العمل الذي اعتمد أسلوب التهريج بعيداً عن الكوميديا الهادفة، وهو من تأليف وإخراج فادي غازي الذي أسقط الكوميديا بالثلاثة.
وتناول المسلسل حكاية كاتب فاشل يبحث عن زوجة يتطابق برجها مع برجه، ضمن سلسلة من المفارقات «ثقيلة الظل».
وسلط العمل الضوء على إيمان الناس البسطاء بما يقال عن حظوظهم في الصحف أو الإذاعات كل صباح، وكيف تحولت الظاهرة إلى ما يشبه العقيدة الاجتماعية لدى شريحة كبيرة من الناس.
والمسلسل بطولة عبدالمنعم عمايري، وغادة بشور، وجيني إسبر، وجمال العلي، وسوسن ميخائيل، وسوزان سكاف، وريم معروف، ودانا جبر، ونضير لكود، ومحمد خير الجراح، وهنوف خربطلي، وعبير شمس الدين، وصفاء رقماني، وعهد ديب، وهدى شعراوي، وليلى سمور، وحسام تحسين بيك، وآندريه سكاف.
وأعتقد أن على الكوميديين تقدير الكوميديا حق قدرها، واستيعاب دورها على حياتنا اليومية، وبأنها ليست ضحكة مجردة فحسب، لهذا أتمنى بأن تختار الكوميديا المعاصرة مواضيعها بعناية، وألا تكون مجرد ضربة عشوائية بهدف ترويجي بحت.

عمل مستفز
لا يختلف اثنان على أن مسلسل «الندم» كان أيقونة الدراما السورية لعام 2016، وهو المأخوذ عن رواية «عتبة الألم» التي صدرت في بيروت قبل عشرة أيام للكاتب سامي حسن يوسف.
العمل الذي أخرجه الليث حجو اتكأ على أساسيات عمل سابق له (شجرة النارنج)، لكنه عانى من الإيقاع البطيء وإنهاء بعض العلاقات بشكل متسارع ومقصود.
يدور العمل حول قصة كاتب تلفزيوني في الأربعين من عمره، يبدأ حكايته في ليلة سقوط بغداد، ليستعرض من خلالها أحداثاً تاريخية ومنعطفات سياسية منذ عام 2003 وحتى الآن.
هو عمل مستفز بالدرجة الأولى، يحمل صدقاً على مستوى عال، ويجعل المشاهد يلامس عمق مشاعر لطالما كانت بداخله غير أنه عجز عن ترجمتها، ويناقش ويطرح قضايا اجتماعية من حياتنا الواقعية، بأسلوب متفرد ومميز.
شخصية «عروة» التي أداها الممثل الشاب محمود نصر ظهرت كلاسيكية وتقليدية بشكل مبالغ فيه، فهو الشاب المثقف الذي لا يضحك وبقي عبوساً منذ الحلقة الأولى حتى الثلاثين، هو الشاب المثالي الذي تتهافت عليه الفتيات الجميلات ولكنه يرفض إقامة العلاقات معهن!.
في سياق مختلف، لم تمر إحدى حلقات المسلسل على خير عبر شاشة «الجديد» اللبنانية، حيث أعرب كاتب العمل عن انزعاجه من تعرض مسلسله للاقتطاع، قائلاً: «اليوم شفت «الندم» على «الجديد» ما فهمت الحالة، سألت نفسي: معقول إني كتبت بهالفوضى؟ جلست للكومبيوتر، رجعت للنص، وبلشت أبحث عن مكمن الخلل. الحقيقة أنني كنت منزعجاً من نفسي، حتى إنني كنت متوترا. وبقيت على هالحالة لشفت الحلقة نفسها (23) على تلفزيون «سما» هون زال التوتر».
وأضاف: اكتشفت إنو «الجديد» عمل رقابة عشوائية على الحلقة، واقتطع أكثر من مشهد. ما بعرف شو طبيعة الرقباء في هي المحطة».
مديرة البرامج في «الجديد»، أكدت في حديث لجريدة «الأخبار» أنها بالفعل اقتطعت مشهداً، وقالت: «لم أحذف سابقاً أي مشهد من المسلسل السوري، فقط قمت بتلك الخطوة لأنني وجدت أن المشهد جنسي (بين الممثلين محمود نصر ودانا مارديني) ولا يتناسب مع شهر رمضان. حذفت منه نحو 4 ثوان فقط، ولم يؤثر ذلك في مجريات الأحداث».
وأوضحت أنها لا تتخذ قرارات كهذه من تلقاء نفسها، بل تعود إلى الشركة المنتجة وتحصل على موافقتها.
يشار إلى أن أدوار البطولة في العمل الاجتماعي لعبها كل من سلوم حداد، وباسم ياخور، وسمر سامي، ومحمود نصر، ودانا مارديني، ومحمد الأحمد، ورنا كرم، وجفرا يونس، ومرام علي، وحسين عباس، وأيمن رضا، وهيا مرعشلي، وجيانا عنيد، وجمال العلي.

إلى الجزء التاسع
انتهى الجزء الثامن ولم تنته أحداث مسلسل «باب الحارة»، إذ يستعد بسام الملا لإنجاز الجزء التاسع وربما يتبعه بالعاشر.
الجزء الذي عرض خلال شهر رمضان وامتد إلى ثاني أيام العيد في 32 حلقة، أبقى قصة إخراج «أبو عصام» من الحارة على يد «أبو ظافر» قيد الانتظار بعدما حول الأنظار إلى المظاهرات المناهضة للاحتلال الفرنسي ورفض الشعب السوري حينها اقتطاع لواء اسكندرون.
مصطفى الخاني بشخصية «النمس» كان البطل الأبرز ومحراك الأحداث عبر جميع الحلقات، واسترق البطولة من «العكيد معتز» الذي بدا ضيفاً ثقيلاً لا حول له ولا قوة.
الجمل الحوارية في الجزء الجديد أصبحت مكررة وأداء البعض صار بالغ الاصطناع، والعمل من تأليف سليمان عبد العزيز، وإخراج ناجي طعمي، وبطولة: عباس النوري، وصباح الجزائري، ومصطفى الخاني، وكندا حنا، وميلاد يوسف، ووفاء موصللي، وشكران مرتجى، ومحمد خير الجراح، وزهير رمضان، وأسعد فضة، إضافة إلى الضيوف سلاف فواخرجي، ونادين تحسين بيك، وفادي صبيح، وطلال مارديني.
وتدور أحداث الجزء الثامن خلال حقبة ثلاثينيات القرن الماضي، مع نقلة زمنية بحدود العام تقريباً، ضمن الإطار ذاته للحكاية وشخوصها، تلك الحكاية الشعبية التي تستوحي مفرداتها من التاريخ الاجتماعي لدمشق.

الوطن

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.