بن ثالث: عشت مشاعر منحتني طاقة سنوات للتصوير
– صحيفة البيان
الصورة الصحفية فن قائم بحد ذاته في عالم التصوير الفوتوغرافي، والذي تعتبر فيه الصورة وسيلة لنقل الخبر أو الحدث، وتختلف الصورة الصحفية عن الوثائقية منها أو تصوير الشوارع وغيرها، كما الاختلاف بين القصة القصيرة وبقية الأجناس الأدبية، فالقصة أو الصورة الصحفية تختزل الحدث وتكثفه، لتقدم بعناصرها لحظة تنويرية أو صادمة بتأثيرها.
ومثل الصحفي المصور، عليه اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة والتعامل مع معداته بمرونة ومهارة وسرعة بديهة في اللحظة التي يقدم له الواقع حدثاً درامياً لن تتكرر وحدة عناصره التي توصل مجتمعة الرسالة بعد دقيقة من تلك اللحظة. وهذا النوع من التصوير يشمل العديد من التحديات والصعوبات ابتداء من أجواء الحروب إلى العوامل الجوية أو الازدحام البشري وغيرها.
وما لا نعرفه كجمهور رد فعل المصور الذي يلتقط مثل هذا النوع من الصور التي تلعب في كثير من الأحيان دوراً تاريخياً في تغيير الرأي العام، من خلال مصداقية روايتها التي يصعب التلاعب بها في الزمن السابق كما هو عليه الحال الآن.
فتى غزة / وبهدف تلمس أبعاد تأثير الصورة الناجحة على صاحبها المصور ، التقت “البيان” بالمصور الفوتوغرافي المحترف علي خليفة بن ثالث، أمين عام جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، الذي حققت صورته الصحفية فتى غزة تحت الماء عام 2009، نجاحاً واسعاً ببعدها الإنساني العميق الأثر.
يقول بن ثالث في بداية اللقاء: “أدركت وأنا أتهيأ لالتقاط الصورة أني كمصور أمام لحظة استثنائية نادرة، حيث اجتمعت أمامي كافة العناصر المطلوبة، من بطل الصورة وهو فتى غزة الذي فقد ساقيه في الحرب.
والذي كان يتدرب على الغوص تحت الماء عام 2009، وبجانبه عنصران دراميان شاءت مصادفة تلك اللحظة تواجدهما، وهما جسم امرأة تقف على رؤوس أصابع قدميها أسفل حوض السباحة، وفي المسافة الفاصلة بينها وبين الطفل وبين قاع الحوض والسطح تتدلى قدما رجل جالس على حافة البركة”.
لحظة ذهبية / وبحماس يتابع: “مثل هذه اللحظة تصادف المصور مرة كل أربع أو خمس سنوات إن كان محظوظاً، ولا يلحظها أو يتمكن من إدراك قيمتها في ثوان معدودة، سوى المصور الذي يمتلك ثقافة بصرية وقراءة واسعة في عالم التصوير وتاريخه الفني والإنساني”.
وينتقل إلى الحديث عن مدى تأثر المصور بمثل هذه اللحظة الذهبية قائلاً: “انتابتني خلال اللحظة التي أدركت فيها قيمة المشهد ولحظة التقاط الصورة، شحنة مكثفة من المشاعر سواء كإنسان أو فنان.
كنت فرحاً بتوثيقي لتلك اللحظة النادرة التي تحكي من تلقاء نفسها قصة إنسانية بليغة. هذه اللحظة هزت وجداني ولن أنسى غنى المشاعر التي عشتها والتي منحتني دفقاً من الحماس والتفاني في التصوير يمداني بطاقة إيجابية إضافية لسنوات عديدة.”.
تحولات نفسية / ويصف بعض التحولات التي يعيشها المصور قائلاً: “الصورة الدارمية تمنح المصور إحساساً أو رابطاً أقوى بالحدث، كما هي كثافة مشاعري وإحساسي بالانتماء لقضية فلسطين وبقيمتي الإنسانية. وكم أكون راضياً وسعيداً إن نجحت صورة طفل غزة بنقل حتى 15% من المشاعر التي اجتاحتني حينها”.
نشأة الصورة الصحفية / نشأ فن الصورة الصحفية في منتصف القرن التاسع مع بدايات تقنيات طباعة الصور. ويعتبر المصور البريطاني روجر فنتون (1819 ـ 1869) أول من أسس لهذا الفن، بصفته أول مصور حرب رسمي، من خلال صور للجنود في المعركة والطبيعة ومشاهد بانورامية أخرى ساهمت في تعزيز معايير هذا الفن الجديد

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.