D5_2-1
 السيد عبد العليم

السياحة في السلطنة .. مقومات جذابة بحاجة إلى مزيد من الدعاية

إن السلطنة لديها كل مقومات الجذب السياحي التي تجعل منها وجهة سياحة جذابة. لكن كل ذلك بحاجة إلى دعاية وإعلان أكبر ولا سيما في الفضائيات، وذلك بعمل مقاطع مصورة قصيرة عن كل تلك المواقع وتقديم أعمال فنية درامية يتم تصويرها في تلك المواقع حتى يشاهد الراغب في السياحة داخل السلطنة وخارجها، ويتعرف على تلك المزارات والمواقع الجذابة التي تزخر بها السلطنة.تسعى الكثير من بلدان العالم في السنوات الأخيرة إلى استغلال كل ما لديها من مقومات طبيعية وغيرها بغية تنويع مصادر دخلها القومي، وبات هذا التوجه مطلوبا بشكل أكبر بالنسبة للبلدان التي تعتمد في دخلها على النفط كمصدر رئيسي وذلك بعد التراجع الكبير في أسعاره في الآونة الأخيرة.
وتتمتع السلطنة بكثير من عناصر الجذب السياحي، يأتي في مقدمتها استقرارها السياسي والأمني، حيث يستتب الأمن في ربوعها ويخضع كل من يوجد على ارضها للقانون والنظام العام دون تمييز بين الناس على أي أساس وبأي شكل كان. الأمر الذي يجعلها تتقدم على كثير من بلدان العالم والمنطقة في هذا المجال. كما يتسم العماني بطبيعة الحال بالبشاشة والسماحة وطيب العشرة، وحسن الخلق واحترام وتقدير كل البشر بغض النظر عن جنسيتهم أو دينهم ومذهبهم، وذلك لحالة التسامح التي ربما لا نظير لها التي يتعايش بها العمانيون والتي أساسها أن كل البشر متساوون وأن الدين يسع الجميع.
والسلطنة بطبيعة الحال غنية بعناصر الجذب السياحي الطبيعية التي حباها الله سبحانه وتعالى بها، وفي مقدمتها موقعها وامتدادها الجغرافي المتنوع والذي يضم شواطئ بحرية ممتدة لمن يرغب في السياحة البحرية من سباحة واستمتاع بالطبيعية البحرية ووديان ورمال ذهبية وجبال ومناظر زراعية خلابة، الأمر الذي جعلها تتبوأ المرتبة الأولى عالميا في مجال السياحة البيئية عام 2010.
ومع أجواء الصيف الحارة في أغلب بلدان الخليج العربي، تحتضن السلطنة في ربوعها مجموعة من الوجهات السياحية التي تتسم بالطقس المعتدل والتي تحوي العديد من الأنشطة الممتعة.
فهناك الشواطئ البحرية الممتدة على بحر عُمان وبحر العرب، والتي تعد فرصة لمرتادي البحر ولمن يرغب في الاستمتاع بالشواطئ والألعاب الشاطئية والمشي وممارسة الرياضة أو الجلوس والاستمتاع بجو البحر وأوقات الغروب، فهي تمثل فرصة فريدة في ذلك. كما تحظى السلطنة بالعديد من الشواطئ الجميلة الزاخرة بالخيرات الوفيرة والكنوز الطبيعية الكامنة في أعماقها مثل المرجان والأسماك والكائنات البحرية الدقيقة، جاعلة منها مقصدا دوليا للسيّاح ومحبي الغوص والسباحة، حيث تتميّز سواحلها بنظافتها وجمالها الطبيعي بين رمال ذهبية متناثرة على طول الساحل العماني، والمياه الزرقاء الممتزجة بالخُضرة، وتشتهر شواطئ ولاية صور والأشخرة بالطقس المعتدل في فصل الصيف مما يجعلها بلا استثناء وجهة رائعة لقضاء صيفا مُنعشا، والمنطقة الشرقية بشكل عام تزخر بالرمال الجميلة والجبال والآثار التاريخية كالقلاع والحصون بشكل جذاب، فضلا عن الاعتدال المناخي في فصل الصيف، الأمر الذي يجعلها وجهة سياحية جذابة طوال العام. كما أن جزيرة مصيرة هي الاختيار الأمثل لممارسة الرياضات البحرية والشاطئية مثل الصيد والغوص وركوب الأمواج بالطائرات الورقية.
كما تعتبر الجبال من أشهر مقومات جذب السُيّاح من داخل السلطنة وخارجها، فالجبل الأخضر وجبل شمس، اللذان يتمتعان بموقعهما الاستراتيجي وطقسهما المعتدل وتضاريسهما المتنوعة. ويمثل الجبل الأخضر وجهة ملائمة للابتعاد عن حر الصيف، حيث إن درجة الحرارة فيه دائما ما تقل بحوالي 15 درجة مئوية مقارنة بالمناطق المحيطة، وهذا الطقس المعتدل يشكل مناخا مناسبا لنمو نباتات لا توجد في أي مكان آخر في السلطنة كالرمّان والمشمش والعنب والتين والكمثرى والجوز والتفاح. كما تتميز الجبال الواقعة قبالة ساحل محافظة مسندم بمقوّمات متفرّدة مثل جبل حريم الذي يمتاز بطقسه المعتدل في فصل الصيف، ونظرا لما تتمتع به الجبال في السلطنة من طقس منعش فإن ذلك يجعل منها وجهة استثنائية لقضاء صيف مليء بالأنشطة الممتعة مثل التخييم والمشي والتسلّق ورصد النجوم ومشاهدة الغروب، ناهيك عن المناظر التي تسلب الألباب وتبعث على السكينة والهدوء.
فضلا عن ذلك، تحتضن السلطنة مجموعة واسعة وكبيرة من الوديان ذات المياه الملائمة لممارسة رياضة السباحة والغوص، والتي في الغالب يقصدها السياح الذين لا يفضلون الأماكن المفتوحة كالشواطئ، وغالبا ما تكون مُحاطة بالمزارع الخضراء مما يجعل منها مناطق منعشة وعليلة، حيث يمكن للزائر اختيار بقعة مناسبة والاستظلال تحت الأشجار الوارفة وافتراش الأرض بالقرب من الوادي والتمتع بصوت خرير المياه وهو يخترق الصخور في لوحة مذهلة من الجمال الأخاذ.
وكما ينتشر في ربوع السلطنة قرى زراعية ذات إرث حضاري، حيث تترامى أطراف المزارع في القرى على امتداد السلطنة بمحاصيل زراعية متنوعة في مختلف المواسم، مشكّلة مناظر بهيّة تقف لها عين السائح إلى جانب كونها تجربة ثريّة للتعريف بالإرث الحضاري الزراعي في السلطنة بما تعكسه من طرق تقليدية في الري والحصاد. وعادة ما تكون درجة الحرارة في المزارع القروية أقل بكثير عن المناطق المفتوحة والتجارية، وذلك بسبب توافر المياه بكثرة في الأفلاج والآبار المحاطة بأنواع مختلفة من الأشجار الظليلة مانحة جوا لطيفا. على سبيل المثال، حظيت قرية وكان بولاية نخل في محافظة جنوب الباطنة باهتمام السياح من داخل السلطنة وخارجها نظرا لامتزاج التراث الثقافي العُمراني العريق بالبساتين الغنّاء والأفلاج التي تتخللها في منظر بديع عاكسا صورة الإنسان العُماني البارع وارتباطه بهذه الأرض الطيّبة، ومن ضمن هذه القُرى المناسبة لقضاء صيف منعش قرية بلد سيت بولاية الرستاق في محافظة جنوب الباطنة والتي تمثّل موقعا متميّزا ومقصدا للكثير من المصورين الفوتوغرافيين.
وفي مثل هذا الوقت من كل عام وعلى خلاف بقية مناطق السلطنة، يأتي “المونسون” إلى أرض ظفار مُحمّلا بالسحب والأمطار والرذاذ اللطيف، كاسيا السهول والجبال بحلة من الخضرة ومانحا الحياة للعيون والأودية، وتصل درجة الحرارة في صلالة خلال فصل الخريف إلى حوالي 20 درجة مئوية. ليقام فيها مهرجان خريف صلالة السنوي والذي يحظى فيه الزائر بتجربة حضارية غنيّة من حيث التعرّف على التاريخ الثقافي للمحافظة، وفي ذات الوقت التمتع بالمناظر الباهرة والأجواء اللطيفة. ومن فوق هضبة طاقة يمكن إلقاء نظرة على المدينة بأسرها من الأعلى، أو زيارة حفرة “طوي عتير” وهي واحدة من أكبر الحفر في العالم والتي تستقطب أنواعا كبيرة من الطيور، كما تستقطب المصورين لالتقاط صور رائعة لأنواع الطيور المختلفة. ناهيك عن أن محافظة ظفار تضم مجموعة من الآثار التي تعود إلى آلاف السنوات قبل الميلاد، ومن هذه المناطق الأثرية سمهرم التي تضم آثار رائعة، وكذلك منطقة البليد حيث يمكن للسائح زيارة متنزه البليد الأثري.
كما يوجد في ولاية طاقة بمحافظة ظفار أيضا وادي دربات، الذي يعد حديقة طبيعية تمتاز بمناظر خلابة وشلالات مياه وبحيرات وجبال وكهوف، فضلا عن الحيوانات البرية والمناطق الخضراء الخصبة. ويشق هذا الوادي طريقه بين التلال والهضاب إلى أن يصل إلى خـور روري حيث يصب في بحر العرب. ويمثل وادي دربات عنصر جذب سياحي على مدار العام، وإن كانت أفضل الأوقات لزيارة هذا الموقع، هو من بداية شهر يوليو وحتى نهاية شهر سبتمبر من كل عام.
وبالنسبة لعشاق الحياة البرية، هناك الكثير من المحميات الطبيعية التي يمكن الاستمتاع بزيارتها مثل محمية المها العربي التي تضم المها العربية والوعل النوبي والوشق والغزال العربي والغزال الرملي وطائر الحباري وحيوانات أخرى. ومحمية السلاحف برأس الحد التي تعد منطقة تعشيش السلاحف التي تجذب عددا كبيرا من السلاحف الخضراء. ومحمية جبل سمحان التي تعيش فيها الموائل الطبيعية آخر مجموعات النمور الموجودة في عمان بالإضافة إلى حيوانات أخرى نادرة جدا جدا.
أي إن السلطنة لديها كل مقومات الجذب السياحي التي تجعل منها وجهة سياحة جذابة. لكن كل ذلك بحاجة إلى دعاية وإعلان أكبر ولا سيما في الفضائيات، وذلك بعمل مقاطع مصورة قصيرة عن كل تلك المواقع وتقديم أعمال فنية درامية يتم تصويرها في تلك المواقع حتى يشاهد الراغب في السياحة داخل السلطنة وخارجها، ويتعرف على تلك المزارات والمواقع الجذابة التي تزخر بها السلطنة. بحيث يتم في النهاية العمل على استغلال الموقع وما حبا به الله سبحانه السلطنة من عناصر جذب سياحي في تنشيط هذا القطاع ليسهم بشطر اكبر في الدخل القومي للسلطنة ويخفف في نفس الوقت من الأعباء المالية المتأثرة بتراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.

السيد عبدالعليم
مترجم وباحث سياسي

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.