بين الماضي والحاضر.. تعرّف على عشرة مغنين يفتخر بهم المغاربة

بين الماضي والحاضر.. تعرّف على عشرة مغنين يفتخر بهم المغاربة

 

الرباط (CNN)– في التنوّع الجغرافي للمغرب وتعدّد ثقافاته وغنى حضارته وعمق تاريخه، حضرت الموسيقى على الدوام كتعبير عن الحياة ووسيلة تواصل بين الأجيال. لذلك لم يكن غريبًا أن يقدم هذا البلد ألوانًا موسيقية تحتاج إلى صفحات مطوّلة للكتابة عنها، ولم يكن صدفة أن تنصت لعشرات الأسماء التي تقدم مقطوعات مختلفة التفاصيل، لكنها ترتبط برباط الانتماء إلى البلد الواحد.
اشتهر المغرب الموسيقي في المشرق بأسماء من قبيل سعد لمجرد وسميرة سعيد وأسماء لمنور والراحلة رجاء بلمليح وآخرين، لكن هناك العشرات من الأسماء الأخرى التي تستحق الإشادة، نختار منها في هذا التقرير عشرة.. ليست بالضرورة هي الأفضل والأكثر تميزًا، ولكن تحترم مبادئ التنوع الموسيقي والتمايز الثقافي والتقسيم الجغرافي، دون تناسي تقاسمها للأساس الإبداعي.
عبد الهادي بلخياط.. عميد الأغنية المغربية
لمدة فاقت 50 سنة لا تزال أغاني ابن مدينة فاس العريقة، عبد الهادي بلخياط، تتداول في المغرب وفي كل أرجاء المنطقة العربية، فرغم اعتزال عميد الأغنية المغربية للغناء سنة 2012 ، إلّا انه عاد مجددا عبر بوابة الغناء الديني التي تميل إلى المديح الصوفي واستطاع أن يجمع بين رصيده الثري في الأغنية العربية والتراث الصوفي الديني. عميد الأغنية المغربية قدم الكثير من المقطوعات الخالدة من أشهرها “قطار الحياة” و”يا داك الإنسان”، وهي مقطوعات تمتاز بلهجة مغربية سهلة الفهم حتى للمشارقة.
إبراهيم العلمي.. ماركة مغربية خالصة
رغم مرور أكثر من 15 سنة عن وفاته، إلا أن أغاني المطرب إبراهيم العلمي بقيت قائمة إلى حد اليوم تتداولها الأجيال جيلا بعد جيل، ومعروف عنه انه ينتقي الكلمات بعناية لأغانيه ويختار لها  ألحانا مناسبة صانعا بذلك تركيبة فنية خاصة، جعلته ينفرد بطريقته التي لم يسبقه لها أحد ولم يعاود تجريبها أي مطرب أو ملحن أخر. من أهم مقطوعاته هناك ” يا اللي صورتك بين عيني” وهذا شحال”. ويتبارى الشباب المغاربة المتيمين بالفن الأصيل في ترديد مقطوعاته.
عبد العزيز الستاتي.. صاحب الإصبع الذهبي 
يعتبر الفنان عبد العزيز العرباوي، ابن إقليم الجديدة، المعروف بالستاتي بسبب امتلاكه إصبعا زائدا، من رواد الأغنية الشعبية المغربية، بل هناك من يصفه بملك الغناء الشعبي، ومن بين العازفين المشهورين على آلة الكمان، لدرجة أن طريقة عزفه عليها لوحدها تمثل إبداعًا فريدًا. جعلت منه أغانيه الخفيفة ذات الريثم السريع ملك السهرات الفنية والأعراس المغربية، لقيت أغانيه “عطيوني فيزا “و”حكمت عليها الظروف” و”ميمتي” و”جربت ناس كاع الناس” رواجا كبيرا داخل المغرب وخارجه.
سعيدة فكري.. صوت الفقراء
ظهرت موهبة الغناء عند ابنة الدار البيضاء، سعيدة فكريهي المعروفة بسعيدة فكري في سن مبكرة، مما أهلها أن تكون صوت الشباب وناقلة معاناته وهمومه وطموحاته، واستطاعت ان تنقل الحياة اليومية للمواطن المغربي البسيط عبر أغانيها من الدارجة والعربية الفصحى إلى الفرنسية، زيادة على مهارتها في العزف على القيثارة. ومن بين أغانيها المشهورة أغنية “جبال الريف” و”سالوني عن العذاب”. اشتهرت في سنوات التسعينيات  ثم غابت لفترة طويلة عن الغناء بسبب هجرتها إلى الولايات المتحدة قبل أن تعود إلى الغناء من جديد.
محمد رويشة.. صوت الأطلس
بدأت ميولات، محمد رويشة ابن مدينة خنيفرة بجبال الأطل، نحو الفن مبكرا، انطلقت مسيرته من الإذاعة ثم إلى الحفلات والأعراس إلى أن وصل به الأمر إلى إنتاج البومات غنائية باللغة الامازيغية، لقيت رواجا واسعا داخل وخارج المغرب، كما له أيضا عدة أغاني روحية تتغنى بالتراث الصوفي، وولع بعزفه على آلة الوتر المغربية، فقام باستثمار المقامات الشرقية في معزوفاته مشكلا بها ذوقا راقيا. صاحب رائعة “إيناس إيناس” رحل عن العالم عام 2012، لكن تأثيره لا يزال حاضرًا، إذ وصل إلى الشرق، ومؤخرًا زار مدينته المغني المصري حمزة نمرة وأعاد غناء “إيناس إيناس” من جديد.
فاطنة بنت الحسين.. أيقونة غناء العيطة
كان صوت “فاطنة بنت الحسين”، أيقونة فن العيطة، يتسلل لكل البيوت المغربية عبر أثير الإذاعة والتلفزيون ويملا صوتها القوي سماء البادية، وتمكنت رفقة مجموعتها “أولاد بن اعقيدة” من تسجيل أكثر من 200 أغنية تضاف إلى الرصيد الفني المغربي، غير أنها بعد زيارتها للبقاع المقدسة فكت ارتباطها بالغناء، قبل أن ترحل عن الحياة عام 2005. ابنة مدينة سيدي ينور اشتهرت بأغاني من قبيل “الشليني” “العلوة”، وفي غنائها كان المغاربة يتنشقون عبير تراث غنائي ممتد في التاريخ، كان من وسائل مواجهة الاستعمار الفرنسي.
عبد الصادق الشقارة.. غوث الطرب الأندلسي
سمح الوسط العائلي للفنان عبد الصادق شقارة ابن مدينة تطوان، المليء بالذكر والتصوف بأن يجعل منه رائد الطرب الأندلسي بامتياز في المغرب، وتربع شقارة على عرش غناء الحضرة والطقطقة المغربية، وعمل أيضا على النهل من الموروث الأندلسي بالاعتماد على الموسيقى الاسبانية وإدخال عليها قصائد الذكر والسماع الصوفي. في غنائه كان المغاربة يتلمسون ذكريات حنين المورسكييين إلى الأندلس، ويتعرّفون على جمالية غناء الشمال بألحانه العميقة. توفي عام 1998، غير أن مقطوعاته لا تزال حاضرة منها “يا بنت بلادي”، و”العايلة مولاتي”.
ميمون الوجدي.. أمير الراي المغربي
تجاوز سنه 66 سنة وفي رصيده أكثر من 20 البوم غنائي في طبع الراي آخرها كان سنة 2010، هو ابن مدينة وجدة الحدودية مع الجزائر، ميمون بكوش المعروف باسم الشاب ميمون الوجدي، يرجع له الفضل في تطوير الراي في الفن بالطريقة العصرية حيث أضاف إليه البيانو و الكيثار، وسطع نجمه بأغنية “تشطن خاطري” لصاحبها شاب خالد  وأغاني أخرى كأغنية “فاطمة ما قديت لكش” و “تنهد قلبي كي تفكرت”. عانى مؤخرًا من متاعب صحية أعادته إلى الواجهة من جديدة، لكن تدخل الوزارة الوصية ساهم في تحسن وضعه.
ناس الغيوان.. فرقة الغناء السياسي
في كاريان سنطرال، حي صفيحي بمدينة دار البيضاء، ولدت فرقة “ناس الغيوان” سنوات الستينات وقامت بأحياء الموروث الثقافي المغربي وإخراجه إلى العالمية حتى قال فيها وزير الثقافة الفرنسي أنها “رولينج ستون إفريقيا” وذلك لتخطيها بعض المحظورات ونبشها في ملفات السياسة، فتجاوزت فكرة الفرقة إلى فكرة الظاهرة. استثمرت الإيقاعات الامازيغية والملحون والكناوي ودمجها  دمجها في تراكيب لحنية جديدة، وشكّلت منطلقًا للعديد من المجموعات الغنائية. توفي الكثير من أعضائها منهم العربي باطمة، وتقريبًا توقفت الفرقة عن الغناء، لكن أغانيها كـ”الله يا مولانا” و”أهل الحال” “فين غادي بيا”، لا تزال حاضرة بقوة.
أودادن.. غزلان سوس
تعني أودادن باللهجة السوسية الغزلان، وهي مجموعة موسيقية، تعتبر مدينة اكادير منطقة منشئها الأول، وتتميز بأدائها للقصائد الطويلة باللغتين العربية و الامازيغية، وحاولت الفرقة عصرنة الفن التقليدي، مما عجل بشهرتها حتى أصبحت ركيزة كل الحفلات و الأعراس، وروجت الفرقة روعة الفن المغربي الأمازيغي إلى كل الأصقاع من خلال تغنيها بأشعار الحب والحياة.  من أشهر أغانيها هناك “ضيف الله”، و “ارتالا تيط أمطا”. وكما ناس الغيوان، تفرّعت عنها عدة فرق منها “بنات أودادن”.

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.