ثانية

الثانية seconde هي المقابل العربي للكلمة اللاتينية secunda، وتعني التقسيم الثاني، وتطلق على التقسيم الثاني للدرجة (الثانية القوسية) وللساعة (الثانية الزمنية).

أما الثانية القوسية فهي وحدة قياس الزوايا المستوية، وتساوي جزءاً واحداً من 3600 جزء من الدرجة، أو جزءاً من 60 جزءاً من الدقيقة، ويرمز لها بالإشارة [²].

وأما الثانية الزمنية فهي وحدة قياس الزمن في جملة الوحدات الدولية (SI)، وهي تعادل 9192631770 دوراً من أدوار الإشعاع الناتج من الانتقال بين مستويي البنية الفائقة الدقة hyperfine للحالة الأساسية لذرة السيزيوم 133، ويرمز إليها بالحرفين «ثا».

وتغير تعريف الثانية الزمنية عدة مرات، ويعود ذلك إلى تطور أدوات قياس الزمن وطرائقه. فقد كان القياس الفلكي لدوران الأرض حول محورها الأساسي في تعريف الثانية بأنها جزء من 86400 جزء من اليوم الشمسي الوسطي، وهي الثانية الشمسية. وتعرَّف الثانية أيضاً اعتماداً على دوران الأرض حول الشمس بأنها جزء من 31556925.9747 جزءاً من السنة المدارية، وهي الثانية التقويمية éphimérides، وكلتاهما تعرفان بالثانية الفلكية. وتمتاز منهما الثانية الذرية، التي اعتُمد تعريفها الوارد في بداية البحث عام 1976، وذلك لأن الميقاتيات الذرية أكثر دقة. وقد تبين بها عدم انتظام دوران الأرض حول محورها أو حول الشمس.

الثانية الشمسية

كان دوران الشمس الظاهري دليلَ الإنسان على مرور الزمن وتتابع الأيام. وقد قُسِّم اليوم بوساطة الميقاتيات إلى 24 ساعة، وقسِّمتْ الساعة إلى 60 دقيقة، وقسِّمتْ الدقيقة إلى 60 ثانية، وبذلك يكون في اليوم الواحد 86400 ثانية. ويقوم الفلكيون بضبط الميقاتيات وفقاً لدوران الشمس الظاهري ولحركة النجوم، وهم بذلك يحدِّدون الثانية تحديداً دقيقاً بتقسيم وحدة الزمن الطبيعية (اليوم الشمسي)، وهي المدة الفاصلة بين مرور الشمس من خط طولٍ سماوي مرتين متعاقبتين. لكن هذه المدة ليست ثابتة، ويعود ذلك لأسباب عدة أهمها أن هذه المدة ليست ناجمة عن دوران الأرض حول محورها فحسب، وإنما عن دوران الأرض السنوي حول الشمس على مدار إهليلجي، وهذا يؤدي إلى عدم انتظام سرعتها. لذلك فإن الفلكيين لا يرصدون الشمس بل النجوم، فيحصلون على التوقيت النجمي الذي يُستنتج منه التوقيت الشمسي الوسطي. فاليوم النجمي أقصر من اليوم الشمسي بمقدار صغير يؤلف تراكمه يوماً واحداً كل سنة. ويدعى سلم الزمن الناتج على هذا النحو بالتوقيت العالمي (Temps Universel) TU. وبإجراء تصحيح صغير يتعلق بانزياح قطب الأرض يجري الحصول على TU1، ويُحصل على التوقيت TU2 بإجراء تصحيح آخر فصلي يتعلق بدوران الأرض حول محورها، وتُحسب الثانية الشمسية بتقسيم التوقيت الأخير TU2.

الثانية التقويمية

لاحظ الفلكي سيمون نيوكومب S.Newcomb عام 1870 أنَّ موضع القمر ومواضع الكواكب تبتعد بطريقة متزايدة عن المواضع التي تُحسب وفق نظرية التجاذب العالمي، واستنتج أنه يمكن تعليل هذا الابتعاد إذا أُخذ بالحسبان أن الثانية الشمسية، الناتجة من دوران الأرض حول محورها، ليست ثابتة بسبب عدم انتظام هذا الدوران، وأن الميقاتيات التي تضبط على أساسها تتأخر. ويعود هذا التأخر إلى أن جزءاً من الطاقة الحركية لدوران الأرض يتحول إلى حرارة بسبب الاحتكاك الناشئ عن حركة المد والجزر في المحيطات، فطول اليوم يزداد بمقدار 0.00164 ثانية كل قرن نتيجة لتراكم هذا التأخر. وقد تأخر التوقيت العالمي TU قياساً بتوقيت منتظم ثلاث ساعات منذ ميلاد المسيح، ويُضاف إلى هذا التأخر البطيء شذوذات أخرى لم يُعرف تفسير لها. وتخلَّى الفلكيون (اتحاد الفلكيين الدولي، 1952) عن الزمن الطبيعي الذي يعتمد على دوران الأرض حول محورها، واختاروا دوران الأرض السنوي حول الشمس، وبصورة أدق، السنة المدارية التي هي المدة الفاصلة بين مرور الشمس مرتين متتاليتين في اتجاه النقطة الربيعية (تقاطع مدار الأرض حول الشمس مع خط الاستواء السماوي في اتجاه الشمس وهي في نقطة الاعتدال الربيعي). وتتغير مدة السنة المدارية قليلاً وفق نظام معروف، ولذلك يحدَّد العام الذي جرى فيه تعريف الثانية التقويمية (وقد اختير العام 1900 لهذه الغاية). وتتيح نظرية المجموعات thèorie d’ensemble التي تتنبأ بمواضع الأجرام السماوية للمنظومة الشمسية تعريف سلم للزمن الطبيعي يدعى التوقيت التقويمي (temps des éphimérides) TE وذلك عن طريق رصد هذه الأجرام، ولاسيما القمر، ويُحصل على الثانية التقويمية من تقسيم سنوات هذا السلّم TE. ويُعتقد أن هذا السلم منتظم بتقريب يبلغ نحو 10-9 تحدّده دقّة الأرصاد وتقريبات النظريات. والدِّقَّة في هذا السلّم أفضل بنحو مئة مرة من تلك العائدة إلى دوران الأرض اليومي، لكنَّ التوقيت التقويمي والثانية التقويمية لم يعودا مفيدين إلا في علم الفلك، إذ مكّنت المعايير الذرية للترددات والميقاتيات الذرية، التي ابتكرها الفيزيائيون، من إيجاد التعريف الحالي للثانية الذي يستخدم لوضع سلَّم التوقيت الذري الدولي (Temps Atomique International) T.A.I.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.