«الجائزة» أنصفت أصحاب عدسات وثّقوا مشاهد شديدة الخصوصية والجمال

«حمدان بن محمد للتصوير».. صنع المســتقبل بالأبيــض والأســود والألوان

التاريخ::
المصدر:

  • محمد عبدالمقصود – دبي

بالأبيض والأسود والألوان، تحكي الصور الفائزة بالمراكز الأولى في جائزة حمدان بن محمد للتصوير الضوئي، الكثير، إذ انتصرت الدورة الثالثة، التي اختتمت مساء أول من أمس، بحفل إعلان النتائج وتسليم الجوائز، في مركز دبي المالي العالمي، لـ«صنع المستقبل»، واحتفت بأصحاب عدسات وثّقوا مشاهد شديدة الخصوصية والجمال.

وتبقى الإطلالة الأكثر سحراً مرتبطة بالبحر، وعلاقته بما حوله، أو على ظهره، أو حتى في أحشائه، مضموناً أقرّته بشكل عملي الكثير من الأعمال الفائزة أيضاً بالجائزة.

وجاء حضور سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، ورعايته ودعمه للحدث، بمثابة انتصار لفن التصوير الضوئي، حسب مصورين أكدوا لـ«الإمارات اليوم»، أن «الكثيرين ظلوا يرددون حقيقة أن الصورة بـ1000 كلمة، لكن المجد الحقيقي ارتبط دائماً بأصحاب الكلمة، في وسائل الإعلام المختلفة، على تنوّعها».

وجد أصحاب اللمسات الساحرة والمتحكمون في نسب حضور الضوء وسطوعه، على وجوه المشاهير، أنفسهم هم محور الحدث ونجومه، وتحوّل مصورون من مواقعهم المألوفة وراء الكواليس وأسفل المنصة إلى صدارة المشهد، وأعلى مسرح التكريم، ليتسلموا جوائزهم من سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، الذي يمتلك سجلاً استثنائياً مع فن التصوير الضوئي خصوصاً.

استعراضات سيرك دو سوليه العالمي، التي تم استدعاؤها للمكان، كانت محل إبهار، وبقيت الصورة نجمة المكان، منعكسة على شاشات عالية الجودة، وظلت تفاصيلها محور مراقبة أكثر من 1000 شخص، سعوا إلى تذوقها، في متوالية عرض أفضل الأعمال المشاركة، التي جاءت من أكثر من 100 دولة.

الإطلالة البحرية التي تتميز بها إمارات الدولة، فرضت نفسها على الأعمال الخاصة بالمصورين الإماراتيين، لكنها وجدت حضوراً طاغياً أيضاً في الأعمال الدولية، باستثناء المسابقة الخاصة بـ«حياة الشارع»، إذ فرض البحر والماء حضورهما، في محاور «صنع المستقبل»، و«الأبيض والأسود».

وعكست الصورة الفائزة بالمركز الأول في المحور العام، للروسي فلاديمير بروشين، عناقاً استثنائياً بين مياه البحر وضباب بدا سحاباً في طريقه إلى ملامسة سطحه، فيما رسمت المراكب الشراعية لوحة داخلية في هذا المشهد المفعم بنشاط الصيادين المهرة.

الماء لم يغب أيضاً عن الصورة الفائزة بالمركز الثاني في المحور ذاته، رغم التقاطها في بيئة مغايرة، إذ يعود العمل إلى المصور الإندونيسي محمد الأمسياه، الذي نقل مشاعر فتاة تسعى إلى أن تقي ذاتها المطر ورذاذ البَرَد بشال متواضع، لكنها تستقبل كل ذلك بثقة وثبات، ونظرة دافئة، تقول الكثير دونما كلمات.

المركز الثالث في المحور نفسه أيضاً لصورة ترصد حالة إنسانية، فالعجوز الذي يحمل مصباحاً يكاد يضيء في عتمة ليل، يبحث وهو عاري الصدر عن حفيده، فيما تميل أغصان شجرة يبدو أن أوراقها ذبلت، على الرجل المتكئ على عصاه، مستغرقاً في مهمته، لكن الأفق في هذا العمل يبقى ملتبساً، ولا يتضح تماماً ما إذا كان منتهاه بحراً، أم أفقاً صحراوياً.

التراث المعماري الإسلامي، بخصوصيته المحلية، يعلن عن نفسه في عمل الإماراتي أحمد الحمادي، الفائز بالمركز الثاني في المسابقة الخاصة بالإماراتيين، إذ يرصد بهواً ومداخل تظهرها الصورة بشكل متوالية بديعة، وفي الأفق يظهر طفل يدخل إلى المكان بهدوء.

الإطلالة المائية من بوابة دبا الفجيرة تعود إلى واجهة الأعمال الفائزة، مع عمل سعيد عبدالله جمعوه، لكن زمن التصوير يفصح عن نفسه بأنه مع إشراقة الصباح، إذ يرصد جمعوه رمية شباك صياد في لحظة خاصة جداً، تتوسط فيها الشباك بين سطح البحر، وزرقة السحاب، لكن شباك الصياد وقاربه، ووضعه التشريحي في هذه اللحظة تحديداً، تحيل اللقطة إلى ما يشبه عملاً تشكيلياً متكاملاً.

الطبيعة، ودلالات الوجوه، والانفعالات البشرية، والحياة اليومية.. كلها ظلت محاور مهمة للصور المشاركة، لكن البحر ظل الحاضر الأكبر، وهو ما تبدّى أيضاً في عمل عمران الأنصاري، صاحب المركز الثالث في المسابقة الخاصة بالإماراتيين، الذي رصد فيه صبياً يقف في ظلال شجرة عتيقة، ملامساً بأطراف أصابعه مياه شاطئه عبر أمواج هادئة متتابعة.

الجائزة الكبرى

قد تكون مصادفة أن يكون التعليم هو محور صورتين مختلفتين، فازت إحداهما بالجائزة الكبرى، وحصدت الأخرى المركز الأول – الدوليين، لكنها تبقى مصادفة دالة، في دورة اختير لها عنوان «صنع المستقبل». ورصد المصور الصيني فيوانج زهو، في الصورة التي فازت بالجائزة الكبرى مشهداً يقوم فيه فلاح صيني بسيط وهو يعلم أطفالاً من موطنه بطبشور على جدران حائط، فيما بدا على جانبها طفل آخر حرص على الوجود، حاملاً على ظهره طفلاً آخر. وبالأبيض والأسود رصد المصور الكويتي علي الزيدي، في صورته التي فازت بالمركز الأول – الدوليين مشهداً تعليمياً في قرية جودبور الهندية، يجمع فتيات وفتية، يدرسون في حضرة المعلمة.

مناسبة مختلفة

رغم أنهم يوجدون على أطراف السجادة الحمراء، وبالقرب من منصات التكريم، وخلف الكواليس، يبرزون الآخرين في بؤرة الضوء، إلا أن حضورهم في ليلة تتويج الفائزين بجائزة حمدان بن محمد للتصوير الضوئي، لم يكن حضوراً تقليدياً بالنسبة لهم، بعد أن تحولوا هم وأعمالهم إلى دائرة ضوء، هم أكثر المتخصصين في صناعتها.

مصورون من أكثر من 100 دولة، وغيرهم من الإماراتيين، والعاملون في وسائل الإعلام المحلية والهواة، شعروا بأن هنا مناسبة مختلفة، لجائزة تقدر الإبداع وتزكيه وتحفز على استمراره.

كان استثنائياً أن يفارق فائزون كاميراتهم، ويمنحونها لآخرين، من أجل التقاط صورة، لأنهم هنا من يتوسط الكادر، ولقطة التتويج من قبل سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، تبقى بمثابة مشهد دافع لمزيد من التجويد.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.