لمن لا يعرف يستخدم هذا المصلح كتيرا في دمشق للاستهزاء من المصورين و من مهنة التصوير حيث كان يوجد العديد من المتعيشة تحت جسر فيكتوريا و قرب ساحة المرجة يقومون بتصوير الناس بمبلغ لا يتجاوز خمسا و عشرين ليرة سورية في ذاك الوقت و أصبح هذا المصطلح عبارة أزلية يوصف بها المصورون حتى من قبل شخصيات فنية و سياسية بارزة و في حضوري مرة من المرات !!

فما السبب في استمرا استخدام هذا المصطلح رغم أنه يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي؟

أولا بسبب انتشار الكاميرات الرقمية و التي سهلت على كل من يرغب أن يدخل في هذا المجال دون خبرة أو دراية أو علم مما أدى لانحطاط المنتج و المحتوى الصوري عموما.

ثانيا نتيجة لرداءة المنتج فسد الذوق عند العامة بحيث لم تعد العامة تفرق بين الغث و السمين و شمل هذا الانحطاط في الذوق معظم المجالات الفنية فبعد أن كان الناس يطربون لأم كلثوم باتوا يتراقصون لهيفا !!!

ثالثا و هو ما أريد أن أتفرد في شرحه في مقالي ألا و هو تدني الأجور التي يتقاضاها المصورون مقابل أعمالهم و التي تصل إلى 200 ليرة مقابل كل صورة ما يعادل ( 35 سنت تقريبا ) !!!
و هنا أحب أن أقول لأصدقائي و زملائي المصورين على اختلاف توجهاتهم و مستوياتهم ما يلي:

حين يأتيك زبون و يطلب خدمة منك و تطلب منه مثلا 100 دولار مقابل الصورة و يقول لك لا أملك ميزانية أعلى من 20 دولارا فما الذي يجب عليك فعله؟

الصحيح أن تعتذر منه بكل لباقة و إيجابية و أن تقول له أعتذر منك فأنا أتقاضى هذا المبلغ و يمكن أن تجد في السوق مصورين يصورون بهذه الميزانية و إن استطعت أن ترفع الميزانية فأنا في خدمتك، هكذا بكل بساطة.

الخطأ أن تقول له لا بأس سأقوم بحسم خاص لك و أصور لك بهذه الميزانية و هنا تكون ارتكبت أكبر جريمة بحق نفسك فما الذي حصل؟

في الخيار الأول حافظت على قيمة عملك و بالتالي قيمتك في مستوى أعلى من استطاعة الزبون مما سيجعله بحكم الطبيعة البشرية تواقا لكي يصل إليك و يوظفك لتحسين صورته أمام نفسه أولا و للحصول على خدماتك التي يجب أن تكون على قدر هذا المبلغ الذي طلبته.

في الخيار الثاني فهم الزبون فورا عندما قدمت له الحسم أنك تتبع أسلوب المبالغة في الطلب و تنجر و راء الكسب مهما كان منخفضا و بالتالي فقد حجمت نفسك و قيمتك بهذا المبلغ البسيط الذي عرضه الزبون، و ثق تماما أن هذا الزبون حين يستطيع رفع ميزانيته سيذهب لذاك المصور الذي اختار الخيار الأول لأنه يعتبره مصورا من الميزانية العالية و المستوى العالي و لن يعود إليك حتى لو كان إنتاجك ممتازا لأنه سيعتبرك مصورا أدنى من الميزانية المخصصة لعمله و بالتالي تكون قد قللت من قيمتك و تعبك و جهدك و خسرت فرصا إضافية مقابل قروش قد لا تكفي لصيانة قطعة صغيرة في عتادك التصويري، عدا عن أن الضرر سيمتد إلى باقي زملائك فحين تصور بمبالغ تافهة تكون قد خفضت من مستوى سعر الخدمة في السوق عموما مما يؤثر سلبا على باقي زملائك و ذلك لأن الزبون يهتم دائما بالسعر و من ثم يلتفت إلى باقي الأمور و لا أعمم طبعا و لكن الغالبية كذلك و هناك أمثلة على مهن اتفق أصحابها على أن لايقللوا من قيمة عملهم كالصياغ مثلا، إذ لم أسمع في حياتي أحدا دخل إلى صائغ و قال الجملة العربية الشهيرة ( راعينا ) لا لأن الذهب تحكمه بورصة عالمية بل لأن الصياغ اتفقوا على أن تكون أجورهم ( الصياغة ) موحدة و غير قابلة للنقاش و بالتالي فإن الزبون يدفع و يستلم دون نقاش مما حافظ على سمعة طيبة لهذه المهنة و لم نسمع يوما جملة ( شقفة صايغ ) كما نسمعها اليوم عن المصورين.

و في ما يلي أورد بعضا من التكاليف التي تتحملها كمصور لتخرج عملا فنيا لائقا و لك القرار فيما إذا كنت ستستمر في التقليل من قيمة جهدك و تعبك :

كاميرا حساس مجتزأ 500 دولار وسطيا

كاميرا حساس كامل تبدأ من 1500 دولار للمستعمل

عدسة واحدة للحساس المجتزأ وسطيا 350 دولار

عدسة واحدة للحساس الكامل وسطيا 1000 دولار

فلاش محمول وسطيا 200 دولار

كروت ذاكرة وسطيا 75 دولار للكرت الواحد

بطاريات إضافية 80 دولار وسطيا للبطارية الواحدة

طقم إضاءة استوديو فلاش 500-750 دولار لطقم صيني من 3 رؤوس

جهاز كمبيوتر محمول أو مكتبي 1000 دولار وسطيا لجهاز من الفئة المتوسطة

هاردات خارجية للأرشفة 200 دولار وسطيا

خط إنترنت 10 دولار شهريا

حقيبة محترمة لحماية كاميرتك 100 دولار وسطيا

كهرباء لشحن البطاريات و تشغيل الإضاءة ( استوديو ) و الكمبيوتر 1 دولار يوميا في الحد الأدنى

بطاريات خارجية و محولات طاقة ( إنفيرتر ) للعمل أثناء انقطاع التيار الكهربائي 500 دولار للمجموعة المتوسطة الكاملة

تنقلات و مصاريف عامة 2 دولار يوميا وسطيا

أجور مكان 150 دولار كحد أدنى حسب الموقع و قد تصل إلى آلاف الدولارات

خبرة و جهد في التعلم و التطور لا تقدر بثمن

اهتلاك جسمك و آلام الظهر و المفاصل و تعب العيون لا تقدر بثمن

وقت التعديل و الأرشفة لا يقدر بثمن

وقت التسويق و العمل على نشر أعمالك و الرد على العملاء و التخطيط و التنظيم لا يقدر بثمن

مصاريف إضافية تضاف حسب كل اختصاص من عواكس و خلفيات و حوامل و طاولات و شاشات و أرضيات و لوازم ….إلخ…. إلخ قد تصل إلى آلاف الدولارات

مما نرى أعلاه إذا اخترنا الخيارات الأخف سنصل إلى ميزانية قد تصل إلى ما لا يقل عن 3000 دولار لتجهيز العدة هذا إن لم يطرأ عطل أو احتياج جديد فهل ستصور و تبيع بما يعادل 35 سنتا أو حتى دولارا واحدا في أحسن الأحوال !!!

لك الخيار زميلي المصور و لا تعتقد بأنك بتبخيس السعر ستأكل السوق بل ستأكل نفسك و عدتك و ستصل يوما إلى وقت تقف فيه أمام عدة مهترئة لم تستطع أن تأمن لك عيشا كريما و لا حتى أن أن تعيد لجيبك ثمنها فلكل قطعة عمر افتراضي و ستتوقف عن العمل عنده.

و ثق أن ما تجنيه بعمل أسبوع مع أسعار مهلهلة يجنيه مصور عرف قدر نفسه و قيمة عملة بيوم واحد و مع زبون واحد.

اجعل شعارك النوع لا الكم

و دمتم بكل الود

هيثم فاروق المغربي

من هيثم فاروق المغربي

رئيس مجلس ادارة نادي فن التصوير الضوئي السوري مدرب عربي معتمد في الفوتوغراف من أكاديمية اوسان عضو في اتحاد المصورين العرب - مصور محترف عضو الاتحاد العالمي للمصورين المستقلين - مصور صحفي محترف- عضوية دائمة