ربما تحتوي الصورة على: ‏‏2‏ شخصان‏736095_433763366735132_831128202_o

الكابتن الأستاذ الفنان (  أديب العاني ) صوت أعماله الضوئية.. مطر إبداع يتساقط بألوان الطيف السبعة..

بقلم : فريد ظفور

– الفنان أديب العاني يعد واحداً من جيل الرواد الذي أبدع في مجال الفوتوغرافيا وهو من القلائل الذين حاولوا ونجحوا في إعطاء الأمل لجمهور المصورين العرب..

منذ انطلق قطار إتحاد المصورين العرب قبل سنوات والذي كان خطوة رائدة جمعت شمل المصورين لبناء كيان ضوئي لهم .. من أجل تطوير التذوق الفني الضوئي عند الهواة والمحترفين وكذلك النقد ومن أجل تقديم البحوث الجادة عن الفن الفوتوغرافي محلياً وعربياً وعالمياً وقد قطع الإتحاد هذه الرحلة الطويلة وهو يزداد ثقة بنفسه وبجدية الأمانة التي حملها منذ رأى النور ليقدم ماهو أصيل وجاد وموضوعي وجديد وتقديم أعمال المصورين وتسليط الضوء على المعارض والجوائز والمسابقات وكشف النقاب عن المبدعين من هواة ومحترفي الفن الضوئي..واضعين على رأس سلم الأولويات نشر الثقافة الضوئية وتقدمها وأيضاً إجراء حوارات مع الفنانين ونقاد وأساتذة  والمهتمين بالفن الضوئي ..

– ها قد جاء الربيع الضوئي ليقدم طعام الجمال والألوان للطيور وماء الحياة للأغصان وكأس المحبة للمصورين..وأيضاً ليكون عبقري الفصول الأربعة لأنه إمتاز بالخلق والإبتكار والإبداع.. والربيع هو الضوء المركز ببنجكتور الحب ليبدد شعور المصورين بالغربة الموحشة..وعندما عانق الربيع الفوتوغرافي الثرى ولّد الزهر والورود الضوئية في شتى أصقاع الوطن العربي..وربيعنا الفوتوغرافي من أعظم شعراء الضوء الذين يواكبون الحب والعاطفة ..بموسيقى النهر الخالد الذي يسبح فيه عشاق المشاعر الفوتوغرافية المرهفة..ولأن موسيقى الحب هي المقياس الشفاف لمستوى حضارة وتطور الفوتوغرافيا عالمياً.. والموسيقى التي تسكن أعماق القلوب كما يسكن اللؤلؤ أعماق البحار ..وهي شعاع من النور ينساب الى حواجز النفس الفوتوغرافية فيزيدها تألقاً وصفاءً وجمالاً..والحقيقة أقول لكم بأن الموسيقى هي الحقيقة المطلقة التي تضعها في مقدمة الركب وفي مصافي المرتبة الأولى بين الفنون بلا منازع ..

من هنا كان لقاء الأستاذ أديب في دبي عاصمة الصورة العربية..وكان لابد أن يعزف الحرف أحلى معانيه من شفتينا..كان لابد من أن تنقى العبارات  لكلينا ليرقص لحن الشعاع الذي يخرج من الخبء ..من ناظرينا..وكان ذلك في موسم الربيع الذي سقيناه أحلامنا البكر من راحتينا…وهكذا وشى الربيع أزهار اللوز البيضاء النقية ..وغصون الكروم وزهر البنفسج والياسمين الشامي وكل الورود العربية وكل المروج وتبادلنا البوح والأمنيات وتحدثنا عن صروح التصوير..ورش علينا العاني بأحاديثة ومداخلات وحواراته بالمنتديات من طيب خبرته وعبق تجاربه الكثير وهو من داعب النور المعرفي الفوتوغرافي في العيون والفرح في القلوب واللحن  والتدرجات الضوئية والأغنيات الفنية الجميلة..وطاف بنا بالعالم اللازوردي بين مروج الهوى وتدرجات اللون الأجادي وألوان الطيف ..

يتهادى الهوينا ليعزف على سلم الطيف أجمل ألحانه الفوتوغرافية والتي كان يتحفنا بأمثالها في زاويته الأسبوعية على ذمتي ..التي يسلط الضوء على حدث هام أو معضلة أو مشكلة أو موهبة فوتوغرافية مبدعة خلاقة..وكذلك محطات ضوئية ..وغيرهما الكثير..

– لم نكن نحتاج اللقاء  لجواز سفر وبطاقة دخول لعالمه الفوتوغ رافي المعرفي .. فقط الكلمات كانت تخرج من القلب صادقة بصفاء الأمنيات نفسها..التي تعرش على جدران الحياة الضوئية..

لقد كان الطريق اليه صعب وسهل في آن لأنه اختراق لحاجز محفوف بأشواك البعد عن معرفة شخصية العاني وسهل وهو الأصعب لأنه السير بخطى ثابته وحذره على بساط عشبه المعرفي الثقافي الفني  الندي ولكي لاتنزلق أرجلنا ونبرقعه بما يشوه منظره وبنفسجه ..وبالكلمة الطيبة  اعتصرت من عناقيد الأمل بالفوتوغرافيا عصيراً صافياً من كل ترسبات اليأس والفشل التي يخلو منها قاموسي الخاص ولايعرفها..

فقدتلألأت في فضائه أنوار لغة فوتوغرافية مميزة أضاءت لعشاق التصوير الدروب كي توصلهم الى برّ الأمان ..ومايزال ينهل من ينابيعه الضوئية مايروي ظمأ الجيل العربي المتعطش للفن الضوئي ..ورغم مرور السنين مايزال هو وأقرانه من زملاء دربه يرفدون ينابيع الضوء بجداول الإبداع الغزيرة ..

ومازلنا نأخذ من مياهه عبق طموح ينقش على صخرة الحياة أحلامنا التي استفاقت بهدهدة نسائم أحلامنا الضوئية الطفولية..والتي أنعشت رئة عقلي عندما أدخلوني في صفحة الإتحاد أتجول برفقة الأستاذين عبد الرسول وصلاح حيدر وغيره من الزملاء الأعزاء ..أتجول برفقتهم وتجاربهم أقطف من أمالهم طيات وطيبات الغراس التي تتبرعم فيها زهيرات الفن الضوئي وتتفتح تويجات مواهب الشباب التي تلثغ رضاب أمنيات تبلل ريشة قلمي وكي بورد جهازي للأترجمها على شكل كلمات وأناشيد وقصص ضوئية وخواطر وتجارب بكل محبة ..

ولابد لنا من مدخل لفن الصحافة التي تعني العمل والجهد والفن ..وللأسف قد يكون موت راقصة أو فنان ممثل أهم من موت مصور أو أديب أو عالم ..والصحافة فن من أجمل الفنونون..و حياة الصحافي والمصورين الصحفيين بالذات  كلها عمل وجهد متواصل والصحافي النشيط يقدر المسؤلية ويفكر والواجب عليه أن تكون حياته حياة جميع الناس ..والصحافة هي سجل شرف حافل يصور للملأ يومهم وغدهم ويرشدهم الى الطريق الصحيحة ويحثم على العمل ويطالب بكل نافع من أجلهم..

– في عصر يختنق بصراعاته وتحولاته الجارفة تتعرض فيه القيم والمباديء للتصدع والتغير والإهتزاز ..وفي حمأة هذه التحولات التاريخية تتبدد بعض القيم وتولد قيم ومفاهيم جديدة تعمل على تغطية هذه التحولات الفنية والإجتماعية واللحاق بوتيرة تسارعها وومض بريقها وفي غمرة هذه التحولات الفنية والإعلامية النوعية سرعان ماينهض وعي فني متقدم يلحق بركب الحضارة وبقطار التقدم والتقنية الفنية ..

في مجتمع تنتبه فيه الأذن أكثر من العين ويشتغل اللسان أكثر من اليدين ..في مجتمع ضوئي شغوف بالملفوظ يهتز على وقع  المنطوق.. ما الذي سيحدث لو أن العين أنصتت أو أن الجسم اهتز والحواس استنفرت جميعاً لوقع مشهد لطفل حزين أو صورة أو فيديو أو لوحة تشكيلية جدارية ..فلو علمنا بأن ثقافتنا العربية ثقافة مشافه وكتابة ..ثقافة كلام وكتابة ..بيد أن عصرنا وزماننا زمن الصورة وعصر الإتصالات  والأنترنت…والقنوات المساحية والفضائية للتقبل والإدراك..

وما من شك في أن للنقد الفني الفوتوغرافي أهميته تماماً مثل أهمية التعليم والتنظير وورش العمل الفوتوغرافية والندوات والمحاضرات والمنتديات….فليس للفنون أن تتطور إيجابياً إلا بتطور نقدها وبتقدم وسائلة ومصطلحاته وذلك أنه مرحلة لازمة للعمل الضوئي والتشكيلي والأدبي ..مثل لزمها للإباع عامة فالصورة أو القصيدة أو اللوحة أو العمل الفني أو الأدبي لاتقف عند حدود المبدع أو الناظم أو المصور أو الرسام..إذ أنها تتجاوز ذلك بكثير ..والنقد هو المهماز وهو الكفيل بإعادة صياغة العمل المنجز الى خطابات ورموز وأشكال متخالفة ومتآلفة ليجعل منها كائناً فياض ينبض بالحيوية ..لأن النقد هو رئة الإبداع ونبض القيم الجمالية..وكذلك النقد قراءة تقوم على التفكيك والتركيب أو البناء..وكذلك لايمكن أن يكون حكماً معيارياً يسند الأرقام فيرفع من شأن تجربة ويحط من شأن تجربة أخرى بأبعادها الرمزية أو الفكرية أو الأيديولوجية الفنية..أو العاطفية ..والناقد لن يكون محايداً ولا منحازاً بل عليه أن يكون قارئاً له ثقافته الفنية والأدبية مثل ما للفنان المبدع من ثقافة وتكوين..

مع ملاحظة أن المصورين يختلفون رؤى ويتعددون إجتهاداً ويتباينون أفكاراً وخبراتاً وتحكمهم في رؤاهم تقاليد وعادات وأعراف تختلف من بلد عربي الى آخر..وتسيطر عليهم أعراف ورثوها في تبني أفكارهم ومعلوماتهم  ومعايير وضعها أسلافهم ممن سبقوهم بتجاربهم ..فأضحوا مقيدين باغلالها مأسورين في سجنها مرتهنين وراء قضبانها..

وبذلك أضحى المصور العربي بين فكي كماشة الحداثة والتراث ..و أضحى بين مطرقة التحديث وجيل الشباب وسندان القديم والمحافظة على الأصالة..

ومع ذلك كله فإن عقارب ساعة الزمن الضوئي لا يمكن أن تعود الى الوراء فبعد إنجلاء غبار المعارك بين الحداثة والعراقة..وبين التجديد والتقليد ..بدأت ترتفع بيارق ورايات النصر والإبداع خفاقة فوق ذرى الجبال الضوئية وفي سماء تاريح الفن الفوتوغرافي العالمي لكي تنشر الخير والحب والجمال وتنثر عبق الحياة الفنية في المجتمع الفوتوغرافي العربي…

ومن هذا المنطلق يمثل المبدع في الفنون وفي العلوم الحسية تهديداً لإستقرار النفس البشرية وخطراً على سكون الوجدان وثورة على سكينة العقل وتسفيهاً لآراء السلف ..

– ففي حركة تاريخ الفنون وتاريخ العلوم والآداب تبرز من بين ركام تقديس الموروثات ..منهم من يحاول كسر طوق الأعراف وتحطيم سور الموروث المادي والمعنوي وإلغاء قيود المألوف ..وهذه الفئة تسمى بالمبدعين أو بالعباقرة أو المتألقين..ولكن هذه الفئة المبدعة في سعيها للتجديد والحداثة الفنية تواجه أساطين التقليد وتتصادم مع كهنة تقديس الموروث وتصطدم مع أخبار العرف السائد في كل مجتمع ..ليتمخض عن ذلك صراع بين الأجيال وصراع فكري بين الجديد والقديم ..وربما يذهب بعض المبدعين شهداء لفنهم أو فكرهم  أمام جحافل الإنقلاق وجيوش العصبية ..

– يعرف الفن والعلم والأدب بأنه مجموعة من المعارف والحقائق والخبرات الإنسانية التي تشمل العلوم والفنون والآداب كلها من طبيعية وإنسانية وإجتماعية ..

فقد شهدت البشرية في العقود الأخيرة من القرن الماضي تقدماً علمياً سريعاً وهائلاً في مجالات عدة ..يكاد يكون ثورة مذهلة تصل حداً يصعب على الفنان مواكبته وربما استيعاب تطوراته من هندسة الإتصالات وهندسة الجينات الى استنساخ  الدنا الى ثورة الأنترنت الى الطباعة الثلاثية الأبعاد الى السباق للوصول الى المريخ وستحمل القادمات من الأيام والشهور الكثير والمثير ..

ونحن نريد أن نشكر كل من أسهم معنا في الكتابة والنقد وكل من انتقدنا وحاول تصحيح مسارنا لما فيه خير ومصلحة الفن الضوئي.. لآن الحوار والنقد الإيجابي هما الوسيلة الوحيدة حتى تتطور أي مجلة أو مؤسسة إعلامية ..

أخيراً فلابد من أن نشكر الأستناذ أديب العاني والأستاذ صلاح حيدر والأستاذ عبد الرسول الجابري  والأستاذة سحر الزارعي وجائزة الشارقة وجائزة حمدان للتصوير وبقية الزملاء من الوطن العربي ..على وقوفهم معنا منذ أن أبصرت ( مجلة فن التصوير ) النور على الشبكة…ولا شك نريد أن يتابع الجميع معنا الجهود والتقويم والتواصل والدعم ..حتى نصل الى الغاية والأهداف المرسومة لخدمة عشاق الفن الضوئي..

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏2‏ شخصان‏، ‏‏‏أشخاص يقفون‏ و‏بدلة‏‏‏‏

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.