فقدت الساحة الإعلامية الجزائرية أحد أعمدة الصحفيين المصورين صنّاع القطاع الخاص والصحافة المستقلة في الجزائر، وهاب هابت، أمس، إثر سكتة قلبية عن عمر يناهز 55 عاما، حيث شاءت الأقدار أن يلاقي ربه من الملجأ فندق “المنار”، الذي فرّ إليه منذ العشرية السوداء من منزله العائلي بحي بلكور الشعبي.

تنطفئ الشمعة وراء أختها في الساحة الإعلامية الجزائرية، حيث شاء القدر أن يختطف الموت أحد أكبر قامات المصوّرين الصحفيين، الذين رافقوا التعددية الإعلامية في الجزائر وكانوا أحد صنّاعها، المصوّر المحترف وهاب هابت، مدير وكالة “نيو برس” التي أسسها مطلع سنة 2000، كأوّل وكالة أنباء خاصة بالصور. قبل ذلك، كان عميد المصورين الصحفيين وهاب هابت، قد قاد مسارا ثريا إلى جانب مجموعة صحفيين كبار، من أمثال حسان زروقي وغنية خليفي، في جريدة “لوماتان” الناطقة باللغة الفرنسية، إبان العشرية السوداء، وعمل خلال سنوات الإرهاب وتمكّن بفضل شجاعته وحبه لنقل الوقائع المرة حينها، من التنقّل إلى المناطق التي ارتكبت فيها المجازر البشعة، كما شارك بعمله في عدة عمليات تمشيط لوحدات الجيش الوطني الشعبي التي كانت تستهدف معاقل الإرهابيين وغطّى أكبر العمليات، مما جعله مستهدفا من قبل الظلاميين، ليتعرض إلى عدة محاولات اغتيال، مما دفع به إلى الانتقال للاستقرار في فندق المنار بسيدي فرج، رفقة قامات إعلامية هربت للاحتماء بالدولة من أيادي الغدر والظلام. شارك العملاق الراحل وهاب هابت، في عدّة معارض للصور الفوتوغرافية، مثّل فيها الجزائر، نقل من خلالها حقيقة ما كان يحصل في الجزائر، وأبهر أكبر الوكالات والمواقع الإخبارية بصوره المبدعة، مما جعلها تنتدبه مراسلا لها من الجزائر، على غرار وكالة “أسوشيتاد برس” الأمريكية، وأكمل مسارا طويلا معها بعد توقيف جريدة “لوماتان” عن الصدور. تخرّج على أيدي المصور المحترف الراحل عديدُ المصورين، من بينهم المرحوم بغلول نبيل، ومصور صحيفة “لوماتان” الشهير باسم “موح لوماتان”. عُرف الراحل بمساندته لجميع الحركات الصحفية، وكان ضمن الصفوف الأولى لكلّ انتفاضة للصحفيين في سبيل الدفاع عن حقوقهم المهنية والاجتماعية وحرية التعبير والرأي. في أرشيف الراحل عدة ألبومات لصور حية تصوّر كبرى الأحداث الوطنية، من أحداث دموية إلى المصالحة إلى الانتخابات التشريعية والمحلية والرئاسية، فضلا عن أحداث مهمة أخرى في تاريخ التعددية الجزائرية. هكذا شاءت الأقدار أن تختطف عميد المصورين الصحفيين في القطاع الخاص، لاجئا من فندق المنار بسيدي فرج، هذا الفندق الذي تحاكي أسواره معاناة رجال مهنة المتاعب وتضحياتهم في سبيل استرجاع السلم والأمن والاستقرار، سلم استرجع لكنّ طمأنينة الصحفيين ما زالت لم تسترجع ببيت يضمن لهم العيش الكريم والمحترم. وتجدر الإشارة إلى أنّ جثمان الفقيد سيوارى الثرى بمقبرة قنزات بولاية سطيف، مسقط رأسه، وسينقل جثمانه قبل ذلك إلى دار الصحافة “الطاهر جاووت” على الساعة العاشرة صباحا لإلقاء النظرة الأخيرة على الفقيد.

حكيمة ذهبي