2023110952.jpg

أهالي حمص يُحْـيُون خميس الحلاوة

تنفرد مدينة حمص السورية بإحياء ما يسمّى بـ”خميس الحلاوة”، كتقليدٍ شعبيٍّ متوارثٍ منذ زمنٍ بعيد. وعلى عكس الأعياد الدينية، تتشارك الطوائف المتنوّعة في المدينة في إحياء هذه المناسبة، فيشتري الناس أنواع الحلاوة ويوزّعونها على الآخرين في تجمّعات العمل والمدارس والمقاهي. كما يزور الكثيرون قبور الموتى خلال ساعات الصباح الباكرة لقراءة الفاتحة، وهو ما يجعل البعض يطلقون عليه أيضاً “عيد الأموات.”

وتشير حميدة الدروبي، وهي معلمةٌ من حمص، إلى أنّ “أهالي المدينة متمسّكون بهذا التقليد حتى اليوم”. وتذكر أنّ حوالي 5 أنواعٍ من الحلاوة تتوافر في الأسواق في هذا العيد، وهي (الخبزية) و(السمسمية) و(بشمينة) و(راحة فستقية) و(بلاط جهنم). وتضفي أنواع الحلاوة المعروضة على الأسواق ألواناً من الفرح، وهو طابعٌ يغيب عن المدينة معظم أيام السنة بسبب الحرب.

تقول أم أحمد: “حافظت الأسواق على هذا التقليد عشرات السنين. تحتفل به عائلتي منذ أن كنت صغيرة. تبعث ألوان الحلويات الفرح في نفوس الأطفال والكبار على حدٍّ سواء”.

وترى أم أحمد أن “الفضل الأساسيّ في الحفاظ على هذا التقليد يعود إلى البائعين، فهم أصحاب المصلحة الأولى فيه”. وتضيف: “كانت زيارة المقابر أحد الطقوس الرئيسية لهذا اليوم، فكانت تكتظّ بالزوار، تماماً كأوّل أيام الأعياد. كما كان الكثير من الفقراء والمحتاجين يحظون بكمياتٍ من الحلوى.”

عادةً ما يثير موعد هذا الخميس بعض الجدل في كلّ عام، فيما يتفق الجميع أنه خميسٌ من نيسان. وتبعاً لأحد المؤرّخين فهو “الخميس الذي يسبق عيد الفصح المجيد بأكثر من أسبوع”. وتروي حميدة: “من ناحية الباعة، فهم يفترشون الأسواق بالحلاوة منذ اليوم الأوّل من نيسان، أما نحن فنحتفل به حسبما يشاع في كلّ سنة”. وتضيف بروح الدعابة: “ليس ذلك غريباً علينا، فنحن حماصنة.”

ولم يمنع انخفاض المستوى المعيشيّ، الذي يعاني منه معظم الأهالي هذه الأيام، أحداً من شراء الحلاوة. فأسعارها، تبعاً لحميدة: “منخفضةٌ نسبياً، وهي في متناول الجميع.”

 من ناحيته، أحيى فريق الدعم النفسيّ والاجتماعيّ التابع للهلال الأحمر هذا اليوم بإقامة احتفالية فرحٍ في عددٍ من مراكز الإيواء والمدارس في أحياء مسكنة وحسياء والزهراء ومدرسة القادسية. وقام المتطوّعون بتوزيع ما يقارب 250 كيلو غراماً من أنواع الحلاوة على الأطفال. وأشار الفريق إلى أن النشاط جاء بهدف الترفيه عن الأطفال وترسيخ العادات المجتمعية.

إلا أنّ الحصار الذي تفرضه قوّات النظام على منطقة الوعر في حمص حرم أهلها، للسنة الثالثة على التوالي، من إحياء هذا التقليد. وتبعاً لمهند من الخالدية: “لم تتوافر الحلاوة في أسواق الوعر منذ أكثر من سنتين، فالناس بالكاد يحصلون على ما يأكلونه”. ويضيف: “محلات الحلويات، كغيرها من محلات الأطعمة الجاهزة، مغلقةٌ منذ زمنٍ، بسبب عدم توافر المواد الأولية، كالطحين والسكر وحتى الغاز.”

من جهته، يرى أبو عصام، وهو صاحب أحد محلات الحلويات: “وجود حاجةٍ كبيرةٍ لدى أصحاب محلات الحلويات لهذه المناسبات”. ويشتكي من أنّ “الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها معظم الناس جعلت شراء الحلويات أشبه بالترف، ما أثرّ على حجم عمل هذه المحلات بشكلٍ واضحٍ، عدا أن المدينة فقدت مبيعاتها من (حلاوة الجبن) الشهيرة للزوار، الذين لا تتجاوز أعدادهم اليوم أصابع الكفين

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.