الفنان التشكيلي صفوان فرزات :اللون ينشط الحواس البصرية ويحرك مواقفنا ومشاعرنا لفن النحت رؤيته… وأدواته الخاصة تختلف عن فن اللوحة
الثلاثاء, شباط 7, 2017

فنان شامل في شمولية المبدع الكبير والرائد بين اقرانه  وجيله  وعالمه المتجلي في عبقرية فريدة تتجلى في معالجاته للوسائط الفنية التشكيلية والجمالية , وهو الذي احترف حياة الفن  منهج حياة وعيش , فشكل عالمه وجل اهتمامه , منصبا على الألوان النقية الناصعة والأشكال المبتكرة في الفن ,وهو الذي سحرته الأزهار ووجوه الناس واللوحات التي تهتم بالموضوعات ،واللوحات التي تحكي قصص وحكايا من الحياة الشعبية,راسما بألوان الرومانسيون واقعيته المشوبة بجمال الطبيعة والحياة اليومية , وهو الذي أحب عامة الناس وحركتهم وجمع مابين مدنية وريفية بلده في أعماله …
وللإضاءة على أهمية الفن ودوره في تنمية الفكر ، كان لنا هذا اللقاء مع الفنان صفوان فرزات الذي ساهم إلى حد كبير في دفع عجلة التطور الفني إلى الأمام عبر عشرات المعارض الفردية والجماعية داخل القطر وخارجه ، عالج من خلالها موضوعات إنسانية شتى …‏ الجوع ، القهر ، الحرية ، القضايا الوطنية والقومية ، كما صور لنا الحب ، السلام ، الطبيعة السورية ، المرأة والعدالة الإنسانية بأساليب فنية تقنية ، تضمنت مختلف الأساليب المدرسية في العالم .‏ وهو الذي يعتبر الفن مرآة الفكر ، بها واجه الإنسان على مر العصور ، صراع الخير والشر ، وبرأيه أنه بالفن تنهض الحضارة, والفن والإنسان صنوان لا يفترقان فلا فن بدون إنسان والعكس صحيح به يسمو الإنسان ، وبه يصبح العالم أوضح وآنس ,
البدايات ..
قال الفنان فرزات عن بداياته : ظهرت موهبتي في المرحلة الإعدادية على يد مدرس الفنون الذي كان يهتم بتنمية مواهب الطلاب آنذاك ,مما ساهم في  ظهور موهبتي بشكل جيد , إضافة إلى البيت الذي تربيت فيه وكان بيتا  يهتم أفراده بالعلم والأدب والفن, مما أعطاني دفعا قويا لأرسم, ونمت هذه الموهبة إلى مرحلة  دراستي في بيروت في الجامعة اللبنانية «العمارة الداخلية /قسم الديكور» .
بدأت نشاطاتي في المعارض وكنت أحد مؤسسي نقابة الفنانين التشكيليين السورين والعرب.
وأضاف :لدي معارض فردية وجماعية وثنائية , كل معرض يختلف عن الآخر , ويبقى المعرض الفردي جهد شخصي كبير , نقدم فيه ما يقارب 40 عملا , وفيه تظهر رؤية الفنان لما يدور حوله وانعكاس هذه الرؤيا عبر مواضيع شتى تظهر في اللوحات مع الألوان المستقاة من الطبيعة والتي تضفي الحياة على تلك الموضوعات المطروحة ..
انطباع الفنان عن الطبيعة
أشار الفنان فرزات إلى أنه في البدايات تأثر بالمدرسة الانطباعية حصرا وأنه أحب هذه المدرسة كونها تشكل انطباع الفنان الشخصي عن الطبيعة حيث يراها الفنان كما يحس هو , لا كما هي موجودة في الطبيعة مثلا إسقاط النور في بعض اللوحات يكون حادا في بعض البقع مما يثير الإحساس , وهذه المدرسة «الحديث مازال للفنان» أثرت في وعلمتني آلية وضع اللون , بعدها انتقلت الى المرحلة التعبيرية , وفيها أقوم برسم اللوحة كقصيدة شعرية وأجعل المتلقي يقرأها بتمعن «حركة ولون» وهي من أهم المدارس التي أحببتها واهتممت بها أيضا .
وأضاف : هناك تجارب ما بعد التعبيرية وهي الاتجاهات الحديثة في الفن التشكيلي وبرأيه أنها تجارب لابد منها , فالفنان فرزات وحسب قوله لا يحب الالتزام باتجاه واحد في الفن , إنما على الفنان القيام بالعديد من التجارب وطرح رؤيا جديدة في اللوحة وأن لا تكون عبارة عن ختم يختم به لوحاته في النهاية , فالتنوع يغني عقل المتلقي , وأشار الفنان فرزات أن الاختلاف والتجديد هنا يكون من خلال «الألوان المستخدمة والمواضيع المطروحة» ,علما أن هناك «الحديث مازال لفرزات» خطا معينا يدل على أعمالي بالرغم من عدم التزامي بنوع أو اتجاه معين .
أرضية صلبة
أما عن الحركة التشكيلية في سورية فقال : هي من الحركات المتقدمة في الوطن العربي نتيجة للتجارب الفنية والتشكيلية المتميزة لبعض الفنانين السوريين , مما أعطى الفنان السوري مساحة كبيرة وأرضية صلبة للتحرك على أساسها , وجعل الفن التشكيلي السوري مطلوبا ومرغوبا خاصة في فترة السبعينات وحتى يومنا هذا ..
وأشار إلى تأثير الأزمة على عمل الفنانين التشكيليين وحركة الفن التشكيلي قائلا : لاشك أن الظروف الصعبة التي مرت على بلدنا أثرت على الواقع الثقافي والفني تأثيرا سلبيا , فأصبحت المعارض قليلة والتواصل بين الفنانين قليل نتيجة لهجرة بعض الفنانين الكبار منهم مما ترك فراغا كبيرا , ولكن ورغم كل الظروف هناك محاولات دائمة لاستمرارية العمل وتحدي الصعوبات والدليل على ذلك  المعرض السنوي الذي تقيمه وزارة الثقافة , والمعارض التي يقيمها اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية , وأتمنى أن يتعاون الفنانين الموجودين لإعادة النشاط الفني في حمص , علما أن هناك لقاءات تتم بين الفنانين وطروحات عديدة تقدم وملتقيات يتم فيها التباحث لإعادة الحياة للمشهد الثقافي والفني الرائع الذي تتميز به مدينة حمص .
نشاطات …
مؤخرا تم إقامة معرضين ل مجموعة «خوابي» الأول :ضم العديد من الفنانين ,وكنت من المشاركين وأنا اعتبر إقامة هكذا معارض فرصة لالتقاء الشباب الذين يهتمون بالجانب الفني والثقافي وخطوة  جيدة لاستمرارية الأعمال الفنية في المحافظة وتمنى على كافة الفنانين العمل بجدية لإعادة صياغة المشهد الفني لأنه يشكل حلقة تواصل اجتماعية تدخل حتى البيوت كونها ثقافة مهمة للكثيرين وحمص كانت دائما منارة في هذا المجال قياسا لبقية المحافظات ثقافيا وفنيا .
والمعرض الثاني «ضم العديد من الشباب الموهوبين في هذا المجال « في نقابة الفنانين التشكيليين , والهدف منه تشجيع هؤلاء الشباب وتحفيزهم على العطاء وإبراز ما لديهم من طاقات إبداعية وليتعرف على نتاجاتهم كل من الجهات المعنية والجمهور , وتبقى الغاية الأسمى هي المساهمة في إعادة الحياة و النشاط الفني والثقافي لمدينة حمص .
والآن هناك مشروع مع نقابة الفنانين التشكيليين لإقامة ملتقى للفنانين المحترفين , مع دعوة الفنانين الهواة للتفاعل مع هذا الملتقى والمشهد الفني المميز ..
ينشط الحواس
وعن سؤالنا عن أهمية الثقافة التشكيلية عند الفنان قال : الثقافة التشكيلية للفنان تعني الكثير ، هي أساس بناء العمل الإبداعي ، والثقافة ليست القراءة فقط ومعرفة المدارس والاتجاهات نظرياً ،بل هي اطلاع ومعرفة وحضور سواء في المعارض المهمة أو الندوات الثقافية التي تطرح قضايا الفن التشكيلي خصوصاً ونحن في عصر تحتد فيه الصراعات الثقافية بكل أشكالها ..
مضيفا أنه من الضرورة معرفة  أهمية انتقاء اللون والتفاعل معه قائلا : أن تفلسف اللون ضمن تقنيات الصورة الحديثة وتقيم علاقة ممتعة مع المتلقي فهذا هو المطلوب تحقيقه ضمن اللوحة الفنية ,فاللون ينشط الحواس البصرية ويحرك مواقفنا ومشاعرنا ,وقد ساهم اللون لدى الفنانين العظام في قوة أعمالهم .
تحريك الإحساس الداخلي
وعن سؤالنا الفنان فرزات عن عمله في فن النحت إضافة للتشكيل وأيهما أقرب إليه قال : لفن النحت رؤيته وأدواته الخاصة تختلف عن فن اللوحة فالمواد المستخدمة هي «المعدن –الخشب –الرخام « فالمادة هنا تلعب دورا كبيرا في تحريك الإحساس الداخلي للفنان نتيجة لخصوصية هذه المواد وتنوعها ,
وأضاف : في أعمالي أتصور أي مفردة من مفردات الحياة هي مشهد  وخاصة وجه المرأة فهي برأي من أهم المفردات فهي الحياة – الشجرة – النهر – السهل , فوجه المرأة يحرضني باتجاه الأعمال النحتية فأتصورها أحيانا بطريقة حزينة أو شاعرية أو رمز الأمومة …
وفي الفترة الأخيرة أجد نفسي في الأعمال النحتية كونها تعطي انطباعا جيدا لدى المتلقي يختلف عن اللوحة ذات السطح , وأهم من ذلك هو القدرة على توظيف المشاعر والأحاسيس ضمن العمل «خلق حالة تعبيرية « .
والفنان فرزات «الحديث للمحررة « يكتب التجليات « كما قال لنا ,ويتحدث الشعر بلغة الإنسان حتى في الغزل لأن الإنسان هو محور الحياة وأساسها
وختاما تمنى وجود مجلة أو ملحق ثقافي في الصحف اليومية متخصص بالتعريف بالفن التشكيلي وهمومه والصعوبات التي يعاني منها التشكيليون في سورية .

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.