جلال الطالب

التصوير الفوتوغرافي: اللغة التي تفهمها كل الشعوب

الصورة لغة صامتة تنطق وتأبَّ إلا أن تخاطبنا وتبعث الحياة من خلال سكونها،،إنها رمز أوضح من أبلغ الكلام وسيمفونية عذبة تُسمع من يعشقها، بل هي صخب مُثير في زمن تلعثم الألسن، وانبهار يلج في الأفئدة سابقاً للمُقل، صورة ُيقرأ في مراعيها لكل مدرك زهو المنظر الخلأَّق.

الصورة الثابتة أو الفوتوغرافية،، هي ُتلهم من له خيال بأفق يتعدى إطارها بحدوده الأربع بالفعل أنه بحر يفصل الحقيقة مع نقيضها..

فدعونا من هذه المقدمة التي لو ظلينا نصف مكنوناتها لن ننتهِ..

من هنا كانت لنا وقفة مع ثلاثة ممن يصفوا لنا تلك الصورة ومن أبدعوا بخيالهم في مجال التصوير الفوتوغرافي،، فعرفونا أولاً بأنفسهم ومن ثم تحاورنا معهم:

يوسف المسعود

نائب رئيس جماعة التصوير الضوئي بالقطيف، أقام عدة دورات في مجال التصوير الفوتوغرافي، حاصل على عدة جوائز محلية ودولية كـالمركز الأول بمسابقه «قرقيعان» لعام 1427هـ ومسابقة عدسات عربية «البورترية» لعام 1429هـ ومسابقة السفير «محور التراث» 1429هـ لعام، والمركز الثاني بمسابقه «مجلة العربي» لعام 1426هـ ومسابقه «قطر فوتو» لعام 1428هـ، وجوائز أخرى كـالجائزة التقديرية بمسابقه «الحياة المحلية» لعام 1428هـ إضافة لجائزة لجنة التحكيم لأفضل عمل مشاركة بمعرض جماعة التصوير الضوئي بالقطيف لعام 1428هـ.

السيد مفيد العوامي

عضو مؤسس في جمعية المصورين السعوديين وعضو جماعة التصوير الضوئي بالقطيف، شارك منذ عام1427هـ بعدة معارض محلية «معرض جماعة التصوير الضوئي العاشر والحادي عشر، معرض جمعية القطيف الخيرية الرمضاني، معرض مطارنا والصيف، معرض الراشد» ، كما شارك بعدة معارض دولية كمعرض «بيت لوذان» بالكويت وبمعرض أبوظبي ومسابقة النمسا ومسابقة «المهرجان الأوربي» وحقق المركز الأول في مسابقة المجلس الثقافي البريطاني تحت عنوان «البيئة» إضافة للمركز الثاني بمسابقة «الحياة اليومية في السعودية» .

عبير المسعود

عضوة في مجموعة نساء فوتو، اشتركت في ورشات عمل عديدة عبر شبكة الإنترنت وفازت بالعديد من الفعاليات أهمها مسابقة مرافئ للتصوير الضوئي وحصلت حينها على المركز الثاني، إلا إن عام 1427هـ يُُعتبر الانطلاقة الحقيقية لها في عالم التصوير وذلك بعد إنهائها دورة في التصوير الفوتوغرافي على يد الأستاذة والفنانة «نسرين الدار» فشاركت بعدها بمسابقة «البورترية» على شبكة نادي المصممين وحصلت على المركز الثالث وبورشة «التفاح» على شبكة الرامس الثقافية وحصلت على المركزين الأول والثاني..

1- تعتبر الصورة هي لقطة ثابتة لمشهد معين ينبض بالحياة،فما هو رأيك في هذه المقولة؟

• الأستاذة عبير،، مقولة صحيحة تماماً فأحياناً تنطق الصورة «الثابتة» وتنبض بالحياة أكثر من مشاهدتنا للحدث الحي والواقعي ولربما نرى ذلك جلياً في الصور الصحفية، وخير مثال على ذلك توقف الحرب الأمريكية على فيتنام والسبب الصورة وما ظهرته من حقائق كانت مغيبة فأثرت ببدورها على الرأي العام.

• الأستاذ يوسف،، نعم فأساساً الإبداع يكمن في جعل تلك الصورة الجامدة تنتشي بالحياة الرحبة ونبض يحرك ذلك السكون وتصبح بهذا الوصف عندما تخلد مشهد معين يكون له أثر سواء على صاحب الصورة أو المتلقي.

2- حسب معلوماتنا أن المرأة اتخذت خطوات مشجعة في هذا المجال،، فهل لها حضور واضح و له ثقله كما الرجل؟ أم مازالت في بداية المطاف؟.

• الأستاذة عبير،، نعم بكل تأكيد فالمرأة أصبح لها حضور واضح جداً في السنوات الأخيرة وخاصة مع تطور التكنولوجيا، فالآن من السهل التعلم عبر الأثير “الإنترنت” وكذلك أينعت قنوات المشاركة في المسابقات والمعارض والمناقشات وغيرها مما يفيدها في هذا المجال بعكس الحال في السابق، فبرزت لنا فنانات لا يستهان بهنَّ في مجال التصوير الفوتوغرافي، والقادم يبشرنا ويدب فينا روح التفاؤل.

3- الحصول على جائزة في أي أنجاز يعد دافع حافز محفز، عندما شاركت في مسابقة بهذا المستوى هل توقعت حصولك على هذا المركز؟ وما هو شعورك خاصة في ظل مشاركة من لهم باع في مجال التصوير الفوتوغرافي؟

الأستاذ مفيد،،عن نفسي فأنا لا أتوقع أن أفوز في أي مسابقة ولكن أتمنى أن أحقق الفوز أو أقلاً أترك بصمة في بأي محفل أو فعالية أشترك فيها،إلا إنه في الحقيقة ما يسعدني ويبهجني هو عندما يقف أي إنسان عند أي صورة من صوري ولو للحظة فهذا يسعدني أكثر من أي جائزة أحصل عليها.

4- كثيراً ما يجهل الإنسان العادي مقومات التصنيف السليم من حيث الرؤية الإبداعية للصورة، لدرجة تصل بالبعض الاستهجان عندما يعبر شخص أخر بإعجابه بهذه الصورة أو تلك،، فهل لهذه الحالة «إنعكاس نفسي» والذي يؤدي بدوره لهذا التباين وإختلأف من شخص لأخر حول تميز الصورة من عدمه؟

• الأستاذ يوسف،، يرجع هذا الأمر إلى نقص ثقافة الصورة حتى في الأشياء البسيطة في مجتمعنا ولكن أرى هذا الأمر بدأ يزول بعض الشيئ خصوصاً بظهور الكاميرات الرقمية “الديجتال ” وانتشارها بشكل كبير بين الناس مما دفع الكثيرين للإطلاع على عالم التصوير والبحث فيه.

إما بخصوص «الانعكاس النفسي» فأوضح أنه يجب علي المصور تقبل رأي الأخرين برحابة صدر لأن كل شخص يعتبر متلقي للصورة ومن حقه إبداء رأيه، فهنا تناط بالمصور مهمة ومسؤولية إيصال ثقافة الصورة بشكل سلس يستطيع الإنسان الغير مصور أو بالأحرى غير المتخصص فهم الدلالات البصرية والفنية للصورة.

• الأستاذة عبير،، إن الرؤية الإبداعية للصورة تتوقف على الخبرة وكثرة الإطلاع على هذا الفن وهي في الأساس مسألة ذوق وفن، وفي رأيي ليس هناك علاقة نفسية في ذلك وإنما هناك قواعد وآليات لتصبح الصورة متصفة بصفة الإبداع وحتى تخطي هذه القواعد يحتاج لمسألة كما قلت لخبرة وفن.

5- في ظل إنجازات حركة التصوير الفوتوغرافي بالمنطقة،،هل تسير بوتيرة مشجعة تنم عن مستقبل زاهر، أم كل هذه الإنجازات حدثت مصادفة و كيفما أتفق؟

• الأستاذ يوسف،، هذه الحركة بدأت بتوازن وحماس مدروسين وإن المحركين لها لم يقودها عنوة أو كيفما أتفق، بل كما قلت فأنها تسير بوتيرة مشجعة تنم عن مستقبل زاهر تتضح نتائجه يوم بعد أخر.

6- لكل شخص في هذه الحياة له طموح يرغب حثيثاً في تحقيقه،، فهل تعتقد بأنك قد حققت طموحك في مجال التصوير الفوتوغرافي؟

• الأستاذة عبير،، صراحة مازلت أخطو خطواتي الأولى في مجال التصوير ولم أحقق بعد ما أصبو إليه،فعالم التصوير ليس ضحل بل عالم واسع مهما بحرنا في أحشائه فلن ندرك منتهاه وهو فن جميل، كلما تعلمنا منه أردنا الاستزادة أكثر ومهما وصلنا تجدنا نبحث عن الفكرة لنجسدها بصورة لتكون أبلغ من ألآف الكلمات.

7- يقال أنه تتباين الهدفية بين الفوتوغرافيين بين المكاسب المادية أو المكاسب المعنوية،بمعنى أن البعض يتعلم هذا الفن لتأمين مورد مالي من خلال ممارسة التصوير كمهنة، والصنف الآخر على نقيض حيث لا يتوانَ أن ينفق الأموال في سبيل تطوير قدراته وصقلها شغفاً هذة الهواية،، فهل لهذه المقولة مصداقية على أرض الواقع؟

الأستاذ مفيد،، المصور الجيد هو الذي يبحث عن الجديد ويحاول تطوير نفسه وتقديم أفضل ما عنده بغض تطوير نفسه وتقديم أفضل ما عنده بغض النظر عن انه مصور هاوي أو مصور تجاري، لكن إتقان العمل يجب أن يكون أكثر في التصوير التجاري والسبب انك تصور مقابل أجر مادي ويجب عليك أن توفي قيمة هذا الأجر لذلك قد تصادف جميع الأصناف في عالم التصوير هاوي مجتهد يبحث عن الجديد وهاوي كسول ومصور تجاري مجتهد وأخر كسول.

8- توجد فرق مجاورة لجماعة التصوير بالقطيف- كجماعة التصوير الضوئي بالإحساء- فما مدى التنسيق والتعاون بين هذه الجماعات؟

• الأستاذ يوسف،، هناك تنسيق جميل وبصورة مستمرة سواء بين جماعة التصوير بالقطيف والأشقاء جماعة التصوير الضوئي بالإحساء أو مع جماعات أخرى ولا يقتصر ذلك على الجماعات داخل الوطن الواحد، بل لدينا تعاون وتساند مع جماعات أخرى خارج نطاق الدولة وبيننا مشاركات وورش عمل مشتركة نتبادل من خلالها الخبرات.

9- توجد في أي صورة يلتقطها المصور زويا وجوانب قد لا يشعر بها سواه، بمعنى أن المصور الفوتوغرافي ينظر بعين قد لا تكون لغيره؟ فما مدى مصداق هذا الأمر بالنسبة لك؟

• الأستاذ مفيد،، في الحقيقة ومن خلال خبرتي المتواضعة فأنني أعتقد إن الصورة يجب أن تكون فكرة أو نظره يقدمها المصور للناس بحيث يفهمها الإنسان العادي ويتذوقها ويكتشف كوامن الجمال فيها بدون أدنى تعقيد.

• الأستاذة عبير،، أنا عشت ذلك تماماً فقبل أخذي لدورة التصوير الفوتوغرافي كنت أشاهد الصورة بشكل عام سواء كانت جميلة أو غير ذلك،، ولكن بعد ذلك أصبحت أرى كل شيء من زاوية مختلفة، فكنت أقول لإستاذتي أنني كنت أمشي على نفس الطريق ولا أرى فيه شيء مميز، ولكن بعد دراستي للتصوير وخاصة قواعد التشكيل الفوتوغرافي أصبحت أرى الجادة وفق النظرة الفنية، وبنظرة مختلفة فأرى كل شيء لوحة فنية.

إذاً أوضحت تلك الصورة وروحها الحية وبما تكنه قريحة المبدعين الذي أباحوا لنا بمكامن ما يروه في الصورة ضمن أسورتها الفلكية مكوناً إبداع سقفه السماء من حيث انتماء من لا انتماء له، فالصورة بالفعل تنطق في حين يعجز البليغ عن الكلام،،فالابتسامة عند كل الشعوب رمز للفرح والدمعة عندهم إذناً للحزن،، لذا فالصورة حقاً هي لغة لكل الشعوب…

قلم : م. سعود علي آل سعيد

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.