(فلسفة قراءة للغة الوجه والجسد في البورتريت)
قالوا قديما تعابير وجهك مرآة شخصيتك, دلالة على أن هناك علاقة وثيقة بين ملامح وجهك و السمات الخاصة بشخصيتك. فلا بد من أنك لاحظت عند الأشخاص المتشابهين لديهم صفات شخصية متماثلة أو متشابهة. أو لعلك لاحظت أن الأزواج يصبحون أكثر شبها بعد مرور سنوات على بقائهم معاً. وما الذي يجعل جميع الأطفال متشابهين عند الولادة؟ و هل له علاقة بتشابه شخصياتهم في تلك المرحلة؟ ولغة الجسد هي طريقه أخرى تمكنك من فهم شخصية من تتعامل معه وحالتهم الشعورية أثناء مواقف معينه. بينما تمكنك قراءه الوجه من معرفة ما يخفي الشخص من كوامن لا يريد أن تظهر من خلال مراقبه تحركات جسده. فنحن هنا بصدد أن نميز بين مفهومين هما قراءة الوجه ولغة الجسد؛ فكل منهما يحمل رسالة تشترك أو تختلف بينهما..وكل منهما بحاجة إلى دُربة للوصول إلى قراءة سليمة لهما. فلتستطيع أيها المصور الفوتوغرافي من فهم الناس بطريقه صحيحة ولتحصل على صورة متميزة معبرة فلا بدّ من أن تستخدم أكثر من علم لمعرفه الشخصية التي أمامك. لن يساعدك هذا فحسب على أن تحصل على قراءات أكثر دقة، ولكن سيمكنك من استنباط معلومات أكثر عن الأشخاص الذين تتعامل معهم. التقاط صورة لوجه بشري يحتاج أن تمتلك قدرات كبيرة على كشف دخيلة الإنسان من خلال حركات اليدين أو القدمين أو هز الكتف أو الرأس أو تعابير الوجه التي يحاول أن يخفي ما يتحفظ فيه. فمثلا حركة الحاجب إلى أعلى تدل على عدم التصديق، و نقر الشخص بأصابعه على ذراع المقعد يشير إلى العصبية أو نفاذ الصبر أو القلق، أما العين وهو ما تحاول الوصول والولوج منها إلى شخصية من أمامك فهي المفتاح الذي يفتح عقله ودواخله ولا يستطيع مهما حاول أن يتجنبها؛ فلذا نجد كثيراً من الأشخاص عند الاستعداد للتصوير يشيحون ببصرهم إلى كل الجوانب إلا إليك دلالة على عدم الثقة بالنفس أو الخجل الشديد أو أنه غير مرتاح ويريد الهروب من الموقف الذي هو فيه. ولعلنا نذكر خلود لوحة الموناليزا أو الجيوكاندا والتي رسمها الرسام الإيطالي ليوناردو دا فينشي والتي ما زالت تدرس فقط لفك طلسم ابتسامة الفتاة فيها. ونجد كثيرا من الأمثلة التصويرية القديمة منذ أن تعرف الإنسان على الأشكال المسطحة ، والجسد أهم وسيلة للتعبير، فقد وجد في كهوف تزخر بمئات الرسوم والصور الوجهية، والأيدي والأرجل مرسومة ومحفورة على الصخر كذلك . لكن أقدمها تلك التي تناولت الشخصية الإنسانية بمقومات وخصائص تشكيلية وتعبيرية سليمة ومتميزة قام بها الفنان المصري القديم قبل آلاف السنين سواء بالرسم أو النحت… وهو فن تصوير شخصية ذات الشخص لا تصوير له بذاته أو كائن ما أو شيء معين أو أي جزء منه يوضح ما هو. وهذا لا يعنى أن صورة البورتريت لا يدخل فيها أشياء أخرى تزيد من جمال الصورة إنما الوجه هو المحور الرئيسي فيها وأساس التسمية مأخوذ من رسم اللوحات الفنية التي تجسد وجوه الأشخاص أو الشخصيات المعروفة . وهذا يعنى نقل أحاسيس الشخص و تعابير الوجه الى الصورة . وقد قال الفنان الكبير وأحد أعظم مصوري البورتريت (يوسف كارش) أن “الصورة هي تصوير الروح والجسد فلكل إنسان لحظة تكشف فيها شخصيته الحقيقة وعلى المصور الغور في الشخصية لمعرفة ما هي وعليك أن تنتظر ظهورها أو تحاول إخراجها إن أمكن الحصول على صورة تطابق الواقع والشخصية معا” .
بقلم/ عادل عبد العال

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.