الصورة تلك الخطوط والألوان المصاغة بآلة تتغير مع تغير التقنية وتقدمها.., بين الأبيض والأسود ثم الألوان بقيت الصورة من أجمل وسائل حفظ الذكريات وتدوين الاحتفالات وإثبات الشخصية…, مع مرور الزمن تغير حضور الصورة وبات طاغيا في كل شأن الإنسان…, بل إن أغلب منصات التواصل الاجتماعي ترتكز قوتها وقبولها وارتفاع تأثيرها على توظيف الصورة في دعم المحتوى بالصورة.

بين إحراق صورة بناء على فتوى في زمن مضى وتصوير احتفال ميلاد اقتداء بعالم في زمن حاضر بقيت ثقافة الصورة جزءا متحركا بين القبول والرفض في ثقافتنا المحلية…., بقيت الصورة جزءا من مشهد الحراك الثقافي السعودي.

في زمن ماضٍ كان جزء من عمل الباعة طمس صور النساء على البضاعة..؟؟ مع إبقاء صورة الرجل…؟؟ في ذلك ثقة عالية بنسائنا وعدم استثارتهن لمجرد صورة ولكن لماذا التشكك في منظومة قيم رجالنا وهم أباؤنا وإخوتنا وأبناؤنا وأزواجنا..؟

نعم لنبتعد عن هذه الزاوية وأذهب مع ابنتي ريم في احتفالية تخرجها من الثانوية والتي أصرت على تصوير كل خطواتها طلبت من جميع الحضور من المحيط العائلي تصويرها, اعتذرت لها بحجة حرصي أن لا أغضب بعض الأمهات أو إدارة المدرسة وعلينا احترام النظام وثقافة المجتمع…, ابتسمت بلؤم وأعادت نظراتها لأخواتها فتم الاتفاق بلمح البصر ودون كلام على خطة عمل التصوير.

مع بدء الاحتفال كانت المفاجأة الجميع يصور الجميع, بين صورة وسناب بات الأمر محيرا لي هل أغير مما قلت سابقا وأقوم بالتصوير أم استمر على مبدئي, قررت التصوير ومتابعة كل خطوات ريم التي عندما مرت بجانبي ابتسمت ثم أكملت شكرا (هيا) إنك قمت بتصويري (لها الفضل بعد الله بالاستمتاع باسمي في المنزل)

استمر التصوير وكان السناب الأكثر حضورا في توثيق الاحتفال.

في الطريق بدأت أفكر بإعادة صياغة ردي بحيث لا يبدو ما قمت به تنازلا كاملا بل لا بد من ترتيب إجابة تبين درجة عالية من المرونة مع ثبات المبادئ.

بادرت بتهنئة ريم مرة أخرى وسألتها عن رأيها بالهدية ومن حسن الحظ أنها أعجبتها, وأكدتُ لها أنني قمت بتصويرها لتوثيق اليوم لأهميته وأكدت لها أنني تحاشيت قدر المستطاع تصوير الفتيات الأخريات وفي حال خرج الأمر عن سيطرتي وشملت الصورة طالبات أخريات فإن عليها وبخطوات فنية بسيطة حذفهن من الصورة احتراما لخصوصيتهن وحقهن في عدم التصوير.., كانت ريم وعلى غير عادتها مستمعة جيدة ثم طلبت مني تسليمها جوالي وفي ثوان انتقلت كافة الصور إلى هاتفها, ثم قالت لي والدتي (وبكلمات عميقة المعاني صادقة المشاعر) سأحميك من إثم هذه الصور وسأضع بينك وبين النار نفسي وسأتحمل وزرها إن كان فيها وزر ولكن فضلا وتكرما لا أمرا لعلك في المرة القادمة تقومين بالتصوير من بدء المناسبة وليس بعد مرور دقائق.