تكبير الصورة

الباحث التاريخي عامر رشيد مبيض

“سامي الشوا”.. أسطورة الكمان في الوطن العربي

نضال يوسف

الاثنين 29 أيلول 2014

عفرين – الرازي

عشق الموسيقا منذ نعومة أظفاره، ونهل من ينابيع الفن العربي الأصلية في “سورية” و”مصر” حتى أصبح رائداً من رواد الموسيقا العربية بإنجازاته الفنية العديدة في مجالات العزف والتلحين والتأليف.

تكبير الصورة

مدونة وطن “eSyria” التقت بتاريخ 19 أيلول 2014، الفنان “حسن حموتو” مدرّس في معهد “دار ساز” الموسيقي في “عفرين”، الذي تحدث عن الفنان الراحل “سامي الشوا”، ويقول: «والده “أنطوان الشوا” موسيقار حلبي مشهور ومتقن للعزف على آلة “الكمان”، سافر إلى “مصر” في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ناقلاً معه الثقافة الفنية الحلبية إلى هناك مدرسّاً وعازفاً في عدد من الفرق الفنية، كما توافد إليه المهتمون والفنانون المصريون ليتعلموا ويأخذوا منه طرائق ومبادئ العزف المتقنة على آلة “الكمان”، أما ابنه “سامي” فقد أصبح بفضله أسطورة للكمان بين بني جيله من العازفين، فوصل إتقانه إلى مستويات فنية عالية لدرجة أن الشعراء الكبار قد تغزلوا بجمال عزفه وتأثيره بعد حضورهم لحفلاته التي أقامها في “مصر” من أمثال: “إيليا أبو ماضي”، و”خليل مطران”، و”حافظ إبراهيم”، و”أحمد شوقي”»

ويتابع: «لم يكن المرحوم “سامي الشوا” عازفاً فحسب بل كان ملحناً ومؤلفاً حضر مؤتمرات فنية على المستوى العربي، وأهمها مؤتمر الموسيقا العربية الأول الذي انعقد في مدينة “القاهرة” في العام 1932؛ إذ كان عضواً في لجانه الفنية إلى جانب عدد من الموسيقيين السوريين من أمثال: “جميل عويس”، والشيخ “علي الدرويش الحلبي”».

أما الباحث التاريخي الأستاذ “عامر رشيد مبيض” فيتحدث عن دوره الفني، ويقول:

تكبير الصورة
الأستاذ حسن حموتو

«نشأ في بيت فن وموسيقا متأثراً بهذا الجو الأصيل، وقد شغف بآلة “الكمان” منذ نعومة أظافره، وغدا يدرس أصول العزف عليها على يد والده “أنطوان”، وعندما بلغ الثانية عشرة من عمره راح والده يصحبه معه إلى بعض حفلاته ليشاركه العزف حتى أصبح من ألمع العازفين في “حلب”، وفي العام 1904 اصطحبه والده إلى “مصر”؛ وهناك راح ينهل من ينابيع الفن والموسيقا، ودرس التدوين الموسيقي في العام 1907 على يد “منصور عوض”، وبسبب عبقريته وتميزه الفني عمل عازفاً مع كبار الموسيقيين آنذاك من أمثال: “محمد العقاد الكبير” عازف القانون الأشهر في “مصر”، و”محمد القصبجي” عازف العود والملحن العبقري، وغيرهما. وشكل معهم فرقة موسيقية عملت إلى جوار كبار المطربين المصريين من أمثال: “عبد الحي حلمي”، و”يوسف المنيلاوي”، و”سلامة حجازي”، و”سيد درويش” الذي اصطفاه من بين خيرة العازفين ليشاركه تسجيل أعماله الخالدة: “يا فؤادي ليه بتعشق”، و”عشقت حسنك”، و”في شرع مين”، و”ضيعت مستقبل حياتي”، وغيرها، وفي العام 1925 بدأ “الشوا” عمله في فرقة “محمد عبد الوهاب” وفرقة “أم كلثوم”، وسجل لهما كثيراً من الأغاني والموسيقا فضلاً عن موسيقاه التي كان يؤلفها التي لقيت الاستحسان والإعجاب؛ ما جعل شركات الإسطوانات تتهافت عليه لتسجيل مؤلفاته وألحانه وتقاسيمه الارتجالية، كما فتحت أمامه أبواب

القصور واحتضنه الملوك والأمراء لينعموا بروائع موسيقاه».

ويضيف: «زار “سامي” عدداً من البلدان العربية والأوروبية وتركيا، وسافر إلى الأميركيتين أكثر من مرة واتصل بكبار العازفين والموسيقيين فيها، فأفاد منهم وتأثر بهم وامتد نشاطه لتكون له مساهمات مشهودة في تأسيس أول معهد لتعليم الموسيقا العربية مع صديقه “منصور عوض” في العام 1907، الذي استمر التعليم فيه حتى العام 1925، كما ألف كتاباً عن الموسيقا الشرقية ومنهاجاً لتعليم العزف على آلة “الكمان”».

أما ما قيل في عبقرية هذا الفنان الكبير فهو كثير ليس من قبل الفنانين من معاصريه ومن جاؤوا بعده فحسب، وإنما من الشعراء والكتاب والمؤرخين؛ حيث قال فيه أمير الشعراء “أحمد شوقي”:

“يا صاحب الفن هل أوتيتَهُ هبَـةً…. وهل خُلِقتَ له طبعاً ووجدانا

يا واحد الفنِّ في أشجى معازفهِ…. هذا أوان الثناءِ العدلِ قد آنا

تِلك الُّلَعِيْبَةُ من عود ومن وتـرٍ…. لولا بنانُكَ لم تجعل لها شأنا

وضممتها وتواصت راحتاك بها…. ضمَّ الوليدةِ إشـفاقاً وإحسـانا

تملي عليها الذي يوحي إليك بها…. كأنه داودَ والمزمار مـا بانا”.

وعنه كوكب الشرق “أم كلثوم” تقول: «في بداية حياتي الفنية كنت كلما شعرت وأنا على المسرح بقلق أو اضطراب أنظر خلفي، وبمجرد أن أرى “سامي الشوا” و”القصبجي” في مكانهما في التخت

تكبير الصورة
أسطورة الكمان العربي سامي الشوا

أشعر أن كل شيء على ما يرام».

والموسيقار “محمد عبد الوهاب” يقول: «إن تختاً موسيقياً ليس فيه عازفون من طراز “سامي الشوا” هو تماماً مثل ذلك البيت الذي ينتظر صاحبه السقوط على رأسه في أي لحظة».

يذكر أن الفنان الراحل “سامي الشوا” ولد في شهر تموز عام 1889م، في حي “الهزارة” بـ”حلب”، وتوفي في 29 كانون الأول العام 1960م، وقد خلد اسمه بين أشهر عازفي الكمان والموسيقيين العرب وألمعهم، ولا يزال يذكر بعبقريته الفذة وفنه الرفيع.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.