Saad Fansa

باولو ماتييه .. عالم الاثار الايطالي .. و مكتشف مملكة ايبلا الاثرية التي غيرت تاريخ الشرق السوري القديم .. بأسره .. أنشر صورته التي سجلتها عدستي في القاعة الشامية في المتحف الوطني بدمشق .. بمناسبة مرور 50 عاما على اكتشاف هذه المملكة المتحضرة في التاريخ الانساني ..

‏باولو ماتييه .. عالم الاثار الايطالي .. و مكتشف مملكة ايبلا الاثرية التي غيرت تاريخ الشرق السوري القديم .. بأسره .. أنشر صورته التي سجلتها عدستي في القاعة الشامية في المتحف الوطني بدمشق .. بمناسبة مرور 50 عاما على اكتشاف هذه المملكة المتحضرة في التاريخ الانساني ..‏


مكتشف مملكة إيبلا: سنعود إلى سوريا للنهوض بآثارها
لمناسبة مرور خمسين عاماً على اكتشاف مملكة إيبلا ” تل مرديخ” أقامت المديرية العامة للآثار والمتاحف تظاهرة ثقافية، شارك فيها مجموعة من الباحثين الوطنيين وثلة من الباحثين الإيطاليين عبر شبكة فيديو على الإنترنت برئاسة مكتشف مملكة إيبلا البروفيسور باولو ماتييه.
وفي مداخلة عبر “سكايب” لمكتشف المملكة تناول البروفيسور باولو ماتييه الاكتشافات المدهشة للعالم ولعلم الآثار العالمي من خلال التنقيبات التي استمرت دون انقطاع في مملكة إيبلا بين عامي 1964- 2010، منوهاً بالتعاون الكبير الذي جرى مع السلطات السورية في هذا الجانب.
وبين ماتييه أهمية الأرشيف الملكي لمملكة إيبلا والنصوص التي لا تقدر بثمن، معتبراً هذا الأمر من أهم اكتشافات علم الآثار في الشرق الأدنى واكتشافات العالم في القرن العشرين.
وقال ماتييه إن أهمية اكتشاف إيبلا تطرح إشكالية تتعلق بالمملكة لوجود آثار غنية وأدلة أثرية مهمة، حيث كانت من أهم المراكز التاريخية في الفترة الحضارية الثانية في النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد، الأمر الذي يعد اختراقاً ثورياً في الاكتشافات الأثرية.
كما وعد البروفيسور ماتييه وفريقه البحثي بأنه فور انتهاء الأزمة السورية وعودة الأمان إلى البلاد فإن البعثة الإيطالية مستعدة على الفور لمتابعة عملها بكل جد وحرص لكي تنهض بسوريا من جديد ولكي تحمي تراثها.
معاون وزير الثقافة ماهر عازار قال إن اكتشاف إيبلا سلط الضوء على أهمية الحضارة السورية القديمة وتأثيرها وتأثرها في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، منوها بمواقف البروفسور ماتييه النبيلة تجاه سوريا وشعبها في وجه الهجمة الإرهابية التي تتعرض لها، مشيرا إلى الأماكن الأثرية التي تعرضت للتخريب من قبل العصابات المسلحة.
يشار إلى أن البروفسور ماتييه يعتبر من أهم علماء الآثار في العالم، وهو الذي اعتبر أ

إيبلا، هي أهم اكتشاف أثري في القرن العشرين.

تعريف بمدينة إيبلا :

تزخر محافظة ادلب بالعديد من المواقع الأثرية والتاريخية التي تعود إلى العصور التاريخية والحضارات البشرية القديمة التي تقف اليوم شاهدة على عبق وأصالة تاريخ هذه المنطقة.
فالزائر لمحافظة ادلب من الجهه الجنوبية يشاهد مملكة ايبلا ومعالم حضارتها التي لا تزال بقاياها موجودة حتى الآن و إيبلا كانت العاصمة الكبيرة لشمال سورية ما بين 2400 ـ 2300ق.م لقد سيطرت على طرق التجارة الواسعة باتجاه البحر غرباً والأناضول شمالاً وبلاد الرافدين شرقاً، ومنذ عام 1974 اكتشفت وثائق القصر الملكي المؤلفة من آلاف الألواح الفخارية المنقوشة مسمارياً بلهجة إيبلا التي ترتبط باللهجة الأكادية الشرقية واللهجة الأوغاريتية الساحلية، وهذه اللهجات هي أصل اللغة العربية. ‏
حب متبادل: ‏
نصفي إيطالي ونصفي الآخر سوري.. بهذه الكلمات يحب باولوماتييه أن يعرف عن نفسه وهو البروفيسور وعالم الآثار المرموق الذي أمضى جزءاً كبيراً من حياته العلمية في سورية وارتبطت إيبلا باسمه كما ارتبط هو معها بعلاقة روحية ونالت قسطاً كبيراً من أهم مؤلفاته فأصبح بفضل اكتشافه لمملكة ايبلا علماً من أعلام رجال الاثار عندما اماط اللثام عن المملكة المدفونة تحت التراب، وعلى الرغم من كبر سنه يأبى خبير الاثار البروفيسور ماتييه إلا أن يواصل اعمال التنقيب السنوية في مدينة ايبلا الاثرية التي اصبح عشقه لها يكبر في نفسه عاما بعد عام. ‏
وطوال 44 عاما من اعمال الحفر والتنقيب عن الاثار في مدينة ايبلا الأثرية تولد لدى البروفيسور ماتييه على حد قوله حب كبير في نفسه للصخور والرمال الوردية حتى بات يحن كل عام الى تلك الصخور والرمال لينتظر بداية موسم التنقيب في ايبلا بكل شغف وشوق. ‏
فالبروفيسور باولو ماتييه نال وسام الاستحقاق من الرئيس الراحل حافظ الأسد نتيجة لأعماله التنقيبية والاثرية.. و الذي تجاوز عمره الستين بدأ مشواره في التنقيب عن الاثار في ايبلا عام 1964 عندما ابتعثته جامعة لاسابينزا- روما لاجراء الدراسات والبحوث في مدينة ايبلا و بعد أربع سنوات من العمل في الورشات وبعد سنتين من الدراسات التمهيدية تم حتى ربيع 2001 ترميم 7000 متر مربع من الآثار بمعدل ثلاثة أشهر عمل في الورشة سنويا قام به ثلاثة أو أربعة من الفنيين الإيطاليين وأكثر من 70 من العمال السوريين. ساهمت نتائج الاكتشافات الهامة في دفع باولو ماتييه إلى الشروع عام 1964 بحفريات منتظمة في تل مرديخ استمرت الى عام 1968 استطاع خلالها تحديد موقع إبلا القديمة في تل مرديخ والبدء في سبر البنيان المدني لواحد من أكبر المواقع العائدة للألف الثاني قبل الميلاد وتحديد جذره في الألف الثالث قبل الميلاد. ‏
وقد أكد البروفيسور الإيطالي باولو ماتييه مكتشف مدينة إيبلا التاريخية السورية ان اللقى والمكتشفات الأثرية التي تم العثور عليها في سورية وبخاصة في إيبلا بينت لعلماء الآثار والتاريخ. و للعالم أجمع الدور البارز والمؤثر الذي لعبته سورية في بناء الحضارة البشرية و إسهاماتها المختلفة في إغناء التراث الإنساني باعتبارها الجسر الواصل بين حضارة الشرق والغرب.
وقال البروفيسور ماتييه: إن إيبلا التي بنيت أول مرة خلال الأعوام 2400 و 2300 قبل الميلاد تعتبر أقدم مركز عمراني مأهول تم الكشف عنه في المنطقة مبينا أن تشييد المدينة آنذاك شكل تحديا للبشرية تمكن السوريون من اجتيازه بنجاح حيث استطاعوا أول مرة بناء مدينة عمرانية ذات طراز معماري منظم و مزود بأنظمة للري والزراعة والطرق فضلا عن أنظمة الإدارة والتوثيق والعلاقات الدبلوماسية والتجارية مع العالم. واستعرض تاريخ المدينة ومراحل نشأتها المختلفة مشيرا الى انها تعرضت للتدمير ثلاث مرات كان أولها في العام 2300 قبل الميلاد على يد صارغون، مؤكدا ان ذلك لم يمنع الباحثين من تفكيك رموز وقراءة آلاف الألواح الطينية والوثائق المسمارية التي تم العثور عليها والتي تتضمن نصوصاً ثقافية وتجارية ودبلوماسية ومالية ودينية وأدبية تتحدث عن مكانة المدينة ودورها وعن عمق علاقاتها مع الممالك والدول الأخرى وصولا الى الهند وأفغانستان ومصر ومناطق أخرى من العالم القديم. ‏
وكشف ماتييه عن وجود 250 لوحاً طينياً تم العثور عليها في الارشيف الملكي للمدينة وهي مكتوبة بلغة ايبلاتا نسبة الى المدينة ذاتها وتعود للعام 2400 قبل الميلاد مبيناً أن بعض محتويات قاعة العرش الملكي والارشيف الوثائقي الخاص بالمدينة ومعابدها الأربعة المبنية على شكل طبقات ومنها معبد الإله كورا إله السماء و الإله حدد إله السماء أيضا تعتبر أقدم أماكن للعبادة قبل التاريخ يتم اكتشافها في تلك المنطقة. كما تطرق الى أعمال التنقيب والترميم الجارية حاليا في المدينة مشيراً إلى أهمية مشروع بناء الحديقة الأثرية في إيبلا الذي يحظى باهتمام القيادة في سورية. ‏
ويقول ماتييه ان مدينة ايبلا، هي حتى اليوم أكبر مدينة في عصرها. فقد بلغت مساحتها 65 هكتاراً وبلغ عدد سكان رعاياها بحسب السجلات المكتشفة 260000 نسمة. وهي الحلقة المفقودة التي طالما تساءل علماء الآثار عن مكان وجودها، وكان لابد أن تكتشف في المكان الذي وجدت فيه، لتزيل في الأوساط العلمية علامات الاستفهام عن ذلك الفراغ الحضاري المستغرب في البقعة الأرضية الممتازة الواقعة بين أوغاريت وحلب وماري ودمشق وغيرها من المدن الحضارية المشهورة. لذلك فقد هز اكتشافها كل الأوساط العلمية، وخاصة عندما ظهر فيها ذلك العدد الضخم من الرقم المكتشفة في مكتبة القصر، والمكتوبة بلغة غير معروفة، والتي يُؤمل منها أن تعطي العالم معلومات جديدة اضافية عن تاريخ المنطقة بكاملها. وأما الرُقم التي وجدت في القصر والتي اعتبرها العلماء كنزاً تاريخياً ثميناً، فقد بلغ عددها 16000 رقيم ويعود تاريخها الى الفترة الواقعة بين 2350 ـ 2250ق.م. وتعتبر أقدم وثائق في العالم، حتى الآن، متعلقة بسجلات دولة. وقد كشفت هذه المخطوطات عن عصر البرونز القديم في الألف الثالث ق.م. بينما كشفت السجلات المكتوبة في ماري عن عصر البرونز المتوسط، وكشفت سجلات أوغاريت عن عصر البرونز الحديث. ‏
الزيتون في أرشيف ايبلا ‏
ومن اللافت للنظر حول إيبلا وجود مكتبة مؤلفة من ألواح طينية تم الحفاظ عليها بصورة ممتازة بعد أن تعرضت للنيران التي دمرت القصر. تدور موضوعات العديد من هذه الألواح حول قضايا إدارية ومالية. تتضمن هذه الألواح التي تصلبت بفعل النيران أحد الألواح الذي يعتبر بمنزلة أول قاموس ثنائي اللغة في العالم. استخدمت هذه الألواح رموزاً مسمارية، وقد كُتبت بعدة لغات. ‏
وقد وُجد التوثيق الرسمي الأول حول أشجار الزيتون، وإنتاج الزيت في أرشيف مدينة إيبلا القديمة. حيث تتألف من نحو اثنتي عشرة وثيقة يعود تاريخها لعام 2400 قبل الميلاد وتصف الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون والتي تعود ملكيتها للملك والملكة. يؤكد الأرشيف أن العائلة المالكة وحاشيتها كانت تمتلك 4000 جرة من زيت الزيتون، و7000 جرة من أجل الشعب. ‏
وبما أن كل جرة تتسع لنحو 60 كغ من الزيت، فإن الكميات المشار إليها في تلك الوثائق كانت كبيرة بصورة مثيرة للإعجاب 700 طن من الزيت وأكثر من 1465 هكتاراً من الأرض الزراعية. من الممكن تقويم أهمية هذه المعلومات عند العلم بأن عدد السكان الأكاديين في إيبلا في ذلك الوقت كان حوالي 15000 نسمة، ما يجعل من زيت الزيتون الصناعة الرئيسية في ذلك الوقت. إن العبارة المستخدمة في اللغة العربية لتسمية تلك الثمرة (زيتون) تشابه كثيراُ العبارة الأكّادية (زيرتون) والتي تعني (زيتون). ‏
تعتبر الجرار الضخمة التي وجدت في مدينة إيبلا القديمة إحدى أقدم المكتشفات التاريخية عن زيت الزيتون حيث كانت مليئةً بزيت الزيتون وقد استخدمت للتجارة مع مصر عبر مرفأ مدينة أوغاريت. ‏
إيبلا… مهوى للسياح ‏
لقد أضحت ايبلا معلما هاما وجاذبا على خريطة السياحة العالمية واصبح اسمها مقصدا بحد ذاته يؤمها السياح من أنحاء العالم وتشهد حركة سياحية نشطة سواء أكانت الأسبانية أوالفرنسية أوالبريطانية والايطالية على حد سواء في ظل التطور الذي تشهده المدينة وفي كل النواحي الاقتصادية. ‏
و اشار السيد ميمون فجر مدير السياحة في إدلب إلى أن /مملكة ايبلا/ تلك الحاضرة التي يحتضنها تل مرديخ الذي يقع جنوب شرق مدينة ادلب وعلى بعد /26/ كم منها وهو اكبر تل أثري في سورية مساحته /56/ هكتاراً وقد اعتبر اهم المكتشفات الاثرية في القرن العشرين حيث اكتشف فيه /16000/ رقيم بدءا من الألف الرابع قبل الميلاد حتى بلغت أوج ازدهارها كأهم حاضرة سياسية وحضارية بين عامي /200 ـ 2000/ ق.م فكانت سيدة التجارة بين الشرق والغرب.. كشفت الدراسات والتنقيبات في الموقع عن بقايا قصر ملكي وسوق ومكتبة عامرة بالرقم الطينية. وتبين العديد من الشركات السياحية التي زارت محافظة ادلب أن ايبلا غيرت وجهة السائح إذ إن المدينة صارت مقصدا لأعداد كبيرة من السياح الأجانب، مشيرا إلى أن أعداد السياح تضاعفت عن السنة الماضية. ‏
وأوضح السيد مدير السياحة في إدلب أن الأهمية التاريخية والحضارية للمملكة جعلتها منطقة جذب سياحي وحضاري حيث يرتادها السياح والمصطافون من كل أنحاء العالم مشيرا إلى أن عدد الزائرين لها منذ بداية العام الحالي تجاوز 28 ألف زائر بنسبة زيادة بلغت 115 بالمئة عن الأعوام السابقة حيث تشهد المنطقة تنامي الحركة السياحية مشيراً إلى أن وزارة السياحة قامت بتزويد الموقع بكرفانتين سياحيتين الأولى مخصصة لقطع التذاكر ومجهزة بنقطة طبية والثانية لتقديم الخدمات العامة للزائرين كما قامت الآثار بتقديم عدة خدمات إضافية والتي من شأنها تفعيل الجانب السياحي في الموقع. ‏
ولفت مدير السياحة إلى وجود أرض قريبة من الموقع بمساحة 20 دونماً وهي تصلح لاستثمارها كمنشآت سياحية ومشروعات استثمارية بهدف تنشيط الحركة السياحية في المنطقة. ‏

منقول ….

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.