كيف تحصل على نتائج مذهلة في تصوير الأطفال :

– التصوير

هو استئذان لحظة بأن تقفَ لـ ثانية حتى تدوم أبد الدّهر ، وما أجمل أن تكون هذه اللحظة تضُم مشهداً رائعاً ، حدثاً مهماً ، أو براءة طفل !

اللحظات فُرص ، قد تضيع مِنّا إن لم نلتقطها بأسرع وأفضل وضع ممكن ، وحتى لا تضيع الفُرص وتتلاشى اللحظات مع إظهارها برونقْ جذّاب ، عليك أن تتعلّم جيداً أسُسْ إلتقاط المشاهد بحيث تظهرها بأعلى جماليّة ممكنة .

تصوير الأطفال بـ نظري سهلٌ ممتنع !
فـ تعابير الأطفال تخرج بسهولة دون تكلّف ولا يمانعون بأن تُؤخذ لهم صورة ، ولكنهم في الوقت ذاته سريعي الحركة ، كثيري النّشاط ، فـ كيف نتعامل مع هذه الأوضاع ؟

( الأســاسـيّــات )

[ عُمر الطّفل ]

– يجب عليك أولاً أن تعلم سِن هذا الطفل لا أقول تحديداً بل تقديراً ، فـ لكل عُمرٍ استراتيجية معيّنة ، فـ الطفل ذو 3 شهور ليس كـمن عمره 5 سنوات ليس كـ صاحب 13 سنة ! ، فـ لكل منهم طِباع يجب أن تؤخذ بالحُسبان .

فمنهم من لا يحب النّظر لـ عدسة الكاميرا ، ومنهم كثير الحركة صعب المِراس ، وآخر لا يبتسم للكاميرا ، ولا يجد حاجة بأن يكون صاحب الوجه اللطيف ، فتراه مزاجياً تعابير وجهه متعصّبة !

[ أجواء المكان ]

– إن اختيار جـو المكان والتعديل عليه أمر مُهم ، فـ إن كانت الصورة تضُم طفلاً يبكي ليس من المعقول أن تكون الأجواء مفرحة والألوان مُبهجة ، وكذلك العكس .
فإن كان الطّفل مُبتسم وفرِح فمن البديهيِّ جداً توفير جـواً مُبهجاً مناسباً ليس بكئيبٍ أو حزين .
فـ توفير جـَو مناسب لـ تعابيرِ الطفل أمر في غاية الأهمية ، ونقطة إيجابية إن كُنتَ تُريدُ صُوراً ناجحة متميّزة .

والتعديل عليه يكون بإضافة عناصر في الصورة تزيد من حيويّتها في الفكرة والواقع .

.: أمثلة :

1. انظروا لوجه هذه الطفلة السعيد الفرِح مع ابتسامتها الجميلة ، الإضاءة وافرة مُشرقة لأن مِحور الصورة سعيد ، وكذلك انظروا لـ ذكاء المصوّرة التي قامت بإضافة بقع لونيّة على ابنتها لـ تزيد من حيويّة الصورة و واقعيّتها الدّالة على البهجة والفرح ، ناهيكَ عن الزاوية الغير اعتيادية! الصورة بكل بساطة 10\10 .

2. صورة فريدة من نوعها أليس كذلك ؟ إضافة الذخيرة المفّرغة على يد الصبي زادت من حيويّتها وجمالها ، وإضاءة الصورة وظلالها وتعدّد ألوانها تبيّن ذلك ، صورة رائعة بحق !

3. انظروا لهاذين الطفلين أخ وأخته قد ضيّعا طريق منزلهم ، جـو المكان فارض نفسه !
تبيّن حُزن هاذين الطفلين وبكائهم ، إقتناص رائع !

[ أجواء الزّمان ]

– كما أن للجو المكاني تأثير فعّال فكذلك الزّماني ، فـ اختيار الأوقات المناسبة يزيد من جمّالية الصورة بشكل كبير جداً ، فمثلاً وجود طفل يتأمّل من فوق جبل وأمامه منظر للغروب أمر غاية في التوافق بين التعبير و الأجواء .

والإنسان عموماً إن كان طِفلاً أو رجل يتكيّف تلقائياً مع الأجواء المكانية والزمّانية .
فتجد تعابيرنا وأفعالنا في الشِّتاء توضّح أثر البرد وفي الصيف تختلف الطباع ، حسب الأجواء .

.: أمثلة :

1. silhouette جميل أليس كذلك ؟ الغروب أضاف جمال ساحر لـ مشهد لعب الأولاد على الشاطئ ، لو لم يكن التوقيت هو الغروب لا أظنها ستظهر بهذه الجماليّة إطلاقاً ! ، فاقتنص الفُرص .. الأوقات واللّحظات .

2. تأمُّل طِفل .. فوق جبل رملي ناعم و طبيعة خلابة ، ماذا تريد أفضل من ذلك ؟
مشهد مُتكامل يصعب وصفه .

3. مشهد عادي اعتيادي لأنه يتكرّر مراراً ويمر علينا كثيراً ، طفلٌ يتوضّأ ! ما الجميل في ذلك ؟
ولكن في الصورة ذكاء من المصوّر بأن إختار الإعدادات المناسبة تماماً والزمن المناسب لـ يظهر الحائط البالي القديم كأنه قطعة ذهب بُنِيت ، والظلال الساحرة للزاوية المدروسة في وقت الغروب ، مثلّث تصويري قد تكامل ، ماذا تتوقّعون النتيجة بعد ذلك ؟

[ الإضاءة والتعريض المُناسب ]

– للإضاءة الجميلة والتعريض المُناسب دور كبير في إنجاح الأعمال وإظهار المشهد بجماليّة باهرة ! تُذهل العيْنين ، وهي تساهم في خلق جوْ مناسب للمشهد .
فمثلاً إن كان الطّفل نائماً ، باكياً ، حزيناً ، كئيباً ، فالإضاءة الخافتة المظلمة سـ تُساهم في زيادة واقعيّة المشهد وجماليّته .

وإن كان الطّفل سعيداً ، فرِحاً ، مُبتهجاً ، مُبتسماً ، نشِطاً ، فالإضاءة الوافرة ستكون كفيلة بإظهار تعابير الوجه بشكلٍ أجمل ، و الألوان بشكلٍ أفضل .

.: أمثلة :.

. النظرة الجادة على وجه الطّفل والحزم ، يتوجّب فيه تعريض يناسب هذه التعابير وإضاءة تنتج ظلالاً مُتقنة ، فتُظهر لنا صورة مثاليّة كهذه .

2. الكآبة واضحة ، ليس من المعقول أن تكون الإضاءة وافرة ومبهجة هنا ، لذلك بحِنكة وذكاء أجاد هذا المصوّر البرازيلي بإظهار هذا المشهد المُظلم الكئيب لـ تعابير وجه ابنه الحزين ، فـ نتج عملاً مُتقناً بالتصوير .

3 . إضاءة وافرة ساعدت على إظهار جلد الطفل بنعومة بالغة إضافةً إلى جمال عينيه ، أظهرت هذه الإضاءة براءة الأطفال بشكل مُناسب .

[ زاوية الإلتقاط ]

– لا تكن كل زواياك إعتياديّة مكررة ! بل وسّع نظراتك وانظر لكافة الزوايا ، واجعلها تخدُمك في مشهدِك ، فاختيار الزاوية المناسبة للمشهد الذي أمامك دون التقليدية يضيف عليها سِحراً جذّاباً تسعد العين بالنظر إليه .

فالزوايا الإعتياديّة التقليدية قد باتت مُملّة مكرّرة ، قد ملّت منها العين لذلك تجد نفسك لا تتأمّل فيها كثيراً ، بعكس التي تكون بزاوية فريدة تُظهر المشهد بشكل رائع !

.: أمثلة :

. أكاد أجزم أن لو المشهد لم يكن بهذه الزاوية لن يحقّق إطلاقاً هذا الجمال الذي نشاهده ، الزاوية أعطت واقعيّة أكبر لـ حدث قد وقع ، ويظهر لنا الابن غاضباً وهو ينظر إلى والده .
ووالده قد أحسن التصرّف حقاً في هذه الصورة .

2. زاوية أضافت عفويّة وحيويّة وسِحر لا يستطيع الكثير من المصوّرين إضافته ، ألا تشعر بأن عينَك لم تألف هذه الصورة لقلّتها ، وأنها أظهرت تأثير لا يسعنا وصفُه ؟ حقاً زاوية مميّزة فريدة .

3. يا إلهي ! كيف فكّر هذا المصوّر بأخذ هذا المشهد في هذه الزاوية وبهذه الكيفية !
إن دلّ ذلك على شيء فلا يدل إلا على فهم واعٍ مُدرك بأسس التصوير ، وإبداع حسّي نادر ، فاجتهد على أن تتحلى به .

 

( نـصائــح ذهـبـيـّة )

[1] – غالباً لا تجعل الطّفل متكلّفاً لـ تعبير معيّن ، بحيث تأمره بالنظر إلى العدسة والإبتسام ، أو إظهار تعبير معيّن تريد الحصول عليه ، فـ غالباً لن تنال ما تريد وإن فعلت فإنها لن تكون بالجماليّة المطلوبة . اجعل تعابيره عفويّة يُخرجها هو بنفسه دون تكلّف منه أو أمر يشعر أنه يتوجّب عليه تنفيذه .

حاول أن تعيّّشه وتُدخله في جو سينتج لك نتائج مُذهلة ! فمثلاً إن كُنت تريده يضحك ، قُم بأمر مُضحك أو ألقِ عليه دعابة ، وإن كنت تريده يظهر ببراءة ، أعطهِ دمية يلعب بها وما إن يدخل في أجواء الإطار المطلوب ، قم بإلتقاط الصورة وهو لا يعلم .

[2] – استخدم الإضاءة الوافرة للأجواء السعيدة ، والإضاءة الخافتة للحزينة .
تستطيع القيام بهذه الخطوة سريعاً وهي لأصحاب كاميرا SLR الإحترافية ، لاحظوا معي خط التعريض .

يساعد هذا الخط في معرفة إذا كانت الإضاءة مناسبة أو لا للمشهد الذي أمامك ، إذا انتصف المؤشر فهي مناسبة إذا زاد واتّجه نحو اليمين يعني أن التعريض يزيد والإضاءة أوفر ، وإذا قلّ واتّجه نحو الشمال فـ يعني أن التعريض ينقص والإضاءة خافتة .

تستطيع أن تتحكّم مباشرةً بهذا الخط في الأوضاع التالية :

بعد أن تحدّد الوضع ، اضغط على Av وأدِر العجلة التي بقرب زر التصوير ، إن أردت طبيعية مناسبة فاختر المنتصف ، وإن أردت وافرة فاختر من يمين المنتصف وخافتة من شمال المنتصف ، ستجد أن فتحة العدسة في وسرعة الغالق تتغيّرات تلقائياً .

[3] – قم بعزل الطّفل عن خلفيّة المشهد إن كانت تشتّت جماليّة الصورة كأن يكون مثلاً حائط المنزل أو عنصر يشتّت نظر المشاهد ويُبعده عن أجواء الصورة ، اصنع أجواءاً مناسبة .
فـ تستطيع أن تأمر الطفل بأن يتقدّم قليلاً عن الخلفية حتى يتم العزل أو توسّع فتحة العدسة ، كما أن لـ عزل الصورة تأثير جميل يزيد من جمال الصورة .

العزل يكون بتوسيع فتحة العدسة ، وأما في الكاميرات غير احترافية فاستخدموا وضع الماكرو .

[4] – مثل ما أنّك تريد من الطفل صورة جميلة ، فهو يريد أيضاً ، أعطِه شيئاً يُحبّه حتى يكون متعاوناً معك .

[5] – قد تصدر من الطّفل تعابير لا تتكرّر إطلاقاً ، كُن مستعِداً دوماً .

[ 6 ] – لا تستخدم الفلاش إطلاقاً ، إلا لـ حاجة ضرورية ، فالإضاءة الطبيعية أجمل بكثير من الإضاءة التي تعطيها الومضة ، وأقصد بالحاجة الضرورية هو العتمة الشديدة و إخفاء الظلال التي تُخفي جمالية الوجه ، ولك حُريّة التّصرف ، أفضّل رفع حساسيّة المستشعر الـ[ ISO ] على استخدام الفلاش .

– في النهاية أقول لابد أن تضع لك خـط سَير تتبعه وفكرة تسير عليها ، حتى تجمع بين كل هذه الأساسيات والنصائح ، بأن تستخلص منها ما يناسب المشهد الذي أمامك .

المسألة ليست بالصعوبة التي تتخيّلها بل هي بسيطة ، والمصّور الناجح هو من يتعامل مع هذه الأمور بديهياً دون تكلّف .

أنت ناجح ، مبدع ، ذكي ، قادر ، فاصنع مشهداً يناسب وضعك الذي أنت عليه .
اخرج من عالم الإعتيادية ، واطمح إلى المثاليّة . تميّز ، تألّق ، اتقن ما تصنع .

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.