1. “نادية الغزّيّ”.. أنسنة الخلافات بحكايات
  2. ابتسام بوسعد

الأربعاء 17 أيار 2017

المالكي

للأديبة “نادية الغزّيّ” بصمة خاصة في الأسلوب الكتابي والحياة، فقد اكتسبت الثقافة من منزل يؤمن بالعلم، وأخذت من واقع مهنتها المعقد لتخطه بأسلوب مختلف، وتحيله إلى إبداع خالص غارق بتفاصيل النفس البشريّة.

تكبير الصورة

مدونة وطن “eSyria” بتاريخ 10 أيار 2017، التقتها لمعرفة تفاصيل حياة الأديبة “نادية الغزّيّ” من بداياتها، فقالت: «في أحد بيوت “الحلبوني” الدمشقّية ولدت وكبرت، والدي المحامي “سعيد الغزّيّ”، وهو من الشّخصيات المعروفة، والدتي ألبانيّة من شبه جزيرة “مورة”، كانت دراستي منذ بداية المرحلة الابتدائية في “الكلية العلميّة الوطنيّة” لصاحبها الدّكتور “عدنان العائدي”، أنهيت الدراسة الثانوية بوقت مبكر جداً، وأتقنت اللغات الثلاث: الإنكليزيّة، والفرنسيّة، إضافة إلى العربيّة، ودخلت كلية الحقوق، وكان خياري هذا سبيلاً للابتعاد عن سلك التّعليم، والرّوتين الذي يحكم أغلب المجالات حولنا. تزوجت بعد قصة حب جميلة من المحامي “نزار بقدونس”، وبأسلوب بعيد عن التّقليد المعهود حينئذٍ، ومع انطلاق التّلفزيون السّوري عام 1960 كانت لي فرصة المشاركة بالعمل فيه، فكان لي برنامج “البيت السّعيد” لأعدّه وأكتبه وأقدمه، واستمر لمدة عام واحد فقط، فاكتشفت من خلاله ما للحياة من حقائق ووقائع تلف عالم الأسرة، وذلك عبر ما كان يصل إليّ وأتلمسه من الرسائل الواردة إلى البرنامج. ثم انخرطت بالعمل في المحاماة حتى التّقاعد، عملت مع الوالد وهو المعروف بمحامي الشّعب وقتئذٍ، فكانت لي حصة من

تكبير الصورة
من كتب البحث في جرائم الزمان

خبرته، فتعرفت إلى البلد والناس بكل مستوياتهم، وكذلك عملت لمدة خمسة عشر عاماً في مجلة “طبيبك”، حيث وثقت التّراث الشّعبي الموجود في العادات والتّقاليد والحكمة والتداوي بالأعشاب من خلال القصة والحكاية، وكتبت في مجلة “المرأة العربيّة”».

وعن قصتها مع العمل وإسقاطاته التي خطّت كتاباتها وحكاياتها، قالت: «في كتاباتي ابتعدت عن الخيال ليكون فقط نوعاً من التّجميل، حتى الجريمة في رواياتي كانت من الواقع الذي لمسته في ملفات القصر العدلي، ومن جهة أخرى بحكم فهمي بأن البحث والرّواية لا يفترقان؛ فهما يستندان إلى الواقع، وبذلك كان لي التّوجه نحو التّراث الحقيقي سواء كان على الحجر، أو في كتاب، أو مروياً، أو عادات وتقاليد، أو تراثاً طبياً. أما الفكرة الرّئيسة التي دفعت بي إلى التفكير بحضارة الطعام، فله حكاية خاصة؛ فعندما كنت في بلاد الغربة دُعيت لتناول (سندويشة الفلافل)، فرحبت بالعرض وتوجهنا إلى المقصد، وبعد الاستفسار اتضح لي أن المحل يقدم “الفلافل” على أنها تراث له، فاندفعت وأردت تثبيت تراثنا، فكتبت في موسوعة الطعام؛ فالطعام حضارة وفن، ونظمتها بقصصي وحكاياتي».

الشّاعرة “سلام خالد تركمان” القارئة للعديد من

تكبير الصورة
كتاب من قطوف التراث

مؤلفات الأديبة “نادية الغزّيّ”، حدثتنا بالقول: «الحديث عن الأديبة “نادية الغزّيّ” الدّمشقيّة ممتعٌ ومثيرٌ، فقد ورثَتْ كينونةَ الإبداع من أسرةٍ عريقةٍ في الفقه والأدب والعلومِ، وأغنَتْ ثقافتها من المؤلفات الثّمينة في عيون التّراث الفكريّ العربيّ الإسلاميّ.

وكلما جالستها يدور الحوار بحميميّةٍ صادقةٍ، وتكتشفَ فكرها المنفتح وأفقَها الواسع، وشخصيتها الآسرةَ، فيما تقومُ هي بعرض مختاراتٍ لصورٍ من مسيرتها الطويلة الحافلة بالعطاء الأدبيّ والإنسانيّ التي أثمرت أكثر من عشرين مؤلَّفاً في مباحث متنوّعةٍ تتميّز بفرادةٍ عمّا في المكتبة العربيّة، ولا سيّما التي تُعنى منها بقطوف التّراث».

وتتابع الشّاعرة “سلام”: «بدأت “نادية الغزّيّ” بالشِّعرِ، فنظمتْ القصيدةَ الحرّةَ الموزونةَ التي عالجتْ فيها قضايا المرأة الشّرقيّة، وحين ضاق بها الشِّعر انطلقَتْ إلى النثر المعبِّر أكثر عمّا في الأعماق، وكتبت القصّةَ والرِوايةَ، ودافعَتْ فيهما عن إنسانيّة الإنسان، واختزلَتْ بحكم عملها كمحاميّةً مخزونها من حكايات النَّاس ومشكلاتهم في مجموعاتٍ قصصيةٍ واقعيّةٍ، وثّقَتْ فيها للجريمة بأسلوب أدبيّ شيّق، كما أعطت النَّبض لوقائعَ تاريخيّةٍ مدوّنةٍ على الرُّقمِ الصّلصاليّة من أيّامِ الحضارات القديمة، وأجرَتْ فيها نسغَ الحياة من خلال قصصٍ مؤنسنةٍ لنساء عانينَ منذ

تكبير الصورة
الشّاعرة سلام خالد تركماني

آلاف السنين. خصّت الأديبة “نادية الغزّيّ” الورد والعطر، والعادات والتقاليد في بلاد الشَّام بدراساتٍ مميّزةٍ، وكانت المحصِّلة عدا المؤلَّفات وعشرات المحاضرات، كتاباتُها التي تعانقُ الرُّوح والوجدان متواصلة بنشاط ملحوظ وهمّة عالية حتّى هذه اللحظة، وهي مبتعدة عن الأضواء ليكون عطاؤها أكثر سلامةً ونقاءً».

من مؤلفات الأديبة “نادية الغزّيّ”: “زهر القمر وحسن الجمال”، و”هذيان هرّ مصاب بالاكتئاب”، و”العبور إلى الشّر”، و”حكايا صلصاليّة لنساء ميتات”.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.