“توفيق المنجد”.. بلبل الشام في صوت روحاني

إسماعيل النجم

الأحد 15 حزيران 2014

الفردوس

ارتبط اسمه بمنشد شهر رمضان والأعياد؛ حباه الله بصوت روحاني مميز، ورغم عمله بالمهنة التي ورثها عن أبيه، إلا أنه بثروة جناها من الغناء الديني حقق حلمه بدخول “خان الحرير”.

تكبير الصورة

مدونة وطن “eSyria” التقت بتاريخ 9 حزيران 2014 الأستاذ في المعهد العالي للموسيقا “نزيه أسعد”، وعنه يقول: «تميز المنشد “توفيق المنجد” بصوت روحاني بعيد عن الغنائي والطربي، وتصدر الإنشاد زمناً طويلاً في كل المناسبات الدينية والأعياد لأكثر من ستين عاماً حتى بات منشد “دمشق” الأول، لفت الأنظار بأدائه وحضوره، فأصبح من الصعب أن تمحو أناشيده من ذاكرة الدمشقيين».

وكان أول نظم له في الشعر والتلحين موشح نبوي من نغمة “الزنجران” جاء فيه: (يا راحلينَ يمَّ المصطفى… بلِّغُوا سلامِي إلى الحبيبْ – نارُ قلبِي لنْ تنطفِي…إلَّا أنْ أزورَكَ يا حبيبْ).

أما أستاذ اللغة العربية “محمد الحمود” عن “المنجد” فيقول: «هو “توفيق” ابن المرحوم “أحمد فريد بن عبد الله الكركوتلي”، ولد في حي “القيمرية” في “دمشق”، وتُوفِّي فيها، لقب بـ”المنجد” لأن والده كان يحترف مهنة التنجيد، تلقى دراسته الابتدائية في مدرسة “الإسعاف الخيري”، واشتغل عدة صناعات إلى أن استقر بمهنة والده “التنجيد”، لم يتلق الفن

تكبير الصورة
الموسيقي نزيه أسعد

عن أحد، ولكن أجواء أسرته ومحيطها كانت تدفعه إلى الغناء، واكتفى بما أخذه عن والده الفنان من القطع الغنائية الخفيفة، ومن خلال احتكاكه المبكر بـ”الجامع الأموي” القريب من دكان أبيه، والصلاة فيه، واستماعه إلى تجويد القرآن الكريم، والمدائح النبوية التي كانت تقدمها بعض الفرق الخاصة في شهر مولد النبي الكريم، وإعجابه بصوت أبيه الذي كان يصدح بالأذان من مئذنة “الأموي” في أوقات الصلاة أحياناً، كان من الأسباب التي جعلته يفكر جدياً باحتراف الإنشاد الديني».

وأضاف: «افتتن بألحان المرحوم الشيخ “سيد درويش” وموشحاته التي حفظها بإتقان، فكانت عماد وصلاته الغنائية التي كان يؤديها مع فرقة صغيرة من العازفين والمنشدين الهواة، فتعلم من الإسطوانات سبعة أدوار من ألحانه، وأخذ من كل نغمة وصلة من الموشحات البديعة، ثم دخل المعهد الموسيقي الشرقي وكان منشد الحفل الذي أقيم على مدرج الجامعة السورية وهي مؤلفة من خمسين عازفاً، فكان يرتجف من رهبة الموقف وغنى فيها مونولوج: (دمعي اشتكى

تكبير الصورة
رابطة المنشدين في شهر رمضان

من أوجاعي وخف نداه)، وهو من ألحان الموسيقار “كميل شمبير”، وطرب له الشيخ “تاج الدين الحسني” -الذي كان رئيس الدولة السورية آنذاك- فطلب منه إنشاد قصيدة (ياليل الصب متى غده)، فبهر بسحر صوته وحسن إنشاده».

وكذلك الدكتور “محمد وهبة” باحث بالفكر الإسلامي عن “المنجد” يقول: «لا تذاع مدائحه النبوية وأناشيده الدينية إلا في شهر رمضان المبارك وقت السحور لروعتها وتأثيرها في النفوس، ذاع صيته في أوساط “دمشق” حتى لُقب المنشد الراحل بـ”بلبل الشام” حظيّ بمكانة خاصة في قلوب الدمشقيين، لإنشاده الحسن ولصوته الجميل في المدائح النبوية والموشحات، وصار يلبي الدعوات مع فرقته الصغيرة لإحياء الموالد والأفراح في “دمشق” وريفها، وغدا في سنوات قليلة المنشد الرئيس في حلقات الفرق الصوفية، ولا سيما المولوية منها التي كانت قاعات مسجدها تغص بالناس للاستماع إليه في حلقات أذكارها، وجمع توفيق “المنجد” ثروة لا بأس بها من وراء نشاطه هذا، مكنته مع أخيه “عبد الفتاح” من أن يحققا

تكبير الصورة
المنشد الكبير توفيق المنجد

حلمها القديم بافتتاح متجر خاص لهما للأقمشة الحريرية والأجواخ في “خان الحرير”، من دون أن يمنعه ذلك من مزاولة نشاطه في تلبية الدعوات التي تأتيه كمنشد ديني».

يذكر أن “توفيق المنجد” ولد في “دمشق” عام 1910م، وأسس فيها فرقة رابطة المنشدين، وكان يرأسها، وبعد وفاته في عام 1998م ترأسها من بعده المنشد “حمزة شكور”.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.