رحيل الأب الروحي لـ «باسم ورباب»

19 كانون الثاني 2017

استطاع الفنان الراحل ممتاز البحرة أن يحفر بصمته الفنية بعمق في وجدان أجيال من السوريين من خلال رسوماته في كتب التعليم الابتدائي بشخصياتها الراسخة في الذاكرة باسم و رباب وفي مجلة أسامة وغيرها من الكتب والمجلات المخصصة للأطفال.

البحرة المولود عام 1938 رسم ايضا الكاريكاتير والرسوم التوضيحية في الصحافة وكان رساما متمكنا ومبدعا امتلك إلى جانب الاحترافية الفنية العالية حسا انسانيا وروحا فرحة ترنو للجمال باستمرار إلى جانب التصاقه بواقعه حد التطابق بكل ما فيه من تفاصيل الازياء والبيوت وطريقة العيش.

يقول الناقد سعد القاسم في تصريح للثقافية «رحل ممتاز البحرة بعد عزلة طوعية لسنوات طويلة في دار السعادة للمسنين لم يقطعها سوى ندوة وداعية أقيمت نهاية العام الماضي مع معرض ضم رسومه وخاصة تلك التي رسمها في مجلة أسامة كونه أحد مؤسسيها وكبار رساميها والتي بدورها ساهمت في شهرته الشخصية كواحد من أهم رسامي مجلات الأطفال في سورية والبلاد العربية».


الفنان التشكيلي الراحل ممتاز البحرة

ويتابع القاسم «رسوم البحرة دفعت مئات آلاف الأطفال لحفظ اسمه إلى جانب أسماء نذير نبعة وطه الخالدي ولجينة الأصيل عبر شخصيات ابتكرها ومنها أسامة وشخصية “شنتير” التي حظيت بشعبية واسعة».

ولفت القاسم إلى أن ضعف اهتمام النقاد والباحثين في الفنون التشكيلية برسوم الأطفال والرسوم الكاريكاتيرية وهما مجال إبداع البحرة الأساسيان أثر على تناول مسيرته خلال حياته مضيفا «لعل التعبير الابلغ عن رحيله هو عنونة أحد الأخبار بجملة /باسم ورباب تيتما برحيله/ في إشارة إلى الشخصيتين اللتين ابتكرهما للكتب المدرسية».

بدوره قال التشكيلي بطرس المعري «استطاع الراحل البحرة ان يؤسس لمدرسة خاصة في الرسم كان اعتمادها الاساسي على تقديم الطابع المحلي عبر وجوه شخوصه القريبة من حياتنا وذواتنا حيث ترك بصمة قوية في ذاكرة الاجيال التي اطلعت على رسومه وتفاعلت معها وكان له شخصيته الفنية المميزة في الحركة التشكيلية ولكن للأسف لم تستمر هذه المدرسة ولم يأت من يستفيد منها ويطورها او يكمل مسيرته».

من جهته قال الفنان والناقد التشكيلي أديب مخزوم «علاقة الراحل البحرة مع الرسوم الموجهة للأطفال كما قال لي في حوار أجريته معه عام 2008 بدأت مع انطلاقة مجلة أسامة عام 1969 حيث ابتكر شخصية اسامة ثم بدأت علاقته مع الكتاب المدرسي بمبادرة شخصية من الشاعر الراحل سليمان العيسى ومجموعة اخرى من التربويين والمؤلفين وعبرها ابتكر شخصيات باسم ورباب وميسون ومازن وغيرها وعاشت رسوماته في الكتب المدرسية من عام 1972 ولغاية عام 2002».

وتابع مخزوم «رسومات البحرة التي كانت ترافق أناشيد الشاعر العيسى جعلت اسمه راسخا في وجدان الكثير من الأجيال» لافتاً إلى أن رسومات البحرة الطفولية كانت تخاطب الملايين في وقت نجد فيه أن اللوحة الفنية التشكيلية الحديثة تتوجه عادة لنخبة محدودة من المهتمين والمتابعين.

ويرى مخزوم أن بعض كبار رواد الحداثة في التشكيل السوري عملوا في مجال الرسم الموجه للأطفال على مدى عقود ولكن لا أحد منهم أستطاع تقديم اللوحة الطفولية النابضة بالحيوية والعفوية والخصوصية والصدق كما قدمها الراحل الكبير ولا سيما أن أعماله الطفولية ظلت بمنأى عن التأثيرات الغربية بخلاف رسومات معظم نظرائه في هذا الاتجاه.

ويؤكد مخزوم أن رسومات البحرة من وجهة نظر نقدية موضوعية تضاهي في حيويتها وعفويتها ومرونتها ورشاقتها رسومات أشهر الفنانين الأجانب المتخصصين في مجال رسوم الاطفال مبينا انه بمبادرة منه ومن التشكيلية رباب احمد مديرة المركز الثقافي العربي بأبو رمانة تمت إقامة ندوة تكريمية للفنان الراحل في الشهر الاخير من العام الماضي مع معرض لأعماله بحضوره.

ويدعو مخزوم وزارة التربية لتكريم الفنان الراحل باحتفالية كبرى تشمل كل مدارس سورية وتستمر شهرا على الأقل لأنه كرس أهم سنوات عمره لإغناء الكتب المدرسية بأروع الرسومات الموجهة للأطفال مؤءكدا ضرورة جمع رسوماته الأصلية وعرضها للجمهور في متحف خاص وإصدار كتاب عنه تجمع فيه روائع رسوماته.

وكان الفنان الراحل ممتاز البحرة تخرج ضمن الدفعة الاولى في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق باختصاص تصوير زيتي وعمل كمدرس للرسم لمدة 23 عاما في الحسكة ودمشق نشر رسومه الكاريكاتورية والكوميكس الرسوم التوضيحية في الصحف والمجلات وله الكثير من اللوحات الزيتية وأشهرها جدارية ميسلون في صرح الجندي المجهول التي ظهرت فيها ملامح أسلوبه الواقعي الخاص الذي طبع كل أعماله.

 

محمد سمير طحان

sana

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.