المبدعة في ثقافتها التشكيلية صفية بن زقر

  الثقافة وسيلة كل فنان يريد أن يعطي أي متلقٍ معنوي، وهي التي تدل على فكرة الفنان في حياته، وقيمة رأيه وسداد بصيرته، الشيء الذي يجعل من المثقف الفنان امرأً كان أو امرأة يعبر عما يشاء برؤيته الفنية.

عن الحياة ومشاهدها والدنيا وما حوتها من عناصر الحياة والنجاح فيها، وهذا في الواقع شأن أدبي وشجن فني أن يعطي الفنان أو الفنانة لوحته أو لوحتها المرسومة كما هي عند المبدعة والفنانة المثقفة صفية بن زقر، التي جعلت من موهبتها إلى المجال الفني التشكيلي رسماً وتعبيراً ومودة وحباً للحياة الجميلة التي لا يدركها إلا الفنان الأصيل أو الفنانة على سبيل المثال.

فالحياة ملأى بالمشاهد والمواقف والمواضيع اليومية التي تتجلى من على سطح أرضيتها وطبقة حياتها الدنيوية، لذا فمجيء الفنانة في هذا الخضم وهذا الزخم المعنويين يُعطي دلالة على أعماق الفن الذاتي الذي تتشكل عناصره في عدة ميادين وفي تنوع المجالات، وشتى صفحات أرضنا الطيبة لتعبر بذلك وعليه فالأستاذة صفية مفنة بما تنوعه رسمياً وفنياً وأدبياً، والمقصود بالرسمي هنا هو النسبة إلى الرسم وفنه والتشكيل وتعبيره واللوحة وما تحتويه أمام ذلك نقف لنتبصر الملهمة في أي لوحة من لوحاتها التشكيلية، ولنتأمل من تعبيراتها البصرية لفن الرسم والتعبير التشكيلي.

ذلك الفن الجليل في مظهره والعميق في مخبره، ويدرك ذلك تماماً أولو المواهب الأدبية والجمالية والشعرية والفنية في الحياة الإنسانية والاجتماعية، وليس بسهل الفن الذي نتحدث عنه عند المبدعة بن زقر، وهو يذكرني بالمثل القائل (إن الترجمة والتعبير من لغة إلى لغة أشد صعوبة من التأليف)، لذا علينا تدبر الأعمال التشكيلية في هذا المجال الذي ترسمه فنانتنا في سبيل إجراء تعبيري عما في الحياة من شؤون وشجون، وهذا الفن قديم في جدة، حيث طوعت بن زقر عملها التشكيلي وإدارته في دارتها المعروفة، وهي دارة متقدمة في المبنى والمعنى، وفي التصفيف والتلوين والترسيم للوحات التشكيلية التي تساندها متابعة للفن العالمي في هذا المجال، وعندي أن هذا الجانب الفني هو نفس الشيء الذي يعبر عنه أي شاعر أو ناثر أو أديب فنان كتابةً وقريحةً وموهبةً وتعبيراً.

لأن الرسم هو من أنواع الفن الإنساني البشري والاجتماعي وهو عنصر أدبي مثله مثل الشعر والخاطرة والقراءة والترجمة لأي عمل في هذا المجال، ومثل الموسيقى التصويرية والغناء المعنوي ذي الشجن الملحن.

وقد حفلت دارة بن زقر بالأعمال الرسمية واللوحات التشكيلية والرسوم الفنية، وهي إنجازات معنوية وأعمال فنية ورسومات ملونة ومشكلة.

ليس من اليسير إدراجها ضمن مدرسة معينة في عالم الرسم والتشكيل أو الفن التشكيلي لأن ذلك يعود للعمل نفسه الذي يتراوح في نسبه إلى السريالية والرمزية والواقعية، ولسنا من حيث التقدير قادرون على أن ننسب شخصية بين زقر الفنية إلى مدرسة من تلك المدارس التي تنوعت في الفن العالمي للرسم والتشكيل اليوم، فهذا يؤخذ من الناقد الأدبي أو القارئ المتلقي، ونحن إنما نأتي هنا للتعبير والتشخيص الثقافيين عن أعمال صفية الفنية ولوحاتها الإبداعية ورسوماتها التشكيلية، ونقدر لها جهودها في سبيل تنمية -إن صح التعبير- الفن التشكيلي الذي رعته هذه السيدة الفاضلة في الحجاز الماضي والحاضر منذ عقود من الزمن، وهناك وسائل كثير لهذا الأمر تتخذه السيدة صفية لتثقيف النشء والشبيبة على شكل مسابقات ومشوقات للعمل الفني وترويج حسناته وأشكاله وقدراته من أجل تنمية المواهب عند هؤلاء الناشئة والصبيان والصبايا الذين يشكلون الجيل وخلفه آخر، أو لنقل هؤلاء الذين يأتون ويمضون متقاربين سناً وقدراً وفناً كي تحبب إليهم فن الرسم أو التشكيل بشتى وسائل التعبير، وهذا عمل ليس فنياً فحسب وإنما هو أدبي وثقافي ومعنوي، هكذا أرى أنا شخصي الضعيف، أمام ما رأيته وعبرت عنه في هذا الحديث عن السيدة البن زقر.

وقد حمدت الله إلى طيب الذكر عبد المقصود خوجه صاحب الاثنينية الذي كرم هذه الشخصية الموقرة في إحدى أمسياته التكريمية والأدبية والمعرفية.

حيث تعرف المتلقون والحاضرون على الجانب الآخر من هذه الشخصية ألا وهو الجانب الفني والخلقي والإنساني، والثقافي كذلك مما يشيء بطبيعة الحال إلى الاستماع عن تجربة الفنانة بن زقر في عملها وموهبتها وعلمها بالفن التشكيلي وإدراكها لعناصره وتعبيراتها عن تنوعاته، حتى غدونا ونحن شاكرون إلى عبير الأمسية الاثنينية وزهوها الفني من خلال هذا التكريم الحاتمي، والتقدير المعنوي والتمجيد الأدبي، حيث استطاع النظار والمشاهدون والحاضرون معرفة من هي هذه الشخصية وما هو دورها في مجتمعها من نواحي التثقيف والأدب وسبل الفن المتنوعة، والعمل الثقافي والأدبي الدؤوب، ويبدو أن شخصيتنا الكريمة لها نصيب من تشجيع أخيها الأستاذ وهيب الكاتب الاقتصادي والثقافي والاجتماعي لما اتجهت إليه في العمل، ولما أعطت مجتمعها من أدب وتثقيف وفن، كل ذلك يشكل لنا شخصية بن زقر الابداعية ومروءتها الفنية والمعنوية العالية.

التي تبصرت بها في عالمها التشكيلي الواسع وفي فنها الرسمي الشاسع، ثم ما في ذلك من أعمال كثيرة وعديدة وجمة، لذلك رأينا أن نعطي المتلقي شذرات من المعرفة حول هذه الشخصية الممتازة في فنها وأدبها وخلقها وإبداعها في عالم الفن، وما درجت عليه من التعبير عن هذا الفن في أعماقها المعنوية، ونحن مدركون أن هذا الحديث هو الجانب المعنوي لهذه الشخصية ولعل غيرنا قد يتم مثل هذا الحديث ليناول في الحديث عن عملها ولوحاتها وتشكيلياتها الفنية، إلا أننا نزعم بالتعرف على عالم هذه المرأة المبدعة، وأردنا أن نقول كلمتنا ونمشي على حد تعبير كامل مروة.

فالأديب لديه ثقافة معنوية كما أن الفنان أياً كان صاحب رسالة حياتية بلا شك في المجالات الإبداعية والتعبيرية والتشكيلية، حيث ما كان وعلى سطح الأرض، لأن الفن تعبير جميل عما في الفؤاد من أشجان ومشاعر خلابة، وفيه ينبع التعبير ليشكل عملاً معنوياً وفنياً وأدبياً.. ولله في خلقه شؤون.. وفقا لما نشر بصحيفة الرياض.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.