الفنان امين السيد

الفنان التشكيلي الفلسطيني السوري ” أمين السيد” من مواليد دمشق عام 1963م أصوله الفلسطينية تعود إلى قرى قضاء مدينة صفد في جليل فلسطين الأعلى، محيطة الأسري والمجتمعي الفني ساعده على تخير مساراته الحياتية. درس فن التصوير على نفسه، مُثبتاً حضوره الفني في معارض اتحاد الفنانين التشكيلين الفلسطينيين في سورية، ليكتسب عضويته فيه عقب مشاركاته الفنية في معارض عديدة، وكان معرض الكرامة الفلسطيني عام 1980، نقطة البداية وتوالت بعدها مشاركاته في العديد من المعارض الفنية الجماعية الفلسطينية والسورية والدولية. ونال عن مشاركته في بينالي فن العالم الإسلامي المعاصر بالعاصمة الإيرانية طهران عام 2000 الجائزة الخاصة للجنة التحكيم.

حبه لفنون المسرح والسينما والتلفزيون، وشغفه بالمتممات الجمالية التي يلعبها الديكور والمناظر الخلفية، وتنويعات ملابس الممثلين المثيرة في تلك المجالات، جعله يدخل في متاهة هذا الفن الرحب والواسع من بوابة الفن التشكيلي، ليتمم تجلياته البصرية وبشكل عملي ومهني واحترافي. مُكتسباً الخبرة وأصول الصنعة والمهارات الأساسية، مُفسحاً لموهبته ودربته شق طريقها في ميادين تصميم المناظر والديكورات وأزياء الممثلين في المسرح والسينما والتلفزيون السوري على وجه الخصوص، كنقطة انطلاق للدخول المهني الموفق في معابر دول عربية وأعجمية. وتبوء مكاناً جيداً في مساحة هذا الفن الجميل، وتمكنه من الحصول على جائزة أفضل مصمم ملابس في مهرجان القاهرة الثالث 1997 عن مسلسل ” الثريا”، وجائزة أفضل مصمم ملابس في مهرجان القاهرة الخامس 1999 عن مسلسل ” سفر”. وبصماته الفنية نجدها في أكثر من فلم ومسرحية ومسلسل، مثل: ” صلاح الدين الأيوبي، صقر قريش، ربيع قرطبة، عذراء الجبل، التغريبة الفلسطينية، خالد بن الوليد، الحصرم الشامي، أهل الراية، صراع على الرمال، شام شريف، المتبقي، غويا”.

لوحاته الفنية التشكيلية تميل في شكلانيتها الوصفية إلى عالم الميديا البصرية والمسرح خصوصاً، وتحمل في أحشائها بعضاً من سرديته الحكائية في وصف مضامينها، وتلاحم مكونات عناصرها ومفرداته الشكلية المرصوفة في متن اللوحات. مفردات كثيفة ومتداخلة وأشبه بمعارك لونية على سطوح الخامة، تأخذ نسيجها اللوني وإيقاعاتها المتناسقة من دائرة الألوان الرئيسة، وتشكل كل لوحة من لوحاته قبيلة شكلية، وغابة من الألوان والأشكال، وتُشعرك للتو أنك أمام مشهد سينمائي أو مسرحي أو تلفزيوني تاريخي، من خلال موحيات تجاربه الذاتية والمعبرة بشكل ما أو بآخر عن رمزيته وحكايته المتأتية من واقع فلسطيني مُعاش.

القدس المدينة العربية الفلسطينية المقدسة، تدخل في سجال عراكه البحثي وسجله البصري. ينسج من ثنايا أوابدها التاريخية المسيحية والإسلامية، بعضاً من زخرفة بيانه التشكيلي المستمدة من واحة المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وبيوتها القديمة، تأخذ صبغة لونية شفافة واضحة المعالم والتفاصيل، وإن نحى الفنان فيها إلى صوفية المؤثرات السردية في المآذن وتخير الملونات الزاهية، والمطلة على حالة رمزية من يوميات هذه المدينة الخالدة والصامدة بوجه العدوان والاغتصاب الصهيوني.

بينما نجد لثلاثية لوحاته الموصولة بمعركة حطين والمعنية بنبش ركام المداد التاريخي لحقبة إسلامية عابرة، تُفصح عن حقائقها بلغة الفن التشكيلي، ممجدة ومتغنية بالخط واللون لذلك الانتصار الماجد من خلال تسجيلات انطباعية بملامس تجريدية واضحة القسمات، وتقحمنا فيها بصورة رمزية إلى القائد المسلم صلاح الدين، الذي حررها ذات يوم من سطوة غزو الفرنجة الصليبي. جاعلاً من حركة ريشته المرنة فوق السطوح ترسم مسيرة لون وتوضع مساحات، وتجعل من أشكاله وخطوطه وملوناته أشبه بفراشات ملونة متراقصة داخل واحة مشهدها البصري، وتترجم التوافق اللوني والانسجام في جميع تجلياته وجزئياته.

لوحاته رمزية في مضامينها وتعبيرية انطباعية، تجريدية في سردية الشكل واحتضان الرموز والمضامين، وتسعى لإبراز القيم والعلاقات الشكلية المتناسقة للصور المتخيلة. مُغرقة في غنائيتها اللونية المتجانسة مع ذات الفنان الشخصية وروحة المتحررة من قيود الوصفي التقليدي، والنمطية الأكاديمية المتبعة في صياغة وتقديم اللوحات التاريخية، وتجدها في بعض الأحيان تأخذ صبغة التنوع الشكلي والمرور على مدارس وتيارات معاصرة في سياق حداثة تعبيرية جامعة. يبتكر الفنان من خلالها لذاته مساحة توليف ورؤى شكلية، ولغة سرد متمايزة في عالمه التشكيلي، وتقربه على الدوام من مساحة اشتغاله في ميادين تصميم الأزياء وضرورات اللون التي تأخذ منه كل مأخذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.