حسن حوراني (1974 – 2003)

ولد الفنان التشكيلي حسن حوراني في مدينة الخليل بفلسطين عام 1974، وفيها تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، والتحق عام 1993 بكلية الفنون الجميلة في بغداد عاصمة العراق -وتخرج منها عام 1997.

عاد إلى فلسطين بعد تخرجه وعمل مدرساً لمادة الفنون الجميلة في كلية مجتمع المرأة في مدينة رام الله التي يطلق عليها اسم (الطيرة) وبقي فيها بين عامي 1997 و1999، والتحق في صيف العام الأخير بدارة الفنون الصيفية في العاصمة الأردنية عمان، ثم عاد ليعمل كمنسق معارض وباحث في مركز الواسطي للفنون في القدس بين عامي 1999 و2000 واشترك في مسابقة (الفنان الشاب) التي نظمتها (مؤسسة عبد المحسن القطان) في فلسطين عام 2000 ونال الجائزة الثانية عن عمله الإنشائي (منا وفينا)، وحصل على منحة تفرغ من مؤسسة القطان، وسافر إلى نيويورك عام 2001 وعمل فيها في مجالات الفن التشكيلي والإنشائي، واشتغل على إعداد كتاب للأطفال.

وفي الخامس والعشرين من تموز عام 2003 عاد من نيويورك إلى فلسطين لمراجعة كتابه وإعداده للطباعة، لكن ذلك لم يتحقق لأن الفنان الشاب توفي بعد غرقه مع ابن شقيقته الفنان سامر أبو عجمية في شاطئ مدينة يافا يوم السادس من شهر آب عام 2003، أي بعد أقل من أسبوعين من عودته إلى مسقط رأسه.
لقد كان يحلم بزيارة بحر يافا، ولكن سلطات الاحتلال حرمته هذه الفرصة، وعندما أتيح له ذلك، غرق فيه!!

وكان ملفتاً أن الصحافة الغربية في بريطانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا واليونان وماليزيا والفلبين .. أفردت حيزاً للكتابة عن حياة وموت الفنان الفلسطيني حسن حوراني الذي رحل وهو في التاسعة والعشرين من عمره؛ فنشرت (الغارديان) البريطانية مقالة مطولة عنه، ووضعت على غلاف الملحق رسماً للفنان الراحل بريشة فنان الصحيفة (تين) ظهر فيها الراحل على شاطئ بحر وقدماه في الماء، كما احتلت صور لوحاته ورسوماته أغلفة وصفحات الصحافة في البلدان الأخرى.
والفنان الراحل أنجز خلال حياته القصيرة عشرات الأعمال والمشاريع الفنية في مجال الرسم والتركيب في الفراغ والفيديو، وأقام معارض فردية وشارك في معارض مع آخرين في: القدس ورام الله والخليل وبغداد وعمان والقاهرة ونيويورك والاسكندرية والشارقة وقطر وكوريا الجنوبية وبنغلادش..
وقد عرضت أعماله – عام 2000 – في مبنى الأمم المتحدة وكذلك في متحف (ويليامز برغ للفن والتاريخ) في نيويورك – عام 2002- ونفذ – بالتزامن مع ذلك المعرض – مشروعاً بعنوان (يوم واحد .. وليل واحد).

أما الكتاب الذي اشتغل عليه واختار له العنوان البسيط (حسن في كل مكان) فقد رأى النور بعد رحيل صاحبه، ويعود الفضل لمؤسسة القطان التي كلفت الشاعر والأديب (أحمد دحبور) بتحرير نصوصه، والفنان (شريف واكد) بإخراجه واستديو الفا بتنفيذ طباعته وتجليده.
ويقع الكتاب في مائة صفحة من القطع الكبير، ويتضمن 36 لوحة فنية و36 نصاً أدبياً، أي أن الكتاب عبارة عن لوحات رسمها حسن ولون جزءاً منها بصبر وحرفية عالية، بالإضافة إلى نصوص أدبية.

وتظهر رسوماته طاقة فنية عالية ممتزجة مع جدة أفكار وموهبة فذة، وهي سمات وسمت إنتاجه الغزير لأن (الوقت عنده كان فرشاة والمكان سماء جامحة). لقد رسم حسن حوراني وكتب في فلسطين ليصل إلى السودان والمغرب والرياض، وكل مدينة وقرية ومخيم، ليتصفح الناس أحلامه وأفكاره عن الحياة التي لم تمهله طويلاً -كما يقول شقيقه الفنان خالد الحوراني ويضيف: إن جهود حسن وتعبه وشغله على نفسه وفنه لم يذهب أدراج الرياح .. إن حسن في كل مكان، من اليمن والمنامة وحتى تطوان.

والفنان خالد الحوراني يشير هنا إلى فوز كتاب حسن الموسوم (حسن في كل مكان) بجائزة (أفضل عشرة كتب للأطفال) التي تم اختيارها من بين مئة كتاب على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2009.
رحل حسن حوراني، لكن روحه ظلت تمتطي دراجته السحرية، وتطير فيه أسطح المنازل في الوطن العربي ومدن العالم ، بحثاً عن بانوراما من العالم الذي ما زال يمنع الفلسطينيين من حرية السفر والطيران في سماء فلسطين

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.