«الرسم على الأرض» فن نشأ في إيطاليا قبل 5 قرون وانتشر عالمياً

«الرسم على الأرض» فن نشأ في إيطاليا قبل 5 قرون وانتشر عالمياً«الرسم على الأرض» فن نشأ في إيطاليا قبل 5 قرون وانتشر عالمياً

 

دبي تحتفي بمدرسته الحديثة ثلاثية الأبعاد

«الرسم على الأرض» فن نشأ في إيطاليا قبل 5 قرون وانتشر عالمياً

  • ديانا أيوب – دبي
 شهد مهرجان «دبي كانْفَس»، الذي ينظمه «براند دبي»، التابع للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، إقبالاً لافتاً مع انطلاق فعالياته، أول من أمس، إذ حظي بمتابعة المهتمين بالحركة الفنية عموماً وبفن الرسم ثلاثي الأبعاد على أرضيات الطرق والجدران في المناطق المفتوحة بصفة خاصة، حرصاً على مشاهدة أهم مبدعي هذا الفن الحديث وهم ينفذون لوحاتهم مباشرة في منطقة «ذا بييتش» «مقابل جميرا بييتش ريزدنس»، والاستمتاع بباقة كبيرة من الفعاليات الإبداعية المصاحبة ضمن أجواء احتفالية.
http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/03/275501.jpgمنى المرّي:
■ مهرجان «دبي كانْفَس» يؤكد ريادة الإمارة في مختلف مجالات الإبداع.

■ المهرجان أول فعالية عربية تستقطب أبرز فناني الرسم ثلاثي الأبعاد العالميين وتقدم أعمالهم على نطاق جماهيري.

وقالت المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، منى غانم المرّي، بمناسبة انطلاق فعاليات «دبي كانْفَس» إن المهرجان يمثل جسراً جديداً يوثق علاقاتنا مع العالم عبر لغة الإبداع التي تنطق بها إنجازات الحضارة المشرّفة المتحققة على أرض الإمارات، التي لا تلبث أن تتطور وتزدهر يوماً تلو الآخر.

وأوضحت أن فكرة المهرجان تأتي في إطار رسالة «براند دبي» المعني بطرح مبادرات جديدة بأسلوب فريد يعكس روح دبي الخاصة، حيث وجد في فن الرسم ثلاثي الأبعاد وسيلة جيدة لنقل هذه الرسالة بأسلوب جديد وغير تقليدي، إذ لم يسبق لهذا الفن الظهور بالمستوى ذاته من قبل في المنطقة العربية على امتدادها، وأكدت المري أن الرسالة التي يهدف المهرجان إلى توصيلها هي أن دبي تحافظ دائماً على ريادتها وضمن مختلف المجالات.

وأعربت المري عن ارتياحها للمؤشرات الأولى لنجاح المهرجان في الترويج لدبي مدينةً ترتكز إنجازاتها على مفهوم الإبداع، إذ ظهرت تلك المؤشرات من خلال صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة مثل «تويتر» و«إنستغرام» التي انتشرت عليها أخبار وصور فعاليات المهرجان والأعمال المشاركة، بصورة لافتة.

وقالت: «لا شك في أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت من أهم وسائل نشر المعلومات وتناقل الأخبار، بما لها من قدرة على الانتشار السريع، من ثم أطلقنا مسابقة خاصة بـ(دبي كانْفَس) على موقع (إنستغرام) لتشجيع الناس، لاسيما الشباب، على مشاركة تجاربهم معه عبر صفحاتهم الخاصة، إذ لاحظنا تجاوباً كبيراً في أول أيام المهرجان، وهذا يطمئننا إلى نجاحه في تحقيق جانب مهم من أهدافه»

ويقدم المهرجان، الذي تمتد فعالياته حتى نهاية الأسبوع الجاري، أعمالاً فنية متميزة لكبار فناني الرسم ثلاثي الأبعاد، في حين يأتي المهرجان ترجمةً لإستراتيجية «براند دبي» الهادفة إلى إبراز تميز دبي كبيئة راعية للإبداع، كما يسهم في خلق حالة من الوعي الإبداعي في الإمارة، ويوفر منصة مهمة للتواصل مع رموز الاتجاهات الفنية الحديثة، والتعرف على آراء رواد ومؤسسي مدارسها المختلفة.

«المادوناري»

ويعدّ فن الرسم على الجدران وأرضيات الطرقات من الفنون حديثة الانتشار نسبياً، إلا أن جذوره تعود إلى القرن الـ16 الميلادي عندما بدأت مجموعة من الفنانين الإيطاليين في الترحال بين المدن والقرى لرسم الصور الدينية على أرضيات الطرقات، والساحات العامة، باستخدام الطباشير، والفحم، والحجر الملون، إذ استغرق الأمر نحو ثلاثة قرون لظهور رسامي الشوارع في العاصمة البريطانية لندن منتصف القرن التاسع، ومن ثم بقية المدن الأوروبية.

وترجع بدايات هذا الفن إلى بدء فئة من الرسامين التنقل بين ربوع إيطاليا للرسم في الفعاليات الاحتفالية والتكسّب من الأعمال التي يقومون بتنفيذها على الجدران والأرضيات، وكانت في الغالب صوراً ذات طابع ديني، وعُرف هؤلاء الرسامون باسم «مادوناري». وعلى الرغم من أن إيطاليا شهدت ولادة هذا الفن، إلا أن أول مهرجان لفن الرسم على أرضيات الطرقات والجدران أُقيم في لندن عام 1906.

الأميركي الوحيد

يعدّ كيرت وينر الفنان الأميركي الوحيد الذي استطاع الفوز في مهرجان «غراتسي دي كورتاتوني» لثلاث دورات متعاقبة، وهو من أقوى وأشهر منافسات العالمية للرسم على الأرض، ويحظى بحضور كبير من قبل أمهر الفنانين العالميين الذين يتنافسون لتنفيذ أفضل أعمالهم خلال فترة لا تتجاوز 24 ساعة.

وبعد أن أمضى أعواماً عدة في دراسة فنون عصر النهضة والتعرف على التفاصيل الدقيقة المميزة لكل فترة من فتراتها، بدأ «وينر» صياغة أسس أسلوبه الخاص، وقام بإلقاء العديد من المحاضرات وورش العمل في جميع أنحاء الولايات المتحدة للتعريف بالأسلوب الجديد، كما أنه قام بتعليم أصول الفن لأكثر من 100 ألف طفل على مدى 10 سنوات، ما أهله للفوز بميدالية مركز كنيدي تقديراً لإسهاماته.

«كيرت وينر» يبتكر

في عام 1982 قام «وينر» بمزج التقنيات الكلاسيكية لفن الرسم على أرضيات الطرقات مع تقنيات الخداع البصري، ليعلن بذلك عن ميلاد شكل فني جديد، وهو ما يعرف حالياً باسم «فن الرسم ثلاثي الأبعاد»، الذي يُظهر فيه الفنان البعد الثالث للعمل الفني من خلال تطوير عمق وهمي يظهر للمشاهد من زوايا معينة فقط.

واستلهم «وينر» فلسفته وأسلوبه الخاص من أسقف الباروك الرومانية التي أبدعها فنانو القرن الـ17، وقبيل إنجاز الشكل الفني الجديد واجه «وينر» عقبات تقنية عدة تمثلت في اختلاف زوايا الرؤية، حيث إن الأسقف كانت تظهر للمشاهد بشكل منحنٍ، أما «وينر» فقد أراد أن تُنفذ الرسومات على أرضيات مستقيمة وعلى مسافة أقرب من عين المشاهد.

في عام 1985، وعد أن استطاع «وينر» أن يحقق مكانة مرموقة واحداً من أفضل الرسامين على الأرض، قامت «الجمعية الجغرافية الوطنية» بإنتاج فيلم وثائقي بعنوان «روائع بالطباشير» تناول أعمال «وينر»، وحاز الفيلم عدداً من الجوائز وكان محل إشادة الجمهور والنقاد على السواء. شارك «وينر» في العديد من المهرجانات والمحافل العالمية لتميز أعماله بمستوى رفيع من الدقة والإبداع والقدرة على مزج العناصر الكلاسيكية مع الأنماط الحديثة، ويخصص كيرت وينر جزءاً كبيراً وقته لتدريب شباب الرسامين.

أستاذة في الفن

كما يستضيف «دبي كانفس» الفنانة الأميركية «جولي كيرك بورسيل»، التي بدأت مستقبلها المهني مع فن الرسم ثلاثي في مهرجان محلي صغير في ولاية كاليفورنيا. وخلال الأعوام اللاحقة قامت برسم المئات من الأعمال الفنية في هونغ كونغ، وتايلاند، والشرق الأوسط، وأميركا اللاتينية وأوروبا. كما عملت مع كبرى شركات الإنتاج السينمائي.

وفي عام 2014، كُلفت «بورسيل» مع فريق من الفنانين من مختلف أنحاء العالم برسم أكبر لوحة خداع بصري في العالم. استطاعت «بورسيل» أن تصقل موهبتها بالدارسة الأكاديمية، وهي حالياً تعمل أستاذاً في كلية ايرفن فالي، المتخصصة في مجال الفنون، بولاية كاليفورنيا الأميركية.

«ستم» تدخل «غينيس»

بدأت الأميركية تريسي لي ستم دراستها لفن الرسم في سن مبكرة، وحصلت على درجة البكالوريوس من كلية «تايلر» للفنون في فيلادلفيا، ثم تابعت دراستها للمذهب الطبيعي في الفن في أكاديمية فلورنسا للفنون في إيطاليا.

وكانت بداية ممارستها للرسم على الأرضيات والجدران في عام 1998، ومنذ ذلك الحين أظهرت «ستم» موهبة استثنائية وضعتها بين رواد هذا الفن، بينما تنتشر أعمالها ورسوماتها في 24 بلداً. في عام 2006، دخلت الفنانة الأميركية موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية بأكبر لوحة طباشيرية في العالم يقوم بتنفيذها شخص واحد، وشاركت بأعمالها في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2010، والسوبر بول عام 2015.

اللوحات الكبيرة

بيتر ويسترنك أحد أشهر فناني الرسم ثلاثي الأبعاد في العالم، وشارك في العديد من المهرجانات الفنية الدولية. استهلّ ويسترنك تقديم أعماله في بلده هولندا منذ عام 2003 ، وبعدها قدّم العديد من عروض الرسم الحيّة مباشرةً أمام الجمهور في مدن مختلفة مثل سان دييغو، الولايات المتحدة الأميركية؛ تيومين، روسيا، ليفربول، المملكة المتحدة. تفرّغ ويسترنك للعمل الفني منذ عام 2007 وتخصص في رسم الأعمال الفنية كبيرة الحجم، وشارك في لوحتين دخلتا موسوعة الأرقام القياسية في عامي 2009، و2013.

مزج

خواندرس فيرا فنان مكسيكي استطاع أن يمزج بين عناصر أسلوبي الباروك، والسيريالية، فضلاً عن عناصر أخرى حديثة. وقد عُرضت أعماله في مناطق مختلفة من العالم، مثل المكسيك، والولايات المتحدة، وتايلاند، ودول أوروبا. بدأ «فيرا» رحلته مع الرسم ثلاثي الأبعاد لأول مرة في عام 2007، و منذ ذلك الحين فاز بالعديد من الجوائز في المهرجانات الفنية الدولية في الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، وهولندا، وإيطاليا، وألمانيا، وتايلاند والمكسيك.

مصدر إلهام

كان رسامو الشوارع في إيطاليا مصدر وحي وإلهام للفنان الإيطالي كوبولكيدو، الذي عرضت أعماله لاحقاً في جميع أنحاء أوروبا وأميركا الشمالية، حتى إن بعضها معروض في أماكن العبادة في بيت لحم والمكسيك. وقد شارك الفنان بأعماله في المهرجانات الفنية الأبرز في العالم، وفاز بالعديد من الجوائز في مهرجان «جايمس كارلينج» في «ليفربول»، ومهرجان الرسم بالطباشير الدولي في فلوريدا بالولايات المتحدة.

البعد الرابع

يجيد الفنان الإيطالي «كابتو» المزج بين تقنيات وتقاليد الرسم العريقة التي بدأت منذ نحو 400 عام مع التقنيات الحديثة مثل البعد الرابع 4D، الواقع المعزز (AR)، الواقع المختلط (MR)، ما جعل أعماله تتسم بقدر كبير من التميز والتفرد.

عرض «كابتو» أعماله في الولايات المتحدة الأميركية، والمكسيك، وأوروغواي، واليابان، والهند، وهو يقوم بتخصيص جزء كبير من وقته لتدريب وتوجيه الدراسين والطامحين لدراسة فن الرسم ثلاثي الأبعاد.

«قلعة الإنكا»

سيزار باريديس باكورا هو الفنان البيروفي الوحيد المتخصص في رسومات الخداع البصري، التي تحتاج إلى زوايا غير تقليدية لمشاهدة العمل الفني على النحو الأمثل. وقد مثل الفنان باكورا بلده بيرو في مهرجان «ياكاي رايمي» في الصين، كما فاز بالمركز الثالث في المهرجان العالمي لرسومات الشوارع في ألمانيا خلال عام 2013. وقد اشتهر «باكورا» عام 2010 بعدما أتم لوحته الشهيرة «قلعة الإنكا» التي تعد أكبر لوحة في العالم، وتبلغ مساحتها 828 متراً مربعاً.

«سفينة نوح»

جريجور فوزيك فنان ألماني من أصل بولندي، مختص في رسم اللوحات ثلاثية الأبعاد ذات الحجم الكبير على الجدران، والشوارع، والقماش. لا يخفي فوزيك إعجابه الشديد بالفنان الهولندي الشهير رامبرانت، ويظهر ذلك بشكل جلي في بعض أعماله الفنية. عقد فوزيك أول معرض دولي له في عام 2008، حيث عرض تفسيره ورؤيته الخاصة لفن الرسم على حوائط وأرضيات الطرقات. وفي عام 2012، دخلت لوحته الشهيرة «سفينة نوح» موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر لوحة للخداع البصري، كما أنه شارك في تصميم أكبر لوحة ثلاثية الأبعاد في البندقية، فلوريدا.

قضايا العالم

دخل الهولندي، ليون كير، عالم الرسم ثلاثي الأبعاد من خلال تصميم وإنتاج الجداريات الإعلانية كبيرة الحجم لمصلحة عدد من الشركات العالمية. تتسم أعمال «كير» بالتركيز على الموضوعات المعاصرة واستخدام خليط من التقنيات في تنفيذها، وكذلك استعانته بمجموعة متنوعة وغنية من مواد الرسم. وقد عرضت أعماله الفنية في العديد من المعارض والصالات الفنية في جميع أنحاء العالم لما يتمتع به من مكانة مرموقة واحداً من رواد فن رسومات الخداع البصري.

هذه النخبة المختارة من الفنانين ستستمر في تقديم إبداعاتها الفنية خلال فعاليات مهرجان «دبي كانفس»، حيث يمكن للجمهور مشاهدتهم وهم ينفذون لوحاتهم والتفاعل معهم يومياً وحتى السابع من شهر مارس الجاري، اعتباراً من الساعة الرابعة عصراً إلى العاشرة مساءً حتى يوم الخميس، وعلى مدار اليوم خلال عطلة نهاية الأسبوع.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.