لا يتوفر نص بديل تلقائي.

25 أبريل، 2012

مسقط- أحمد بن سيف الهنائي

لفتت الانتباه إليها بزيها التقليدي الجميل، كان الحضور مشغولاً بتأملها وهي تنتظر بشوقٍ بالغ لحظة التكريم، إنها ريا بنت حمد بن سعود البوسعيدية الفائزة بجائزة كأس العالم في بينالي الشباب الرابع والثلاثين للصور المطبوعة تحت 16 سنة بــ أسبانيا 2012، التي أخذتنا في جولة مميزة في معرض “إنجازات ضوئية عمانية” يوم تدشين كتاب نادي التصوير الضوئي التابع للجمعية العمانية للفنون التشكيلية، والذي يحمل نفس عنوان المعرض برعاية صاحب السمو السيد تيمور بن أسعد آل سعيد مساء الأحد المنصرم. همست في أذني قائلةً: “إنني بدأت أكبر في العمر”، فابتسمت لها، وهي تشير بتسع أصابعٍ إلى عدد سنوات حياتها.

حينما تقدم سعادة السيد إبراهيم بن سعيد البوسعيدي إلى المنصة، وراح يتحدث بطلاقةٍ عن تجربة النادي، أخبرتني ريا بأنه يشغل الآن منصب محافظ البريمي وهو كذلك رئيس مجلس إدارة نادي التصوير الضوئي، الممثل الرسمي للسلطنة لدى الفياب، سعدتُ كثيراً بمقدرتها على التعبير بسلاسة عما تريد قوله رغم صغر سنها، إضافة إلى أنها تعلم جيداً الواقع المحيط بها، ثم تحدثت بانتشاءٍ كبير وهي تخبرني أنه سيتم تدشين الكتاب بعد قليل. تلت على مسامعي بعضاً من العبارات التي قالها ريكاردو بوسي أمين السر العام للاتحاد الدولي لفن التصوير الفوتغرافي (الفياب) من بينها: “هناك في منطقة الشرق الأوسط مكان خاص حيث الناس لديهم عين خاصة للجمال والضوء، يسمى عمان. في هذا البلد الرائع المصورون يتمتعون بمستوى عالٍ جداً من التنظيم لمجتمعهم الفوتوغرافي، وذلك بفضل “نادي التصوير الضوئي بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية”، وهي مجموعة رائعة من الأصدقاء تحلت بالإيمان والقدرة على تحويل هذا المجتمع في سنواتٍ قليلة إلى واحدٍ من أهم نقاط المرجعية للفوتغرافيا في جميع الشرق الأوسط. في أسرة الفياب الكبيرة، كل الدول تعرف جيداً النادي وأعضائه، ليس فقط من أجل الصداقة والسعادة التي يقدمونها دائماً في جميع مؤتمرات الفياب، ولكن أيضاً لقدراتهم ومهاراتهم العالية في التصوير الفوتغرافي، وفي هذا الصدد أود أن أذكر النتائج المذهلة للنادي في بيناليات الفياب الماضية وذلك بحصولهم على كأس العالم في بينالي الشباب الرابع والثلاثين للصور المطبوعة تحت ستة عشر عاماً في أسبانيا العام 2012، والميدالية البرونزية في البينالي الحادي والثلاثين للتصوير بالأسود والأبيض في أسبانيا 2012، والجائزة الشرفية في البينالي الثلاثين للتصوير بالأسود والأبيض في فيتنام 2010، والميدالية البرونزية في العام 2008 في البينالي التاسع والعشرين للأسود والأبيض في سلوفاكيا.

152 صورة

تقدمت بخطواتٍ واثقة نحو المنصة كي تستلم هديتها التكريمية، لتقف بعدها مبتسمة على عتبات الباب، وهي تشير لي بأن المعرض الفوتغرافي يحوي جميع الصور الفائزة بجوائز دولية والبالغة 152 صورة، لـ 73 فناناً ضوئياً، قادتني من يدي نحو صورتها التي التقطتها بمعاونة والدها، ذلك أنها لا تزال صغيرة وهي قصيرة القامة جداً، مما اضطر والدها إلى أن يرفعها بكلتا يديه، لتتمكن من تحديد ملامح الطفلة التي تجلس بارتياحٍ في “مرجوحتها”، وعليه تمكنت من التقاط الصورة مثلما تبغي، فجاءت الصورة معبرةً وتحمل أبعاداً “طفوليةٍ” كثيرة. توقفت برهة، ثم نفثت بعض الهواء وهي تسترجع ذكرياتها، لتقول: “بدأت رحلة التصوير وأنا في السادسة من العمر، كنت يومها صغيرةً جداً، ولا أزال، فعمري الفني لا يزال ثلاث سنين لا أكثر، كان جميع أهلي يمتلكون كاميرا نوع “كانون”، إلا أنني الوحيدة التي امتلكتْ كاميرا من فئة “نيكون”. أشعر بأنني سأسلك طريقاً مميزاً في هذا المجال بمشيئة الله”.

عرفتنا بعدها على شقيقتها “هيا” الفائزة بجائزة نادي الشباب تحت 16 سنة، لأعرف بعدها أن العائلة جميعها ورثت هذه الهواية الجميلة من أبيهم، الذي هو الآخر فنانٌ معروف وحقق العديد من الجوائز الدولية، لتتحدث هيا عن نفسها قائلة: “عشقتُ هذا الفن وأنا لا أزال في ربيعي الثامن، وأشعر الآن بعد رحلة سبع سنين أنني لا أزال متعطشةً أكثر لهذا الفن. هذه الصورة لرجلٍ عمانيٍ طاعن في السن، التقطتها أثناء الرحلة التي نظمها النادي لنا إلى ولايتي نخل والرستاق، وهي من الصور الجميلة التي أفتخر بها كثيراً، وآمل أن أفوز بجوائز دوليةٍ في قادم الأيام، فالطموح ليس له حد بداخلي”.

مستقبل باهر

كانت ريا مشغولةً بشرح صورتها كثيراً، بخاصة وأنها جذبت أنظار العديد من الأجانب الحاضرين، إلا أنها في نهاية الجولة عرفتنا على المصور محمد مهدي اللواتيا، وهو بدوره أخذنا إلى صورته “الحركية” الرائعة، والتي فاز من خلالها بميدالية الفياب الفضية في البينالي السابع والعشرون للتصوير بالأسود والأبيض بالمجر العام 2004، والتي التقطها في تمام الساعة السادسة صباحاً، إثر عودة الصيادين من صيدهم البحري ببركاء، وهم على أهبة عرض “السمك” في سوق الشاطئ. أظهرت الصورة الحركة المتولدة لدى الصيادين فور وصولهم اليابسة، وهم يدفعون قاربهم على الرمال بعد انتهاء المهمة، حيث السواعد المتحدة ونشوة انجاز المهمة، مع إظهار عريض لصورة البحر الممتلئ بحركة الصيادين أيضاً وخروجهم من البحر، ما ميز الصورة هو اتساع محيطها، وامتداد الحركة فيها في جميع الزوايا، إذ أن مساحات “الفراغ” جاءت قليلةً جداً.
في نهاية الجولة، ودعتنا ريا البوسعيدية وهي تعدنا بظهورٍ قويٍ لها على الساحة مستقبلاً.

تنامى بشكلٍ جميل

وحول مستقبل الفن الفوتغرافي العماني يقول محمد مهدي: هذا الفن يتنامى بشكلٍ جميل، فهو يتطور تطورا مذهلا، وله حضوره القوي على الساحة الدولية، وما الجوائز المتنوعية التي حصدها المصورون مؤخراً إلا شاهداً حقيقياً على هذا التحول الفني البديع، كما أن الجمعية العمانية للفنون التشكيلية تقوم بجهدٍ جبار في إبراز الصورة الجميلة للمصور العماني، إضافة إلى أنها لا تدخر وسعاً في دعم الفنان والوقوف إلى جانبه، سواءً مادياً أو معنوياً، وعليه نرى البراعم الصغيرة الآن تدخل بقوة في هذا الفن، ما سينعكس إيجابا على الحركة الفوتغرافية مستقبلاً، وهو ما يمنح الحركة الضوئية ثراءً أكبر.

لا يتوفر نص بديل تلقائي.
أعجبنيعرض مزيد من التفاعلات

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.