عندما يجتمع الإبداع وتتلاقى الأرواح لتعزف  موسيقى ملائكية    , ليأخذوننا على جناح الحلم ضمن بيئة محفزة على العمل المبدع , نكون أمام مجموعة مؤلفة من تسعة فنانين تشكيليين جمعهم حب الفن وعشق سورية فتلاقوا من عدة محافظات لينسجوا سجادة فارسية بنقوش دمشقية وخيوط غطست بالذهب والفضة من عدة مدارس فنية..  بمعرض للتصوير الزيتي  لملتقى  جوليا دمينا في المجمع الثقافي بحمص  بالتعاون مع مديرية الفنون الجميلة في صالة صبحي شعيب  اتحاد  الفنانين  التشكيليين بحمص .

أول ما يلفتك في المعرض لوحتين تعرف من النظرة الأولى إنهما لرئيس فرع اتحاد الفنانين التشكيليين بحمص أميل فرحة حيث أنها اتسمت بطابعه الخاص طغى حضور المرأة بجميع حالاتها الانفعالية من حزن وفرح..

ويعرض من خلال إحدى اللوحات حالة اجتماعية لامرأة تتنصت على خصوصية الأخريات  حيث استخدم فرحة تدرج الألوان  فلعب على النور والظل بطريقة احترافية  , ضجت ألوانه بالحياة والفرح ..

ويشدك في الصالة ثلاث  لوحات أعمال تجريدية لمدير المجمع الثقافي بالشماس  الفنان التشكيلي أحمد الصوفي  برز فيها العلاقات الخطية للألوان مع بعضها التي توحي بموسيقى اللون  فكانت اللوحات أبعد من علاقة تشخيصية بشكل محدد وواضح , فنجد محاولة جادة من الصوفي  للقيام بعمل له علاقة بالموسيقى البصرية فنرى ألآت موسيقية في لوحاته تعزف على أوتار الروح  , وألوانه مأخوذة من الطبيعة  دون اللعب على اللون بمزجه مع ألوان أخرى فتنطق لوحاته بالأمل والحياة …..

وفي زاوية أخرى نرى عمل بانورامي مؤلف من لوحتين هو استمرار للبحث النحتي للمبدع إياد بلال اعتمد في عمله على جدران قديمة عليها ختم اسطواني  حيث أنه استثمر التراث بطريقة  معاصرة وبرغم استخدامه للختم الأسطواني للذي يعتبر مكررا في العديد من اللوحات إلا أنه غير بالحركات فبدت واقعية تعبيرية , فبدت اللوحة حكاية لا تنتهي فيها الموت والحياة والموسيقى فنرى في لوحته شريطين يحصران بينهما حصانان يواجهان الريح ربما تعبرُّ عن مواجهة الإنسان المعاصر  للصعاب وأزماته , وقد شغل العمل بطريقة الغرافيك الأبيض والأسود وتدريجات ألوانه , فجمع في عمله الغرافيك و التصوير والنحت بسماكات تتناسب مع العمل ,فنرى محاولة من بلال لابتكار كل جديد والجمع بين عدة فنون , فلا يخرج بلال من سمته كنحات , و استعانته الدائمة على الموروث السوري…

أكثر ما يلفتك لوحتان للرائع رزق حلاق فتنطق لوحاته وجعاً وألم عبر رسم أنثى برمزية واضحة لسوريتنا الجريحة فتبدو وقد غرزت المسامير بيدها وسالت الدماء بإيحاء من عذابات السيد المسيح ونرى في ركن أخر من اللوحة التفاحة التي فقدَ جزء منها كإيحاء لما حصل لأدم وأسباب نزوله من الجنة وبتساؤل واضح ما الذي فعلته سورية حتى ألصقت بها هذه التهم المشينة؟؟

ونرى الصبار قد أزهر وأثمر بدلالة  أنه سيزهر الأمل , أما لوحته الثانية فتعبر عن المعانات الإنسانية وعن تدرج عمر الإنسان جزء منه شاب يحمل عنفوان الحياة والنظرة المحدودة  والأخر كهل وفي عينيه حكمة الحياة المتأنية المتبصرة , وهي المرة الأولى التي تكون لوحاته توحي بالقسوة وتتخضب بلون الدم …

أما ميساء العلي فشاركت بلوحات بورتريه تعبيريه  تتحدث عن معاناة الإنسان وفيها وجوه إنسانية لإناث بمحاولة لإظهار جمال وجه الأنثى بحركات ونظرات مختلفة …

 

حاولت إيمان الحسن إرسال رسالة محبة وسلام من خلال مشاركتها تناولت من خلالها الظل كفكرة سريالية وبأن الظل هو الحقيقة ..

مجد مكارم تشكيلية من السويداء جاءت حاملة خبرتها و تجربتها لتفيد وتستفيد من خبرات بقية الفنانين بما تتمتع به هذه الملتقيات من أجواء محفزة على العمل و مثمرة وتعاون , فتميز أسلوبها بالتعبيري فبدا تمردها على المألوف واضحا من خلال لوحتها التي ظهرت الأنثى بحالة ارتقاء خارج الواقع الحالي إلى مستوى وعي أفضل والخروج من القيود , فرسمت المرأة عارية وهي تخرج من بيئة مائية بمحاولة لإبراز جماليات جسد المرأة  , أما اللوحة الثانية فعبرت عن تمسك الإنسان بأحلامه ورغباته عبر احتضان أنثى لسلم ..

وظهرت حمص القديمة وما حلَّ بها من دمار  بلوحة للفنانة سميرة مدور ولكن برغم ذلك بدت حمص جميلة زادها الدمار ألقاً , وتشرق الشمس في لوحتها الثانية على وجوه مبهمة المعاني تنتظر إشراقه الشمس  مبشرة بانتهاء الحرب وعودة العمار …

أما سليمان أحمد فكانت لوحته فيها ازدواجية بين أنثى ورجل بدلالة على السلام والأمان الذي تضفيه هذه العلاقة المقدسة فنرى عصفوراّ يغرد كأنه يعزف لحن الحياة فتبدو السكينة على وجهيهما من خلال اهتمامه بتفاصيل وجهيهما , فضجت الجدران بألوان توحي بالإثارة بين جدران هذا المنزل , أما لوحته الثانية فكان وجه أنثى وبجانبها تفاحة ربما تحكي قصة حواء والتفاحة وندمها على فعلتها …

وأخيراً كان المعرض مميزاً باجتماع أكثر من مدرسة فنية  وبحضور العديد من المهتمين بهذا الفن ..