سوق السرد
«هل يرى الناظر العربي أو الصيني أو الأفريقي أو البرازيلي , في محيط العالم أو هامشه الرواية , مثلما رآه هؤلاء الأوربيون؟ وهل من جديد يمكن أن نطلع به لو نظرنا من هذه الزاوية؟ أسئلة أجاب عليها الأستاذ ثائر ديب من خلال بحث بعنوان «انتشار الرواية عبر الترجمة ومفاعيله سوق السرد سنستعرض أبرز ما ورد فيها :


مقاربة
أجرى ديب مقاربة بين السوق الدولية الاقتصادية وسوق تبادل المنتجات الثقافية مثل الروايات حيث أن ثمة سوقاً دولية وعلاقات قوة تحكمها, وإن الترجمة بمعناها الواسع تشير إلى التفاعل الثقافي ,وقد رأى غوته «إن الأدب القومي لم يعد يعني الكثير هذه الأيام , لقد بدأ عصر الأدب العالمي, وعلى الجميع التعجيل بقدومه .
الأشكال السردية
من القرن التاسع عشر , تقريبا حتى ما بعد منتصفه , تطورت الأشكال السردية في مناطق العالم المختلفة باستقلال عن بعضها بعض , الأمر الذي يتضح من اختلاف السمات الشكلية ودلالاتها في كل من الرواية الأوربية التي نشأت في القرن الثامن عشر وما عاصرها من أنماط سردية عربية أو سواها , حيث يسيطر في هذه الأخيرة التناظر الذي يحيل إلى الديمومة والاستمرار والتكرار , وسيادة البطل الجماعي وكثرة الشخصيات المحيطة بهذا البطل …بخلاف الأعراف الشكلية في الرواية الأوربية حيث كسر التناظر , والبطل الفرد وإبراز تعاقب الزمن وإبرامه…. الخ


الترجمة
طوال فترة إقلاع الرواية الأوربية تظهر سبل الترجمة أن معظم البلدان الأوربية كانت تستورد نسبة كبيرة من رواياتها , في حين شكلت فرنسا وبريطانيا مجموعة لوحدهما ,ولم تستورد من بقية العالم سوى أقل القليل لأنهما كانتا تنتجان الكثير من الروايات ….
أما في العالم العربي , فثمة إجماع على أن الرواية دخلت سلسلة الأجناس الأدبية الموجودة قادمة من الغرب , وإن من وضع أسسها كما يقول يحيى حقي هم أشخاص تأثروا بالأدب الأوربي ,لاسيما الفرنسي…
يقول إدوارد سعيد « عرف الكتاب العرب الرواية الأوربية في لحظة وراحوا يكتبون أعمالا تشبهها» أما روجر آلن فأشار إلى ما كان من صلات متزايدة مع الآداب الغربية أدّت إلى ترجمة الأعمال القصصية الأوربية إلى اللغة العربية وما تلا ذلك من تبني هذه الأعمال ومحاكاتها …..
ولكن اللافت التوقف عن الاستيراد والمحاكاة والتشبه والتأثر بالآداب المستوردة عند حدود الوصف وتسجيل الواقعة دون التأمل فيما يدعوه موريتي «العلاقة بين الأسواق والأشكال» أو الذهاب فيها إلى النهاية …
الاستيراد


ويقول سيد البحراوي في معرض تقديمه رواية خليل الخوري «استفادت من مفهوم الرواية الأوربية في نمط بنائها للشخصيات المعمّقة , والعليا المركبة لنتائج الأحداث وفي اللغة الحديثة السلسة , وفي الوقت نفسه استجابت للذائقة الشعبية للقرّاء العرب من خلال التسلسل الحكائي للأحداث وتقديم العادات والتقاليد الشاميّة آنذاك …..
ولكن هذا الصدع بين ما هو أوروبي وما هو محلي , لا يقتصر على الرواية العربية , بل يتكرر في كل مكان من هامش النظام الثقافي العالمي و محيطه .
يرفع فرانكو موريتي ذلك كله لمرتبة قانون عام للتطور الأدبي: في الثقافات التي تنتمي إلى هامش النظام الأدبي (أي جميع الثقافات تقريبا) لا تنشأ الرواية الحديثة في البداية كتطور مستقل بل كتسوية بين تأثير شكلي غربي ومواد محلية .وعادة ما تمهد لهذه التسوية الشكلية موجة عارمة من الترجمات الأوربية الغربية …

http://ouruba.alwehda.gov.sy/node/274258?fbclid=IwAR3nNO0ZTUW4Vx8wnwK_8RH4o5KlHaA_P8PHwlJs2665p0hrERu3VYGiSnc