من أين يأتي الانترنت ؟ وكيف يصل الينا ؟

ما هو الانترنت
الإنترنت عبارة عن شبكة من الشبكات الحاسوبية المتداخلة والمترابطة والتي تصل العالم كله ببعضه البعض، وتمتد بامتداد اليابسة والمحيطات وحتّى الفضاء. ولعل بعضكم قد تسائل يومًا كيف تعمل هذه المنظومة العالمية؟ 
لنفهم طبيعة الإنترنت وفكرة عمله يمكننا أن ننظر إليه على أنه نظام من مكونين أساسيين، المكون الأول هو العتاد Hardware، ويشمل كل شيء بدءًا من الكابلات والأسلاك التي تحمل البيانات وصولًا لجهاز الكومبيوتر الذي أمامك. هناك أنواع أخرى من العتاد الذي يعتمد عليه الإنترنت بشكل أساسي ليعمل منها الموجّهات Routers والخادمات Servers والمحولات Switches وأبراج الموبايل والأقمار الصناعية وموجات الراديو، بالإضافة لكافة أنواع الأجهزة التي يمكنها أن تتصل بالإنترنت. كافة الأجهزة والأدوات السابقة عند اتصالها ببعضها تخلق ما يعرف بالشبكة، وعند اتصال هذه الشبكات ببعضها على نطاق عالمي تتكون شبكة من الشبكات وهو ما نعرفه بالإنترنت.
تاريخ شبكة الانترنت

بدأت فكرة إنشاء شبكة معلومات من قبل إدارة الدفاع الأمريكية في عام 1969 م . عن طرق تمويل مشروع من أجل وصل الإدارة مع متعهدي القوات المسلحة ، وعدد كبير من الجامعات التي تعمل على أبحاث ممولة من القوات المسلحة ، وسميت هذه الشبكة باسم (أربا) ARPA اختصار الكلمة الإنجليزية The Advanced Research Project Administration وكان الهدف من هذا المشروع تطوير تقنية تشبيك كمبيوتر تصمد أمام هجوم عسكري ، وصممت شبكة ” أربا ” عن طريق خاصية تدعى طريقة إعادة التوجيه الديناميكي Dynamic rerouting وتعتمد هذه الطريقة على تشغيل الشبكة بشكل مستمر حتى في حالة انقطاع إحدى الوصلات أو تعطلها عن العمل تقوم الشبكة بتحويل الحركة إلى وصلات أخرى .

فيما بعد لم يقتصر أستخدم شبكة ” أربانيت ” على القوات المسلحة فحسب ، فقد استخدمت من قبل الجامعات الأمريكية بكثافة كبيرة ، إلى حد أنها بدأت تعاني من ازدحام يفوق طاقتها ، وصار من الضروري إنشاء شبكة جديدة ، لهذا ظهرت شبكة جديدة في عام 1983 م سميت باسم ” مل نت ” MILNET لتخدم المواقع العسكرية فقط ، وأصبحت شبكة ” اربانيت” تتولى أمر الاتصالات غير العسكرية ، مع بقائها موصولة مع “مل نت ” من خلال برنامج أسمه بروتوكول ” إنترنيت ”
Internet Protocol (IP)
الذي اصبح فيما بعد المعيار الأساسي في الشبكات .
بعد ظهور نظام التشغيل ” يونيكس ” Unix الذي اشتمل على البرمجيات الازمة للاتصال مع الشبكة وانتشار أستخدمه في أجهزة المستفدين أصبحت الشبكة مره أخرى تعاني من الحمل الزائد ، مما أدى إلى تحويل شبكة ” أربانيت ” في عام 1984 إلى مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية
National Science Foundation (NSF)
التي قامت بدورها وبالتحديد في عام 1986 بعمل شبكة أخرى أسرع أسمتها NSFNET ، وقد عملت هذه الشبكة بشكل جيد لغاية عام 1990 الذي تم فصل شبكة “أربانيت” عن الخدمة بعد 20 عام بسبب كثرة العيوب فيها ، مع بقاء شبكة NSFNET جزءاً مركزياً من “إنترنيت”. وباختصار نستطيع القول ان أهم نقاط تاريخ نشأة شبكة “الانترنيت” هي :
أهم مراحل في تاريخ نشأة شبكة “الانترنيت” .
1969 م وضعت أول أربعة نقاط اتصال لشبكة ” أربانيت ” في مواقع جامعات أمريكية منتقاة بعناية .

1972 م أول عرض عام لشبكة ” أربانيت ” في مؤتمر العاصمة واشنطن بعنوان العالم يريد أن يتصل ، والسيد راي توملنس يخترع البريد الإلكتروني ويرسل أول رسالة على ” أربانيت ” .

1973 م إضافة النرويج وإنجلترا إلى الشبكة .

1974 م الإعلان عن تفاصيل بروتوكول التحكم بالنقل ، إحدى التقنيات التي ستحدد ” إنترنيت ” .

1977 م أصبحت شركات الكمبيوتر تبتدع مواقع خاصة بها على الشبكة .

1983 م أصبح البروتوكول TCP/IP معيارياً لشبكة ” أربانيت ” .

1984 م أخذت مؤسسة العلوم الأمريكية NSF على عاتقها مسئولية ” أربانيت ” ، وتقديم نظام أعطاء أسماء لأجهزة الكمبيوتر الموصولة بالشبكة المسمى
Domain Name System (DNS)

1985 م أول شركة كمبيوتر تسجل ملكية ” إنترنيت ” خاصة بها .

1986 م أنشأت مؤسسة العلوم العالمية شبكتها الأسرع TNSFNE مع ظهور بروتوكول نقل الأخبار الشبكية Network News Transfer Protocol جاعلا أندية النقاش التفاعلي المباشر أمرا ممكنا ، وإحدى شركات الكمبيوتر تبني أول جدار حماية لشبكة ” إنترنيت” .

1990 م تم إغلاق ” أربانيت ” و”إنترنيت ” تتولى المهمة بالمقابل .

1991 م جامعة مينيسوتا الأمريكية تقدم برنامج ” غوفر” Gopher وهو برنامج لاسترجاع المعلومات من الأجهزة الخادمة في الشبكة .

1992 م مؤسسة الأبحاث الفيزيائية العالمية CERN في سويسرا ، تقدم شيفرة النص المترابط Hypertext المبدأ البرمجي الذي أدى إلى تطوير الشبكة العالمية Word Wide Web

1993 م قد ابتدأ الإبحار ، من خلال إصدار أول برنامج مستعرض الشبكة ” موزاييك ” ثم تبعه آخرون مثل برنامج ” نتسكيب ” وبرنامج ” مايكروسوفت ” . الرئيس الأمريكي كلينتون يطلق صفحته الخاصة على الشبكة العالمية

1995 م اتصل بشبكة ” إنترنيت ” ستة ملايين جهاز خادم و50.000 شبكة ، وإحدى شركات الكمبيوتر تطلق برنامج البحث في الشبكة العالمية . 1996 م أصبحت ” إنترنيت ” و ” وب ” كلمات متداولة عبر العالم . في الشرق الوسط أصبحت ” إنترنيت ” من المواضيع الساخنة ، ابتداء من التصميم الأول لشبكة وحتى اليوم ، واصبح هناك عدد من مزودي خدمة ” إنترنيت ” يقدمون خدماتهم .
كيف يصل الانترنت الينا ؟
يصل الينا الانترنت عن طريق شبكات كثيره وتميدات بحريه عن طريق كوابل الالياف (البصريه) المخصصه للأتصالات الدوليه بالعالم.

الكوابل البحرية وأهميتها العالمية

تعتبر الكوابل البحرية أحد أهم الإنجازات التي تحققت في مجال نقل وتبادل البيانات والمعطيات الرقمية حول العالم ، فثمانين بالمائة من مجمل الاتصالات ونقل البيانات تتم عبر هذه الكوابل ، نظرا لسرعة تدفق البيانات فيها ، وتمتعها بدرجة عالية من الأمن والسرية ، والدقة العالية في نقل الإشارات ، وقلة تكاليفها بالمقارنة مع الأقمار الصناعية وغيرها من الوسائل .
تاريخ نشأة الكوابل البحرية

عود نشأة هذه الكوابل إلى عام 1850 ، عندما تم مد أول كابل بحري بين فرنسا وبريطانيا ، وأعقبه في عام 1863 مد كابل بحري بين بريطانيا والجزيرة العربية والهند ، وفي عام 1902 تم مد كابل آخر بين أمريكا وهاواي ، وهذه الكوابل تم استخدامها لنقل رسائل التلغراف ثم لإجراء المكالمات الهاتفية ، هذا علما بأنها كانت بدائية في تركيبها وتصميمها ، إذ كانت مصنوعة من الأسلاك المعدنية التقليدية .
ومع زيادة التقدم في مجال الاتصالات ، تم إنشاء العشرات من هذه الكوابل والتي ربطت معظم أجزاء الكرة الأرضية ، ونظرا للحاجة الماسة إلى مواكبة التقدم التكنولوجي في قطاع الاتصالات تم في عام 1988 مد أول كابل مصنوع من الألياف الضوئية  وذلك عبر المحيط الأطلسي ، ثم تولت بعد ذلك شركات كبرى عالمية مد هذه الكوابل الحديثة في شتى أنحاء العالم، حتى تحول عالمنا الحالي إلى قرية صغيرة بفضل هذه الوسيلة الفعالة للاتصال بين الناس في شتى أنحاء المعمورة.
 تركيب الكوابل البحرية
تتركب الكوابل البحرية الحديثة من مجموعة من الطبقات المختلفة التي تلعب دورا هاما في حسن سير عملها ، وهذه الطبقات صممت لحماية الجزء الأهم من الكابل ومنع الضرر الذي قد يلحق به جراء تعرضه لمؤثرات خارجية ، وهذه الطبقات هي :
1- غلاف من مادة البولي ايثيلين Polyethylene ، وهي مادة كيميائية مقاومة للماء.
2- شريط لاصق سميك Mylar.
3- أسلاك حديدية غير قابلة للأكسدة.
4- حاجز مضاد لتسرب الماء مصنوع من الألمنيوم.
5- غلاف من البولي كربون polycarbonate ، وهذه المادة مقاومة للصدمات ولدرجات الحرارة المتطرفة.
6- ماسورة من النحاس أو الألمنيوم.
7- جل بترولي كثيف جدا.
8- ألياف بصرية دقيقة Optical Fibers، يتم نقل الإشارات الضوئية في داخلها.
تمديد الكوابل البحرية يتطلب استخدام تقنيات متطورة وفرق فنية متخصصة وسفن مجهزة لهذه الغاية ، حيث يتم الاستعانة بالأقمار الصناعية لمعرفة أفضل مسار ممكن لهذه الكوابل ، كما يتم تركيب وحدات تضخيم كل مئة كيلومتر تقريبا تدعى Repeaters  والتي تلعب دورا هاما في تضخيم الإشارة المارة في هذه الكوابل.
إن التطورات التي أدخلت على هذه الكوابل والتحسينات التقنية والفنية ، أهلتها لنقل كم هائل من البيانات في اللحظة الواحدة ، وصل إلى أكثر من 1.5 تيرا بايت في الثانية الواحدة ، وهذه الميزة أكسبت هذه الكوابل سمعة طيبة في مجال نقل وتبادل البيانات والمعلومات والمعطيات الرقمية بكل سهولة ويسر.
تلف الكوابل البحرية وإصلاحها

تتعرض الكوابل البحرية لمخاطر متنوعة مما يؤدي إلى قطعها وتلفها أو إلحاق أضرار جزئية فيها ، هذه الأضرار قد تنجم عن الحركات الأرضية في قيعان البحار والمحيطات بسبب الزلازل والصدوع والانهيارات والبراكين ، كما قد تلحق بها بعض الأسماك والكائنات البحرية أضرارا فادحة وخصوصا اسماك القرش التي قد تتمكن من قطعها أو تدمير تركيبها ، كما قد تتعرض هذه الكوابل للتلف جراء السفن ومراسيها أو نتيجة عمليات الصيد التي تتم في البحار .
هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإن هذه الكوابل يمكن أن تتلف نتيجة الأعمال التخريبية المتعمدة ، كما هو الأمر في النزاعات الدولية والحروب والهجمات الإرهابية.
وإصلاح هذه الكوابل التالفة يعتبر أمرا شاقا ولا يمكن أن يتم إلا من قبل فرق عمل متخصصة في هذا المجال وبواسطة سفن إصلاح خاصة ، ولدى حدوث أي عطل ، يتم أولا تحديد مكان حدوث التلف في الكابل البحري عن طريق إرسال إشارة ضوئية في هذا الكابل من قبل جهاز يطلق عليه اسم مقياس الانعكاس الزمني الضوئي ، ولدى وصول هذه الإشارة إلى مكان التلف تنعكس وتعود إلى مصدر إطلاقها ،وبحساب الزمن اللازمة لذهاب الإشارة وانعكاسها يمكن تحديد مكان الخلل في الكابل بسهولة ويسر وبهامش خطأ يبلغ حوالي 10 متر.
بعد تحديد مكان التلف في الكابل ، تتوجه طواقم العمل إلى المكان المحدد ويتم رفع الكابل المعطل إلى سطح سفينة الإصلاح بواسطة روافع هيدروليكية قوية ، ثم يتم إجراء عملية التصليح ووصل الأجزاء المقطوعة بالاستعانة بأجهزة خاصة لهذه الغاية ومجاهر لوصل الألياف الضوئية التالفة وربطها من جديد وإعادة فحصها للتأكد من أن الكابل تم وصله بشكل مناسب .
يتم بعد ذلك إعادة الكابل إلى مكانه تحت سطح الماء ، وبواسطة آلة خاصة يتم طمر هذا الجزء تحت قاع المحيط لضمان عدم تعرضه مجددا للتلف.

أميركا والانترنت … رقابة وهجوم
في خريف العام 2005 كانت التصريحات الصادرة عن الولايات المتحدة وبخاصة من قبل مجلس الأمن القومي ومجمع الاستخبارات الاميركية الجديد تشير إلى أنها تصر على البقاء على دورها كمسيطر وحيد ومشرف وحيد على شبكة الانترنت تلك التي ابتكرتها والتي ترى انه من حقها الحفاظ عليها لحماية امن بلادها ، وفي هذا السبيل بدأت تعمل على استخدام وسائل الضغط الانترنتية بما يشبه عمليات التجسس الصريح مستخدمة الوسائل التي كانت تستخدمها الأجهزة المخابراتية الاميركية بتقنياتها التجسسية النادرة لسرقة المعلومات من الآخرين أو لفرض هيمنة القطب الأوحد عليها ، وقد زاد هذا الأمر بعد حادث 11 سبتمبر حيث يلاحظ أن الرقابة أصبحت مركزية أميركية خالصة تستخدم بوسائل كثيرة متنوعة من الاختراق إلى الهاكرز لكنها في النهاية تؤدي دورًا كبيرًا في الوصول إلى ابعد مدى في الهيمنة المعرفية في شتى أنحاء العالم سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها.

وعند الدكتور مصطفى عبد الغني صاحب مؤلف ” الرقابة المركزية على الانترنت في الوطن العربي ” أن وزارة الدفاع الامريكية قد وضعت برنامج معلومات خاص يسمح للقوات المسلحة باختراق كل قواعد البيانات للحكومة والشركات الخاصة وانه بات من المتعارف عليه أن شركة مايكروسوفت تقوم دوريًا بتسليم أجهزة أمنية أميركية معنية ” الكود الخاص ” بكل جهاز أو برنامج كمبيوتر تبيعه مما يسهل لهذه السلطات مراقبة كل شيء بالإضافة إلى أحاديث الرقابة الاميركية الاستخبارية على الاتصالات الدولية من خلال شبكات أيشلون والتي يجدر بنا أن نعود إليها في قصة مستقلة .

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.