خاطرة الخدر النفسي في مجال السياسة – تتمة خاطرة الاسبوع الماضي :
ما الذي دفعني لكتابة هذه الخاطرة ؟
لقد كان الناس قبل انتشار وسائل الإعلام الاكترونية والاقنية الفضائية يتبنون مواقفهم السياسية انطلاقا من تاريخهم وتاريخ من يحيط بهم وعلى العلاقات الطويلة المشتركة بينهم في كل المجلات سلبا او ايجابا ؟
اما ما يحصل الآن فانك ترى أناسا يحبون من اغتصب اراضيهم واستعمرهم واحتقرهم واهانهم ونكل بشعوبهم – بل ويتفاخر البعض بمزايا قادة ورؤساء اولئك الاعداء – او يفرحون بضرب اولئك الاعداء لاخوة لهم في بلدان شقيقة او حتى في بلادهم –
السؤال الذي يجب ان نطرحه ؟
ما هي المعايير التي يجب ان نستخدمها عندما نريد ان نقيم تفكيرنا السياسي – أصحيح سليم هو – أم خاطئ تجاه اي دولة في العالم ؟
كيف كان موقف هذه الدولة تجاهنا وتجاه اشقائنا في الوطن العربي عبر التاريخ ؟ وأركز على التاريخ – لان التاريخ هو ما اوصلنا الى الحاضر وهو الذي ينبئنا بالمستقبل – والحياة مكونة من العناصر الثلاثة مجتمعة وهناك علاقة جدلية بين تلك المكونات الثلاثة لايمكن نسيان او عدم احتساب اثر واحد منها :
لما جاء الجنرال غورو الى دمشق محتلا لها – كان اول ما فعله هو ذهابه الى قبر صلاح الدين فوضع قدمه النجسه على قبر صلاح الدين مخاطبا اياه : ها قد عدنا يا صلاح الدين ؟
يا ليت قومي المخدرين يستفيقون ويصحون !
لقد حكم كل بلد في العالم من قبل شعبه او جماعات او فئات من شعبه او من قبل جماعات قومية او عنصرية او دينية وكان لها ايجابيات او سلبيات كتبها التاريخ بل حفظتها ذاكرة الشعوب وتناقلتها الاجيال وأقول هذا الكلام خوفا من اولئك الذين يشككون بكاتبي التاريخ – ان كان كتاب التاريخ قد اضافوا او انقصوا او حوروا فإن ما قاله لي جدي او أبي او رأيته بعيني ما زال في ذاكرتي وسأنقله لأحفادي وهكذا دواليك ؟
اقول لكل من يريد ان يطلق حكما صحيحا في مجال من مجالات الحياة ونحن هنا بصدد السياسة اقول : قلد ما يقوم به القاضي العادل عندما يريد ان يحكم في نزاع بين فريقين ولنفرض ان النزاع من اجل جريمة قتل : فقد يكون القاتل الحقيقي : هو ابن القتيل او قريب او صديق له او يكون شخص ما مدفوعا من قبل بعض الناس الذين لهم منفعة او هدف من قتله – انه من النادر ان يأتي القاتل الحقيقي ويقول انا من قتل – لكن ما يحدث ان يدعي القاتل نفسه احيانا على شخص أو اشخاص ابرياء بانهم القتله – ويأتي اقرباء القتيل فينصبوا أنفسهم مدعين – وقد يحكم بعض القضاة على بريئ باحكام قاسية تصل الى الاعدام اما لدقة حياكة المجرم لجريمته – او لاحضاره شهود زور يشهدون لصالحه – او لان القاضي متواطئ مع جماعة المجرم – او لان محامي المجرم الحقيقي ذكي ووسائله أقوى من محامي الطرف الآخر الذي قد يكون فقيرا ليس له محام او أن المحامي فاشل وفي بعض الاحيان قد يتواطأ مع المحامي الآخر من تحت الطاولة ؟
ان الحاكم العادل يبحث ويتعب ويطيل التحقيق والتمحيص والتفكير واحضار كل من يمكن ان يساعد في كشف الحقيقة وكل من يمكن ان تكون له منفعة حقيقية من الجريمة وكل متضرر حقيقي منها وكل من يمكن ان يساعد في الكشف وكل الناس الذين كان لهم علاقة ايجابية او سلبية مع الضحية – والتحقيق مع القريبين منه عن موجز علاقاته التجارية والعائلية والعاطفية والسياسية ان كان سياسيا – ومتابعة الاشخاص المحيطين بالجريمة وما قد يتغير عندهم من ظهور مفاجئ لاموال او ثراء او املاك او ….الخ
وما يحصل في محاكم الافراد نفسه يجب ان يحصل في علاقات الدول وقضاياها طبعا عن بعد وفي الخيال والتصور ؟
وما اراه الآن على ارض الواقع العربي هو من هذا القبيل جرائم واضحة صار المجرم فيها بريئا بل واقفا الى جانب ضحيته يدافع عنها وهو من تسبب لما حصل لها –
وترى الناس مؤيدين له مدافعين عنه رغم انه من اعدائهم التاريخيين – ولانتشار الخدر الذي سببه الاعلام المتطور لاعدائنا او اعلام اخوتنا المرتبط مثل كثير من زعماء دولنا الذين يسيرون في ركب اسيادهم صاغرين اذلاء – ترى الناس لاتناقش او تفكر في اية قضية بل تطلق احكامها سائرة خلف زعماء تقليديين لاحزابهم او عشائرهم او مناطقهم او وجهاء معروفين في بلدهم ( ذكرني هذا بقول الشاعر : خليفة في قفص بين وصيف وبغى – يقول ماقالا له كما تغول الببغا ) وهنا ليس الخليفة هو من في القفص- بل مع الاسف كثيرون من ابناء شعوبنا نتيجة خدرهم النفسي صاروا نعاجا كما قالها رئيس وزراء قطر السابق – نعم صار الكثيرون نعاجا يسيرون خلف الكبش والكبش ليس دائما هو الحاكم بل قد يكون رئيس حزب او فئة سياسية او اجتماعية او دينية او ….الخ
لذلك اقول علينا ان نربط بين التاريخ والمنطق والواقع وان نبذل مجهودات كبيرة في ذلك – وان لم نفعل فلنترك التدخل في السياسة ولنتركها لاهلها –
مع تحيات الفنان الباحث فريد حسن

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏نظارة شمسية‏‏‏
التعليقات
اكتب تعليقًا…
  • Jehad Hasan كتابة رائعة بقلم كاتب كبير

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.