وتحلم بـ «الإخراج» التلفزيوني والسينمائي

تولد وظيفة نرجس السنان، شعوراً بـ «السعادة الغامرة»، فهي أتاحت لها أن تكون «شاهدة» على أجمل لحظات آلاف الشبان والفتيات في محافظة القطيف والمدن والقرى المجاورة لها، إذ وثقت عدسة «أم شادي» على مدى عقود، 

آلاف حفلات الزفاف. وتتذكر السنان جيداً، سنوات طفولتها، ونشاطها، وحماسها، وقدرتها على ممارسة «جمال الحياة بكل ما أوتيت من طاقة». حين أمسكت للمرة الأولى، بكاميرا الفيديو، وهي لم تزل طفلة، وصورت لقطات «مفعمة بالحيوية والنشاط»، لا تزال تحتفظ بها.

وتتواجد نرجس، «أينما تكون المناسبات السعيدة»، وتغتنم الفرص من أجل «لحظات حميمية تبقى حبيسة شريط فيديو، يذكرها جيلٍ بعد جيل كذكريات لا تنسى» كما تقول هذه المرأة التي احتلت موقعها في قلب مدينة القطيف، وأصبحت «رمزاً حاضراً في معظم حفلات الأعراس».

لكنها تقر بأنها مرت بـ «شد وجدب، وعواصف وراحة»، في حياتها الخاصة والعملية، حتى وصلت إلى نتيجة مفادها أن «الصبر والتأني هما ما يوصلان الإنسان إلى النجاح، الذي لا يأتي في يومٍ وليلة». وتقول أم شادي: «لم أكمل دراستي، نظراً لظروفٍ صعبة مررت بها، أبرزها مرضي. لكنني لم أقف صامتة، إنما شغلت وقتي كموظفة في رياض الأطفال، لنحو تسع سنوات. وبين الفينة والأخرى كنت أشعر أن فيضاً داخلي يجبرني على الحركة، لأكون كما أنا اليوم عليه».

وتصف أم شادي بداياتها، «كنت هاوية، أرسم متعتي من خلال تصوير المناظر الطبيعية الخلابة بطريقة الفيديو. وما أزال أحتفظ بمقاطع منها». لكن بدايتها الحقيقية جاءت عبر «فرصة أتتني لتصوير يوم ذكرى ميلاد أحد أطفال العائلة، ومنذ تلك اللحظة بدأت أحقق مكاسبي العملية الفعلية، ونلت أول مبلغ من هواية تحولت إلى مهنة احتراف عملية، أقتات منها بعزة وكرامة».

وتتذكر «في أحد الأعراس؛ طلبت من شقيقتي التوسط لي لتصوير المناسبة فيديو، بجانب مصورة رئيسة هناك، وحين وجدت العروس عملي على رغم صغر سني، أبهرت مما قدمته». ووصفت أبرز محطات حياتها «كنت أعمل في روضة أطفال على مدار ثمانية أعوام متتالية، حينها كنت أستغل الفرص السانحة لعمل برامج ترفيهية وأصور الأطفال بكاميرا الفيديو، وهذا الأمر هو امتداد لمشواري الطويل، وبداية لما أنا عليه الآن».

وعن الصعوبات التي واجهتها في مشوارها العملي، ذكرت «وجدت مشقة كبيرة في الحصول على تصريح يتيح لي ممارسة مهنتي العملية كمصورة فيديو بشكلٍ طبيعي، كوني لا أحمل سجلاً تجارياً، وهذا ما يدعوني لتقديم الشكر مرة أخرى، للجهود والسعي اللافت الذي قامت به الدكتورة عائشة المانع، لأحصل على هذا الترخيص».

وعتبت على «العشوائية» التي حدثت أخيراً، في مهنة تصوير أعراس الزفاف، مبينة أن «الأسماء لا تُعد ولا تُحصى، والكثير منهن يعملن بلا تراخيص. وهنا أقصد حماية المهنة والعائلات من مخاطر قد تأتي من هذا الأمر». وأضافت «أضع اللوم على أصحاب صالات الأفراح»، مطالبة إياهم بـ «الحصول على نسخة من ترخيص المصورة قبل دخولها الصالة، فالعرائس يبحثن دوماً عن الأسعار المتناسبة مع إمكاناتهم، من دون الالتفات إلى النتائج»، لافتة إلى أنها «في حال انشغالي، لا أستطيع تزكية مصورة أخرى، وتحمل مسؤولية رأيي، كوني لا أعرف تبعات الأمر، عوضاً عن أن انشغالي الدائم يمنعني عن الاطلاع على جديد المصورات الجُدد، أو التعرف عليهن».

وأكدت السنان، أنها لم تصل يوماً، إلى قاعة عرسٍ «ناسية غرضاً من عدة التصوير»، مبينة أنه «في كل الأحيان؛ أصل في وقتٍ باكر، لاستيفاء حاجاتي كاملة». وقالت مبتسمة: «الطريف في الأمر أنني تحولت إلى مصممة ديكور، حين تعترضني الكوشات». ومن تلك المواقف «صادفت كوشاً مليئة بالمرايات، وهذا خطأ جسيم، يمنعني من التصوير، كون المعازيم وأنا سنظهر ضمن شريط التصوير بطريقة غير متعمدة، يغفل عنها أصحاب الكوشات وأصحاب العرس أيضاً».

وأشارت إلى أن بعض الكوش، «تمتلئ بالورود، ويأتي محلها بعيداً عن كرسي العرسان، ما يجعل الفائدة منها (الورود) معدومة في شريط الذكرى، وقمت من خلال تجاربي بتغيير الكثير من الكوش، بعد الاستئذان من أصحاب العرس وإيضاح السبب، وهو ما جعلني ذات يوم من خلال تكرار الحادثة أمسك المايك، وأخبر جميع المعازيم بعدم تكرار هذه الأخطاء في عرسٍ مقبل».

وأبانت أنه من أهم الأخطاء «الجوهرية»، التي عادة ما تنصح بها العروس «بأن تكون لون خلفيتها غير بيضاء، كون ثوبها أبيض، ما يمنع الإبهار أثناء التصوير، إضافة إلى أضواء صالة الأفراح، إذ إنني تفاجأت ذات يوم بأن أصحاب العرس قاموا بوضع إضاءة وردية للصالة كاملة. لكنني تدخلت وغيرت ذلك، لتكون جودة التصوير عالية ومميزة، تليق بالعروس».

وعن أهم المميزات التي يجب أن تتحلى بها المصورة «العزم، والصراحة، والقوة، ومحـاولة الوقوف بشجاعة للتصدي للمشكلات الطارئة التي قد تعترض الشخص في مهنة يحبها».

أحلام نرجس السنان «لم تتوقف على تصوير الأعراس، فمخرج التلفزيون السعودي عبدالله الزهراني، حين شاهد تصويرها، قال لها: «أنت مخرجة أكثر من كونك مصورة فيديو للمناسبات، لكنني لم أجد عروضاً قدم لي حتى الآن بهذا الشأن. ولم أقم أيضاً بعرض خدماتي على الآخرين». وذكرت أنها لم تلتق بمصورين عالميين، ولم تحظ بفرصة للمشاركة في ورش عمل خارج المملكة، لكنها قامت بعمل شريط وثائقي عن الملك فهد بن عبدالعزيز (رحمه الله)، مضيفة «عملنا مونتاجاً، واختصرنا إنجازاته خلال عقود، في 15 دقيقة، وخرج العمل في قمة الروعة».

وأضافت أنه «في نومي ويقظتي، وددت لو أنني أقوم يوماً ما، بإخراج تمثيلية واقعية نعيشها في حياتنا اليومية. وأتمنى أن أحقق هذا الحلم يوماً». وعن تفاعلاتها خارج المنطقة «توسع نشاطي لمناطق المملكة، وامتد إلى البحرين، ودبي. ولكنني اعتذرت عن تصوير مناسبة في الأخيرة، لالتزامي مع عائلة أخرى في السعودية. إذ إن الكلمة هي شريعة المتعاقدين»، وأضافت «أريد أن يعرف الجميع بأنني مصورة فيديو فقط، وليس لي علاقة بالتصوير الفوتوغرافي، وهذا ما يثير لغطاً لدى الكثير من العملاء».

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.