شاطئ قرباز بعزابة.. سحر ينتظر الاستثمار السياحي

وليد بوعديلة

شاطئ قرباز بدائرة عزابة، ولاية سكيكدة من الشواطئ الجميلة التي تمنح الزائر جماليات البحر والرمل والغابات الممتدة أمام البصر، هو شاطئ لم تمسسه يد الاستثمار السياحي بعد، والوصول له سهل من الطريق السيار شرق غرب بعد المرور من الطريق الوطني44، لنتابع هذا السفر نحو جماليات قرباز.
مسبح عزابة مغلق والراية ممزقة؟؟
تتوفر مدينة عزابة(شرق ولاية سكيكدة في الطريق نحو عنابة) على مسبح بلدي جديد لم تتجاوز مدة انجازه العامين، ويبدو ن الخارج تحفة فنيةن يقول الثل” يا مزوّق من بره.. واش حالك من داخل”، لكنه مغلق وفترة استغلاله كانت لأشهر معدودة، وبحسب السكان فالسبب يعود لعدم وجود المتابعة لنوعية المياه المستعملة وكذلك غياب الصيانة، لدرجة أصيب الكثير من الأطفال الذين كانوا منخرطين في بعض الجمعيات بأمراض جلدية غريبة بعد فترة من الساحة في المسبح..
وجدنا أبواب المسبح مغلقة، بل ومحاصرة بالسوق الأسبوعي للسيارات ،وما آلمنا هو مشهد الراية الوطنية الجزائرية الممزقة في أعلى باب المسبح، فأين انتم يا رجال عزابة؟أين منظمة المجاهدين؟ أين الشرفاء الوطنيين؟…وأين الهيئة التي يتبعها تسيير هذا المرفق الهام من المتابعة، علما أن المسبح يتواجد بالقرب من ملعب الشهيد علي بوستة، و من يسير في الطريق الوطني 44 يلاحظ الراية الممزقة التي ترحب بزوار عزابة المجاهدة؟؟
اما في وسط المدينة ،فعزابة تعاني من غياب إشارات المرور و لا اثر لإشارة قف بين الشوارع، ولا اثر للإشارات في مفترق الطرق ،مثل المفترق القابل لمدخل مصنع النسيج سابق(سيبا) أو مدرسة البنات، أو المفترق المقابل لقاعة الحفلات زنيوا…و الساحات العمومية تشهد أشغالا لم تنته في الشارع الرئيسي للمدينة، وهو شان الحديقة العمومية المقبلة لمدرسة الترقي..
تتوفر المدينة على دار للشباب ومركب جوار ي رياضي(الإخوة مخناش) ومكتبة عمومية في طور الانجاز، ومدرسة عليا للأساتذة في التعليم التكنولوجيي …، وقد استغرنا-في زارتنا لدورة في الكراتيه بالقاعة المتعددة الرياضات- وجود صور مرشح برلماني فاز وصعد للبرلمان ، لكنه ترك صوره تزين القاعة بجانب ملعب علي بوستة؟؟ علما أن القاعة- كما قيل لنا- لا تنشط في الشتاء بسبب الأمطار،فمن يتدخل؟؟ يقول المثل” الشمس ما تتغطى بالغربال”، وهدا الواقع المؤسف تعرفه كل شوارع وأحياء المدينة وهو شأن كل مدن الجزائر؟؟؟
وقد اشتهرت مدينة عزابة وطنيا مؤخرا بفضل النشاط الفني المسرحي لجمعية الفنانين الأحرار التي أحيت ذكرى ومجد المسرحي عز الدين مجوبي ابن المنطقة. وأعادت تقديم مسرحية الحافلة تسير بطريقة جديدة.
ومن أبناء المنطقة المعروفين كذلك المجاهد علي منجلي، العالم الغمام عبد الرحمان العايب،الشاعر عبد العالي رزاقي، الكاتب سعد بوعقبة، الكاتب حميد لعدايسية، الإمام أبو بكر حداد…ومن جمعياتها النشطة جمعية العلماء المسلمين فرع عين شرشار،جمعية الإرشاد الثقافي والإصلاح الاجتماعي، ناس الخير، فوج العزم للكشافة الاسلامية…
ويمكن للسائح التوجه نحو الحمامات المعدنية بواد حميمين فالمنطقة جبلية ساحرة بخاصة في الشتاء والربيع، و في الشتاء يتجه السواح حو جبال بلدية السبت حيث الثلج ،…أو التوجه نحو المركز التجاري الكبير الذي شيد على أنقاض مصنع النسيج سيبا، فهو مقصد تجاري سياحي وفيه مساحة لألعاب الأطفال، كما ننصح بزيارة مقاهي وسط المدينة القديمة مثل مقهى وشاتتي و مقهى لحناش( فيه مجسمات قديمة لحيوانات) ومقهى لندن (في مخرج المدينة نحو جندل)، وتبقى شواطئ قرباز هي المقصد السياحي الأول في الصيف.

الطريق إلى الشاطئ..
يستطيع السائح أن يصل لشواطئ قرباز عبر طرق متعددة، فله أن يأتي من وسط مدينة عزابة نحو الشاطئ في ظرف نصف ساعة فقط، وله أن ياتي من الطريق الوطني رقم44، في منطقة عين شرشار حيث بعد الخروج من مدينة عين شرشار نحو عنابة توجد إشارة توجه نحو بلدية جندل، ومنها يمكن الوصل للشاطئ، أو عبر طريق جبلي صعب انطلاقا من بلدية فلفلة الساحلية.
وهذه الشواطئ تقع وسطا بين شواطئ المرسى وشواطئ فلفلة( ليبلاطان وجاندارك…هذا الشاطئ يسمى سميا بالعربي بن مهيدي، لكن أهل سكيكدة يصرّون على تسمية جاندارك..فأيها الاستعمار أخرج من لساننا وفكرنا كما خرجت من أرضنا؟؟).
نمر بقرية دم البقرات التي يستغل سكانها فرصة الصيف لبيع مستلزمات وألعاب البحر والشاطئ للعائلات ، كما نتجاوز قرية قرباز التي لم تشهد أي تنمية سياحية أو اقتصادية منذ الاستقلال، وهي تقترح على الزوار منتوج فاكهة البطيخ والذرة، وبعض المحلات والمقاهي في طريق السائح إلى البحر…
وكان من المفروض أن تستفيد من وجودها في منطقة جبلية وبحرية جميلة جدا، لكن لا أثر للفنادق والمركبات السياحية و السكان يعانون مشاكل اجتماعية كثيرة.فمتى التنمية السياحية يا مسؤولي ولاية سكيكدة؟ قول لسان أهل المنطقة” ما يحس بالجمرة.. غير اللي عفس عليها”
و عند الاقتراب من الشاطئ سيشاهد السائح مناظر خلابة تمزج الجبل والبحر، والمنطقة عذراء وريفية، وقد و جدنا حضيرة السيارات غير مهيئة، رغم دفعنا لمبلغ الركن(100دج) أخذنا تذكرة فيها الأخطاء فكلمة حصيرة عوضت كلمة حضيرة؟؟؟ والكلاب الضالة المتشردة تنام تحت السيارات؟؟
وجدنا دكانا صغيرا مؤقتا للمواد الغذائية، و آخر للمأكولات الخفيفة، و لم تتم تهيئة المدارج لنزول المصطافين، إلا مدرجا واحدا(ماذا فعلت بلدية جندل التي تسير الشاطئ منذ كل هذه الفترة من استقلال الجزائر؟؟) رغم الطول الكبير للشاطئ وكثرة المداخل له.

قرباز..جمال المكان ولكن؟؟
سيجد السائح كشكا للمأكولات الخفيفة والقهوة و الشاي يقابل مباشرة الشاطئ وقد استحوذ بعض الشباب على أماكن لكراء الشمسيات الطاولات والكراسي، )1000دج للشمية والكراسي والطاولات)يبدو أنهم قد تحصلوا على ترخيص من بلدية جندل،لكن هناك أماكن يمكن للعائلات وضع شمسياتهم فيها دون إزعاج. واستطاع بعض الشباب وضع خزانة صغيرة فوق صخور على مقربة من الشاطئ لبيع الحلويات و السجائر( هذا اختراع جزائري بامتياز..ينافس كل التفكير السياحي الأوربي…)
وأهل المنطقة يسمون أماكن الشاطئ بالأرقام (الشاطئ1،الشاطئ 2…)، وصولا للشاطئ رقم 9 وهو الذي يسمى رسميا ” شاطئ كاف فاطمة”(لا نعلم سبب هذه التسمية) وكلها شواطئ عبر طريق يؤدي نحو بلدية المرسى.
في شاطئ قرباز توجد أكشاك خاصة ببيع لوازم المتعة الرمليةو البحرية، و ستجد رايات فرق كرة القدم في الجزائر، شباب قسنطينة(أغلب زوار المنطقة من ولاية قسنطينة) وشبيبة القبائل( هل صاحب الكشك مناصر للشبيبة؟علما أن فريق جيل عزابة يعاني في الأقسام الدنيا وسقط للجهوي الثاني رابطة قسنطينة؟
وتأسفنا لغياب المراحيض والمرشات ومشاهد التنظيف و المتابعة في الشاطئ، ويبدو أن بلدية جندل لا تملك الإمكانات البشرية و المادية لتحويل قرباز لمنطقة سياحية رغم الثروات الطبيعية…
لقد قد صادف وجودنا حضور لجنة مراقبة من البلدية، و سمعنا الموظفة تلوم الشباب الذي ستغل فضاءات قرباز على غياب النظافة والتنظيم في الشاطئ وفي الموقف السيارات، نقترح على البلدية إنشاء مدارج لنزول الزوار في اقرب وقت والتفكير في إنشاء كورنيش صغير لمنح المشهد الرومانسي والسياحي للمكان، وكثيرا ما تساءل أهل المنطقة في سكيكدة عموما :ماذا لو كان هذا المكان (قرباز) في تونس؟

الأطفال والمتعة البحرية..
إن قراز شاطئ عائلي وتكثر به الحركية السياحية و الازدحام البشري في العطلة الأسبوعية ، حيث تصعب عملية أعوان الإنقاذ، بسبب طول الشاطئ، و دوريات الدرك الوطني في ذهاب وإياب، وأحيانا تنزل للشاطئ للمراقبة، وقد شاهدنا دور الدرك الوطني الذي يكون في الشاطئ انطلاقا من الصباح،…
ويستمتع الأطفال و العائلات عموما برمال ذهبية وأمواج في ارتفاع وانخفاض، في ظل أجواء حارة تشهدها الولايات الساحلية، شأن الولايات الصحراوية وقد وجدنا عائلات من ولايات الجنوب في قرباز، من الوادي تحديدا، واغلب العائلات قادمة من قالمة، سوق اهراس، سطيف، ،أم البواقي…بسبب قرب المنطقة من الطريق السيار(مخرج عين شرشار)، وبسبب البعد عن التجمعات السكانية وفوضى المرور في المدن.
سيلاحظ السائح توزع أعوان الإنقاذ على كامل الشاطئ، لكننا استغربنا وجود عون بقشوطة في شعره، و كيف لم ينتبه المسؤولون عل تكوين وقبول هؤلاء الشباب للأمر، فتصوروا منظر عون حماية مدنية بخصلة من الشعر تنزل على خلفية رأسه؟؟(شوية ..احترام للجهاز..يا ناس الحماية)
وعندما تتأمل زرقة البحر وخلفك الغابات الخضراء، ستتمنى لو كنت شاعرا مثل التونسي الخالد ابو القاسم الشابي أو الشاعر الجزائري الرومانسي رمضان حمود، لتكتب عن مشاعر ك وأحاسيسك التي يحتضنها الأزرق الكبير والرمل الذهبي وجلال الله في خلقه البديع…عذرا سأتوقف هنا ،حتى لا يغضب شعراء الرومانسية عند الغرب والعرب؟؟

أخيرا…
كانت هذه زيارة لمنطقة فرباز بعزابة ، وهي تمنح السائح لحظات المتعة والترفيه، وكما يقال”الولف صعيب”، وعند المغادرة سيأخذ السائح في طريقه بعض البطيخ الأحمر(الدلاع) الذي تشتهر به بلدية بن عزوز، كما سيتمتع الصغار والكبار بالذرة المشوية على الجمر، وتباع في طرق قرية قرباز)50دج للحبة)، و هناك باعة لمواد غذائية مختلفة لخدمة زوار المنطقة، بشعار المثل الشعبي” حشيشية ..طالبة معيشة”…
مع التحذير من استعمال السرعة لأن الطرق تعرف كل صيف حوادث المرور ،بسبب تعب السواق من يوم كامل في البحر ثم يريدون العودة للمنازل متجاهلين ضيق الطرق وازدحامها . وإلى رحلة أخرى بإذن الله.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.