أنماط فن الخداع البصري وأثره

 

أنماط فن الخداع البصري وأثره على مفهوم الإبهار المرئي عند الشباب العربي
 
      قامت سنّة هذا الكون على أسس وقوانين سنّها الخالق سبحانه و تعالى بحكمته البالغة ، فكان قانون الأسباب والمسببات كمثابة الحجّة التي أقامها الله سبحانه وتعالى على عباده أن لايتبعوا أيّة خرافة تتسلل إلى عقولهم فتعطلها عن التفكير السوّي الصحيح وتبعدها عن معرفة وحدانية الله حق معرفة فلهذا كان موقف الإسلام من بعض الطقوس والمعتقدات موقفا حاسما، فقد يعتقد البعض ان فن الخداع البصري optical art illusion يعتمد على نوع من السحر وان كان هناك نوع من السحر فيه فهو سحر التخيل imagination magic  بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾[1] صدق الله العظيم ومعنى سحر التخيل او الخداع البصري اصطلاحا هو ذلك الفعل الذي يصوّر للناظر دائما الصورة المرئية على غير حقيقتها حيث تكون الرؤية خادعة أو مضللة، ومبنى هذا على أن القوة الباصرة قد ترى الشيء على خلاف ما هو عليه في الحقيقة لبعض الأسباب العارضة و التفسير العلمي لذلك أنّ المعلومات التي تجمعها العين المجردة وبعد معالجتها بواسطة الدماغ تعطي نتيجة لا تطابق المصدر أو العنصر المرئي فالخدع البصرية إذا هي صور و مشاهد مصنوعة مسبقا بطريقة مدروسة لتظهر للناظر بطريقة معيّنة و هي ليست كذلك كونها ضرب من التمويه و الحيلة قال الله سبحانه و تعالى بسم الله الرحمن الرحيم : ﴿قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيم﴾[2] صدق الله العظيم فقد خصّ الأعين دون غيرها من الأعضاء الجسدية الأخرى وخصّ البصر دون غيره من الحواس، وهذا مايوافق التعريف العلمي للخدعة البصرية من حيث أنّها فعل يخدع كليّة النظام البصري للمشاهد بدءاً من العين حتى الدماغ، أي أنّ الخدعة تنطلق أولا من العين حتى تصل الإدراك العقلي فيخيّل للمشاهد أشياء مخالفة لما هي عليه في الواقع، ولهذا جائت الإشارة القرآنية إلى الأعين دون غيرها من الحواس الأخرى.[3]
ويعتمد فن الخداع البصري Optical art illusion على استخدام القوانين الرياضيه لابداع لوحات تشكيليه توحى بالقيم الجماليه المتمثله فى الحركه والسكون والعمق وبروز اللوحه بالرغم من انها على سطح مسطح .
نحن نرى فى الطبيعه من حولنا اشكال متنوعه من الخداع البصرى المتمثل فى العديد من الظواهر الطبيعيه كظاهرة السراب التى تحدث بسبب الاختلاف في كثافة طبقات الهواء القريبة من سطح الارض وتتمثل ظاهرة السراب فيما يشاهده المسافر في الصحراء وفي المناطق القطبية أثناء النهار من وجود بقع مائيه على الطريق او رؤيه صورمقلوبة للأشياء كالاشجار والحيوانات بسم الله الرحمن الرحيم (( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجد شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب)) صدق الله العظيم [4]
  ونرى فى الطبيعه شكل اخر من اشكال الخداع البصري الموجود على جلود الحيوانات كالنمر والحمار الوحشى مثلا فالخداع البصري حولنا فى كل مكان .
مشكله البحث :
ما مدى تأثير فن الخداع البصري  optical art illusionعلى الشباب العربي وما مدى الاستفادة منه عربيا فى مواكبه المشهد العالمى المعاصر.
أهداف البحث :
  1. توضيح أهم المفاهيم الفكرية لفن الخداع البصري وأثرها على مفهوم الإبهار المرئي عند الشباب العربي.
  2. توضيح مفهوم فن الخداع البصري  optical art illusion.
  3. الكشف عن مدى مساهمه فن الخداع البصري optical art illusion والألعاب البصرية optical toys  في نشأة التصوير الفوتوغرافي و الأفلام المتحركة.
  4. توضيح أن أساس فن الخداع البصري هو أساس رياضي بحت .
 أسئلة البحث :
  1. من هو مؤسس فن الخداع البصري optical art illusion ؟
  2. ما هي أهم المفاهيم الفكرية لفن الخداع البصري optical art illusion ؟
  3. كيف يمكن أن يكون لفن الخداع البصريoptical art illusion  أثر سلبي على الهوية الثقافية ؟
  4. كيف ساهم فن الخداع البصري optical art illusion  فى التطور العلمي العالمي؟
منهج البحث :
     يقوم البحث على المنهج التجريبى ( اقامه معرض أثناء مناقشه البحث يضم تجارب تطبيقيه لفن الخداع البصري optical art illusion ) والوصفى والتحليلى لفن الخداع البصرى .
حدود البحث :
الحدود الزمانيه النصف الثانى من القرن العشرين
الحدود المكانيه الدول الاوروبيه والعربيه
أهميه البحث :
  تعود أهمية البحث فى الكشف عن أهمية  فن الخداع البصري optical art illusion  حيث يجمع بين العلم والفن في بنائه على أسس رياضية ومدى تطور هذا الفن عبر القرون الطويلة من البحث والتجريب و كيف مهد الطريق لظهور الفنون الرقمية التي أبهرت العالم بما فيها من تقنيات بصرية مدهشة وكيف ان الخداع البصري يمثل تحدى عالمى للشباب العربى .
مصطلحات البحث :
1)    فن الخداع البصري . optical art illusion
2)    علم الحركه kinematics .
3)    فن الانامورفسيس Anamorphoses art .
4)    قانون الانعكاس The Law of Reflection .
  • فن الخداع البصري optical art illusion:
الخداع : يقصد به في اللغة : “إ ظهار شئ خلاف المخفي ، ويقصد به أيضا الحيلة “.
أما مدرسة الخداع البصري فهي مكونة من شقين optical وتعني بصري و art  وتعنى فن والمعنى الإجمالي يعني الفن البصري ولكن الشائع هو فن الخداع البصري .[5]
     فهو ذلك الفعل الذي يجعل الأشياء أو الأشكال أو الألوان ترى أو تدرك بطريقة كاذبة و مغايرة لماهيتها الأصلية و بخلاف حالتها الطبيعية بإستخدام أسس وقواعد رياضية سمى الفن البصري بهذا الاسم لاعتماده على الخصائص البصريه الخاصه بالعين .
  • علم الحركه kinematics :
هو أحد فروع علم الميكانيك الذي يصف مفهوم الحركة الفيزيائي للأجسام بدون أى إعتبار للكتل أو القوى التي تسبب الحركة[6]
  • فن الانامورفسيس Anamorphoses:
      هو إعادة صياغة التكوين التشكيلى برؤية منظورية من خلال المفهوم الرياضى للنسب التشكيلية وتحويلها الى تكوين غير منتظم فى الخطوط والاتجاهات ويمكن رؤيتها رؤية واقعية من خلال إنعكاسها على السطح المصقول وأشكالة وخاماته المختلفة أو رؤيتها من زاوية معينة على بعد معين.
  • قانون الانعكاس The Law of Reflection .
القانون الأول :- زاوية السقوط = زاوية الانعكاس.
القانون الثانى :- الشعاع الضوئى الساقط والشعاع الضوئى المنعكس والعمود المقام من نقطة السطح العاكس تقع جميعها فى مستوى واحد عمودى على السطح العاكس وأن الشعاع الضوئى الذى يسقط عموديًا على السطح العاكس ينعكس على نفسه لأن كلا من زاويتى السقوط والانعكاس تساوى صفرًا .[7]
الدراسة
      فن الخداع البصري Optical art illusion من الفنون التى تمثل الإتجاهات الفنية الحديثة التي ظهرت في بداية الخمسينات من القرن العشرين وقد تمثل فناني هذا الإتجاه علم الحركة kinematics وعلم البصريات ونتائج نظرية الجشتالت مما أدى إلى إنعكاس مفاهيم هذا الإتجاه على الكثير من مجالات الفنون كالتصوير والنحت حيث ظهر العديد من الفنانين الرواد لهذا الإتجاه مثل فيكتور فازاريلىVictor Vasarely وكونشيلر ايشر M. C. Escher  و جوزيف انتونىJoseph Antoine   فإن هؤلاء الفنانين البصريين optical artists إستخدموا أنواعا مختلفه من الظواهر المرئيه التي تحدث بصورة مستمرة في مدركاتنا اليوميه غير أنها عاده تغفل أو تهمل ولا تدرك وتظهر براعتهم فى جعل هذه الظواهر المهمله واضحه أمامنا بشكل ساطع فيما قدموه من لوحات مرسومه وأعمال فنيه متحركه بحيث يوحى الشكل العام بالحركه مع انه ساكن لقد كان السعى الدؤوب لدى الفنانين لتفعيل المدرك الحسى لدى المشاهد عن طريق تحقيق أكبرقدرة ممكنة من حالات الدهشة والتأمل فى التكوين التشكيلى .
لاحت ملامح هذا الفن منذ أواخر العشرينات وبداية الثلاثينات من القرن العشرين حيث ظهرت جذوره العميقة في مدرسة “الباوهاوس”[8] حين قام مجموعة من أعضاء تلك المدرسة بإجراء عدة بحوث في الظاهرة البصرية ثم ظهرت في الأربعينات من القرن العشرين بعضا من النماذج المتفرقة لفن الخداع البصري .
    لكنه لم يصبح فنا في مصاف الفنون الحديثة إلا مع حلول أوائل الخمسينات حين ظهر هذا الفن كظاهرة صحفية عندما أطلق عليه أحد الصحفيين الأمريكان تعبيرا صار شائعا وهو “أُوب- أرت “( Op Art ) أو الفن البصري  ( Optical Art ) بعد أن قام بعض من الفنانين بإقامة معرض تحت عنوان “العيون المستجيبة” ومنذ ذلك الوقت أصبح فن الخداع البصري ممثلا لاحد الاتجاهات الفنية الحديثة وكان ذلك على يد مؤسسه الفنان فيكتور فازاريلى Victor Vasarely  (2) .
ومع ذلك فإن فن الخداع البصري Optical art illusion لم يكن ليظهر فجأة على يد مجموعه من الفنانين بل انه يعتبر تطورا للإتجاه التجريدى الذى يعتبر بمثابة منشأ العديد من الاتجاهات الفنية الحديثة فى اعتماده على قيم جماليه مختلفه كالاتزان والايقاع والتضاد والعمق .
 فن الخداع البصرى دليل على أن العلم والفن على مر التاريخ صنوان متلازمان وكل يمد الأخر بالتنوير لقد استطاع الفنان من خلال التفكير العلمى وبدلالات الإدراك أن يلخص أفكاره ويوطد مدركاته ، وبالإستناد على بعض الأفكار العلمية والنظريات الفراغية ، وبعض المفاهيم العلمية مثل استقامة خط بدءًا من تتابع نقطة ، قد أوضحت للفنان كيف يصوغ فكرة فى محتوى يمكن استيعابه وإدراكه ، بل قد أهدى العلم للفنان أدوات الفكر ،وأدوات الصياغة الفنية ، ولكن تظل الأداة وسيلة وليست غاية .
 ان حاجة الفنان إلى إبداع أعمال من شأنها أن تحقق قيمًا ثقافية مهمة ، ليس فقط فى محتوى العمل بل فى البناء التشكيلى فقد اعتنى فنانو العصور القديمه المختلفه عناية دقيقة بالعالم المدرك حسيًا وبالحقائق الحسية فقد أبدوًا اهتمامًا يالغا بمثل هذه العلاقات .
  وقد ظهرت ملامح لهذا الفن منذ العصر الاسلامى ويبدو هذا واضحا فى الزخارف الاسلاميه الهندسيه الشكل حيث استخدم الفنان المسلم القوانين الرياضيه لاخراج الزخرفه الاسلاميه بهذا الشكل المعقد التركيب حيث تظهر الخطوط متداخله معا باسلوب هندسي رياضى فلا يعرف بدايه الخط من نهايته مما يخدع العين و يجعلها تتحرك فى جميع اجزاء اللوحه باحثه عن بدايته ونهايته .

[1] القران الكريم :الايه 66 من سورة طه
[2] القران الكريم : الآية 116 من سورة الأعراف
[3] محمد ترياقى :إعجاز الايات القرانيه فى دحض الخدع البصريه
[4] القران الكريم : الايه رقم39 من سورة النور
[5] ) سماهر بنت عبد الرحمن فلاته : فن الخداع البصرىوإمكانيه إستحداث تصميمات جديده للحلى المعدنيه – جامعة الملك سعود- المملكه العربيه السعوديه -2008 ص6
[6] ويكيبديا الموسوعه الحره
[7] المرجع السابق ذكره
[8] مدرسة الباوهاوس تأسست في المانيا وقد اسسها المعماري الفنان (والتر جريبيوس)..وضمت إليها مجموعة من الفنانين والحرفيين والمصممين في مسعى منه لخلق تواصل بين الشكل والوظيفة وكانت هذه المدرسة الفنية نموذجا رفيعا ودقيقا للفن والابداع
(2) سماهر بنت عبد الرحمن فلاته : فن الخداع البصرىوإمكانيه إستحداث تصميمات جديده للحلى المعدنيه – جامعة الملك سعود- المملكه العربيه السعوديه -2008- ص15
شريحة1
وتبعا لهذا فإن الاعمال المبكرة لفن الخداع البصريOPtical art illusion  التى ظهرت فى الستينات قد ساد فيها اللونان الابيض والاسود مما يضفى بعض المزايا فالتضاد بين الخطوط يصل الى اقصى مداه وبذلك تتعزز قيمه معظم التأثيرات البصريه المتداخله.

 نيكولاس ويد Nicolas wade_: الاوهام البصريه فنها وعلمها – العراق – بغداد – دار المأمون للترجمه والنشر -1988 – ص21
شريحة2
مجموعه من أعمال الفنانه برادجيت رايلى Bridget Riley باللونين الأبيض والأسود
ويعتبر الفنان فيكتور فازاريلى Victor Vasarely هو المؤسس الاول لهذه المدرسه (مدرسه الخداع البصرى)  optical art فهو اول من قدم اعمالا فنيه تدخل ضمن مصطلح  optical art illusionاو الخداع البصرى .
عمل فازاريلى Victor Vasarely كفنان جرافيكي في الثلاثينيات عندما أبدع ما اُعتبر أول عمل في الخداع البصري، وسماه  Zebra زيبرا (أي الحمار المخطط) وكانت تتألف من خطوط متموجة سوداء وبيضاء، وقد أعطى ذلك العمل الاتجاه الذي تبعه فازاريلي Victor Vasarely فعلى مدى العقدين التاليين طور ڤزاريلي Victor Vasarely من أسلوبه في

شريحة3
شريحة4

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.