ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏‏‏جلوس‏، و‏لحية‏‏ و‏نص‏‏‏‏
‏‎Sharif Shahin‎‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏‏‏جلوس‏، و‏لحية‏‏ و‏نص‏‏‏‏
ملاك سباعي إلى التجمع العربى للتنوير

مدرس مادة الفيزيولوجيا في جامعة البعث بحمص.الدكتورSharif Shahin.

اتذكر تماما المحاضرة الأولى في كلية الطب بحلب لاستاذ الفيزيولوجيا المصري حينذاك قال لنا”الفيزيولوجيا”ام العلوم…بعد تعمقي بدراستها وجدت أن مادة الفيزيولوجيا دون غيرها من المواد هي بالفعل الأب الروحي للطب البشري..بل هي روح الطب.
أن تتعلم وظائف اعضاء الجسم ودقة عملها فهو والله لأمر مدهش.

الدكتور شريف شاهين ومن خلال تجوالي في صفحته الخاصة.اكتشفت أمرا قد لا نجده عند المتخصصين الا نادرا وهو القدرة على تسخير العلم لتعزيز الموهبة الفكرية والأدبية.
جميل جدا ما قرأته على صفحته.
والأجمل أنني احترت بالفعل أية زهرة اختار من حديقته لتقديمه كشخصية متميزة في تجمعنا التنويري هذا.
اخيرا وقع اختياري على منشور هو”طبي ادبي في الوقت نفسه”
مع أن المقالة طويلة ولكنها ممتعة.
تتكلم المقالة عن “غدة النخامة “لا تقولوا أنها اختصاص طبي دقيق “.
هي قصة قصيرة ممتعة جدا.
السيدة نخامى

1
السيدة نخامى جميلة لا تنام. وكيف تنام من عليها أن ترعى 50 تريليون بيت من البيوت المتطلبة؟؟!!
وكل بيت من البيوت التي تضطلع نخامى برعايتها فيه ما يفيض عنه من هموم الاغتذاء من جوع، والارتواء من ظمأ، والنمو من صغر، والبلوغ من طفولة، والتكاثر من قلة، والتشاسع من محدودية. والأكثر من ذلك وربما الأهم، تأمين بيئة للنهوض بأعباء حياة لا تنتهي مفاجآتها وتحدياتها.

2
هي سيدة فيك، محبة لك، متفانية في خدمتك، غيورة عليك، تسهر على راحتك، تمسح عنك صدأك الجنسي، وتبعث فيك مشاعر الرضا والحنان، والاعتداد بما أنت عليه.
وانت لست مجرد فرد واحد، أنت مجتمع كامل كبير قوامه تلك الترليونات الخمسين التي تؤلف كينونتك المتفردة.
فتأمل جسامة ما تنوء به من حمل، ونبل ما تقوم به من عمل!!!

3
لا يغرنك حجمها الصغير ( بحجم حبة البازلاء)، ولا وزنها الضئيل ( غرام واحد فقط)، ولا خصرها النحيل (ميليمتر واحد فقط)، فهي تتلقى رسائل عنك تجعلها محيطة بكل ما يعتريك. وهي تملك من اليقظة والغيرية ما يجعلها تلاحق كل صغيرة وكبيرة في عوالمك للإبقاء على مقدراتك مستقرة، وعلى آليات عمل أجهزتك مستنفرة، وعليك ككل معافى تنابل آمالا وأمان تصبو إليها.

4
وانت طفل، تغرق دمك بمراسيل تحفز نموك، فتتطاول عظامك، وتكسى بلحم عضلاتك، وتتمدد أعصابك لتتشابك حيث تكون فاعلة في إيقاظ أحاسيسك، ونظم حركاتك، وتلقف معارفك، وانبعاث ابداعاتك…..
فتدرج في مدارج نموك، كل يوم لك فيه شان جديد سوى الذي مضى من شأنك.

5
والسيدة نخامى، توقت زمن ارتحالك من طور الطفولة إلى طور المراهقة. فتأمر موجهات مناسلك لتكبر وتتفعل وتنخرط في أعمالها المشتهاة. و هكذا تصبح ذكرا فاعلاً في التكاثر وما حوله، وتصبحين كأنثى فاعلة فيه وفي ما حوله ورحما خصبا لخلق من سيعمر الكون من بعدكما.

6
والسيدة نخامى تحرس لذائذك وملذاتك أيضاً. توقظ فيك رغبة التماهي في قرينك المختار ، عشقاً وحنانا ومودة وانصياعا وذوبا مفتتنا، فتصبح لباسا له ويصبح لباسا لك.
وتغدق نخامى على ضفاف أنهاركما موجات متلاحقة من النشوات؛ كلما سكنت موجة تبعتها أختها، ولسان حالكما يقول : هل من مزيد؟؟.

7
والسيدة نخامى منبع الحنان. ترسل برولاكتينها في دمك كمرضع، فتقدمين ثديك لرضيع أو راضع، يتدفق منه حليب النمو، أو حليب الشهوات، فيزهر في عوالمك ربيع العطاء، ويتدفق نسغ الحياة فيك وفي من يسيل إليهم حنانك العالي.

8
والسيدة نخامى تحرسك من جوع. تأمر خادمتها أم درق بأن تؤمن لخلاياك الجائعة ما تحتاجه من موارد لتصبح بيوت مملكتك ” مستورة” مستتبة مكتفية لتنهض بأعباء ما وجهت إليه من أعمال.

9
والسيدة نخامى توقظ ظمأك للارتواء، إذا ما شح في جسدك الماء. و تقنن من خروجه من بواباتك المسربة له عندما يعز عليك الوصول إليه. ولا تسألني كيف تفعل ذلك، فالشرح يطول.

10
وتؤمنك نخامى من خوف إذا ما اعتراك خوف. فهي توجه خادمات لها كثر ومنهن جميلة المحيا أم كظر بأن تستجمع طاقاتك كلها، وتستنفر يقظتك، وتعلي من شأن حسن تدبيرك و ذكائك، فتواجه ما عليك مواجهته بحكمة الهرب أو برعونة التحدي، وفي الحالين تتجاوز خوفك.

11
وتحرص السيدة نخامى على زرع الرضا في أوصالك عما أنت
، وتوقد فيك قبس الأمل لما تود أن تكون. فتسكنك في ممالك هدوئك قانعا بما وصلت إليه، ومستبشرا بما تتمنى أن تؤول إليه. وتلك قصة لا ضفاف لشساعتها.

12
قديماً، ظن حكماء الإغريق بأن السيدة نخامى هي، على صغرها، الفضاء اللامتناهي التي تهوم الروح فيه. و بأنها هي من يضبط ايقاعات ارتحالاتها زمانا ومكانا.

وأنا، سألقي بما تعلمت وعلمت مغايرا لذلك، في سلة النسيان،
وأصدقهم..

13
لخالقك ولك، أرفع القبعة باحترام بالغ، سيدة نخامى..
رحبوا معي بالدكتور شريف شاهين.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.