آتية من خراب بيروت، إلى خراب أفغانستان، وخراب العراق. فاتحة كتاب «الغبار»، تقرأ منه أسطر الوجع اليومي. وجع لا يفتأ ينبيك، كم هي المهمة شاقة ومتعبة.

كثرٌ هم من يحسدون المذيعة اللبنانية نجوى قاسم، على ما حققته من تميز وحضور لافتين، على شاشة «العربية». لكن، قلة من يعون، أي وجع يقبض على قلب من شاهد عذابات الأطفال، في المدن المهجورة، حيث عملت العديد من التقارير الخبرية المميزة، توجتها مذيعة أولى للتغطيات الخاصة، وموفدة للمهام والحوارات الهامة. متفردة عن من سواها من زميلاتها، بأنها الصحافية متعددة الأدوار، والتي بمقدورها أن تقوم بعملها في حقول شتى.

في كابول عرفها المشاهد العربي، صحافية شابة تجوب بين الطرق الوعرة. وفي بغداد، حملت قميص العراق المقدود من كل صوب، ورفعته بكلتا يديها أمام العالم، شاهدا حيا على ما ينتهك من إنسانية.

«العربية»، كانت نقلتها النوعية بعد «المستقبل». لكنها لم تكن لتختار هذا المكان، لولا ولعها بالسياسة وأحداثها، وبأن تقدم مادة تمثل إضافة فعلية للمشاهد العربي، لا مجرد تكرار لتجارب سابقة.

كلمات تنثرها نجوى من الشاشة الفضية، كلمات يروق لها أن تناجيها مناجاة من يسير بخطوة، ما أن ينهيها، حتى تبدأ أخراها «طوبى لك أيتها الكلمات، إلى أي جحيم تنحدرين بي!».

نجوى، الصبية الصغيرة التي كانت تجوب بين أشجار ضيعتها «جون»، حيث نطقت أحرفها الأولى على سفوح جبال لبنان، تطل من عليائها على غيمة، غيمة خفية كانت تبصرها وحدها، لا أحد يراها سواها، ف«إذا ارتفعت نظرتك ارتطمت بغيمة لا تبصرها. لكل عين غيمتها الخفية». مهما فتشت عن تلك الغيمة بين طيات الكتاب الأزرق، لن تقبض عليها ببصرك، فالبصر زائغ، طالما لم يكن قلبك دليلك إليها.

في بيروت، كانت المفاجآت. الحرب الأهلية، والاجتياح الإسرائيلي، والعمل ضمن اللجان الشعبية والطلابية. اليسار بشعاراته الصاخبة، واليمين بتخاذله الأعمى، وبين شظية وأخرى، وقذيفة على «برج البراجنة»، وعشرٍ على «الكرنتينا»، وذبح على الهوية بالقرب من «البور». في هذا الخراب الهائل، وفيما دواليب الحياة لا تكف عن الدوران، مدفوعة بنهر الدماء، كانت نجوى تتلمس ضوءا خافتا لا تبصره عين لم تكتحل إلا بالفقد. كان كل شيء بالنسبة لها مخاتلا وكاذبا، ف«كل ما تراه خادع، ينبغي أن تبصر ما وراءه: هناك ضوء يكمن في الضوء الذي يجعل ما تراه، هو ما تراه، ولكن لحين».

حرب الآخرين على لبنان، لم تمنع نجوى من مواصلة تعليمها، حاصلة على الشهادة الجامعية في الهندسة المعمارية. تخصص بينه وبين عملها الإعلامي، ما بين السماء والأرض. لكنها، عرفت كيف تستفيد منه في بناء معمارها الخاص، في هندسة شخصيتها التلفزيونية، وطلتها المتميزة..

تراها مبتسمة على الشاشة، فيما ضيفها يصدح بخطابه الناري، ويكاد يطير به كرسيه من شدة الانفعال. لكنها، وبهدوء من عرف نفسه، ولم يخشَ محاججه، تواصل حوارها دون تراجع أو قلق.

عندما فازت مأخرا بجائرة أفضل مذيعة أخبار عربية، لم يكن اختيارها بدعا من الأمر. كانت هي الأجدر بلا منازع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صورة ذات صلة

نجوى قاسم

صورة ذات صلة
نجوى قاسم
Najwaqassem.jpg

معلومات شخصية
الميلاد 7 يوليو 1967  تعديل قيمة خاصية تاريخ الميلاد (P569) في ويكي بيانات
جون  تعديل قيمة خاصية مكان الولادة (P19) في ويكي بيانات
الوفاة 2 يناير 2020 (53 سنة)[1]  تعديل قيمة خاصية تاريخ الوفاة (P570) في ويكي بيانات
دبي  تعديل قيمة خاصية مكان الوفاة (P20) في ويكي بيانات
سبب الوفاة نوبة قلبية  تعديل قيمة خاصية سبب الوفاة (P509) في ويكي بيانات
مواطنة
Flag of Lebanon.svg

لبنان  تعديل قيمة خاصية بلد المواطنة (P27) في ويكي بيانات

الحياة العملية
المدرسة الأم الجامعة اللبنانية (–1993)  تعديل قيمة خاصية تعلم في (P69) في ويكي بيانات
شهادة جامعية ماجستير  تعديل قيمة خاصية تعلم في (P69) في ويكي بيانات
المهنة صحفية،  ومقدمة تلفزيونية  تعديل قيمة خاصية المهنة (P106) في ويكي بيانات
اللغات العربية  تعديل قيمة خاصية اللغة (P1412) في ويكي بيانات
موظفة في تلفزيون المستقبل،  والعربية  تعديل قيمة خاصية رب العمل (P108) في ويكي بيانات

نجوى قاسم (7 يوليو 1967 – 2 يناير 2020)، إعلامية لبنانية عملت مقدمة برامج سياسية في تلفزيون المستقبل وقناة العربية والعربية الحدث حيثُ قدمت البرنامج اليومي «حدث اليوم»،[2] و«نهاية الأسبوع».[3]

حياتها

وُلدت في بلدة جون بمحافظة جبل لبنان، وانتقلت للعاصمة بيروت مع عائلتها في عمر السنتين حيث ترعرعت فتابعت دراستها هناك. أكملت دراستها الجامعية في الجامعة اللبنانية، وتخرّجت منها في عام 1993 ونالت شهادة الماجستير فيها لكنها تحولت للعمل الإعلامي لشغفها بالسياسة.[4] لم تتزوج.[5]

مشوارها المهني

كانت بدايتها في الإعلام منذ عام 1991 عبر “قناة الجديد” عندما أعلنت القناة عن حاجتها لمذيعين جدد فتقدّمت بطلب وقبلت، وعملت هناك لأشهر،[6] ثم انتقلت بعدها لتكون أول مذيعة تطل عبر تلفزيون المستقبل في أوائل سنة 1993م. وغطّت أخبار الحروب في أفغانستان والعراق ولبنان؛ حيث عملت فيهِ لمدة أحد عشر عامًا وقدمت برامج مهمة مختصة بالأسرى اللبنانيين والعرب في السجون الإسرائيلية ولقد تابعت هذه القضية بشغف كبير حتى تحرير عدد كبير من هؤلاء الأسرى. كما واجهت العديد من الصعوبات في المحطات الرئيسية لها كإعلامية، وخلال تغطية العديد من الأحداث المهمة محلياً وعالمياً كتغطية الحرب على أفغانستان في عام 2001 كمراسلة حربية كما أنها كانت شاهدة على الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، ولقد نجت بأعجوبة من الموت بعد تعرّض “فندق فلسطين” للقصف الجوي من الطيران الأمريكي. ثم انتقلت إلى قناة العربية في عام 2003 كصحفية ومذيعة رغبةً منها في قناة أكثر تخصصًا في الأخبار السياسية.

نجاتها من تفجير إرهابي في بغداد

في عام 2004 نجت من حادثة تفجير إرهابي استهدف مكتب قناة العربية في بغداد، نهضت من بين الحطام حاملة الميكرفون لتبُث على الهواء وقائع الحادث قبل أن تهرع إلى الشارع لإيقاف السيارات لنقل الجرحى للمستشفيات.[7]

ألقابها

حصلت في عام 2006 على جائزة أفضل مذيعة في المهرجان العربي الرابع للإعلام في بيروت. سُمّيت على موقع قناة العربية بـ «قطعة الكريستال» وسمّتها جريدة الرياض السعودية بـ «المراسلة الحربيّة».[8] اختيرت في عام 2011 من بينِ أقوى مائة سيدة في العالم العربي من قبل مجلة أريبيان بزنس؛ وحصلت في العام الموالي على جائزة مؤسسة مي شدياق للإبداع التلفزيوني.[9]

الجوائز

العام الجائزة ملاحظات النتيجة
2006 جائزة أفضل مذيعة الجائزة من المهرجان العربي الرابع للإعلام فوز
2011 قائمة أقوى مائة سيدة في العالم العربي اختارتها مجلة أريبيان بزنس ترشُح
2012 جائزة الإبداع التلفزيوني الجائزة من مؤسسة مي شدياق فوز

وفاتها

أعلن مالك الروقي مدير أخبار قناة إم بي سي عن وفاتها في الثاني من كانون الثاني/يناير 2020، بسبب سكتة قلبية وذلك عبرَ تغريدةٍ نشرها على حسابهِ الرسمي في موقع التدوينات المُصغّر تويتر.[10][11][12]

آخر ما كتبته ، كان خلال الاحتفال برأس السنة الجديدة في دبي ، قائلة :

««يا رب عام خير على الجميع يا رب يا رب.. يا رب احفظ بلادنا، وعينك على لبنان»[13]»

ردود الفعل على وفاتها

  • الرئيس سعد الحريري: “صدمة حقيقية ومحزنة، أن ترحل نجوى قاسم في عز العطاء والشباب. رافقت مشوار تلفزيون المستقبل منذ تأسيسه وسطعت على شاشته نجمة متألقة، قبل أن تنتقل إلى دبي حيث تابعت التفوق والنجاح. خسارة لنا وللإعلام اللبناني العربي. رحم الله نجوى قاسم وأحر التعازي لأسرتها وأسرة العربية – الحدث”.
  • سفير السعودية في الإمارات تركي الدخيل: “وداعاً للصديقة الغالية الأستاذة نجوى_قاسم… وداعاً سيدة الأخلاق والأدب والمهنية والاحترافية… وداعاً صديقة الجميع… رحمة الله عليك رحمة واسعة… إنا لله وإنا إليه راجعون”.
  • الوزيرة مي شدياق“صُعقت بالخبر المؤلم مع مطلع العام الجديد ماذا حصل! أنا عاجزة عن إيقاف دموعي! لقد بكيت كثيراً! أنت صديقة وفية، إعلامية لامعة!”.
  • أحمد رمضان، رئيس حركة العمل الوطني من أجل سوريا: “رحم الله الزميلة نجوي_قاسم الإعلامية الماهرة وصاحبة الحضور المميز، والبصمة الهامة في الإعلام العربي. العزاء لعائلتها، وأسرتها الإعلامية الكبيرة، والزملاء في العربية و الحدث، وألهمهم الصبر. سنفتقدك كثيراً يا نجوى الرحمة لك والعزاء لمحبيك”.
  • الإعلامي مصطفى الآغا: “بداية حزينة لعالم 2020 وخبر وفاة الزميلة نجوي قاسم بذبحة قلبية حسبما سمعنا … خالص العزاء لأسرتها وزملاء مهنتها الذين تأثروا جداً برحيلها المفاجئ”.
  • زاهي وهبي: “خبرٌ مباغتٌ ومحزنٌ في مطلع العام الجديد. وداعًا نجوى قاسم زميلة المهنة والبدايات والمتاعب ومشقّات الحياة، لروحها الرحمة والمغفرة والسلام”.
  • الإعلامي محمد أبو عبيد: “وآخر نجواها أن ترجو للناس عاما ملؤه الخير، وأن تسأل رب العباد أن يحفظ البلاد، ووطنها في العام الجديد 2020. كأنها قدمت وصيتها كي ترحل وقلبها منشغل ببلدها. ترحلين جسدا وروحك باقية فينا كم أذعت من الأخبار وتنهين المسيرة بأنك الخبر الفاجع. رحمك الله نجوي قاسم إنا على فراقك لمحزونون”.
  • الإعلامي السعودي، مفيد النويصر: “رحم الله قطعة الكريستال الأستاذة نجوى قاسم، الزميلة في قناة العربية، كانت صحافية ومراسلة حربية من طراز رفيع، إذ غطت أخبار الحروب بأفغانستان والعراق ولبنان.. وواجهت أحداث تفجير مكتب العربية ببغداد 2004 ولم يمنعها هذا الحادث أن تواصل تغطيتها ثم تركض للشارع لتسعف الجرحى”.
  • الإعلامية ديانا مقلد، في تغريدة على حسابها عبر “تويتر” قاسم، مشيرةً، الى أنّ “نجوى رفيقة البدايات في التسعينيات، سكت قلبها في منزلها في دبي “نجوى إعلامية مكافحة كانت تعطي بسخاء وكرست حياتها كلها لعائلتها ومحبيها وكانت متفانية في عملها حتى اللحظة الأخيرة خبر حزين جدًا وصادم جدًا جدًا”.
  • الفنانة اللبنانية، نجوى كرم: “الله يرحم الإعلامية نجوى قاسم وتكون روحها في السماء”.
  • الفنانة اللبنانية إليسا: “شو محزن هالخبر مع بداية السنة الجديدة. نجوى قاسم كان العمر قدامها طويلا وكان عندها كتير لتقدمو بمشوارها بعد. الله يرحمها ويصبّر عيلتها عا هالمأساة. الموت حق وربنا يصبرن”.

المراجع

  1. ^ وفاة مذيعة “العربية” نجوى قاسم — تاريخ الاطلاع: 2 يناير 2020 — مؤرشف من الأصل في 2 يناير 2020 — الناشر: صحيفة البيان
  2. ^ نجوى قاسم.. نجت من الموت في ساحات المعارك.. ورحلت بهدوء الناس الخميس 2 يناير 2020 13:53 «عكاظ» (جدة) نسخة محفوظة 2 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ قاسم: سأبقى شغوفة بعالم السياسة بوسطة نشر في 4-7-2012
  4. ^ نجوى قاسم تصدم المتابعين.. شاهد أبرز مقاطعها لقبت الراحلة بـ “قطعة الكريستال” الخليج اليوم الخميس، 02-01-2020 الساعة 17:30 وقت التحدي
  5. ^ – مذيعة اخبار العربية نجوى قاسم: لهذا السبب لم اتزوج Oct 09, 2015 بصراحة
  6. ^ الجديد تعرض من أرشيفها أول مقابلة لـ الإعلامية اللبنانية نجوى قاسم، قناة الجديد. نسخة محفوظة 2 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ نجوى قاسم واجهت الخطر لنقل الحدث خبرني نشر في 2-1-2020 نسخة محفوظة 2 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  8. ^ “نجوى قاسم.. المهندسة المعمارية التي أصبحت أفضل مذيعة عربية”جريدة الرياض. مؤرشف من الأصل في 30 ديسمبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 22 أغسطس 2017.
  9. ^ “نجوى قاسم تنال جائزة الإبداع – Laha Magazine”Laha Magazine. 2012-09-24. مؤرشف منالأصل في 14 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 22 أغسطس 2017.
  10. ^ “Twitter”mobile.twitter.com. Retrieved on 2 January 2020. نسخة محفوظة 2 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ “وفاة الإعلامية اللبنانية نجوى قاسم”قناة الحرة. Retrieved on 2 January 2020. نسخة محفوظة 2 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ “العربية والحدث تنعيان الزميلة الإعلامية نجوى قاسم”. مؤرشف من الأصل في 02 يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 02 يناير 2020.
  13. ^ الرئيسية ماذا قالت نجوى قاسم في آخر تغريدة لها قبل وفاتها المصدر: البيان الإلكتروني التاريخ: 02 يناير 2020 البيان
  14. ^ صدمة بالوسط الإعلامي.. هكذا نعى مسؤولون وفنانون نجوى قاسم المصدر: دبي – العربية.نت نشر في 2-1-2020نسخة محفوظة 2 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  15. صورة ذات صلة