“عبد الغني الغبرة”.. مؤسس مدرسة “الأندلس”

 د. عزة أقبيق

السبت 18 نيسان 2020
ترك بصمته الدمشقية قبل أن يرحل عن الدنيا متكئاً على إرثٍ حضاريٍّ واسعٍ استقاه من مؤرخي “دمشق” وأعلامها في القرن الماضي، حيث قضى جُلّ حياته مدرساً وإدارياً ناجحاً لواحدة من مدارس العاصمة الخاصة.

تكبير الصورة

مدونة وطن “eSyria” التقت بتاريخ 2 نيسان 2020 المدرسة المتقاعدة، “منشودة أبو قورة” لتتحدث عن نشأة زوجها الراحل “عبد الغني الغبرة”، فقالت: «في “دمشق” القديمة؛ حيث البيوتات المتلاصقة والحميمية في محلة “زقاق الحجاج”، والتسمية معروفة لإقامة “الحجاج بن يوسف الثقفي” دار له فيها، هناك استقبلت “يسرى جمال الدين القاسمي” مولودها “عبد الغني” بفرح غامر في العام 1928. وبجو من المحبة كبر الطفل الصغير؛ وبات عليه الذهاب إلى كتاب الشيخ “جميل آقبيق” القريب من منزله على ما يبدو، حيث تعلم القراءة وبعض الآيات القرآنية، وأنهى مرحلة الكتاب، ليغادره إلى مدرسة “صلاح الدين الأيوبي”، ومنها إلى مكتب “عنبر” الذي انفرد تلك الفترة بتخريج دفعات من الشباب المتميز علمياً، وكان واحداً منهم».

يقول الراحل “عبد الغني الغبرة” عن تلك الفترة في مذكراته: «كان البيت يغص بسكانه الذين تجاوز عددهم الثلاثين، وكان هذا حال أغلب بيوتات “دمشق” داخل وخارج السور، كنت محباً للتعلم، ومع هذا الضجيج العائلي كان لا بد لي من التفكير في مكان يمكنني الدراسة فيه بهدوء، فقصدت زاوية من “التكية السليمانية”، واتخذتها مقراً لدراستي.

كنت أنكب على الدراسة غير مبال بالوقت الذي كان يمر سريعاً وأنا غارق بين الكتابة والقراءة وحل مسائل الرياضيات، ولم يكن يخرجني من ركني غير صوت المؤذن، فأقطع ما أنا فيه، فأتوضأ من البحرة التي تتوسط التكية، لأصلي وأعود مسرعاً إلى ركني حيث سعادتي، وكان يغالبني النعاس أحياناً، فأضع

تكبير الصورة
مدرسة الأندلس

نعلي تحت رأسي قاصداً القليل من الراحة لأعود لما قد بدأت فيه».

وتتابع زوجته عن دراسته وعمله: «انتسب إلى كلية الآداب في جامعة “دمشق” قسم التاريخ عام ١٩٤٩ ليكون من أوائل خريجي القسم لعام ١٩٥٣، وكان من أعلام الكلية آنذاك “نور الدين حاطوم” شيخ المؤرخين السوريين، و”كامل عياش”، و”سليم عادل عبد الحق”، و”شاكر مصطفى”. عمل في مجال التربية والتعليم، ليؤسس ثانوية “الأندلس” في منزل الرئيس “أديب الشيشكلي” القديم؛ الواقع خلف ساحة “السبع بحرات”، حيث دفعه طموحه للتفرغ، وعليه نقل مدرسته إلى منطقة “الحلبوني”، واشترى دار “آل المميز” الجميلة الواسعة لتكون المدرسة التي مازالت مفتوحة الأبواب لكل طالب علم حتى اليوم».

المدرس المتقاعد “أكرم دعدع” قال عنه: «عمل المربي الراحل على تأسيس مدرسة “الأندلس” بالشراكة مع “سيف الدين عمايري” بعد شراء منزل “آل المميز” الذي سبق ورمم من قبل المهندس “فرناندو دا أرندا”، ليتولى إدارة المدرسة والتدريس فيها، واختار معلمين أكفاء للتدريس، وكان ذلك عام 1975، حيث رافقه كل من المدرسين “سليم بركات”، “عباس الصوص”، الدكتور “محمد علي أرجمندي”، “أحمد معتوق”، “عدنان الرفاعي”، “أحمد المدني”، “عدنان عبد الواحد”، و”رفال قسوات”. ذاع سيط المدرسة كثيراً في ذلك الوقت، وخرجت طلاباً كثراً انتسبوا إلى كليات علمية متعددة.

امتلك “الغبرة” شخصية قيادية تميزت بالعطاء والمحبة التي زرعها في نفوس كل من عرفه من طلاب وزملاء».

توفي المربي “عبد الغني سهيل الغبرة” في العام 2001 تاركاً لـ”دمشق” نبراس علم لا ينطفأ.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.