لا يتوفر وصف للصورة.
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏طعام‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏سماء‏‏

منتدى اورنينا حمص للثقافه والفنون

أكبر موقع أثري مـن العصــر البرونزي .. مملكـة قطنـا
.
حضارات انقرضت ولفها النسيان، لكن بصماتها بقيت شاهداً حياً على وجودها وعظمتها وكأنها تمسك بأيدينا وتأخذنا في رحلة استكشافية تظهر جماليات عمارتها وكثرة كنوزها الثمينة المدفونة في انتظار من يكتشفها، لتحكي لنا تاريخ شعوب وممالك قديمة جديرة بأن تذكر إغناء للتاريخ، لتبقى خالدة في أذهان الأجيال المتعاقبة ولتغني التاريخ.
.

حواضر قامت في الهلال الخصيب :

بإطلالة مهيبة على الطرف الشرقي من وادي العاصي الأخضر، وسط سهل شبه أفقي تقطعه وديان لثلاثة جداول صغيرة تتجه شمالاً لتشكل روافد لنهر العاصي، تنتصب مملكة قديمة تعتبر إحدى أهم الممالك الغارقة في التاريخ يطلق عليها مملكة قطنا، التي تقع على بعد 18كم شمال شرقي مدينة حمص السورية في تل يدعى تل المشرفة، مملكة امتدت حدودها حتى قريتي الضمير والقريتين جنوباً والأندرين وسلمية شمالاً ومن الغرب شملت قادش وآرشتوزا (الرستن)، وضمت حوض وادي العاصي بأكمله وازدهرت حضارتها بين عامي (2000-1700 ق.م).
.
المملكة تتوسطها حاضرة والحاضرة يتوسطها قصر ملكي مترامي الأطراف يعتبر واحداً من أكبر القصور في سورية القديمة، تم تشييده على جرف طبيعي يطل على المدينة المنخفضة والواقعة إلى الشمال منه، ويتكون من 80 غرفة فوق الأرض ومدخله الرئيسي يطل على الجهة الغربية، وقد تم إضافة جزء ملحق به عند الزاوية الجنوبية الشرقية للقصر في العصر البرونزي الأول. بينما ينتصب بجواره القصر الصغير الجنوبي الذي يعود بناؤه إلى النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد(العصر البرونزي الحديث) والذي يقع إلى الجنوب من القصر الملكي ويتألف من قاعة كبيرة تصطف حولها الغرف والممرات المرتبطة بالقسم السكني، إضافة إلى القسم الرسمي الذي يتألف من غرفة كبيرة، يتميز مدخلها بوجود قاعدتين من البازلت. وهذا القصر يحمل الكثير من الخصائص المعمارية، التي تعكس جماليات عمارة ذلك العصر.
.
كما يقع بالقرب من القصر الملكي قصر آخر يشكل جزءا من المدينة المنخفضة ويبعد 150 متراً عن بوابته الشمالية واكتشف فيه 68 غرفة تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 2200 متر مربع وربما كان قصر أحد أفراد الأسرة الملكية أو أحد كبار مسؤولي المملكة والذي كان من مقره هذا يتولى إدارة شؤون دفاعية ولوجستية تتعلق بتحصين وحماية قطنا بالإضافة إلى نقل الأشخاص والبضائع عبر البوابة الشمالية للمدينة. قصر كبير آخر يعود إلى العصر الآرامي دلت أعمال التنقيب في المنحدر الغربي للمدينة على وجوده هناك.
.
ويتألف من قسم مركزي مكون من باحة طولها 27 متراً وعرضها حوالي 13مترا وإلى الجنوب من الباحة يوجد قسم آخر من المبنى مؤلف من خمس غرف تضم العديد من جرار التخزين، وإلى الشمال من الباحة يوجد قسم يضم الغرف الصغيرة التابعة للقصر نفسه. وتفيد الدراسات أن البناء قد هدم أثناء حملات الملك آشور صرغون الثاني (722-705 ق.م) والتي نتج عنها سقوط مملكة حماة عام 720ق.م.
.
كانت مملكة قطنا متوسطة الحجم واستمرت الحياة فيها من منتصف الألفية الثالثة ق.م إلى نهايتها، وامتدت جغرافيا على كامل مساحة المدينة التي كانت تبلغ 25هكتارا، بينما كان شكلها دائريا ويشبه إلى حد كبير المواقع التي عاصرتها في تلك الحقبة من الزمن، على غرار موقع الروضة في البادية إلى الشمال الشرقي من قطنا، وموقع الشعيرات إلى الجنوب من قطنا، وموقع إيبلا إلى الشمال منها.

في بداية العصر البرونزي الوسيط الأول، جرى تعديل رئيسي في البنية العمرانية للمدينة ولتنظيمها الداخلي وهو ما يعكس تغيراً في الدور الذي لعبته قطنا في ذلك الوقت. فقد تحول المخطط الدائري الصغير لمدينة العصر البرونزي القديم الرابع إلى مخطط أكبر مربع الشكل يحيط به خندق وتحصينات بارزة تنتصب على ارتفاعات تتفاوت بين 15-20 متر مسورة مساحة تبلغ 110 هكتارات مع وجود أربع بوابات تقتطع مساحتها من تلك الأسوار على الجهات الأربع.

ويطل (أكروبول) قطنا على جزئها الغربي الأوسط حيث يحيط به مدينة منخفضة واسعة تبلغ مساحتها 70 هكتاراً وينتصب عند زاويتها الجنوبية الشرقية رابية نصفها طبيعي التشكل ونصفها الآخر صناعي تعرف باسم (قبة لوط) وهو الموقع الحالي لتل المشرفة.
.

قطنا سياسياً

شهدت المنطقة تحولات كبرى في العهد البابلي القديم، أو ما عرف حينذاك بالعصر البرونزي الوسيط، فقد برز الآموريون (العموريون) قوة سياسية موزعة في مناطق متعددة من بلاد الرافدين ومناطق الفرات والخابور وسورية الداخلية.

كما سطع نجم (شمشي حدد الأول ) العموري في آشور، مركز الإمبراطورية، التي امتدت نحو الغرب وصارت تشرف على شؤون مثلث الخابور، والجزء السوري من الفرات، كما كانت تمارس الرقابة على المناطق البعيدة غرب الفرات.
.
وقد أدرك حاكم آشور أهمية كسب ود حكام قطنا وذلك من أجل ضمان طرق القوافل التجارية المتجهة من الساحل السوري عبر البادية العربية، ولمراقبة تحركات ملوك (يمخد) في حلب، الذين كانوا يحاولون إعلاء شأن مملكتهم وهم الذين آووا (زيمري ليم) الفار من ماري.

وبالمقابل كانت قوة شمشي حدد المتعاظمة واتساع إمبراطوريته تغري حكام قطنا بالاحتماء به والتحالف معه لضمان الحماية من الخطر اليمخدي على مملكتهم الصغيرة.

فتم التحالف على أساس مرابطة قوات عسكرية من ماري والمناطق التابعة لها في قطنا بهدف حمايتها من أي خطر خارجي، وأصبح هناك ارتباط وثيق بين قطنا وإمبراطورية شمشي حدد من خلال العلاقة الوطيدة مع مملكة ماري وظهر ذلك من خلال الرسائل المتبادلة بين شمشي حدد وابنه يسمع حدد الحاكم في ماري والذي يطلب فيها الأول إرسال العون ويحث ولده على الإسراع في السير نحو قطنا ليقودوا معاً حملة مشتركة ضد مدن ثلاث تثير الفوضى في المنطقة.

وأيضا في الرسائل المتبادلة بين يسمع حدد وأشخي حدد ملك قطنا حول زواج الأول من ابنة أشخي (بلتوم) بناء على طلب والده شمشي حدد بهدف الوصول إلى رباط اجتماعي وسياسي يوفر الثقة والاطمئنان بين قطنا وماري ليحد من تطلعات (سومو ابوخ)، ملك يمخد، حيث استمرت العلاقة بينهما حتى بعد عودة (زيمري ليم) إلى عرش ماري (1774-1763ق.م) وانتقال الحكم في قطنا إلى (أموت بي إيل)، وكانت حينها قطنا قد امتلكت قوة أكبر وصار ملكها يعد واحداً من كبار الملوك في تلك الفترة.
.

قطنا تجارياً

موقع المدينة المتميز جغرافياً حولها إلى منطقة عبور أساسية في قلب سورية تمر عبرها القوافل التجارية المتجهة من بلاد الرافدين شرقاً إلى ساحل البحر المتوسط غرباً، ومن حلب شمالاً إلى حازور في فلسطين جنوباً.

وكانت معبراً وملتقى للطرق الأساسية حيث كانت تتخذها القوافل محطة للاستراحة والتزود بالمواد الغذائية وتبادل السلع في سوقها النشطة. ولم تكن قطنا تصدر بضائع محلية، وإنما كانت تتاجر ببضائع ذات مصدر آخر وتلعب دور الوساطة التجارية.
.

اكتشاف موقع قطنا الأثري

بدأ الاهتمام بموقع قطنا منذ منتصف القرن التاسع عشر بعد قيام بعض المستشرقين بزيارة الموقع ومن بينهم اليسوعي سيباستيان رونزفال وغيره.

وبدأت الأعمال الميدانية عام 1924 من قبل فريق فرنسي برئاسة الكونت روبير دوينيل دو بويسان، واستمرت لأربع مواسم وأسفرت عن كشف العديد من السويات الأثرية العائدة إلى الألفين الأول والثاني ق.م ويعد كشف ودراسة القصر الملكي أحد أهم الاكتشافات التي تمت خلال هذه الفترة، والذي اعتبر من أعظم المباني الملكية المعروفة في مناطق سورية الغربية. وازدادت أهمية الموقع من خلال الاكتشافات المهمة التي تمت في مدينة (ماري) في تل الحريري.

هذا وقد استأنفت المديرية العامة للآثار والمتاحف الأعمال الميدانية عام 1994 برئاسة ميشال مقدسي وأسفرت عن كشف العديد من السويات المتلاحقة والمراحل التاريخية المهمة، التي تعود إلى الألفين الثاني والثالث ق.م، إضافة إلى قصر يعود إلى الألف الأول ق.م.

وتابعت المديرية العامة أعمال التنقيب اعتباراً من عام 1999 من قبل فريق مشترك سوري ـ إيطالي ـ ألماني راحت تتكشف على أيدي أعضائه معالم القصر الملكي إضافة إلى التنقيب في حقول جديدة في سطح القلعة (الأكروبول) والأطراف الشمالية الشرقية منه.

ومن بين أهم المكتشفات في العصر البرونزي القديم حي سكني واسع يقع في القسم الشمالي من الجزء المرتفع الحصين ويطل على المدينة المنخفضة، ومدفن مكون من حجرة وحيدة من الطرف الغربي من الرابية الوسطى للقلعة بالإضافة إلى منطقة تخزين للمنطقة عند قمة الأكروبول.

هذا وكان من أهم المكتشفات في العصر البرونزي الوسيط مبنى رسمي ضخم ومشغل كبير للفخار على قمة المدينة العليا لقطنا وعدد من القبور للبالغين وأخرى لحديثي الولادة المدفونين في جرار، إضافة إلى مقبرة كبيرة تضم مدافن فخمة لأفراد من علية سكان المدينة وكانت المقبرة مليئة بالحلي الذهبية والأحجار الكريمة والأسلحة والآنية الفخارية والأثاث المزخرف.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏سماء‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏سماء‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏
لا يتوفر وصف للصورة.
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.